الخوف دائماً أسوأ من مواجهة الواقع

هل تذكر عندما كنت طفلاً صغيراً وكل ليلةٍ كنت تنام فيها خائفاً من وجود وحش مختبئ في الخزانة ويريد التهامك؟

ربما كان ذلك الشعور ينتابني وأنا وحدي، لكن ما زلت متأكِّداً من أنَّه يوجد شيء ما يعيش في الطابق السفلي لمنزلي، وما أقصد قوله هو إنَّك عندما تكون طفلاً صغيراً، من الشائع جداً أن تسيطر عليك حالة مزعجة أو مخيفة إلى حدٍّ ما، وأن تتحوَّل إلى كابوس مخيف، ثمَّ تكبر وتبقى متمسِّكاً بهذا الخوف وتحوِّله إلى كابوس مرعب ومخيف؛ إذ لا شيء يتغيَّر حقاً.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدون تايلر تيرفورن (Tyler Tervooren)، ويُخبرنا فيه عن تجربته في التغلُّب على الخوف واتخاذ الخطوة الأولى.

القضاء على الخوف:

عندما تكون مجرد طفل صغير، لن يكون لديك الكثير من الخبرة في البحث في الخزانات أو تحت الأَسِرَّة أو في الطوابق السفلية؛ لذلك من الطبيعي أن تخاف من الأشياء المرعبة التي لا تعرف بعد أنَّها غير موجودة.

لسببٍ ما، عندما تكبر، تتوقف عن الخوف من الوحش المختبئ في الخزانة، وتبدأ في الخوف من كل الوحوش في العالم الكبير الواسع؛ إذ إنَّك تجهل ما هو موجود؛ لذلك من السهل افتراض أنَّ ثمَّة شيئاً ضارَّاً ومخيفاً يجب تجنبه، ثمَّ تصبح عجوزاً، وقد نسيت منذ زمنٍ بعيد ذلك الوحش في الخزانة ورأيت بعضاً من هذا العالم الواسع وأدركت أنَّه ليس بهذا السوء، لكن هناك هذا الجيل المخيف من الأشخاص الجدد الذين يكبرون وأنت لا تعرف ما الذي سيفعلونه بالعالم الذي عملت بجدٍّ لبنائه؛ لذا فأنت تتأسَّف لأنَّ كل هؤلاء الأشخاص المخيفين الجدد سوف يدمِّرون بلدك، ثمَّ العالم بأسره.

لا شيء يتغير أبداً؛ إذ نظنُّ أنَّنا نتخلَّص من مخاوفنا، لكنَّنا لا نفعل ذلك، بل نحن فقط نجد شيئاً جديداً نخاف منه.

شاهد بالفيديو: 12 أمراً يساعدك في التغلب على الخوف

القلق بشأن الوقت:

يوجد كثير ممَّا نجهله كل يوم - ربما يكون الجزء الأكبر منه مرتبطاً بالعمل - وأحياناً يكون من المجهد مواجهته واكتشافه؛ لذلك نخشى البدء فيه؛ إذ نخافه ونتجنَّبه، ولا بدَّ أنَّه يوجد سبب يجعلنا نشعر بهذه الطريقة، ربما يكون السبب في ذلك هو الحرص على مصلحتنا وحياتنا، ونحن على يقين في كل مرحلة من مراحل الحياة من أنَّ شيئاً جديداً سوف يدمِّرنا، لكن ها نحن قد نجحنا مثلما نجح كل شخصٍ قبلنا.

المغزى أنَّ أدمغتنا مجنونة وربما تُصغي إلى كل ما يُذكر أمامها، فكل يوم تكذب علينا بشأن مدى فظاعة الأشياء أو مدى سوئها، لكن عندما نتجاهل الخوف أخيراً وننظر في الخزانة - عندما نتخذ قراراً بترك وظائفنا أخيراً، أو نتخطى عوائقنا، أو نسافر حول العالم، أو ننجب أطفالاً، أو نبدأ أعمالاً تجارية، أو نتعرف إلى أناسٍ جدد - ننسى كل شيء عن مدى خوفنا من قبل، وندرك أنَّ كل شيء جيد إلى حدٍّ كبير، وسيستمر العالم في التغيُّر، وسنبقى على قيد الحياة.

الخوف دائماً هو أسوأ من مواجهة الواقع، تابع فقط ما حدث عندما ذهبت لتجربة القفز بالمظلات للمرة الأولى.

من الطبيعي جداً افتراض أسوأ حالة في أي وقت نقوم فيه بشيء غير مألوف، لكنَّ الواقع يدعم مراراً وتكراراً حقيقة أنَّ السيناريو الأسوأ غير مُحتمل لدرجة أنَّه لا يستحق القلق بشأنه.

فكما قال الكاتب الأميركي "سيث جودين" (Seth Godin): "القلق هو فعل اختبار الفشل بصورة متكررة في رأسك قبل أن يحدث أصلاً"، إنَّه مضيعة للوقت، فبدلاً من قضاء كل وقتك في التفكير والتخطيط لأسوأ سيناريو ممكن أن يحدث، لماذا لا تخطِّط للسيناريو الأفضل، وتتحضَّر لبعض الفشل الواقعي المحتمل؟ كيف يمكنك أن تنجح حقاً إذا كان الشيء الأول الذي يدور في ذهنك هو خوفك من الفشل؟

العجز أو الضياع:

عندما تسلَّقت أول جبلٍ في حياتي، بالتأكيد كنت متوتراً بعض الشيء، لكن ما الفائدة من القلق المتكرِّر من الضياع والموت؟ فمن الممكن أن يكون هذا أسوأ سيناريو؛ إذ لن أعرف أنَّ في إمكاني اتخاذ الخطوة الأولى إذا كان الخوف هو ما يدور في ذهني.

لكنَّني خططت، بدلاً من ذلك، للتسلق صعوداً وهبوطاً في طقس رائع، وقضاء وقت ممتع مع شريكي في التسلق، وكنت مستعداً لمواجهة سوء الأحوال الجوية، ولقضاء ليلة في الغابة إذا ساءت الأمور حقاً، لكنَّني لم أكن على استعداد لإضاعة وقتي في التفكير في مدى فظاعة الموت على جبل.

إقرأ أيضاً: تعرّف على أكثر 5 مخاوف شيوعاً بين الناس

إذ يُعدُّ التفكير بهذه الطريقة، طريقة رائعة لإقناع نفسك بالاستسلام إذا وقعت في مشكلة، وأنت تعرف أنَّنا تهنا في كثيرٍ من المرات، لكن نظراً لأنَّنا كنَّا مستعدين لأسوأ السيناريوهات الواقعية التي يمكن أن تحدث وتابعنا التخطيط للمضي قُدُماً، فقد اكتشفنا طريقنا للخروج منها.

إقرأ أيضاً: كيف تواجه مخاوفك اللامنطقية وتبقى قوياً رغم جميع الظروف؟

في الختام:

إذا كنت ترغب في القيام بشيء عظيم، ولكنَّك تشعر بالتوتر الشديد بحيث لا يمكنك أن تخطو خطوتك الأولى، فقط تذكَّر كل المواقف الأخرى التي مررت بها من قبل إذ كان من الممكن أن تسوء الأمور لكنَّها لم تسؤ، وتذكَّر أنَّ أسوأ سيناريو يمكن أن يجول في رأسك هو أمرٌ مستبعد تماماً، وأنَّ القلق هو معاناة الفشل قبل أن تمنح نفسك فرصة للفشل، وأنَّ لديك مجموعة كاملة من المخاوف لتتجاوزها في المستقبل، وتابع حياتك.




مقالات مرتبطة