الرفض هو إعادة التركيز على شيء أفضل

إن كنت شخصاً طموحاً، فمن المحتمل أنَّك تتذكر تجربة خلال العام الماضي شعرت فيها بالرفض؛ إذ طُرِدت من العمل أو ربما لم تحصل حتى على فرصة للوصول إلى المقابلة، أو تركك شريكك، أو شعرت بالإحراج في العمل، أو فشلت في الامتحان، أو فقدت فرصة العمر. أنا أعرف هذا الشعور؛ إذ إنَّني واجهت كل واحدة من هذه التجارب، وعلمتُ أنَّ الرفض مؤلم.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدوِّن "مونرو مان" (Monroe Mann)، والذي يُحدِّثنا فيه عن تجربته في مواجهة الرفض.

ولكن ماذا لو لم يكن هذا رفضاً على الإطلاق؟ وماذا لو لم يكن للأمر علاقة بهذا الشخص أو الشركة أو الموقف؟ وماذا لو كان من المقدر أن تحصل هذه الأمور، وكل هذه الأمور حدثت من أجل مصلحتك؟

ماذا لو كان رفضك في كل مرة، هو في الواقع إعادة توجيه. وبدلاً من أن تَعدَّه رفضاً قاسياً سببه ذلك الشخص أو الشركة أو الموقف، ماذا لو كان في الواقع إعادة توجيه غيَّرت مسار حياتك بسبب شخص أو شيء ما يعرف ما الأفضل لك؟

قبل بضعة أشهر، كنت أتحدث مع إحدى أعضاء فريق "بريك دايفينغ" (Break Diving)، "إليانا" (Ileana) من "هاواي" (Hawaii)، وكنت أخبرها عن بعض تجارب الرفض التي حدثت معي مؤخراً. لم أعد أتذكر ما كنت أشاركه معها؛ لكنَّني أتذكر بوضوح ما كان ردها؛ إذ كنت أخبرها عن هذا الرفض الذي واجهته لتوِّي، وكانت لديها الحكمة في تصحيح الأمر بشكل واقعي، إذ قالت: "إنَّه ليس رفضاً؛ بل إعادة توجيه". ومن بعدها تغيَّرت حياتي إلى الأبد.

لسبب ما، كلما واجهت رفضاً مفجعاً، كنت دائماً أغضب من نفسي ومن الأشخاص الآخرين المعنيين؛ أي أولئك الذين تسببوا في هذا الرفض الرهيب، وكان من الصعب دائماً النظر إليه على أنَّه نعمة.

إقرأ أيضاً: أفضل 4 خطوات لتقول "لا"

أعتقد أنَّ ما جعل الأمور واضحة بالنسبة إليَّ، هو أنَّ الرفض يجعلني أشعر بأنَّني بلا هدف، في حين أنَّ إعادة التوجيه تؤدي إلى خيار آخر أفضل، وتعطيني التركيز وتدلني بسعادة إلى طريقي؛ إذ إنَّك بمجرد إجبار نفسك على إعادة التركيز في كيفية تفسيرك لما حدث، يمكنك تحسين شعورك حياله، ويمكنك حتى تحويله إلى حدث إيجابي حقاً. وكما قالت "إليانا" ذات مرة: "لا يمكنك تغيير تاريخك، لكن يمكنك بالتأكيد تغيير طريقة تفكيرك".

تساعد فكرة إعادة تأطير المشكلات في الحياة نفسيتنا بطرائق عدة؛ وذلك من خلال رؤيتها على أنَّها عمليات إعادة توجيه بدلاً من عدِّها رفضاً؛ إذ إنَّنا غالباً ما نعتقد يقيناً أنَّنا نعرف ما الأفضل في حياتنا، بينما في الواقع، غالباً ما نتخذ قرارات سيئة ونسعى وراء أشياء لا طائل منها ونقتدي بأشخاص غير مناسبين لنا؛ ذلك لأنَّنا جميعاً نتخذ قرارات غير كاملة بناءً على بيانات غير كاملة، ونغيِّر أذهاننا باستمرار بناءً على البيانات والعواطف المتغيرة باستمرار، وهذا صحيح بالنسبة إلى كل واحد منَّا، بغضِّ النظر عن ضبط النفس.

خلاصة القول هي أنَّه، في كثير من الأحيان، ما كان منطقياً بالأمس لم يعُد كذلك اليوم؛ لذا، ومع الاعتراف بذلك، أليس من الأفضل لنا إعادة صياغة كل شيء؟ ماذا لو قبلنا أنَّ المشكلات ستحدث في حياتنا لتحقيق هدف أفضل لنا؟ أليس من الحكمة أن نتوقع أنَّ القرارات التي نتخذها لن تكون دائماً صحيحة، ولكن في النهاية، حدث كل شيء بهذه الطريقة ليقودنا إلى شيء أعظم؟

يجهزك هذا التحول في عقليتك للنظر إلى العالم، من خلال الفرص التي يوفرها، بامتنان وتقبُّل من قلبك، وهذه أفضل طريقة لمواجهة اليوم المقبل. ومع الوقت، إذا نظرت إلى الوراء، فلن ترى الرفض بعد الآن، ولكن بدلاً من ذلك، سترى أنَّه إعادة توجيه إلى شيء أكبر أو أفضل أو بسهولة أكثر ملاءمة لك. قد يعترض بعض الناس ويتساءلون، ما هو الهدف من محاولة الكذب على نفسي بأنَّ الأشياء السلبية التي حدثت لي مفيدة في حياتي؟

بسهولة؛ لأنَّه بخلاف ذلك، ستشعر بالمرارة والغضب والندم يوماً بعد يوم. كما أنَّ عليك أن تكون عملياً؛ لأنَّك إن لم تغيِّر تفكيرك، فهذه السلبية ستحرمك من مستقبلك.

إقرأ أيضاً: 10 فوائد للرفض ستثير إعجابك بالتأكيد

ومن هنا، كان للتحسُّن في وضعك الحالي، ولو بنسبة 5% فقط، آثارٌ إيجابيةٌ هائلة في احترامك لذاتك وحالتك العاطفية. ومع ذلك، إذا كنت تنظر باستمرار إلى الوراء، فأنت لن تمنح نفسك أبداً فرصة للعثور على أيِّ تحسن. وإن كنت تعتقد أنَّك تعرف بالضبط ما هو المثالي لك ولحياتك، فأنت مخطئ في كثير من الأحيان، أكثر ممَّا ترغب في الاعتراف به.

بالنسبة إليَّ، كنت كلما تقدمتُ في السن، أدرك أنَّ ما كنت متأكداً من أنَّه رفض مزعج كان في الواقع إعادة توجيه مثالية. إذاً، لماذا شعرتُ بالألم؟ لقد تأذى غروري، وهذا أكثر ما أزعجني. وكما يجب أن نعلم جميعاً، فإنَّ غرورنا مؤثر سلبي في القرارات في حياتنا؛ لذا، للمضي قدماً، عندما تتلقى إعادة توجيه، فقد يكون الله هو الذي يعيد توجيهك، أو ربما يراك الشخص الآخر بموضوعية أكبر، أو ربما يعمل عقلك الباطن بجد لمنعك من السير في هذا الطريق.

لديك خياران: يمكنك أن تختار أن تعيش حياتك وتصنف كل الأشياء السيئة التي تحدث لك على أنَّها رفض، أو يمكنك اختيار النظر إليها على حقيقتها: إعادة توجيه مليئة بالأمل؛ إذ ستجد النفس السلبية والغاضبة رفضاً قاسياً وغير عادل في كل مكان. وبالمقابل، ستجد الروح الإيجابية المتفائلة إعادة توجيه لطيفة وحكيمة؛ الخيار متروك لك.

بينما تمضي بقية هذا الأسبوع، انظر إلى كل ما يحدث لك على أنَّه إعادة توجيه حكيمة تضعك على مسار العمل المثالي الذي من المقرر أن تتجه إليه لتحقيق أفضل ما لديك. وكذلك يمكنك حتى النظر إلى ماضيك وتطبيق هذا المنظور على ما يسمى بالرفض الذي عانيت منه منذ فترة طويلة.

شاهد بالفيديو: 6 طرق لتجنّب إحراج قول كلمة لا في العمل

يحضرني هنا اقتباس من أحد أبرز السياسيين ونستون تشرشل (Winston Churchill) من شأنه أن يساعد في تلخيص سبب عدم شعورنا بالدمار عندما نتعرض لانتكاسات: "إلى كلِّ رجل تمرُّ في حياته تلك اللحظة الخاصة، عندما يشعر أنَّ أحدهم يُربِّت على كتفه ويعرض عليه فرصة للقيام بشيء مميز للغاية، وفريد بالنسبة إليه، ويتناسب مع مواهبه. ويا لها من مأساة إذا لم يكن مستعداً لاغتنام هذه الفرصة التي ربما كانت فرصة العمر".

بالفعل، يا لها من مأساة إذا انتهى بك الأمر إلى عدم إعادة توجيهك من مسار خاطئ، فلا تجد تلك اللحظة الخاصة أبداً.

المصدر: 1




مقالات مرتبطة