الخطوة الأولى في طريق الوصول إلى اليقظة الذهنية

تتفق العديد من نظريات التغيير على أنَّه لا يمكنك تغيير شيء ما لم تدرك الغاية من تغييره في المقام الأول، واليقظة الذهنية مصطلحٌ وفكرةٌ مستخدمة بكثرة في مجالاتٍ مختلفة وبطرائق شتَّى؛ إذ يشير إليها بعض الأشخاص على أنَّها نوعٌ من التأمل، ويعرِّفها بعضهم على أنَّها "عَيش اللحظة"، في حين أنَّه قد لا يكون لدى بعضهم الآخر تعريف دقيق لها.



أمَّا جمعية علم النفس الأمريكية (American Psychological Association)، فتعرِّف اليقظة الذهنية على النحو الآتي: "فهمٌ دائم للتجربة التي يعيشها المرء من دون إصدار أحكام، ومن هذا المنطلق، فإنَّ اليقظة الذهنية حالةٌ وليست سمة، وفي حين أنَّه قد يُروَّج لها عبر ممارساتٍ أو نشاطات معيَّنة كالتأمل، إلا أنَّها لا تشبهها ولا تشترك معها في شيء".

من خلال تقديم تعريفٍ مسهَّل لليقظة الذهنية، لنفهم كيف أنَّها المفتاح لضمان الصحة العقلية، فيمكن تعريفها على أنَّها "الاهتمام بشيء اهتماماً مدروساً"، ويضيف تعريف جمعية علم النفس الأمريكية عبارة "من دون إطلاق الأحكام"، لكن يمكن عدُّ الحد من إصدار الأحكام ميزةً خاصةً بها، يصعب على البشر محاكاتها بفاعلية تامة.

وكجزءٍ من اليقظة الذهنية، نحن نحتاج ابتداءً إلى أن نكون مدركين لأحكامنا، كي نتمكن من اتخاذ خطوات للحد منها ومنع تحوُّلها إلى مهارةٍ نمارسها مع مرور الوقت، تماماً مثل اليقظة الذهنية.

وبناءً على ما ينطوي عليه تعريف جمعية علم النفس الأمريكية، فغالباً ما ترتبط اليقظة الذهنية بالممارسات الروحية طويلة الأمد كالتأمل، واعتماداً على تعريفنا "الاهتمام بشيء اهتماماً مدروساً"، فإنَّ التأمل يعزِّز فكرة الاهتمام المدروس بجسدك، وباللحظة الحالية، وبجوانب فهمك الروحي لنفسك (في حال كانت معتقداتك تتضمن عنصراً روحياً أو غيبياً)، وتساعد هذه الممارسة على جعل اليقظة الذهنية عادةً معرفية، قد تتجاوز في فائدتها ممارسة التأمل.

شاهد بالفيديو: 8 خطوات بسيطة لتعزيز قدراتك الذهنية

وفقاً لنموذج نظرية التغيير (Transtheoretical Model) المعروف أيضاً باسم "نموذج مراحل التغيير" (Stages of Change Model)، الذي طوَّره عالما النفس "جيمس أو. بروهاسكا" (James O. Prochaska) و"كارلو ديكليمينت" (Carlo DiClemente)، تُعرَف المرحلة التي يدرك عندها المرء التغيير الذي يوشك أن يحدث، باسم "مرحلة ما قبل التأمل" (the Precontemplation Stage).

وفي هذه المرحلة، قد يصبح المرء أكثر وعياً حيال الحقائق المرتبطة بفكرة التغيير، أو أنَّه يعيرها مزيداً من الاهتمام، على الرغم من أنَّ نية التغيير لم تظهر لديه بعد، وتُعَدُّ هذه الزيادة باليقظة الذهنية عاملاً رئيساً في استكشاف الصحة العقلية للفرد؛ لأنَّ العديد من المشكلات المرتبطة بها كالاكتئاب والقلق على وجه التحديد، تقلِّل من فائدة اليقظة الذهنية وتحول دون تحقيق التغييرات المنشودة.

إقرأ أيضاً: 10 استراتيجيات تساعدك في تقبل التغيير في الحياة مهما كان قاسياً

إنَّ إحدى المهارات الأساسية المستخدمة في علاج مشكلات الصحة العقلية والوقاية منها، هي اعتماد هدفٍ واضح مدعوم بالقيم لبناء اليقظة الذهنية كعادةٍ قوية تجعلك أكثر وعياً وصاحب هدفٍ في الحياة، ويتم ذلك عن طريق الحد من الأحكام والتصورات مع تعزيز القوة التي تضفيها الحقائق إلى أفكارك وعواطفك.

ومثلها مثل أيِّ مهارة، كلما تدربت وارتكبت أخطاءً، ثم أعدت المحاولة من جديد، كان اكتسابها أكثر فاعلية؛ لذلك من فضلك، خذ بعضاً من الوقت اليوم لممارسة مهاراتك في اليقظة الذهنية.

المصدر.




مقالات مرتبطة