السيطرة على المشاعر: خوض بحر العواطف ذي الأمواج المتلاطمة

يمكن للتجارب العاطفية أن تكون طاغية جداً لدرجة إقناعنا بأنَّها لا تُقهَر، كموجة ضخمة تأتيك من بعيد فيما أنت تقف في بحرٍ متلاطم الأمواج، وقد اتضح أنَّ هذا تشبيه مناسب جداً للانفعالات العاطفية؛ فكما يمكن للشخص أن يُغمَر ويُهزَم بموجة كبيرة، كذلك يمكنه تعلُّم المهارات اللازمة لمعرفة بداية نشوئها، مهيِّئاً نفسه لركوبها؛ وهذا يسمح له بتجربة المشاعر ببراعة وثقة.



بالإضافة إلى ذلك، إنَّنا نختبر المشاعر يومياً في حياتنا، ويمكننا التدرب على توجيه العواطف التي تراودنا كل يوم؛ إذ يبدأ ذلك برؤية المشاعر على أنَّها موجة قوية ومؤثرة ومؤقتة، وإنَّ العديد من الأنماط الفكرية المعرفية التي تؤدي إلى اضطرابات في الصحة العقلية، هي عبارة عن عاداتٍ تأخذ أحداثاً تثير فينا العاطفة نفسها، وتعزِّزها مرةً بعد مرة إلى أن تصبح مزمنة.

وبطبيعة الجسم البشري، يستمرُّ شعورنا بالعاطفة التي تراودنا بضع ثوان أو بضع دقائق على الأكثر، إلا أنَّ التفكير الزائد فيها يسبِّب ترسيخ المشاعر في داخلنا إمَّا بوصفها مشاعر ثانوية أو دائمة، ومن خلال فهم ذلك، يمكننا اجتياز الموجة العاطفية بفاعلية وبوقت قصير؛ إذ إنَّنا لن نختبرها بتلك الطريقة السهلة أبداً.

شاهد بالفيديو: 10 علامات تدل على الذكاء العاطفي العالي

إليك فيما يأتي خطوات "السيطرة على المشاعر":

  • مراقبة العواطف: لا يمكن للشخص اجتياز الموجة العاطفية بسهولة إن كان لا يراها كاملةً؛ لذلك يجب التدرُّب على تمييز نقطة بدء العاطفة، ومواجهة أنفسنا لإدراك طبيعة مشاعرنا بصوت عالٍ، وكالموجة تماماً، اسمح بوجود هذه المشاعر، ولا تقاومها متمنِّياً زوالها، ولا تحاربها أو تكبتها أو تحوِّلها إلى غضب.
  • أخذُ الوضعية المناسبة: أي اتخاذ أيِّ موضع يساعد على ركوب الموجة بدلاً من الوقوف بسهولة في طريقها بانتظار قدومها، وهذا يُترجَم على الصعيد النفسي بالعديد من مهارات التأقلم، كالتنفس الإيقاعي أو التأمُّل أو تقنيات التهدئة الحسية أو التصور البصري أو مجرد الاستلقاء حتى تدرك أنَّ الشعور الأولي قد مرَّ.
إقرأ أيضاً: 3 طرق للسيطرة على العواطف والتحلي بالذكاء العاطفي

تلك كانت بعض الوضعيات المدروسة التي يمكنك استعمالها للتحرك مع الموجة، بدلاً من مقاومتها أو إنكارها؛ وهذا قد يصعِّب اجتيازها بسلامة.

  • ركوب الموجة: حالما تقوم بتثبيت نفسك استعداداً للموجة، فإنَّ ركوبها عبارة عن التحلي بالصبر مع نفسك؛ لذا خُض غمار العاطفة من دون إعطائها أيَّ وقت أو قوة أكثر ممَّا قد تأخذه وحدها.
  • النظر إلى المحيط: بينما تصبح السيطرة على العواطف أكثر سهولة وانتشاراً، فكِّر ملياً في تجاربك الماضية، واسمح لقوَّتك ومرونتك ومهارتك بأن تكون معك في الموجة القادمة، والموجات التي تليها، ثم نمِّها طوال الوقت؛ ذلك لأنَّ البراعة والسيطرة لا تتحققان من دون التعلُّم من الأخطاء؛ إذاً جرِّب بسهولة، وطبِّق الدروس التي تستخلصها في الموجة القادمة من العواطف من دون أيِّ أحكام أو انتقادات.
إقرأ أيضاً: إدارة المشاعر: تعريفها، وأهميتها، وطريقة إدارتها

بالنتيجة، تتحول الموجات؛ أي المشاعر المحتدَّة، إلى ما هي عليه؛ أي إلى أجزاء طبيعية من وجودنا، يمكنها التغلُّب علينا أو تعليمنا وإغناؤنا اعتماداً على طريقة تجاوبنا معها.

ومثلما هو الحال مع رياضة ركوب الأمواج، تحتاج السيطرة على العواطف إلى تدريب كثير؛ لذلك كن صبوراً مع نفسك، وتذكَّر أنَّ مشاعرك ثمينة، وبمقدار ما قد تتقلب مشاعرك داخل روحك، فإنَّها ستمرُّ بالنهاية إن تعلَّمتَ تجاوزها بذكاء.

المصدر




مقالات مرتبطة