الميزات الإيجابية في شخصيات الأشخاص الأكثر فاعلية

تُحدَّدُ شخصيَّتُك بما تفعلُه وليس بما تقوله؛ فيتمتع الناس الأكثر فاعلية بسماتٍ شخصيةٍ تجعلهم على ما هم عليه، وأحياناً ننظر إلى أحد العُظَماء بحسرةٍ ظنَّاً أنَّنا لن نتمكن من أن نصبح مثلَه أبداً، وهذا خاطئٌ للغاية؛ لأنَّنا جميعاً نمتلك ميزاتٍ شخصية معينة وقد تبدو أنَّها جزءٌ من حمضنا النووي.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب "داريوس فوروكس" "Darius Foroux"، ويُحدِّثنا فيه عن أهم السمات التي يمكننا تبنِّيها وإضافتُها للشخصية كي نصبح أشخاصاً أكثر فاعليةً.

إنَّ الشخصية حسب خبرتي، يمكن أن تُعدَّل وتُحسَّن من جديد بصورة أكبر ممَّا نظنُّ أنَّنا قادرون على تحقيقها، وبالنسبة إلي فقد تبنَّيتُ سماتٍ شخصية جديدةً كانت تتعارضُ مع طبيعتي وثقافتي وأضفتُها إلى شخصيَّتي؛ فقد ترعرعتُ في "هولندا" "The Netherlands".

وجدتُ من خلال تجربتي أنَّ الناس في هولندا عموماً مُعانِدون ومتناقضون ومتشائمون دون داعٍ؛ ولهذا السبب يشكِّل الهولنديُّون نسبةً أقلَّ من 3% من جمهوري؛ فهم لا يُحبُّون التطوُّر الذاتي ولا يؤيدونه، وقد كنتُ مثلَهم يوماً ما؛ لكنَّني غيرتُ رأيي ونظرتي للحياة حين بدأتُ بالسفر كثيراً بعد تخرُّجي؛ لأتعرَّفَ على تطوير الذات وأجرِّبَه وأتبنَّى ميزاتٍ شخصية جديدة من الأشخاص الأكثر فاعلية الذين قابلتُهم في حياتي، أو من خلال العمل وأضيفَها إلى شخصيَّتي، إلَّا أنَّني تعلَّمتُ أيضاً وطوَّرتُ نفسي من خلال القراءة عن الأشخاص المُلهِمين.

سأعرض فيما يأتي قائمةً مُكوَّنةً من 12 ميزة شخصية إيجابية تعلَّمتُها من خلال دراستي للأشخاص الأكثر فاعلية في شتَّى مجالات الحياة، ومن خلال تبنِّي هذه السِّمات الإيجابية والتصرُّف بناءً عليها، يمكن لكلٍّ منَّا صوغُ شخصيَّته الفريدة وتكوينُها بصورةٍ هادفة:

1. القدرة والكفاءة:

لا توجَد استثناءات لهذه السمة؛ فلم ألتقِ قط بأي شخصٍ ناجح أو سعيد أو مؤثر لم يكُن يتمتع بالقدرة والكفاءة؛ فقد يأخذ هؤلاء الأشخاص حياتَهم وعملَهم على محمل الجد، وينفِّذون ما عليهم في سبيل تحقيق هدفٍ مُعيَّن، والأكثر أهميةً هو أنَّهم حين يتحدَّثون يفهمون ويعلمون ما يتكلَّمون عنه.

2. الفضول:

يتجنَّب الأشخاص الأكثر فاعلية الافتراضات، وقد كان هذا أكبر فخٍّ وقعتُ به؛ إذ كنتُ أضعُ افتراضاتٍ عن كل شيء ليُخبرَني أحدُ زملائي في العمل ذاتَ مرةٍ بأن أتوقَّفَ عن ذلك بكلِّ صراحةٍ؛ لذا توقفتُ عن ذلك فعلاً وقرَّرتُ أن أصبح شخصاً فضولياً عوضاً عن ذلك؛ إذ يطرحُ الأشخاص الأكثر فاعلية الكثيرَ من الأسئلة، وبهذه الطريقة يمكنك أن تتجنَّب وضعَ الافتراضات التي قد تكون صحيحةً وقد تكون خاطئة.

3. الحزم:

يظنُّ الناس أنَّه يجدُر بالإنسان أن يكون لطيفاً كي يصبح فعالاً وهذا خاطئٌ تماماً؛ فمن الجيد أن تكون مُهذَّباً ومُحترَماً، لكن ليس عليك أن تبذل قُصارى جهدك لتكون لطيفاً طوال الوقت؛ فالناس الأكثر فاعلية يفكرون في أنفسهم ويقدِّمونها على الآخرين دون التضحية بحقوق غيرهم، وهذا هو جوهرُ الحزم.

شاهد بالفيديو: 6 نصائح تعلّمك الحزم والدفاع عن نفسك بطريقة ذكية

4. المغفرة والمُسامَحة:

يُعَدُّ إضمار الضغينة والأحقاد أقلَّ الأمور التي يمكنك فعلُها فعليَّاً؛ فقد دمَّر العديدُ من الأشخاص علاقاتهم وخرَّبوا طريقة التفاعل الجماعية مع الآخرين بسبب الحقد وإضمار الضغينة لبعضهم؛ إذ لا يمكنك أن تظلَّ عالقاً في الحزن بسبب أذية الآخرين لك متسائلاً كيف أمكنهم فعلُ ذلك بك في حين أنَّ الشخص الآخر ربَّما لا يعلم سببَ فعلِه لذلك حتَّى؛ لذا عليك أن تمضي قدُماً في حياتك وتتقبَّل فكرةَ أنَّ الناس يفعلون أموراً سخيفة.

5. الاستقلالية:

لا يتأثر الناس الفعالون بسهولةٍ بالآخرين؛ فهم يستمعون لغيرهم إلَّا أنَّهم مستقلُّون في تفكيرهم ولا يتأثرون أو يقتنعون بسهولة بما يجري من أحداثٍ حولَهم.

6. الاحترام:

لا بدَّ انَّك تعلم كيف يقول الأشخاصُ الذين يمتلكون ثقةً متزعزعةً بأنفسهم ملاحظاتٍ ساخرة لك أو للآخرين؛ كأن يُخبروك بأنَّك تبدو مُتعَباً جداً أو يسألوك عن أحوالك بطريقة ساخرة، وهي إحدى تلك التعليقات القذِرة التي من المُفترَض أن تُشعرَك بالسوء.

ستقابل العديدَ من الأشخاص الذين سيرغبون في الحطِّ من قدرك واحتقارك، ممَّا سيمكِّنُهم تلقائياً من الشعور بأنَّهم أفضل منك، في حين لا يُقدِم الأشخاص المُحترَمون على فعل ذلك أبداً؛ إذ يمكنك أن تختلفَ مع الآخرين وتعارضَهم في الرأي وتُظهِرَ لهم الاحترام في الوقت ذاته، فالأشخاص الفعالون إجمالاً هم نقيضُ الناس المستفزِّين الذين تصادفهم على الإنترنت.

7. الصدق والنزاهة:

حين تستمرُّ بقول الأكاذيب بصورة عادية ستقع في النهاية في شَر أعمالك مهما كانت تلك الأكاذيبُ صغيرة وسخيفة، حتَّى إن قلتَ إنَّني أؤمن بالخُرافات، فإنَّني أظنُّ أنَّ المرءَ سيدفع ثمن أكاذيبه التي ستنكشف في الآخر؛ لذا من الأفضل دوماً قولُ الحقيقة والتي قد لا تكون جميلةً دائماً؛ لكنَّها ليست كذباً على الأقل.

8. الدقَّة والوضوح:

يصعُب شرحُ الأشياء بكلمات قليلة، ويتطلَّب ذلك تفكيراً عميقاً ومجهوداً ليكون الشرحُ دقيقاً؛ لذا تجد معظم الناس يثرثرون؛ فحين لا يعرفون ما ينبغي قولُه يتَّبعون طريقة البندقية في حديثهم؛ إذ يكون موضوع حديثهم عشوائياً وغير مُميَّز، مُستخدِمين التوسُّع والامتداد فيه أو الحديث عن الكميات بدلاً من الدقة والتخطيط للوصول إلى معنىً من حديثهم، وينثرون كلماتهم آملين أن يُوصِلَ قليلٌ منها المعنى المُراد؛ وكي تكونَ دقيقاً ومُحدَّداً في كلامك عليك أن تصبح كالهدَّاف البارع بحيث تخدمُ كل جملةٍ تقولُها وكل تصرُّفٍ تفعله غرضاً مُعيَّناً ومفيداً بعيداً عن التفاهات.

9. العَدل:

إنَّ مَن يقولون إنَّ العدلَ والإنصاف فكرةٌ مستحيلة ليسوا أشخاصاً عادلين عادةً؛ فثمة مبادئ كونية للإنصاف؛ وباختصار كُن صريحاً ومُباشَراً مع الآخرين واحذَرْ من الانحياز لأحد أو تفضيله على حساب الآخر، وكُن ملتزماً بالطريقة التي تعامل الناسَ بها واحرِصْ على معاملتهم جميعاً بنفس الطريقة.

ذلك أعدلُ ما يمكننا فعلُه، وبالفعل قد يبدو ذلك مُستحيلاً من الناحية العملية؛ لأنَّه يتعارض مع طبيعتنا في بعض الأحيان؛ لكنَّ الأشخاص الفعَّالين يفعلون كثيراً من الأمور التي تخالف الطبيعة كما يفعلون أشياء لا يفعلُها غيرُهم.

لذا إن كنتَ تريد أن تصبح شخصاً فعالاً عليك أن تقوم بالتالي:

1. المرونة:

الحياةُ مُعقَّدة ومتغيِّرة باستمرار؛ لذا ينبغي أن يعوِّدَ المرءُ نفسَه على التكيُّف والتأقلم دوماً إن كان يرغبُ في الصمود في وجه تلك المتغيرات والنجاح والازدهار؛ لهذا السبب يتمتع الأشخاص الأكثر فاعليةً بمرونةٍ وسلاسة عالية، بالإضافة إلى قابليَّتهم الكبيرة للتغيير تماشياً مع الظروف المُحيطة؛ فإن قدَّمتَ لهم فكرةً جديدة تحقق نتائج أفضل من فكرتهم القديمة، سيتلاءَمون مع الفكرة الجديدة ويطبِّقونها كما أنَّهم لا يهتمون بغرورهم أو برؤية الآخرين لهم على أنَّهم أذكياء؛ بل كلُّ ما يهمهم هو الأمور الناجحة التي يمكنهم الاستفادة منها.

شاهد بالفيديو: كيفية اكتساب الطاقة الإيجابية وأهم مصادرها

2. الإدراك الذاتي:

ستجعل معرفةُ ما يمكنك فعلُه وما لا تقدر على فعلِه حياتَك أكثرَ سهولةً؛ فغالباً لا نكون على علمٍ بحقيقتنا، لكن عليك أن تعرفَ نفسك وصفاتك كي تكون شخصاً فعالاً، وإن ارتكبتَ الأخطاء أو كان لديك نقاط ضعف سيُساعدك الإدراك الذاتي على أن تكون صادقاً وصريحاً حيال ذلك؛ فلا عيبَ في النَّقص، وفي الحقيقة إن لم تكُنْ ناقصاً فأنت كالآلة.

إقرأ أيضاً: 7 علامات تدل على انخفاض الإدراك الذاتي

3. التفاؤل:

إن وضعتَ الأشخاص الفعالين أمام تحدٍّ ما ستجدهم يفكِّرون في حلٍّ لتجاوزه، وحتَّى إن أعطيتَهم نظرةً قاتمة عن المستقبل أو توقُّعات كئيبة، سيجدون شيئاً ما ليشعروا بالامتنان لأجله، وبالمُقابل فإنَّ التشاؤم هو أسهل ما يمكن فعلُه في العالم، فأيُّ شخصٍ قادر على التذمُّر والشكوى والتذرُّع بأنَّه لا يمكنه فعلُ أي شيء؛ لكنَّ الإصرارَ على إيجاد طريقةٍ لتنفيذ الأمور الصعبة والشائكة يتطلب قوةً وصلابة.

إقرأ أيضاً: كيف يساعدك التفاؤل على تحقيق الأهداف وتقليل التوتر؟

في الختام:

شخصيَّتُك ليست منقوشةً على حجر أو غيرَ قابلةٍ للتعديل؛ فقد يكون لديك نزعات أو ميول طبيعية مُعيَّنة، إلَّا أنَّك تستطيع تبنِّي أيٍّ من سمات الشخصية الإيجابية المذكورة أعلاه إن تمتَّعتَ بالعقلية الصحيحة لذلك، وتعتمد السمات التي ترغبُ في تبنِّيها على طبيعتك؛ لكنَّك لن تعجز عن تمييز السمات الإيجابية.

تذكَّرْ أنَّك تختار أن تصبح شخصاً مُعيَّناً والأمرُ متوقِّفٌ على رغبتك وخياراتك، ومن ثمّ هي مسألةُ وقتٍ فقط كي تتمكن من تغيير نفسِك؛ لأنَّك بمُجرَّد أن تحدِّدَ شخصيَّتك وتبدأ بالتصرُّف وفقاً لذلك، فأنتَ لم تَعُدْ في مرحلة التحوُّل لشخصٍ مُعيَّن؛ بل أنتَ فعلاً ذلك الشخص الذي ترغبُ في أن تكونَه.

المصدر




مقالات مرتبطة