الفاتحة والسبع المثاني: حقائق مبهرة

نبدأ بمشروع جديد سواء كان خطوبة أم زواجاً أم عملاً أم دراسة أم أياً كان، فنقرأ سورةَ الفاتحة من أجل أن نستفتحَ بدايةَ خير كما يقال ثم نمسح بها وجوهنا، وكذلك عندما نودع أحداً تحت التراب فنقرأ له الفاتحة ليرحمه الله.



والفاتحة هي أول سورة في القرآن الكريم، وفي كل مرة نقوم فيها للصلاة في أي وقت من النهار، فإنَّنا نتلو الفاتحة، ولكن في هذا المقال سنتعرف إلى حقائق مبهرة عن الفاتحة والسبع المثاني لمن لا يعرفها، لذا تابع القراءة.

ما هي السبع المثاني؟

في البداية لنتعرف ما هي السبع المثاني، فقد أُطلِقَت هذه التسمية نسبة لسورة الفاتحة التي يبلغ عدد آياتها سبع آيات، وكما نعرف فقد حملت هذه الآيات الكريمة كثيراً وكثيراً من الثناء والشكر لله سبحانه وتعالى، ولذلك تمت تسميتها "المثاني"، وإضافة إلى ذلك فقد سُمِّيَت بالمثاني لأنَّ المصلي يقرأ سورة الفاتحة ويكررها في جميع صلواته؛ إذ لا تصح صلاة المسلم دون قراءة سورة الفاتحة في كل ركعة، أما بعضهم فيجمع على أنَّ كلمة السبع المثاني هي بالأصل نسبة إلى السبعة سور الطويلة، وهي السور الآتية: " آل عمران، البقرة، النساء، المائدة، الأعراف، والأنعام، ويونس".

لكن يبقى الترجيح الأكبر عند علماء الدين، ويتجه الفقه نحو التفسير الأول؛ إذ يرون أنَّ هذه التسمية تطلق على سورة الفاتحة، وبخاصة أنَّ الله سبحانه وتعالى أشار بها إلى أمة محمد صلى الله عليه وسلم، فكانت عبارة عن استثناءٍ لهم، وفي بعض التأويلات يعتقد بعضهم بأنَّه تمت تسميتها بالمثاني لأنَّ الله تعالى أنزلها في مكانين عظيمين مختلفين، وهما مكة المكرمة والمدينة المنورة أيضاً؛ أي بمكانين تعني "مثنى".

لماذا سميت بالسبع المثاني؟

السبع المثاني أو سورة الفاتحة أو أم الكتاب هي أعظم سورة في القرآن الكريم، فقد قال الله سبحانه وتعالى مخاطباً لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم في [الحجر:٨٧]: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ}.

عن صحيح البخاري أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الحمد لله رب العالمين هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته"، وذلك بسبب أنَّه يتم افتتاح الصلاة بها في الكتابة وتفتتح بها الصلاة في القراءة، وأما لماذا سميت بالسبع المثاني؛ فذلك لأنَّ المصلِّي يقولها مثنى؛ أي مرتين في ركعة يقوم بها في صلاته، إضافة إلى أنَّ المصلِّي يثني بها على الله تعالى عز جلاله؛ أي يقوم بمدحه بها.

لقد قال الحافظ في الفتح: تم الاختلاف على تسميتها مثاني، فقيل إنَّها تثنى في كل ركعة؛ أي تتم إعادتها، وكذلك قيل إنَّها للثناء على الله تعالى وحمده، وآخرون قالوا إنَّها سميت بهذا الاسم لأنَّه تم استثناء هذه الأمة بها، ولم يتم تنزيلها على من كانوا قبلها والله في ذلك أعلم، ولسورة الفاتحة أسماء كثيرة يتراوح عددها بين الخمسة وعشرين اسماً عدَّها لنا "السيوطي" في كتاب يسمى "الإتقان في علوم القرآن"، وهذه الأسماء تناقلت على ألسنة قارئي القرآن منذ عهد السلف، ومن هذه الأسماء نذكر "القرآن العظيم، الوافية، سورة الحمد، الكافية، الشافية".

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أنزل الله تعالى في التوراة ولا في الإنجيل مثل أم القرآن، وهي السبع المثاني، وهي مقسومة بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل".

شاهد بالفديو: فضل قراءة القرآن الكريم

حقائق عن السبع المثاني:

تخفي سورة الفاتحة كثيراً من الحقائق المبهرة بين معاني كلماتها وسطورها، وإليك حقائق عن السبع المثاني لم تسمع بها من قبل:

  • اتفق العلماء والمفسرون على وجود سبع آيات في سورة الفاتحة، إلا أنَّ "الحسن البصري" قد نفى ذلك قائلاً: أنَّها ثمانية، وأما بالنسبة إلى "عمرو بن عبيد" و"الحسين الجعفري" إنَّها ست آيات.
  • سورة الفاتحة لها أهمية كبيرة جداً في الإسلام، ودور كبير في حياة المسلمين؛ إذ عُدَّت من أهم أركان الصلاة، فلا تتم الصلاة دون ذكرها، وذلك بحسب رأي العلماء، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب".
  • نزلت الفاتحة في مكة المكرمة في السنوات الأولى للنبوة قبل الهجرة.
  • تسمى السبع المثاني أيضاً بالحمد والصلاة، وذلك لما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، ولعبدي ما سأل، فإذا قال العبد: "الحمد لله رب العالمين"، قال الله تعالى: حمدني عبدي".
  • تم تسميتها بالرقية وأُم القرآن؛ لأنَّ معنى السبع المثاني من أعظم المعاني التي وردت في القرآن الكريم من تعظيم وحمد لله سبحانه وتعالى.
  • تعددت مسمياتها دليلاً على عظمة مكانتها وعلى شرف المسمى، والاسم الرئيس للسبع المثاني هي الفاتحة، والفاتحة كلمة مشتقة من الفتح؛ أي عكس الإغلاق، وأُم القرآن يقال لها فاتحة الكتاب.
إقرأ أيضاً: 7 نصائح لتقوِّي صلتك بالله سبحانه وتعالى

أغراض السبع المثاني:

تعدُّ أغراض السبع المثاني عديدة بداية من حمد الله وتمجيد فضله وشكره وثنائه من خلال تعداد أسمائه الحسنى وتنزيهه وترفيعه عن كل الشرور وإفراده في العبادة وكذلك الاستعانة واللجوء إليه عز وجل من خلال طلب الهداية منه إلى صراط مستقيم، وكذلك اللجوء لله وحده والتضرع له للتثبيت على طريق الحق وعدم الزيغ عنه، إضافة إلى الإخبار عن قصص الأمم السابقين، وكذلك تضمَّنت السورة تذكير المسلم بأساسيات الدين من خلال معنى السبع المثاني الموضح كالآتي:

  • شكر نعم الله تعالى التي لا تعد ولا تحصى وبكل ما أنعم به على عباده بنعم جمة لا نعرفها بعدُ كلها؛ وذلك من خلال قوله: "الحمد لله"، فذلك يعني أنَّ الله تعالى أثنى على نفسه وحمدها بكل ما هو له أهل.
  • الإخلاص لله عز جلاله من خلال قوله: "إياك نعبد وإياك نستعين"؛ لأنَّنا فقط لله تعالى نستكين ونخشع وإقرارنا بالربوبية للرب وحده لا شريك له، وأنَّنا نستعين يا الله في عبادتنا بك وطاعتنا في جميع أمورنا لا بأحد غيرك.
  • ذكر الصحبة المؤمنة الصالحة، والخلق القويم في قوله: {صراط الذين أنعمت عليهم}.
  • نطق أسماء الله الحسنى، وذكر صفاته من خلال قوله: {الرحمن الرحيم}.
  • الهداية والاستقامة عندما قال: {اهدنا الصراط المستقيم}، وفيها معنى السبع المثاني الرئيس، فمن خلالها يتم إلهامنا بالطريق الهادي، فمعنى الصراط المستقيم هو الطريق القويم الذي لا اعوجاج به.
  • ذكر الآخرة عند قوله: {مالِك يوم الدين}، ولهذه الآية تأويلان؛ فذلك يعني أنَّ المُلك لله وحده سبحانه وتعالى دون من كانوا قبله ملوكاً جبابرة ينازعون الحكم منه، فبالمعنى العام يعني ذلك أنَّ الله تعالى مالك جميع العالمين ومصلحهم وسيدهم، وهو من ينظر بأمرهم والذي يرحم عباده في الدنيا والآخرة.
  • {صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين}؛ لأنَّ الله سبحانه وعز جلاله الذي أهدى أمة محمد وأمرهم سؤال ربهم عن الهداية للطريق القويم.

شاهد بالفديو: عبارات وأقوال رائعة عن الإيمان

أهمية الفاتحة والسبع المثاني في حياة الإنسان:

الفاتحة لها أهمية كبيرة جداً في الإسلام؛ إذ تبرز أهمية الفاتحة والسبع المثاني في حياة الإنسان المسلم بدايةً كونها تعدُّ ركناً رئيساً من أركان الصلاة، فقد روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن، فهي خداج هي خداج هي خداج غير تمام".

تعدُّ الفاتحة جامعة لكل ما في القرآن، فمثلاً تشمل الآيات الثلاث الأولى معاني الصفات العليا والأسماء الحسنى؛ إذ يعدُّ كل ما في القرآن الكريم مفصلاً من جوامع السبع المثاني، إضافة إلى آخر ثلاث آيات عندما قال: {اهدنا}، فتعد شاملة لكل ما يحيط أمر العبد في الوصول لله تعالى واللجوء إلى رحمته، وقد ذكر أحد العلماء أنَّ هذه السورة استوفت الرد على جميع أهل البدع والضلال، واستوضحت منازل السائرين وبينت مقامات جميع العارفين، وأنَّ لا سورة تقارن بمقام هذه السورة ولا تحلُّ محلها، والدليل على ذلك عدم نزول مثلها لا في التوراة ولا في الإنجيل.

إليك فضل سورة الفاتحة:

  • تنفعُ المؤمنَ في الدعاء لله تعالى والحمد والشفاء والاستعانة به وحده لا شريك له، والاستغاثة من خلالها.
  • تصحُّ صلواتِنا سواء كانت سنة أم فرض بها فقط.
  • تشفي القلبَ المريض، والصحة لجسد المؤمن بشكل عام.
  • يقال إنَّها أفضل أنواع الدعاء، ونحن ندعو الله من خلالها، وتسهل لنا الطريق في الدنيا والآخرة.
إقرأ أيضاً: الأوقات الأفضل للدعاء، ونصائح لتسريع الاستجابة

في الختام:

بعد أن تعرفنا إلى حقائق مبهرة عن الفاتحة والسبع المثاني، فلا تنس أنَّها سورة ترد عن الضلالة، وتهدي الإنسان للطريق القويم، وتحتوي على جميع أقسام التوحيد من توحيد الله تعالى وحمد نعمه وثنائها جميعها.




مقالات مرتبطة