الذكاء الاصطناعي في الإعلام: تعريفه واستخداماته وكتبه

يثير الذكاء الاصطناعي الضجة يوماً بعد يوم في مختلف أنحاء العالم، فقد دخل في معظم مجالات حياتنا وشكَّل الأمر سعادة للكثيرين؛ نظراً لأنَّ الحياة أصبحت أسهل بالنسبة إليهم باستخدام نظام GPS لتحديد حركة المرور والمواقع، وباستخدام بصمة الوجه أو الأصبع للتعرف إلى مستخدم الهاتف المحمول وحتى إلى مالك المنزل.



في الوقت ذاته، شكَّل تطور الذكاء الاصطناعي خطراً يهدد مهن كثير من الناس، فقد أصبحت قدرته على التحليل وفهم وحل المشكلات تغني عن البشر في كثير من الأحيان، والواقع الحالي يشير إلى تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي بسرعة كبيرة، فالمحاولات حثيثة وجادة لتحل الآلة مكان الإنسان، ولكن هل يصلح الأمر في مختلف مجالات الحياة؟ وهل يمكن للذكاء الاصطناعي اقتحام مجال الإعلام، وإلى أي مكان سيصل بنا الأمر؟

أصبح استخدام الذكاء الاصطناعي في الإعلام أمراً واقعياً يتمدد باستمرار، فقد دخل في عدة مجالات إعلامية بهدف توفير تجربة أفضل للمستخدمين من خلال تقديم محتوى إعلامي أكثر أهمية للجمهور، وفي مقالنا الحالي سنتعرف أكثر إلى الذكاء الاصطناعي في الإعلام فتابع القراءة.

تعريف الذكاء الاصطناعي في الإعلام:

سمعنا مؤخراً عن المذيعة ابتكار التي تعمل بتقنية الذكاء الاصطناعي ممثلة هوية معهد الجزيرة للإعلام، وقد عرفت عند ظهورها بالمذيعة الروبوت التي تتفاعل جيداً مع البشر والأشياء المحيطة بها، وقد أحدث ظهورها ضجة مرفقة بالذهول والإعجاب والسخرية أحياناً، ولكن في جميع الأحوال، إنَّ المذيعة ابتكار تمثل تتطور الذكاء الاصطناعي في مجال الإعلام وتعطينا نبذة عن المستقبل القادم، فمن المتوقع عند حلول 2025 م أن يكتب الذكاء الاصطناعي 90% من الأخبار تقريباً.

المذيعة ابتكار

لذلك دعني أعرفك إلى الذكاء الاصطناعي أولاً قبل أن نخوض في مفهوم الذكاء الاصطناعي في الإعلام

هو العلم الذي يهتم بصناعة آلات وروبوتات قادرة على التحليل والتفكير والتصرف بطريقة ذكية جداً، ويشمل ذلك القدرة على التكلم والاستماع للأسئلة وفهمها والإجابة بأفضل الطرائق، وهنا نقصد الذكاء الاصطناعي الذي يسعى إلى التفوق على الإنسان، فقد يكون الذكاء الاصطناعي محدوداً ويقتصر على نظام واحد كالمعتمد في تصميم الألعاب مثلاً.

مفهوم الذكاء الاصطناعي في الإعلام:

الإعلام هو أحد المجالات التي سيكتسحها الذكاء الاصطناعي في الأيام القادمة، ومن المتوقع الاعتماد عليه بشكل كامل، وهذا سيُحدِث منافسة شرسة ستزداد يوماً بعد يوم، ويشمل الذكاء الاصطناعي في الإعلام منصات إنترنت وتقنيات تحليل الخوارزميات وتحليل البيانات وجمع المعلومات باستخدام بيانات مخزنة في الأرشيف وأجهزة إلكترونية متنوعة منها المعقد ومنها البسيطة، والهدف منها جميعاً إنتاج مواد صحفية متنوعة، من ثم تحريرها وتدقيقها وتوجيه المحتوى إلى الجهة المعنية به.

استخدامات الذكاء الاصطناعي في الإعلام:

استُخدِم الذكاء الاصطناعي في الإعلام والاتصال بعدة طرائق ولغايات متعددة، إليك كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي في الإعلام:

1. تصفية الأخبار المزيفة:

يوماً بعد يوم يصبح الإعلام وسطاً يجمع أخباراً كاذبة بقدر ما يجمع أخباراً صحيحة؛ لذلك تزداد الحاجة إلى الذكاء الاصطناعي في الإعلام لاستخدام أدواته للتعلم العميق، فيتم التحقق من مصادر المعلومات وصحتها، فتتم تغذية مواقع الويب بخوارزمية تعمل على مسح مصادر المعلومات غير الموثوقة، فتتم تصفية الأخبار المزيفة.

2. تخصيص المحتوى:

تصل للمستخدم أخبار متنوعة ومحتوى ترفيهي بأشكال مختلفة قد لا تثير اهتمامه، وقد يصل ما يهمه لشخص آخر فلا يرضى عن هذه التجربة؛ لأنَّ حصول المستخدم على ما يهمه فقط ليس بالأمر السهل، وهنا يؤدي الذكاء الاصطناعي دوره في معرفة ما يهم الشخص من خلال ما يتابعه باستمرار، فيقترح المحتوى الذي يحمل صفات مشابهة لما يهمه، ومن ثم تنال شركات الإعلام أو الترفيه رضى العملاء.

3. بث الإعلانات المستهدفة:

لا بد أنَّك تصادف الإعلانات باستمرار في أثناء متابعة صفحة أو فيديو معين وما شابه ذلك، وفي كثير من الأحيان لا يعنيك محتوى الإعلان، ومهمة الذكاء الاصطناعي بث الإعلانات التي تهم المستخدم بناءً على أرشيفه إضافة إلى إزالة الإعلانات غير الهامة.

4. التحكم في التوزيع:

من وظائف الذكاء الاصطناعي في الإعلام والاتصال الالتزام بالتعليمات والإرشادات المتعلقة ببث المحتوى، فلا يتم بث محتوى محظور في مناطق معينة أو بث محتوى تابع لهيئة معينة، فلا يتم انتهاك حقوق النشر والطبع، فيحمي الذكاء الاصطناعي الشركات من السرقة ويمنع وصول محتوى محظور ومخصص لفئات معينة، ويساهم ذلك أيضاً في منع وصول الأخبار الكاذبة ويكتشف المحتوى الزائف.

5. التحليل التنبؤي:

يفيد التحليل التنبؤي منشئي المحتوى بشكل خاص، فيتم تحليل المحتوى بواسطة تقنيات الذكاء الاصطناعي، وتحليل محتوى الوسائط الاجتماعية التي تلقى شهرة واسعة وانتشار كبير، فيتم التنبؤ بمقدار ملاءمة المحتوى لما يسعى إليه المستخدمون ومعرفة احتياجات السوق المتغيرة.

إقرأ أيضاً: الفرق بين وسائل الإعلام الاجتماعية والشبكات الاجتماعية

6. تصنيف المحتوى:

في الوقت الحالي يصعب تصنيف المحتوى؛ وذلك لضخامة المحتوى المتاح عبر الإنترنت فتصعب عملية البث على المستخدمين، ولكن أدوات الذكاء الاصطناعي يمكنها استخلاص نقاط مشتركة وتعليمات توضح المحتوى، فيتم تصنيفه بأفضل شكل ويستطيع المستخدم الوصول إليه بسرعة.

7. الترجمة:

تسعى شركات الإعلام بمختلف أنواعها إلى إنتاج محتوى يصل إلى أكبر عدد ممكن من الناس، ولكنَّ اختلاف اللغات بين البلدان يعوق ذلك، فالشركة المنتجة حينها تحتاج إلى عدد كبير من المترجمين ويحتاجون حتماً إلى آلاف الساعات لإنتاج ترجمة خالية من الأخطاء؛ لذلك يتم الاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي في معالجة اللغة وتوليد اللغة الطبيعية التي تشبه لغة الإنسان بسرعة فائقة مقارنة بسرعة المترجمين البشر، فتخيل الفرق الذي يصنعه الذكاء الاصطناعي في الإعلام.

8. التغلُّب على التحيز:

يظهر نفس المعد فيما يقدمه من أخبار ومواد إعلامية، فلا يمكن للإنسان تقديم المادة بحيادية في كثير من الأحيان؛ لذلك يمكن للذكاء الاصطناعي مساعدة الإعلاميين بشكل كبير في هذا الأمر؛ وذلك من خلال التحليل الدقيق للمادة فيتم تقديمها بشكل موضوعي وحيادي خالٍ من التوجهات والآراء الخاصة.

9. الروبوتات:

يستطيع الروبوت القيام بمهام متعددة متعلقة بالإعلام، مثل دور المذيع، وقد ذكرنا سابقاً مثالاً عن ذلك فالآن أصبح بإمكان الروبوت استضافة المحاورين ومناقشتهم بكثير من الموضوعات، وسابقاً أطلقت الصين وروسيا أيضاً مذيعة أخبار ناطقة باللغة الروسية، وكذلك الأمر في كوريا الجنوبية قد أعلنوا عن مذيعة تنضم إلى فريق MPN، وقد تم تدريبها على الإلقاء، وغيرها كثير من الأمثلة عن مذيعات بتقنية الذكاء الاصطناعي وروبوتات يمكنها أن تحل محل المذيع في مختلف البرامج.

Uses of artificial intelligence in media

كتاب الذكاء الاصطناعي في الإعلام:

كتاب الذكاء الاصطناعي في الإعلام والاتصال الذي تم نشره في 2022م بعنوان "ARTIFICAL INTELLGENCE AND THE MEDIA" يتحدث بشكل مفصل عن دور الذكاء الاصطناعي في الإعلام، ويتضمن محتوى يمكن تقسيمه بالشكل الآتي:

  • مقدمة في الذكاء الاصطناعي والإعلام.
  • الجزء الأول بعنوان المبادئ الصحفية والذكاء الاصطناعي.
  • الانحياز إلى المساعي الصحفية ومخاطر الذكاء الاصطناعي.
  • من الأخلاق إلى القانون والعودة.
  • الإعفاء الصحفي في معالجة البيانات الشخصية.
  • الجزء الثاني بعنوان الثقة في المعلومات والمنصات المضللة.
  • نهج لمشكلة التضليل.
  • ضبط المحتوى الموجود على منصات التواصل الاجتماعي.
  • الظلم التجاري لأنظمة التوصية على وسائل التواصل الاجتماعي.
  • الجزء الثالث بعنوان منح الحقوق الحصرية وحدودها.
  • إبداعات صنعها الروبوتات أم البشر.
  • الذكاء الاصطناعي كموضوع قانوني.
  • نظام حق المؤلف الأوروبي كحافز مناسبة للصحافة.
  • حق الناشرين الصحفيين والذكاء الاصطناعي.
  • قانون حقوق الطبع والنشر وتكديس الحقوق.
  • استنتاجات حول الذكاء الاصطناعي ووسائل الإعلام.

تتحدث أقسام الكتاب عن تقاطعات الذكاء الاصطناعي مع القانون والإعلام، فتناقش بشكل واسع القانون، ويتم تحليل الحلول الأخلاقية والتشريعية بحيث يتم التعرف إلى كيفية معالجة ثورة الذكاء الاصطناعي بالقوانين والسياسات ليتم تحفيز الاستخدام المسؤول، وهذا يساعد على الحد من الآثار السلبية التي يتركها استخدام الذكاء الاصطناعي في الإعلام.

إضافة إلى ذلك فإنَّ كتاب الذكاء الاصطناعي في الإعلام يناقش السياق التاريخي للذكاء الاصطناعي وتطوره في مجال الإعلام والاتصال والترفيه، ويوضح الطرائق التي أثر فيها الذكاء الاصطناعي في صناعة المحتوى وتحسين تجربة المستخدم وتطوير تنسيقات المحتوى، ويتم التنويه إلى مخاوف تأثير الذكاء الاصطناعي في الخصوصية المتعلقة بالبيانات.

إقرأ أيضاً: النظريات النقدية في الإعلام

في الختام:

بات الذكاء الاصطناعي في الإعلام أمراً هاماً للجميع، فيزداد الاعتماد عليه تدريجياً، وساهم استخدام الذكاء الاصطناعي في الإعلام في التخلص من عقبات ومشكلات تقف بوجه نجاح كثير من الشركات، فيؤدي الذكاء الاصطناعي في الإعلام والاتصال دوراً هاماً يتمثل في تصفية الأخبار المزيفة، ومسح مصادر المعلومات المزيفة، وتخصيص المحتوى فيحصل المستخدم على ما يهمه من مواد إعلامية فقط، وحتى الإعلانات لا تظهر عشوائياً كالسابق، فتتم إزالة الإعلانات التي لا تتوافق مع اهتمامات المستخدم.

كما يساعد الذكاء الاصطناعي على الالتزام بالتعليمات، فلا يتم توزيع محتوى في مكان محظور، ورغم كثرة المحتوى على الإنترنت، لكنَّ الذكاء الاصطناعي يستطيع تصنيف المحتوى ووضع علامات توضحه، ويسهل عمل الشركات المنتجة؛ وذلك من خلال التنبُّؤ بملاءمة المحتوى للمستخدمين وبالترجمة بسرعة ودقَّة عالية.

لقد تحدَّثنا أيضاً عن دور الروبوتات الهام في الإعلام والذي يزداد بسرعة، إضافة إلى ما سبق فقد ذكرنا مجموعة من كتب الذكاء الاصطناعي في الإعلام التي تعطي لمحة متنوِّعة عن المستقبل القريب.




مقالات مرتبطة