القلق لن يفيد: 10 أسباب لعدم الذعر بسبب فيروس كورونا

سبق وأن أعلنت منظمة الصحة العالميَّة رسمياً أنَّ فيروس كورونا المستجد قد أصبح جائحةً عالميَّة؛ فهل حان الوقت لنصاب بالذعر؟ وماذا يعني هذا الإعلان للناس العاديين؟ هل يجب أن نقلق؟

في حين لا يمكن لأحدٍ أن يُنكِر الآثار الخطيرة للجائحة، إلَّا أنَّه يوجد أسبابٌ منطقيَّةٌ لعدم الذعر. ولأنَّ الهستيريا الجماعية أكثر خطورةً من الفيروس نفسه، نشارك في هذه المقالة 10 أسبابٍ واقعيَّةً، نوضِّح فيها لماذا لا يساعدك القلق أو الذعر في هذه الأوقات.



1. لا تعني الجائحة "الفتك بالجنس البشري"، ولكن "قابليَّة الانتقال السريع":

تشير الجائحة إلى انتقالٍ مستمرٍ لمرضٍ لم يَعُد من الممكن احتواؤه في منطقةٍ جغرافيَّةٍ محدَّدة. يوافق فيروس كورونا هذا الوصف؛ لأنَّه يمكن أن ينتقل بسهولة، ولم يعد انتشاره محدوداً في مركزه في مدينة ووهان الصينيَّة، إذ أنَّه يتفشَّى الآن بكثرةٍ في كلٍّ من إيطاليا وإيران وإسبانيا والولايات المتحدة بشكلٍ خاص.

ولكن، على الرغم من سهولة انتقال فيروس كورونا، لا يمكننا التأكُّد من معدَّل الوفيَّات بشكلٍ دقيق.

ما نعرفه يشير إلى أنَّ الفيروس ليس مميتاً في معظم الحالات. إذ إنَّ 80٪ من الإصابات المسجَّلة خفيفةٌ أو عديمة الأعراض، وهذا يعني أنَّه خارج هذه الأرقام، كما قد يكون هناك مزيدٌ من الأشخاص المصابين الذين تكون أعراضهم خفيفةً للغاية، ولا يحتاجون إلى اختبارها أو علاجها.

سُجِّلَت 15٪ فقط من الحالات على أنَّها شديدة (تتطلَّب الأوكسجين)، و5٪ من الحالات على أنَّها حرجة. فخطر الإصابة بالعدوى الحرجة أعلى بكثيرٍ بالنسبة إلى كبار السنِّ، وأولئك الذين يعانون من حالات ضعف المناعة.

الخلاصة: إنَّ كون فيروس كورونا جائحةً لا يعني أنَّه سوف يكون قاتلاً بالنسبة إلى كلِّ المصابين. والحقيقة أنَّه على قدرٍ كافٍ من الخطورة ليتطلَّب جهداً دوليَّاً، ولكنَّ هذا لا يعني الاتجاه نحو الهستيريا الجماعيَّة.

2. نحن نعرف ماهيَّة الفيروس:

يكون الذعر أكثر منطقيَّةً عندما لا تعرف ما يحدث بالفعل. لكنَّ الأمر ليس كذلك هنا.

في الواقع: كانت المعلومات متاحةً لنا بسهولةٍ منذ التطورات الأولى للفيروس، والتي أُعلِمنا جميعاً بها في الوقت الفعليِّ لاكتشافها؛ لذا ليس الأمر وكأنَّنا نمرُّ بهذا دون أدنى فكرةٍ عمَّا يحصل.

للمقارنة: سُجِّلَت الحالات الأولى للإيدز في عام 1981، لكنَّ العلماء استغرقوا أكثر من عامين لتحديد ماهيَّة الفيروس، وقد اعتقد الناس أنَّه يمكن أن ينتشر عن طريق لمس شخصٍ مصابٍ، أو حتَّى عن طريق البقاء معه في الغرفة نفسها. ولكن مع كوفيد-19 (COVID-19)، استغرق الأمر 10 أيامٍ فقط لمعرفة الشريط الوراثيِّ الخاصِّ به، وكيفيَّة انتقاله؛ وعلاوةً على ذلك، نعلم أنَّه من عائلة السارس الذي يسبِّب المتلازمة التنفسيَّة الحادة الوخيمة. إذاً، نحن نعرف ما يكفي عن تحليله الجينيِّ لتحديد أنَّ معدَّل حدوث الطفرة قد لا يكون مرتفعاً.

إقرأ أيضاً: أهم الأسئلة حول فيروس كورونا ونصائح للوقاية منه

3. نحن نعرف كيف نكتشف الفيروس:

أبلغت الصين عن الحالات الأولى من فيروس كورونا في 31 ديسمبر 2019. وفي 13 يناير 2020، توفَّر -بالفعل- اختبارٌ للكشف عنه.

إذا كان الأمر يتعلَّق بالكشف عن المرض، فيمكنك إجراء الاختبار وتلقِّي العلاج الطبي الذي تحتاجه.

4. إذا كنت بصحةٍ جيدةٍ، فمن المحتمل أن تنجو منه:

كما ذكرنا سابقاً، 80٪ من الحالات خفيفةٌ ولا تظهر عليها أيُّ أعراض. وطالما أنَّ عمرك لم يتجاوز الـ 60 عاماً، وأنَّك لا تعاني من أيِّ مرضٍ كامنٍ يضرُّ بجهازك المناعي؛ فمن المحتمل جداً أن تنجو من فيروس كورونا في حال إصابتك به -لا قدّر الله-.

الحقيقة: أنَّنا نشعر بالذعر؛ لأنَّنا نتحيَّز لما ندركه، بدلاً من أن نكون منطقيين.

يُعدُّ تفشي فيروس كورونا مثالاً مثاليَّاً على أنَّ الناس يتوجَّهون فوراً إلى واحدٍ من خيارين مبالغٍ فيهما: "إنَّها نهاية العالم"، أو "إنَّها مجرَّد إنفلونزا"؛ لكنَّ الحقيقة عادةً ما تكون في المنتصف.

من المحتمل أن ننجو من الوباء بشكلٍ فردي، لكنَّ المشكلة تكمن في التداعيات التالية التي يجب أن تُقلِقنا، مثل: كيف سيؤثِّر ذلك على الاقتصاد؟ هل يمكن لنظام الرعاية الصحية لدينا التعامل مع كلِّ مَن يحتاجون إلى رعاية؟

إذا أصبنا بحالةٍ من الذعر، فإنَّنا سنصبح غير عقلانيين في مرحلةٍ نحتاج فيها العقلانيةَ أكثر من أيِّ وقتٍ مضى، إذ يجب أن نركِّز على ما يمكننا القيام به بشكلٍ فرديٍّ، مثل: الاهتمام بالنظافة جيداً، والتباعد الاجتماعي، وما إلى ذلك؛ بدلاً من تخزين السلع والمواد، وارتداء الكمامات ونحن بصحةٍ جيدة.

إقرأ أيضاً: ما هو أقل ما يمكنك فعله للحفاظ على صحتك؟

5. لن يتأثَّر أطفالك على الأرجح:

منذ تفشي المرض سُجِّلت 3٪ فقط من الحالات لدى الأشخاص الذين تقلُّ أعمارهم عن 20؛ بينما كان معدَّل الوفيَّات حوالي 0.2٪ في أولئك الذين تقلُّ أعمارهم عن 40.

ولكن مع ذلك، هذا لا يعني أنَّ أطفالك لا يمكنهم نقل الفيروس إليك أو إلى أيِّ شخصٍ آخر. لهذا السبب عليك توخي الحذر بشأن الإجراءات الوقائيَّة، بغضِّ النظر عن عمرك.

6. العلم يقوم بجهد عالميّ موحَّد للتعامل مع الفيروس:

لحسن الحظ، إنَّها حقبةٌ حديثةٌ من التعاون العلمي، فالعلم في صالحنا.

بالفعل في غضون شهر، نُشِرَت حوالي 164 مقالةٍ علميَّةٍ على محرِّك البحث الطبي ببميد (PubMed)، عن كوفيد-19 (COVID19)، أو ما يسمّى بـ "سارس كوفيد 2" (SARSCove 2). هذه المعلومات متاحةٌ بسهولةٍ لأيِّ شخص، وتحتوي على دراساتٍ تركِّز على: اللقاحات، وعلم الأوبئة، والعلاجات، وعلم الوراثة، والتشخيص، والجوانب السريرية.

بينما نتحدَّث هنا، يعمل العلماء وكبار الخبراء للتغلب على فيروس كورونا. وبصراحة، لا يمكننا فعل الكثير في هذه المرحلة، ولكنَّنا نبذل قصارى جهدنا، ونأمل أن نترك العلم يقوم بعمله.

7. لا يُطلب منَّا البقاء في المنزل للأسباب التي تعتقدها:

كانت الحكومات سريعةً في نُصحِ العامَّة بالبقاء في المنزل، وحتَّى العمل من المنزل إن أمكن. كما وأُلغيَت التجمُّعات الجماعيَّة في جميع أنحاء العالم.

ويعتقد الكثير منا أنَّ "الخروج إلى الخارج أمرٌ خطيرٌ للغاية"؛ لأنَّ هناك حقيقةً في ذلك، فلقد أُثبتَت بالفعل قابليَّة انتقال الفيروس. لكن هذا ليس السبب الوحيد.

يُقال لنا أن نبقى في المنزل كيلا يُصاب الكثير منَّا بالفيروس، فنُحمِّل أنظمة الرعاية الصحيَّة لدينا فوق طاقتها.

فكِّر في الأمر: إذا ذهبنا إلى العمل، وعشنا حياتنا كالمعتاد، فإنَّ فرصتنا الجماعية في الإصابة ونشر الفيروس تزداد؛ لذا سنحتاج جميعاً إلى رعايةٍ طبيَّة. ولكن إذا أبطأنا تقدُّم الفيروس، فسيحصل مزيدٌ من الأشخاص على الرعاية التي يستحقونها، وسيتلقون العلاج، ولن نثقل كاهل المستشفيات والمتخصصين في الرعاية الصحية.

لذا يرجى اتباع نصيحة حكومتك؛ لأنَّ هناك سبباً لذلك.

8. اللقاحات قيد العمل بالفعل:

لقد قطع الطبّ شوطاً طويلاً، حيث أنَّ قدرتنا على إنتاج اللقاحات مذهلةٌ الآن.

الأمر ليس ميؤوساً منه كما تظن، فنحن نقترب كلَّ يومٍ إلى اللقاح أكثر ممَّا نعتقد، وفي الوقت الحالي، هناك أكثر من اثنتي عشرة شركة أدويةٍ تحاول تطوير لقاحات وأدويةٍ لفيروس كورونا.

العلماء في عجلةٍ من أمرهم للتغلُّب على الفيروس، حتَّى أنَّ هناك تجارباً سريريَّةً تُجرَى على الحيوانات.

يأخذ مجال العلوم هذا الأمر على محمل الجد، ويؤكِّد على أنَّهم على استعدادٍ للقيام بأيَّ شيءٍ للخروج باللقاح. ومن المقرَّر أن تبدأ التجارب البشرية في أقرب وقتٍ ممكنٍ من هذا العام، ويعتقد الخبراء أنَّ اللقاح المطوّر بالكامل سيكون متاحاً في أقرب وقتٍ من العام المقبل.

إقرأ أيضاً: كيف تحصن جهازك المناعي في ظل تفشي فيروس كورونا؟

9. توجد ضرورة مُلِحَّة لتطوير الأدوية المضادة للفيروسات:

سيكون اللقاح رائعاً، وحلاً فعَّالاً على المدى الطويل. ولكنَّ الأهمَّ في الوقت الحاليِّ: علاج المرضى المصابين؛ لهذا السبب هناك حاجةٌ مُلِحَّةٌ إلى تطوير دواءٍ مضادٍّ للفيروس.

الخبر السار أنَّ هناك -حاليَّاً- أكثر من 80 تجربةٍ سريريةٍ لاختبار علاج فيروس كورونا. حيث أنَّ هذه الأدوية المضادة للفيروسات استُخدِمت بنجاحٍ في أمراضٍ أُخرى، لذلك جرت الموافقة عليها، وهي آمنةٌ على البشر.

أحد هذه الأدوية يسمَّى ريمديسيفير (remdesivir). اختُبِر مضاد الفيروسات واسع النطاق هذا -على الرغم من أنَّه لا يزال قيد الدراسة- ضدَّ فيروس الإيبولا، والسارس، ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسيَّة الحادَّة.

10. خلاصة القول، نحن مستعدون كما لم نكن من قبل:

سيكون الذعر مفهوماً لو كان هذا في القرن العشرين، عندما قتلت جائحة الإنفلونزا أكثر من 25 مليون شخصٍ في 25 أسبوعاً.

لكنَّنا قطعنا شوطاً طويلاً في العلوم والطب، ناهيك عن توفُّر المعلومات، والسهولة في كيفيَّة الاستفادة منها. إنَّه عام 2020، ونحن مستعدون لمواجهة جائحةٍ عالميَّةٍ كما لم نكن من قبل.

الحقيقة: نحن في نعمة، فلدينا كلُّ الموارد المتاحة لمكافحة هذا الفيروس والخروج منه.

لا يمكن إنكار أنَّ فيروس كورونا المستجد سيسبِّب عواقب وخيمةً قبل أن نتمكَّن من منعه من الانتشار.

من السهل التركيز على السلبيات، والخوف من الأسوأ؛ ولكن يجب علينا جميعاً أن نتذكَّر: لقد مرت الإنسانيَّة في الماضي بما هو أسوأ بكثير، لكنَّها تمكَّنت من النجاة من كلِّ تحدٍّ.

أفضل ما يمكننا فعله الآن: اتباع الإرشادات الصحيحة، ومساعدة بعضنا بعضاً، وتذكير أنفسنا بأَّننا لم نكن مستعدين أبداً أو مسلّحين بشكل جيدٍ للقتال في الماضي، كما نحن عليه الآن.

 

المصدر




مقالات مرتبطة