المراهق المتلعثم

 

تعتبر مرحلة المراهقة من أكثر المراحل العمرية التي يتعرض فيها الفرد للعديد من التحديات التي قد تدوم إذا لن يتم التعامل معها بشكل موضوعي.  لذلك يجب على إخصائي علاج النطق واللغة المتعامل مع المراهقين  المعانين من التلعثم أن يكون على دراية ومعرفة بطبيعة المرحلة لكي يستطيع مساعدتهم على تخطي الصعوبات الكلامية بشكل سليم.

 



إن الدور الذي يقوم به الإخصائي هنا دور كبير يبدأ في محاولة إقناع المراهق بضرورة إكمال فترة العلاج . لذلك وجب علية أن يكون لديه أولا رؤيا إيجابية ومتفائلة عن العلاج، وأن يثق في قدرة المتلعثم على تغيير طريقة كلامه وسلوكه وان يتوقع الكثير منه، وأن يستطيع أن ينقل هذه القناعات جميعها للمراهق.

يمرالمراهق أثناء فترة العلاج بالعديد من الأزمات الإنفعالية الناتجة عن فقدان الثقة بالنفس وعدم الإستقرار الإنفعالي والتذبذب،  ولسوء الحظ هذه الأشياء مألوفة لدي المراهقين، هذه توثر على المزاج والدافعية والأداء العلاجي.   فالناتج عن هذا كله عدم إكمال فترة العلاج المطلوبة والكافية لإحداث الطلاقة. ومن الأشياء المألوفة الآخرى هي حدوث الإنتكاسات التي تحدث نتيجة تعرضه لمواقف إنفعالية جديدة لا يستطيع التعامل معها

 الهدف النهائي من العلاج هو الكلام بطلاقة.  يستخدم إخصائي النطق واللغة العديد من الأساليب السلوكية لتحقيق هذا الهدف.

 من هذه الأساليب:

-        تقليل سرعة الكلام

-        التنسيق بين خروج الهواء مع توقيت بدء الكلام،

-        البداية السهلة اللطيفة للأصوات الكلامية،

-         تقليل الشد والوقفات والأعراض الجسمية الثانوية المصاحبة لإضطرابات الكلام.

 

يستخدم إخصائي النطق إلى جانب أساليب العلاج الكلامية، أساليب أخرى معرفية منها: الإسترخاء، والتخيل العقلي وتعليمه الكلام الإيجابي مع النفس، وذلك بهدف الدعم النفسي الذي يمثل ضرورة في هذه المرحلة ولكي يعطي للمتلعثم قدرة تحمل عقلية حتى يستطيع بها مقاومة الفشل والإنتكاس العلاجي القريب، وأيضا تخفيف الشد في عضلات الجسم المختلفة الناتج عن الكفاح المستمر لإخراج الكلام. 

وكل هذه الأساليب في النهاية توفر لنا الإطارالعام للعلاج الناجح.

تؤكد لنا الملاحظة العيادية العلاجية أن نسبة الطلاقة الكلامية بعد جلسة  الإسترخاء تصل إلى 90% ويستطيع المتعلثم أن ينطق جمل طويلة بمعدل سرعة هادئ ويتعامل مع المواقف الكلامية الصعبة بشكل أفضل.

 إن الإستثمارالأمثل من إخصائي علاج النطق واللغة لفترة الإسترخاء والذي يبدأ من خلاله في عملية التخيل العقلي له نتائج إيجابية كبيرة.

 

يؤكد عالم النفس أرنولد لازورس (1984) أنه لو أراد شخص شيئ في واقعه، يجب عليه أولا أن يكون صورة ذهنية له ويحققه في عقله أولا.  يطلب الإخصائي أثناء فترة الإسترخاء من الشخص أن يتخيل أنه يتكلم بطلاقة في المدرسة،أو عندما يقرأ  في الصف، أو عندما يتحدث في الهاتف.  لابد أن يوضع الإخصائي للأفراد أن هذه المهمات تكون صعبة في البداية، ولكن -ومع تشجيع الإخصائي على الإستمرار في التخيل المستقبلي للكلام بطلاقة- سيكون أسهل ويتحقق على أرض الواقع. 

الهدف من التكرار لعملية التخيل العقلي هي مساعدة المتلعثم أن يشعر بإختلاف خبرته الكلامية المستقبلية بأنها أكثر ثقة وأكثر طلاقة. 

 

 الشيئ الآخر الذي يستخدمه الإخصائي وله نتائج إيجابية في تدعيم النفس وبالتالي في إخراج الكلام هو التأكيد والحديث الإيجابي مع النفس.

والتاكيد هو عبارة عن جمل من الحقيقة مكتوبة في لغة إيجابية في زمن المضارع هي ليست متعلقة بحقيقة الآن، ولكن من يتمناه الفرد في المستقبل.  الهدف منها هو إستنارة العقل الباطن أن الأفكار والجمل حقيقية الآن.  يساعد الإخصائي الشخص المتلعثم على كتابة جمل خبرية بسيطة و إيجابية في 5:3 بطاقات أو يطلب منهم أن يقرؤوها بصوت مرتفع أمام مرآة وبحماس عديد من المرات يوميا.

بعض الأمثلة على التأكيدية:

  • أنا إيجابي وواقعي
  • أنا أعرف أني أستطيع عمل مواقف كلامية مع التحكم في كلامي.
  • صوتي قوي، واضح وألوف. أنا أستمتع عندما أسمع صوتي عندما أقول .. ألو...، وعندما أتكلم في التليفون.
  • أستخدم ضغط بسيط أو بداية سهلة في بداية الكلام لجملي يساعدني.
  • كلما تدربت على البداية السهلة، كلما كانت لدي طلاقة. إستخدام البداية السهلة شيئ لطيف.

 

يعيد المراهق غالبا كتابة أو تغيير الكلمات التأكيدية بعد التدريب عليها في أسبوع أو أكثر بقليل.  يمكنهم كتابة جمل أخرى في مواقف أخرى.  الهدف هو قراءة الجملة بصوت عال كلما أمكنهم ذلك طوال اليوم.

 

يؤكد الباحثون في علم البرسجة العصبية اللغوية ( NLP) مثل (روبن86)  أن الحفاظ على التغييرات في السلوك يحدث بسرعة عندما يغير الناس الطريقة التي يتكلمون بها مع أنفسهم. 

تكرار الكلام الإيجابي مع النفس يزيد من التوقعات الإيجابية المستقبلية ويعطي للمتلعثمين تعزيز لمعتقاداتهم عن قدراتهم الذاتية. 

يجب أن نؤكد على عملية التدريب والتكرار للإستراتيجيات المعرفية والتعليمات الذاتية لما لها من الدور البالغ لتغيير الإتجاهات السلبية الموجودة عن كثير من الطلبة المتلعثين. فعندما تصبح الصورة الذهنية واضحة وتظهر زيادة في إستخدام محادثة ذاتية إيجابيا فدورالإخصائي هنا لا يتوقف بل يستمر في عملية التشجيع والتدعيم الإيجابي.  

 

نستطيع أن نلخص ما قلناه سلفا في هذه النقاط بأن نقول: 

  • لا بد لإخصائي النطق واللغة المعالج أن يكون متفائلا متحمسا، ويكون لديه جزم بقدرة المتلعثم على التغيير، وهذا الإحساس يجب أن ينقل إليه.
  • لا بد من الجمع بين العلاج السلوكي (المباشرة تجاه الكلام) والمعرفي حتى يتحقق العلاج الناجح.
  • يلعب الإخصائي العديد من الأدوار عند العمل مع المراهق المتلعثم: فأحيانا يسمع بتعاطف وأحيانا ناصح ومرشد، ثم هو مناقش إيجابي، وأحيانا أخرى متحدي ومحرض ومشجع مثل المدرب الرياضي لكي يحصل على نتائج جيدة حقيقية.

 ولا بد من التوازن بين هذه الأدوار جميعها.

 

طارق مصطفى عمر  أخصائي علاج النطق واللغة- مؤسسة حمد الطبية

المصدر:

Helping Adolescents Who Stutter, Focus on Fluency

Language, Speech and Hearing Services in School.Vol.26