المناصرة الذاتية والتفاوض الفعال وأهميتهما في حياة المرأة المهنية

تُشكِّل النساء حوالي نصف المديرين في العالم، لكن لا يستطيع الوصول إلى المناصب التنفيذية إلَّا عدد قليلٌ منهنَّ، في حين وُجِد أنَّ الرجال يحظون بفُرَصٍ أكبر في الوصول إلى المناصب الإدارية العليا.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدونة والطبيبة كانديس فليبن (Candace Flippin)، وتُحدِّثنا فيه عن أهميَّة العثور على أصواتنا وعن المناصرة الذاتية وعن التفاوض الفعال.

سوف أتحدث عن إحدى زميلاتي التي عملَت طوال حياتها المهنية من أجل استلام منصب الرئيس التنفيذي؛ إنَّها امرأة واثقة من نفسها وذكية وتهتم بالآخرين وتعمل بجدٍّ لتحقيق أهدافها، وبصرف النظر عن العقبات التي واجهتها فقد حققت نجاحاً مذهلاً ونالت احترام الأشخاص الذين عملت معهم وإعجابهم.

في أحد الأيام أخبرتني نبأً سارَّاً، وقالت لي: "لقد أصبح منصب الرئيس التنفيذي متاحاً أمامي، وأعلم أنَّني قريباً قد أستلم أقوى منصب في الشركة، هذه هي اللحظة التي عملتُ من أجلها طوال حياتي"، لقد كان لديها اجتماع حاسم قادم؛ إذ ستتاح لها الفرصة لمحاولة استلام المنصب؛ لكنَّني سمعتُ تردُّداً في صوتها، وعندما سألتها عمَّا يجري، قالت لي ببساطة: "لا أدري "كانديس"، لستُ متأكدةً من أنَّني مستعدةٌ لذلك".

لم أصدِّق ما سمعتُه؛ فهي أكثر شخص مستعد للترقية في العالم، لكن في تلك اللحظة أعاقَها الشك الذاتي، لقد كان يفكر رئيسها في العمل في تسليمها هذا المنصب؛ لكنَّها كانت خائفة من الفشل، وشعرت أنَّه من الممكن أن يكون ثمة أشخاص مؤهلين أكثر منها وكانوا ليفعلوا المزيد لاستلام منصب الرئيس التنفيذي.

لقد سألتها عن متطلبات الوظيفة وما إذا كانت تشعر أنَّها تستطيع تحمُّل مسؤولية المنصب، وقد أجابتني بنعم عن كل سؤال سألته؛ لذا حاولت إثارة التحدي في نفسها وأخبرتها أنَّها جاهزة لذلك، وأنَّها مؤهلة لاستلام منصب الرئيس التنفيذي وأنَّها ولو كانت رجلاً فلم تكن ستشكِّك في استعدادها للوظيفة.

من الهامِّ أن نُعِدَّ أنفسنا لتحقيق النجاح مالياً وأن نبذل جهداً، والأهم من ذلك أن نناصر أنفسنا باستمرار في أثناء قيامنا بهذه الأمور؛ وذلك لأنَّ المناصرة الذاتية هامة جداً للنجاحات اليومية، وكذلك لتمهيد الطريق أمامنا.

إذا كان التحدُّث عمَّا يدور في ذهنكِ أو التحدُّث بجرأة والتعبير عن آرائك هو أمر جديد أو يمثل تحدياً بالنسبة إليكِ فأنا أشجعك على المحاولة؛ لأنَّها خطوات صغيرة ستساعدك على التقدم أيضاً، وإذا وجدتِ نفسك في مكان لا يمكنك التحدث فيه عمَّا يدور في ذهنك أو التعبير عن رأيك ففكري فيما إذا كان هذا المكان مناسباً لك وافعلي شيئاً حيال ذلك.

التعبير عن رأيكِ:

إنَّني أنصح النساء على منصة "تيد إكس توك" (TEDx Talk) بالتعبير عمَّا يدور في أذهانهنَّ والتعبير عن آرائهنَّ وعدم اختيار الصمت أبداً؛ فتُظهِر الأبحاث أنَّ النساء عموماً يواجهنَ صعوبة في التحدث عمَّا يدور في أذهانهن والتعبير عن آرائهن أكثر من الرجال.

والنساء ذوات الأُسر على وجه الخصوص أكثر ميلاً لتجنب المخاطر واستخدام التواري المتعمد استراتيجيةً لاجتياز الحواجز الموجودة في مكان العمل، أظنُّ أنَّه يمكن تلخيص هذا الكلام بدقة على النحو الآتي: "يُنظر إلى النساء الممتثلات في مجتمعنا نظرة أكثر إيجابية من النساء غير الممتثلات؛ فتُعَلَّم النساء في سن مبكرة من خلال الكلام أو ، سيصبح من الصعب التعامل معهن؛ لذلك تتعلم النساء ألَّا تتحدثنَ ما لم تتأكدنَ من أنَّهنَّ على صواب "و / أو" بأمان".

لكن بالنسبة إلى الذكور فهم لا يفعلون ذلك؛ ممَّا يعني أنَّه بصرف النظر عن مقدار الحماية أو الجهد الذي تبذله المرأة، فإذا كانت لا تناصر نفسها ومستقبلها، فإنَّها تقلِّل من قدرتها على تحقيق النجاح الذي تستحقه؛ لكنَّ المرأة تحسَّنَت في هذا الأمر لا سيَّما في التاريخ الحديث، وأنا لا أنكر أبداً التقدم الذي أحرزناه، لكن أمامنا مسافات طويلة لقطعها، وتبدأ هذه المسافات بالعثور على أصواتنا دائماً وبشتى الطرائق.

من أفضل النصائح التي نصحني إيَّاها المنتور في وقت مبكر من مسيرتي المهنية حين تحدثت معه عمَّا شعرت به عندما غادرت اجتماعاً وكان ذهني مملوءاً بالأسئلة البسيطة التي لم أطرحها؛ خوفاً من أن أبدو حمقاء أمام زملائي الجدد، وقد بقيَت كلماتُه الحكيمة في ذهني منذ ذلك الحين.

حيث قال لي: "كانديس! إذا كان ثمة شيء غير واضح بالنسبة إليك في الاجتماع، فمن المحتمل أن يكون لدى شخص أو شخصان آخران على الأقل سؤالك نفسه، حتَّى لو لم يكن الأمر كذلك، فلا بأس بتكرار بعض المفاهيم أو الأفكار الرئيسة؛ لذلك تحدثي عمَّا يدور في ذهنِك".

أنا لا أقترح عليكِ التحدث عمَّا يدور في ذهنك فقط من أجل التحدث في أثناء كل اجتماع، لكن عندما تظنِّين أنَّك تملكين معلومات قيِّمة لمشاركتها أو لديك سؤال لطرحه أو عندما تسمعين شيئاً غير واضح بالنسبة إليك، فلا يجب أن تترددي في طلب التوضيح بصرف النظر عمَّن يقود الاجتماع أو من قد يسمع سؤالك.

قد تظنين أنَّ هذا يبدو جيداً من الناحية النظرية، لكن من الناحية العملية يمكن أن يكون مخيفاً للغاية، وأنت محقة في ذلك؛ فإذا كنتِ من النوع الذي لم يعبر عن رأيه أو عمَّا يدور في ذهنه قط، فمن المخيف التفكير في أنَّك قد تحتاجين إلى البدء بذلك، وقد تكون الأمور صعبة في البداية، لكن مع ذلك فإنَّ معرفة الاستراتيجيات المختلفة للمناصرة والفاعلية الذاتية، يعني أنَّه سيكون لديكِ فرصة أفضل في التغلب على الصور النمطية والتوقعات الجنسانية.

شاهد بالفيديو: المرأة العاملة كيف توفق بين أسرتها وعملها؟

إنشاء شبكة مناصرة:

لا علاقة لنشاط المناصرة بالتجربة الشخصية؛ فبمجرد أن تشعري بالراحة في التحدث عندما يكون لديك فكرة تريدين مشاركتها أو مفهوم تريدين أن يُوَضَّح، فستصلين إلى شيء جيد؛ وهو بناء شبكة من المناصرين من حولك.

مرة أخرى: هذا ليس أمراً سيحدث بين ليلة وضحاها؛ بل سيحدث من خلال التخطيط الدقيق وتحديد الأولويات، وكذلك من خلال التجربة والخطأ، ومن خلال إجراء دردشات سريعة في أثناء مرورك في الردهات بالإضافة إلى المحادثات الهامة التي تتضمن إعطاء تغذيات راجعة بنَّاءة وتلقيها.

قد يكون إظهار نفسكِ بهذه الطريقة أمراً كبيراً ومخيفاً إذا لم تكوني معتادة على طرح الأسئلة والإدلاء بعباراتٍ جريئة، لكنَّ هذا الأمر سيساعدك، وإليكِ السبب في ذلك: في المرة القادمة التي تأتيك فيها فرصة للحصول على ترقية أو فرصة لاستلام عمل مناسب لك، سيكون لديك فريق من الأشخاص من جميع الجوانب المختلفة للمنظمة الذين يعرفون أخلاقيات العمل الخاصة بك وأهدافك أيضاً، وعندها لا داعٍ للقلق بشأن الاجتماعات أو الكلام المناسب الذي يجب أن تقوليه في الوقت المناسب؛ فسيكون لديك فريق من الأشخاص الذين كوَّنتِ معهم علاقات هادفة وسيدعمونك.

أنتِ بدورك ستفعلين الشيء نفسه لهم؛ فلم تُنشَأ الشبكات من أجل دعم شخص واحد فقط، ويُعَدُّ بناء شبكة علاقات لتبادل المُناصرة، استراتيجية ناجحة في جميع المجالات؛ لذا فكري في الأمر على أنَّه بناء علاقة قوية مع زملائك بحيث يمكنك الاعتماد عليها طوال حياتك المهنية.

إقرأ أيضاً: 6 نصائح ذهبية للمرأة العاملة لتحقيق التطوّر المهني

التفاوض الفعال:

في حين أنَّ هذا كله قد يبدو قابلاً للتنفيذ من الناحية النظرية، فلا شك في أنَّ تعلُّم التعبير عن رأيكِ باستمرار يمكن أن يمثل تحدياً من الناحية العملية، ومع ذلك يمكن أن يأتي الإلهام من أيِّ مكان كان؛ ففي بداية مسيرتي المهنية قرأت في حلقة دراسية في مجلة عن التفاوض اقتباساً قاله خبير التفاوض الطبيب "تشيستر كاريس" (Dr. Chester Karras): "لن تحصل على ما تستحقه في كلٍّ من العمل والحياة؛ بل ستحصل على ما تُفاوض عليه"؛ لذا يعدُّ التفاوض مهارة قوية يجب إتقانها في حياتك المهنية.

إذاً من أين تبدئين في ممارسة فاعليتك الذاتية عندما تكونين في مكان يمثل تحدياً بالنسبة إليك؟

بصرف النظر عن الموقف ابدَئي بكتابة قائمة بالعناصر غير القابلة للتفاوض بالنسبة إليك، وكوني واضحة بشأن الأشياء التي لا تستطيعين التنازل عنها، ومارسي القيادة باستخدام المبادئ الإيجابية التي تتبعينها للتعاون، واكتشفي الطرائق التي تتفقين فيها أنتِ والشخص الذي تختلفين معه، وحددي إطاراً لطلباتك حتَّى لا تشكِّل عبئاً ثقيلاً على الشخص الذي تتحدثين معه، وعندما ينتابك الشك بشأن أمرٍ ما تحققي من المقالات المنشورة على الإنترنت التي توضح جميع أساليب التفاوض المختلفة التي يمكنك تجربتها.

إقرأ أيضاً: فن المفاوضات وكيفية إتقان مهارة التفاوض

في الختام:

إنَّ الهدف من مناصرة نفسك ليس الفوز بكل جدال أو القيام بما تريدينه طوال الوقت، ولا يتعلق الأمر أيضاً باكتساب محبة الناس أو حملِهم على الاتفاق معك؛ بل تتعلق المناصرة الذاتية بالسيطرة على حياتك المهنية بغايةٍ معينة والقيادة بنزاهة، وهذا الأمر هام في الأوقات الجيدة؛ لكنَّه بالغ في الأهمية في الأوقات الصعبة.

المصدر




مقالات مرتبطة