الندم هو شعور لا يمكن الاعتماد عليه

لطالما اعتقدت أنَّ التفكير في الندم هو حافز قوي للعمل؛ فعندما تشعر بالتردد وتحاول معرفة ما إذا كانت الخطوة المعينة التي ستتخذها هي خطوة جيدة، فكِّر فيما ستشعر به إذا لم تتخذ هذه الخطوة؛ فغالباً ما يقودك هذا الأمر إلى الاتجاه الصحيح.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدون كريس جيلبو (Chris Guillebeau)، ويُحدِّثنا فيه عن أنَّ الندم هو شعور لا يمكن الاعتماد عليه.

لكن في حين أنَّ النماذج العقلية يمكن أن تكون مفيدة إلا أنَّ معظمها له حدود أيضاً، وقد أدركت منذ فترة وجود خلل في فكرة تركيز انتباهك على تجنب الندم ببساطة الندم هو شعور لا يمكن الاعتماد عليه.

فكِّر في ذلك للحظة: ما معنى ذلك؟

هذا يعني باختصار أنَّه من الصعب توقع الندم ومن الأصعب تمييزه عند التفكير بما حدث في الماضي، فإذا كنت تشعر باليقين حيال اختياراتك في أيٍّ من الاتجاهين - سواء بالنظر إلى الماضي أم المستقبل - فقد تبني تفسيراتك على معلومات مختارة اختياراً انتقائياً.

أنت تشعر بالندم فقط عندما تعلم بوقت لاحق بشيء يكشف عن خطأ ماضٍ، فإذا خرجت من علاقة فاشلة فلن تعرف مآلات العلاقة في حال بقائك، وبالتأكيد لن تتمنى أبداً لو أنَّك بقيت فيها، ومن ناحية أخرى إذا بقيت لفترة طويلة جداً فقد تجد أنَّ هذه العلاقة عبارة عن مضيعة للوقت، وستتمنى لو أنَّك قد غادرت في وقت سابق.

يعتمد الندم في هاتين الحالتين على التحيز في الاختيار وليس له علاقة بالقرار الذي كان من الأفضل اختياره، وبالمثل يمكن لجولة من عمليات التسريح التي لا تشملك في الشركة التي تعمل بها أن تمهد الطريق لك لتحصل على ترقيات سريعة، وإذا غادرت الشركة ستخاطب نفسك وتقول: "الحمد لله أنَّني غادرت هذه الشركة الفاشلة"، ولن تعرف أبداً ما الذي كان من الممكن أن يحدث لو بقيت فيها.

شاهد بالفيديو: 10 أسباب وراء شعورك بالندم

هل يمكن أن نعرف ما إذا كنا قد اتخذنا القرار الصحيح؟

إذا نظرنا إلى هذه القرارات السابقة فإنَّنا نظن بعد أن نكتشف الحقائق أنَّ خيارنا كان الأصوب، ولكن في حقيقة الأمر نحن لم نكتشف سوى جزء من الحقيقة، فثمة خيار آخر لم نتطرق إليه ولا نعرف مآلاته؛ بمعنى آخر هل لنا أن نعرف ما إذا كنا قد اتخذنا القرار الصحيح؟ أفضل إجابة عن هذا السؤال هي: نادراً إن لم يكن نهائياً.

سيكون لديك دائماً طريق لن تسلكه، وسيُترك دائماً خيار ما، فإذا كنت تشعر بالرضى عن خيارك فهذا رائع، ولكن هل يمكنك أن تقول إنَّه أفضل من أيِّ خيار آخر؟

بالطبع في بعض الحالات أعتقد أنَّه من الممكن أن نقول إنَّنا فعلنا الشيء الصحيح فعلاً موضوعياً، وبالنسبة إلي لقد جاء خياري بأن أبدأ بالكتابة عبر الإنترنت، وأن أبدأ في زيارة كلِّ البلدان عندما بدأت أفكر في الندم بجدية على سبيل المثال.

لا أستطيع أن أتخيل أيَّ مسار بديل قد فكرت فيه في الكتابة عبر الإنترنت؛ ولكنَّني قررت بدلاً من ذلك الحصول على وظيفة في أحد البنوك أو حلمت برؤية العالم بأكمله؛ ولكنَّني قررت بدلاً من ذلك البقاء في المنزل، فهذا يبدو واضحاً جداً بالنسبة إلي، ومع ذلك أفترض أنَّه يوجد دائماً وضع مغايرٌ مجهول بالنسبة إلينا والمعلومات المحدودة التي نكون مقيدين بها، فلو لقيت حتفي في حادث ما حالما بدأت تنفيذ خطتي، فقد كنت سأمضي لحظاتي الأخيرة من حياتي متحسراً على القرار الذي اتخذته.

ربما سيكون الأمر أشبه بالاستعارة القديمة لشجرة التين في رواية الناقوس الزجاجي (The Bell Jar) للروائية الأمريكية سيلفيا بلاث (Sylvia Plath)؛ إذ تقف البطلة في الرواية أمام مجموعة من الخيارات المتفرعة أمامها حرفياً على شكل شجرة تين خضراء، وتشعر بشعور عميق من الإرهاق، فهي غير قادرة على اختيار واحد منها.

المغزى من القصة هو: عليك أن تختار فقط، ولكن في النهاية إذا نظرت إلى الماضي وفكرت: "أنا سعيد جداً لأنَّني اتخذت هذا الخيار" فربما سيكون هذا مجرد حديث إيجابي مع الذات؛ ولكنَّه قد لا يهم أيضاً، ونظراً لأنَّك لن تعرف أبداً على وجه اليقين ما هو الصحيح؛ فعليك أن تكون سعيداً بما وصلت إليه.

إقرأ أيضاً: 21 طريقة للتَّعامل مع النَّدم

في الختام:

بينما الندم هو عبارة عن شعور قائم على التحيز ويساعدنا أحياناً على اتخاذ قرار للمُضي قُدماً إلا أنَّه نادراً ما يكون حاسماً في اختيارنا للحياة المثالية.




مقالات مرتبطة