اللدونة العصبية أمل المستقبل

مصطلح اللدونة العصبيَّة هو أمل مستقبل البشرية المشرق، ومع ذلك، فإنَّ قلَّة من الناس قد سمعوا به، والقليل من هؤلاء يعرفون بالفعل ما يعنيه، وتكمن أهميَّة اللدونة العصبية في أنَّ النظريَّات المطروحة حولها كفيلة بتغيير كل ما نعرفه عن طريقة العيش حياة أكثر سعادة وصحة، والتي تعدُّ الهدف الأسمى للتجربة الإنسانية.



لقد أدَّى التقدُّم الباهر في علم الأعصاب طوال العقد الماضي إلى يقيننا بأنَّنا نستطيع بالفعل تغيير البنية الفيزيائية لدماغنا، ففي الأساس، الدماغ قادر على إعادة بناء نفسه، ويؤكِّد العلم الآن أنَّ خلايا الدماغ قادرة على التجدد، وتشكيل روابط جديدة فيما بينها ومن ثم تشكيل مسارات عصبية جديدة.

تثبت هذه النتائج أنَّنا نستطيع التحكُّم بحالاتنا العاطفية وكذلك شفاء أجسادنا، وكل ما نحتاجه هو شيء نمتلكه جميعاً وهي أدمغتنا.

معنى اللدونة العصبية:

تعني اللدونة العصبية، التغيُّرات في نقاط التشابك العصبي في بنية الدماغ الفيزيائية، ومبدئيَّاً الدماغ ذو مرونة، ويحدث تكوين الأفكار داخل بنية الدماغ، وتنتقل هذه الأفكار على طول نقاط التشابكات العصبية مثل تيار كهربائي ينتقل عبر سلك، ويشير العلم إلى ذلك على أنَّه حلقات تغذية راجعة، وتتكون حلقات التغذية الراجعة هذه من أفكار مخزَّنة في شكل ذكريات.

إقرأ أيضاً: هل حياتك بائسة؟ إليك دليل السعادة والنجاح والتخلص من إرهاق الحياة

من المثير للاهتمام أنَّ الدماغ يبحث عن حالات تطابق بين المعلومات وبين تجربته الحالية للواقع؛ وبعبارة أخرى، تنجذب الأفكار ذاتها إلى أفكار أخرى مماثلة، فتجد هذه الروابط العصبية وترتبط بها، وتشكل أنماطاً، وهذه الأنماط من التفكير والسلوك كلها مرتبطة بتجارب الحياة السابقة والحالية، وعندما يتم تعلُّم وممارسة مهارات أو معلومات جديدة، يتم تشكيل أنماط جديدة.

دور اللدونة العصبية:

نحن نعي مسبقاً أنَّ تكرار أيَّ شيء، مثل العزف على آلة موسيقية يؤدي إلى إتقانه، لكنَّ تكرار أنماط السلوك السلبية المؤذية للذات هو أمرٌ يتم تَعلُّمه أيضاً، ويمكن للسلوك السلبي أن يكون على سبيل المثال ردَّ فعل متكرراً على الخوف، مثل نوبات الهلع، أو حتى الإدمان، ويمكن القول إنَّ أولئك الذين يعانون من الإدمان قد أتقنوا أنماط سلوكهم السلبية.

شاهد بالفيديو: أهم الدروس التي يجب أن نتعلّمها من الحياة

من المعروف أيضاً أنَّ الرياضيين المحترفين على مستوى عالمي، قد أتقنوا أنماط سلوكهم الخاصة أيضاً؛ أي في الأساس قاموا بإعادة بناء مساراتهم العصبية لإنتاج قدرات رياضية لا مثيل لها، ويفهم الباحثون في مجال علم النفس قابلية تطبيق هذه المفاهيم على دراسة السلوك النفسي.

فيما يأتي عينة صغيرة من التمرينات العقلية التي أُثبتت فاعليتها في المساعدة على تشكيل مسارات عصبية جديدة:

  • إبطاء ترددات موجات الدماغ، وذلك بممارسة حالات عميقة من التأمُّل بانتظام، وهذا يسمح بالتدرب على إخفات ضوضاء الذهن، مما يسمح بدوره بالتركيز والصفاء.
  • التصوُّر الإبداعي؛ ويعني استخدام التصوُّر التفصيلي لإنشاء تجارب جديدة، يمكن لها أن تكون حقيقية أو متخيلة.
  • استحضار المشاعر، فيتم الشعور بالعواطف داخل الجسد؛ أي إنَّ العقل يترجم لغة الحواس، ومن الهام أن تشعر بكل حواسك، لخوض التجربة كما لو كانت تحدث بالفعل.
  • التكرار، كما ذكرنا، التدرُّب هو المفتاح، فيجب أن يتعلم العقل بناء روابط جديدة من خلال تكرار الفعل الذي يحقق النية المرغوبة.
إقرأ أيضاً: 5 خطوات لاستعادة زمام الأمور والنجاح في الحياة

في الختام:

لقد قدَّمت لنا الأبحاث مفهوماً لكيفية تغيير عقولنا حرفياً، فلم نعد ضحايا ظروفنا السابقة، وفي الواقع، مع التفاني والمثابرة، لدينا القدرة على التحكُّم بأدمغتنا وشفائها بشكل فعال، مما يغيِّر الطريقة التي نرى بها أنفسنا والآخرين، والنتائج مذهلة، فاللدونة العصبية هي حقاً أهم اكتشاف علمي عصبي في العصر الحديث.




مقالات مرتبطة