الطاقة الشمسية: أنواعها وفوائدها وآلية عملها

هل يمكنكم التخيل أنَّنا أصبحنا في القرن الواحد والعشرين وما زالت بعض المناطق من الكرة الأرضية تعيش دون كهرباء تماماً؟ وهل تصدقون أنَّ بعض العمليات الجراحية الإسعافية تُجرى على ضوء الشموع، وأنَّ النساء يلدن في الظلام؟ وتوجد مناطق في العالم لا يستطيع فيها الأطفال الحصول على لقاحاتهم بسبب العجز عن حفظها وتبريدها.



مصادر الطاقة التقليدية تُعرِّض الناس للخطر في الكثير من المناطق الفقيرة حول العالم، وهنا لا بدَّ من التساؤل عن البدائل لهذه الطاقة بحيث تكون موجودة باستمرار ولا تحتاج إلى تكاليف باهظة لاستخدامها والاستفادة منها، والحقيقة أنَّ هذه البدائل موجودة فعلاً ومن أهمها الطاقة الشمسية، هذه الطاقة الآمنة قليلة التكاليف ومتعددة الاستخدامات؛ لذا في هذا المقال سنتعرف أكثر إلى الطاقة الشمسية وأنواعها وفوائدها وآلية عملها.

ما هي الطاقة الشمسية؟

قبل الحديث عن الطاقة الشمسية دعونا نتطرق قليلاً إلى مفهوم الطاقة؛ فالطاقة هي القدرة على القيام بالعمل، أما فيزيائياً فالطاقة ليست مادة؛ إنَّما هي الصفة الملازمة للمادة التي تحولها وتغيرها عن حالتها الأصلية، والطاقة كمية فيزيائية تظهر على شكل حرارة مثلاً؛ فالإنسان يحتاج إلى الطاقة حتى يتمكن من القيام بأعماله المختلفة ونشاطاته اليومية.

ليس الإنسان فقط من يحتاج إلى الطاقة، فالآلة أيضاً تحتاج إلى طاقة لتعمل وتنجز المهمة التي اختُرعِت من أجلها، لكن علينا أن نلاحظ على مُستخدم الطاقة سواء كان كائناً حياً أم آلة فإنَّه يحولها من شكل لآخر ليحقق الفائدة منها، ويمكن وضع الطاقة ضمن تصنيفين رئيسين: الطاقة التقليدية التي تشمل أنواع الطاقة التي تنضب وتنفد كالبترول والغاز، والطاقة المتجددة التي تُستخلص ويتم الحصول عليها من الموارد الطبيعية التي لا تنفد كالمياه والرياح والشمس.

تتميز هذه الطاقة بأنَّها تحافظ على البيئة وتحميها من التلوث؛ ولذلك تسمى بالطاقة النظيفة، فالشمس أصل الطاقة على سطح الأرض، وهي التي تمد جميع الكائنات الحية بالطاقة من أجل القيام بالوظائف الحيوية، وتنبع أهميتها الكبيرة من دورها في تسهيل عمليات التطور في الكائنات الحية، فهي أكبر نجم في المجموعة الشمسية، ويحتاج أي نظام حيوي إلى أشعة الشمس حتى يبقى ويستمر.

تتكون الشمس من 75% هيدروجين و25% هيليوم وتشكل المعادن نسبة 0.1%، فالشمس إن جاز التعبير تشبه فرناً ملتهباً يبث الطاقة والضوء والحرارة نتيجةً لعملية الاندماج النووي لذرات الهيدروجين التي تُعَدُّ وقود هذا الفرن. وطاقة الشمس تنتج عن الأشعة المنبعثة من التفاعلات النووية التي تحدث داخل الشمس، وتصل أشعة الشمس إلى الأرض على صورة حزم يُطلق عليها اسم "الفوتون"، وهو الحامل للقوة الكهرومغناطيسية.

لقد وصف العالم الفيزيائي "ماكس بلانك" الضوء وأنواع الطاقة الإشعاعية الأخرى بأنَّها تيارات من جسيمات، وهذه الجسيمات يُطلق عليها اسم الكم، وكل كم من الطاقة هو حزمة، وعليه فإنَّ "الفوتون" كم من الطاقة الكهرومغناطيسية، ولا تحظى جميع مناطق الكرة الأرضية بالنصيب ذاته من الطاقة الشمسية؛ إذ تختلف حصة كل منطقة حسب قرب أي مكان في الأرض من خط الاستواء الذي يحصل على القدر الأكبر من طاقة الشمس.

تُعَدُّ الطاقة الشمسية واحدة من مصادر الطاقة المتجددة التي لا تنتهي، فيمكن تحويل هذه الطاقة إلى أشكال أخرى؛ إذ يمكن تحويلها إلى طاقة حرارية وكهربائية وضوئية، فعلى الرغم من أنَّ الشمس تنتج الطاقة منذ ملايين السنين فحتى الآن لم تُستثمَر هذه الطاقة استثماراً فعلياً.

يمكن أن تُقسم الطاقة الشمسية إلى نوعين هما:

1. الطاقة الشمسية الحرارية:

يمكن أن تكون الطاقة الشمسية الحرارية سلبية، وهذا النوع يعتمد على تصميم المباني والبيوت لتخزين الطاقة ونقلها، ولا يعتمد على مكونات ميكانيكية؛ لذلك فهي تعتمد على الآلية المستخدَمة في البيوت الزجاجية وغرف التشمس.
إذ تعتمد عملية التقاط أشعة الشمس وحفظها على نوافذ زجاجية كبيرة تمتص حرارة الشمس ثم توزعها، وتُستخدم مثلاً في تدفئة المنازل؛ إذ تنتقل الحرارة من الجدران الدافئة إلى الباردة، وتعتمد الطاقة الحرارية النشطة على مكونات ميكانيكية وأجهزة لنقل الحرارة وتوزيعها.

إقرأ أيضاً: الطاقة البديلة... مستقبل واعد وفوائد عظيمة

2. الطاقة الشمسية الكهربائية:

ويتم من خلالها تحويل أشعة الشمس إلى كهرباء مباشرة من خلال الألواح الشمسية التي سنتحدث عن آلية عملها بالتفصيل فيما بعد.

تقنيات استخدام الطاقة الشمسية من أجل الاستفادة منها:

يتم بذل الكثير من الجهود لتحقيق الاستفادة القصوى من الطاقة الشمسية؛ فمن الممكن تسخير هذه الطاقة حتى تعطينا الضوء والكهرباء وتُسخِّن لنا المياه وتُبرِّد مختلف الأغراض المنزلية والزراعية والصناعية لتحفظها.

لقد تعددت التقنيات المستخدمة في سبيل ذلك وسنذكر منها:

1. الخلايا الشمسية:

أصبح مشهد الألواح الشمسية على أسطح المنازل مشهداً اعتيادياً ومنتشراً نوعاً ما، ففي عام 2015 كما ذكرت جمعية صناعات الطاقة الشمسية أنَّ أكثر من 65000 نظاماً شمسياً رُكِّب في المنازل فقط خلال الربع الأول من العام؛ إذ تتكون هذه الألواح من مجموعة كبيرة من الخلايا الشمسية، وهي عبارة عن محولات فولتوضوئية يُحوَّل فيها ضوء الشمس مباشرة إلى طاقة كهربائية.

الخلايا الشمسية خلايا حساسة ضوئياً، وهي خلايا شبه موصلة يحيط بها غلاف من الخلف والأمام وهذا الغلاف موصل للكهرباء، وتُصنع هذه الخلايا في أغلب الأحيان من السيليكون، فهي عبارة عن رقائق رفيعة من هذه المادة وبها شوائب لكن بمقدار صغير؛ وذلك من أجل إعطاء أحد الجوانب شحنة إيجابية والآخر سلبية.

تعتمد آلية عمل هذه الخلايا على اصطدام الفوتون القادم من الشمس بالجزء العلوي من الخلية الشمسية؛ وهذا يجذب الإلكترونات إلى سطح الخلية؛ وهذا ما يؤدي إلى حدوث الجهد الكهربائي بين الطبقتين العلوية والسفلية. فالخلايا الشمسية إذاً تحول طاقة الفوتون إلى كهرباء؛ فعندما تتشكل الدوائر في أعلى وأسفل الخلية، يتحرك التيار الكهربائي ويشغِّل الأجهزة الكهربائية.

الجدير بالذكر أنَّ السيليكون وغيره من المواد الأخرى المستخدَمة في صناعة الخلايا الشمسية تلحق الضرر بالبيئة والإنسان؛ ولذلك ما زال العمل جارياً حتى الآن لإيجاد مواد بديلة أقل ضرراً، كما أنَّ كمية الطاقة المولَّدة داخل الخلية الواحدة ليست كبيرة؛ لذلك لا بد من جمع عدد كبير من الخلايا.

فالعديد من التطبيقات تستفيد من تقنية الخلايا الشمسية سواء في مجال استخراج النفط أم السكن أم الزراعة والصناعة وحتى في الآلات الحاسبة والساعات، واستُخدِم هذا النوع أيضاً على مستوى الفضاء في شبكات الاتصال والأقمار الصناعية.

2. محطات توليد الكهرباء:

يُنشأ مجمع لتوليد الكهرباء من خلال أشعة الشمس؛ إذ يتم تشغيل توربينات الكهرباء ببخار الماء، فيتم إذاً الاعتماد هنا على حرارة الشمس وليس على أشعتها، ففي هذا المجمع يوجد عدد كبير من المرايا التي تعكس أشعة الشمس وتركِّزها على غلاية كبيرة توضع في أعلى برج، وبالاعتماد على بخار الماء المنطلق، يتم تشغيل التوربينات التي تبدأ بإنتاج الكهرباء.

3. تسخين المياه:

تصل أشعة الشمس إلى الأعماق قليلة العمق فتسخنها؛ لذلك نجد أنَّ البحيرات قليلة العمق أكثر دفئاً من العميقة، وعلى هذه الفكرة تمَّ الاعتماد على تسخين المياه في المباني وحمامات السباحة.

4. الاستفادة من الطاقة السلبية للشمس التي اختُزِنَت نهاراً:

غالباً ما يكون الجانب الجنوبي الأكثر عرضة لأشعة الشمس، وتُصمَّم المباني بناءً على ذلك لاختزان أكبر كمية ممكنة من أشعة الشمس السلبية، فتُصمَّم بنوافذ كبيرة، ويوضع فيها مواد لامتصاص وتخزين حرارة الشمس نهاراً، وفي الليل تُطلَق هذه الحرارة.

يستفاد من هذه التقنية في إنارة المباني وتدفئتها، وتُعَدُّ هذه التقنية من التطبيقات والتقنيات القديمة في استغلال الطاقة الشمسي، وفي السياق ذاته، تُعَدُّ البيوت البلاستيكية التي تحول الطاقة الشمسية إلى حرارية من التقنيات القديمة لاستغلالها أيضاً، وقد أسهمت هذه التقنية في زراعة ونمو نباتات في غير موسمها.

ألواح الطاقة الشمسية

ميزات الطاقة الشمسية:

تتميز الطاقة الشمسية بالعديد من الميزات وأهمها:

  1. طاقة مستمرة غير معرضة للنفاد.
  2. طاقة نظيفة لا ينتج عنها أي ضرر للبيئة؛ وهذا ما يميزها عن أنواع الطاقة التقليدية الأخرى.
  3. الطاقة الشمسية طاقة موجودة في الطبيعة لا نحتاج إلى دفع أي تكاليف لاستخراجها.
  4. تساهم نوعاً ما في زيادة فرص العمل؛ وبذلك تدعم الاقتصاد، ولها دور في الزراعة أيضاً، فهي تساهم في وفرة المحاصيل الزراعية؛ وهذا يساعد على انخفاض أسعارها في السوق.
  5. لا تحتاج إلى تقنيات معقدة للحصول عليها، كما تخفف من كلفة الكهرباء المستخدمة داخل المنازل.
  6. لا تحتاج إلى الكثير من عمليات الصيانة بسبب قلة الأجزاء المتحركة في الألواح الشمسية.

من الهام أن نعرف أنَّ للطاقة الشمسية بعض المشكلات أيضاً، ومنها التطورات الكبيرة التي شهدها العالم اليوم على صعيد التكنولوجيا، وهذا يتطلب الكثير من الخلايا باهظة الثمن لتوليد كمية كافية من الكهرباء، فكمية الشمس ليست ثابتة؛ بل هي متغيرة حتى في المكان ذاته نتيجة تغير الوقت طوال اليوم وخلال العام وتبدل الفصول.

استخدامات الطاقة الشمسية:

للطاقة الشمسية استخدامات كثيرة ومنها:

  1. تجفيف الملابس والأطعمة والمواد الغذائية.
  2. تدفئة الجو.
  3. صهر المواد.
  4. أنظمة التسخين لمياه المنزل.
  5. شحن البطاريات وتأمين كهرباء المنازل.
  6. الطبخ بالاعتماد على الطباخ الشمسي.
  7. مراوح تهوية خارجية ومضخات المياه تلك المزودة بألواح شمسية صغيرة.

قد يخطر في بالنا السؤال الآتي: "كيف يمكن تخزين الطاقة الشمسية؟"

يمكن تخزينها في بطاريات مخصصة لهذا النوع من الطاقة أو في مواسعات كبيرة، وتخزينها في جهاز خلية الوقود؛ إذ تقوم الخلايا الكهروكيموضوئية بشطر جزيء الماء إلى هيدروجين وأوكسجين وتخزينهما على شكل وقود، وعند الحاجة إلى الكهرباء يُدمج هذين الغازين مرة أخرى.

أما الطاقة الحرارية، فيمكن تخزينها في محلول ملحي على درجة حرارة عالية، ولتشغيل التوربينات المخصصة لإنتاج الكهرباء، تُنقل الحرارة من الملح إلى الماء من خلال جهاز يغير الحرارة فيتولد بخار يحفز عمل التوربينات.

إقرأ أيضاً: كيف نكون أصدقاء للبيئة بـ (9) خطوات فقط ؟

في الختام:

إذا ما تم تغطية 4% فقط من مساحة الصحراء الموجودة في العالم بالخلايا الضوئية، يمكن توفير الكهرباء للعالم بأكمله، وهذه حقيقة يجب على الدول العمل على جعلها واقعاً ملموساً نظراً لأهميتها وفوائدها الكثيرة على جميع الأصعدة، ويأتي في مقدمة هذه الفوائد الحفاظ على البيئة من التلوث الناتج عن استخدام أنواع الطاقة الأخرى.

المصادر: 1، 2، 3، 4




مقالات مرتبطة