السبب الوحيد الذي يدفع معظم الناس إلى التسويف

لقد كنت معتاداً على التسويف سابقاً، فعندما حصلت على وظيفتي الصيفية في سن السادسة عشر، كنت أختلق الأعذار كي لا أعمل، فقد كانت لدي وظيفة مبيعات في شركة اتصالات، واضطررت إلى بيع عقود الهواتف المحمولة للعملاء.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب "داريوس فوروكس" (Darius Foroux)، يخبرنا فيه عن السبب الذي كان يدفعه إلى التسويف في حياته.

كان لدى الشركة نظاماً يقوم تلقائياً بالاتصال بالعميل التالي عند الانتهاء من المكالمة؛ لذلك يجب أن تكون على الهاتف باستمرار؛ لكنَّني وجدتُ طريقة للتغلب على هذه العملية، فبعد كل مكالمة، كان عليك تسجيل نشاطك على النظام، وبصفتي مسوفاً محترفاً، فقد استغرقت وقتاً كثيراً لصياغة ملخص مطول للمكالمة؛ لقد فعلت كلَّ شيء لتأجيل المكالمة التالية.

لقد قمت أيضاً بالتسويف خلال سنوات دراستي الجامعية، فخلال سعييِّ إلى الحصول على درجة الماجستير في التسويق، لطالما انتظرت حتى اللحظة الأخيرة لإنهاء مهمة، أو للدراسة للامتحان.

كما أنَّني قمت بالتسويف عندما عملت بوصفي مستشار تسويق مستقلاً بعد تخرُّجي، لم أفهم سبب تأجيل الأمور إلى آخر لحظة، واعتقدت أنَّه جزء من شخصيتي، وكان معظم أصدقائي ممن يشبهوني في ذلك، يفضلون الجلوس واحتساء المشروبات بدلاً من العمل.

هذا ما كنت أؤمن به: "العمل شيء لا تحب القيام به؛ بل تفعله فقط لأنَّك بحاجة إلى المال والمكانة"؛ وللأسف، يعتقد معظمنا أنَّ هذه هي الحقيقة، ولم أستطع فهم سبب تسويف الناس.

لكن لحسن الحظ، تغيَّر سلوكي بالتسويف، ولم يكن ذلك نتيجة حيلة سحرية لتعزيز الإنتاجية، أو نوعاً من البرامج التي حولتني إلى آلة إنتاجية، أنا الآن أكثر إنتاجية وتركيزاً من أيِّ وقت مضى، وراضياً عن عملي أكثر ممَّا كنت عليه في الماضي.

شاهد بالفيديو: 10 طرق للتغلب على المماطلة والتخلص منها

السبب الذي يدفع الناس إلى التسويف هو عدم الشغف بما يفعلون:

يكمن السر في فعل ما تحبه؛ فالعمل ليس سيئاً على الإطلاق، فأنا أحب الكتابة، ولهذا أفعل ذلك 7 أيام في الأسبوع؛ ولم تعجبني وظائفي السابقة، والأعمال التجارية التي بدأتها.

اعتقدتُ في السابق أنَّنا نسوِّف بسبب ضعف مهاراتنا في إدارة الوقت، وهذا هو السبب الذي دفعني إلى تجربة كل حيلة ونظام وبرنامج لتعزيز الإنتاجية؛ لكنَّها جميعاً غير مُجدية عند مقارنتها بالقيام بعملٍ هادف، فإذا كنت تريد الإنجاز افعل الأمور الهامة.

تحظى حيل الإنتاجية على قدر كبير من الاهتمام، وفي كثير من الأحيان، يقدم الأشخاص نصائح لإدارة الوقت بوصفه حلاً، وتذكرني إدارة الوقت بطريقة ما بالقراءة السريعة، فقد يرغب معظمنا في القراءة بسرعة لإنهاء مزيد من الكتب في وقت أقل؛ لكنَّني أستمتع بالقراءة، ولا أريد أن أقضي وقتاً أقل في ممارستها؛ إذ يبدو أنَّنا نريد تخطي العمل الفعلي والتركيز على النتيجة فقط.

كما قال رايان هوليداي (Ryan Holiday) مؤلف كتاب "العقبات هي الطريق" (Obstacle Is The Way) في مقالته عن القراءة السريعة: "إذا وجدت نفسك ترغب في تسريع عملية قراءة كتاب معين، فقد ترغب في أن تسأل نفسك: "هل هذا الكتاب جيد؟" الحياة أقصر من أن تقرأ الكتب التي لا تستمتع بقراءتها".

أعتقد أنَّك تستطيع تطبيق اقتباس رايان على حياتك ومهنتك أيضاً؛ فالحياة أقصر من أن تقوم بعمل لا تستمتع به، وبصرف النظر عن عدد حيل تعزيز الإنتاجية التي تجربها، فلن تنتج المزيد إذا لم تكن متحمساً لما تفعله.

إقرأ أيضاً: أهمية تحديد الهدف ووجود الشغف في الحياة

إذا وجدت نفسك تسوف باستمرار، فقد ترغب في أن تسأل نفسك ما يأتي: هل أنا متحمس لعملي؟

إذا كانت الإجابة لا، فأنت تعلم ما عليك القيام به، وهو أن تبحث عن شيء أنت متحمس له لدرجة أنَّك لا تريد تأجيله لثانية واحدة؛ إذ نعلم جميعاً أنَّ الوقت محدود، فلماذا لا نتصرف وفقاً لذلك؟ وإذا كنت تعلم أنَّ لديك وقتاً محدوداً على هذا الكوكب، فلماذا تضيعه؟

"نشكو جميعاً بشدة من ضيق الوقت، ومع ذلك ننفق حياتنا في عدم القيام بأيِّ شيء على الإطلاق، أو في عدم القيام بأيِّ شيء لغرضٍ معين، أو في عدم القيام بأيِّ شيء يتعين علينا القيام به، نحن نشكو دائماً من أنَّ أيامنا قليلة؛ لكنَّنا نتصرف، كما لو أنَّها لن تكون لها نهاية".

الفيلسوف الروماني الرواقي لوسيوس آنيوس سينيكا (Lucius Annaeus Seneca).

أنا أؤمن بفكرة أن تفعل ما أنت شغوف به؛ لكنَّني أيضاً أشجع على فعل ما تجيده، لكن الحل الوسط هو دائماً أفضل الحلول، وهو أن تحب ما تفعل وتجيد في الوقت نفسه.

 يقول راميت سيثي (Ramit Sethi)، مؤلف كتاب "سأعلمك أن تكون غنياً" (I Will Teach You To Be Rich)، أنَّ العمل والشغف أمران متوازيان، فعندما نجيدُ عملنا حقاً، غالباً ما نصبح شغوفين به.

إقرأ أيضاً: 9 طرق للحفاظ على الحماس وإثارة إلهام الآخرين في العمل

في الختام:

أنا لا أقول إنَّ نصائح الإنتاجية غير مُجدية، فلقد كتبت نصائح عن الإنتاجية أدت إلى تحسين نتائجي وإنتاجيتي، لكن ما أقوله هو أنَّ أفضل حل للتسويف هو القيام بعمل هادف، ويمكن أن يكون التسويف علامة على أنَّك تفعل شيئاً لا معنى له؛ لذا لا تدعه يصبح عادة، فبعد كلِّ شيء، إنَّ أسوأ تسويف هو تأجيل أحلامك وأهدافك.

إذا كنت تنتظر الوقت المناسب يقول لك الفيلسوف الأمريكي بنجامين فرانكلين (Benjamin Franklin): "قد تؤجل، لكنَّ الوقت لا يتأجل".




مقالات مرتبطة