المراهقة جسر التحولات

 

إن كلمة المراهقة تعني باللغة اللاتينية النضج وهذا يعني ان المراهقة فترة نمو شامل ينتقل خلالها الكائن البشري من مرحلة الطفولة الى مرحلة الرشد , وهي اذاً فترة نمو جسدي وظاهرة اجتماعية , وهي فترة تحولات نفسية عميقة , وهي تمتد من سن البلوغ جسديا حتى سن العشرين. كما ان بعض علماء النفس ينظرون الى المراهقة على انها فترة نمو جسدي وتحولات فزيولوجية عميقة ينتقل من خلالها المراهق من مرحلة الطفولة الى مرحلة الرشد , وهم يشددون على الناحيتين الجسدية والجنسية .


 

وهناك ست قوى تحدد مجرى النمو اثناء المراهقة وهي :
1-      العوامل الجسدية .
2-      العائلة ( الاسرة ) .
3-      المدرسة.
4-      الظروف الاجتماعية المحيطة .
5-      ذكاء المراهق .
6-      النمو العاطفي للمراهق .
واذا تناغمت هذه القوى ولم يتعارض بعضها مع البعض الاخر جاء النمو متكاملا ومنتظما وإلا تولدت الصراعات والمشكلات , فالمراهقة هي مرحلة لتحقيق الاستقلال الذاتي وتحمل مسؤوليات الحياة , والمراهق خاضع لتأثير العوامل الاجتماعية والتربوية واهم هذه العوامل : الاسرة , الاصدقاء , الانداد , وعالم الراشدين الكبار .
في ثلاثة اعوام .
ومشكلة المراهق الدائمة هي انه من الصعب ان يعيش في آن معا في تلك العوالم الثلاثة المختلفة , والتي يتغير كل واحد منها بأستمرار مع الزمن , والمراهقة تترافق بسلسلة من الازمات , صغيرة وكبيرة , حسب الافراد , ونستطيع ان تحديدها بأختصار :
1-      ازمة النمو الجسدي .
2-      الازمة العاطفية الجنسية .
3-      ازمة توكيد الذات والاستقلال الذاتي .
4-      ازمة التكيف مع المجتمع بقيمه الاخلاقية وعاداته الاجتماعية .
ان النمو الجنسي مهم بحد ذاته ولكنه ليس الاساس في مرحلة النمو الحاصل في طور المراهقة , فالمراهقة ليست ازمة جنسية فحسب , على الرغم من ان بعض علماء النفس قد ركزوا على هذه الناحية كثيرا وافرطوا في بعض الاحيان , ان ازمة المراهقة هي ازمة وجود هوية , اي وجود المراهق في عالم يريد ان يستوعبه ويدخل اليه , وهي بتعبير اخر مرحلة تحولات شاملة تتناول النواحي الجسدية والذهنية والاجتماعية , وهذه التحولات تشكل وحدة قائمة في الشخصية لا يمكن فصلها بسهولة .
لقد اهتم علماء النفس في السنوات الاخيرة بدراسة الهوية عند المراهق ولا يجوز بعد اليوم ان نتحدث عن ازمات المراهقة فنقول الازمة الجسدية والجنسية , والازمة العاطفية والعائلية , والازمة الاجتماعية , بل يجدر بنا ان نتحدث عن ازمة الهوية عند المراهق , هذه الازمة التي تتناول وجوده برمته وعلاقة هذا الوجود مع تحديات المجتمع , فالمراهق يشعر بالغموض والتناقضات , وهناك قضية النمو الجسدي الفيزيولوجي , وهناك الالتزام الدراسي والمهني والصراع من اجل المستقبل , ان المراهق يتساءل : كيف يستطيع ان يتكيف مع المجتمع ؟ , ماذا يقول الاخرون عنه وكيف ينظرون اليه ؟ , ماهو دوره الان وماذا يمكن ان يكون في المستقبل ؟ .
ان هذه التساؤلات تشكل محور الوجود عند المراهق وهي بداية التشكل في الهوية , ولكن اذا حاول المراهق ان يهرب من هذا الواقع وتناقضاته المختلفة , فأنه يغامر في ان يتجه نحو العزلة والانطواء او نحو العنف والتمرد , وخاصة اذا شعر ان وطأة الكبار والعالم الخارجي شديدة عليه .
التمرد
ان المراهق يريد ان يكون قادرا مستقلا , ويريد ان يتحرر من العلاقة الرحمية التي تربطه بالاهل , يريد ان يحدد هويته , وان يجيب عن السؤال المطروح ( من انا ومن اكون ؟ ) .
ان عدم تفهم الاسرة مجتمع الكبار لهذه المرحلة يزيد الطين بلة ويدفع المراهق الى مزيد من الرفض والعنف , والمهم هو استعداد المراهق لاستقبال الحياة بألآمها وافراحها لان الذي يخاف من الالآم والمسؤوليات لن يتوصل الى تحقيق الشخصية الناضجة والارادة القوية , فالشخصية السليمة : هي التي تستطيع ان تتكيف بنجاح مع البيئة وان تجابه مشاكل العالم بصورة صحيحة .
والمراهق امام هذه الازمات قد يلجأ الى الهوية السلبية ( التمرد والعنف والعزلة ) , وهنا لابد الاشارة الى ضرورة تأمين الخدمات النفسية للمراهق في المدرسة لكي يتوصل المراهق الى بناء الهوية الواضحة التي تعتبر من ميزات سن الرشد ( النضج والوعي ) .
وهذه الهوية تعني السعادة النفسية والاجتماعية والوضوح في الشعور والتفكير والهدف , فالمراهق بعد ان ينجح في بناء شخصيته يشعر الآن وكأنه في منزله , وانه ليس غريبا عن جسده ونفسه ومجتمعه , انه يعرف ماذا يريد وماذا يفعل واين يتجه ويذهب , ويعرف كيف يثق بنفسه , وكيف يعترف بالآخرين ويعترف الاخرون بوجوده وهويته , والمراهق بعد ان حقق ذاته , لابد ان يدخل عالم الراشدين ويبني له مركزا اجتماعيا ( مهنة ثابتة ) واسرة وعلاقات اجتماعية وانسانية , ويلعب زرع الوازع الديني في نفس المراهق دورا مهما في بناء شخصيته , لان النمو النفسي السليم للطفل والمراهق يتطلب ايمانا راسخا , ومن دون الايمان بالله لا يستطيع المراهق ان يتعرف على ذاته ويتفهم دوره في المجتمع , كعضو ايجابي في هذا المجتمع , وكما يقول علماء النفس ( عندما تؤمن بالله فأنك تؤمن بنفسك ).
          

المصدر: شباب عا نت