الخرائط الذهنية: تعريفها، ومميزاتها، واستخداماتها، وأهم قوانينها

نحن نميل إلى آلية الحفظ الببغائي، والعلاقة التي تربط بيننا وبين الامتحانات علاقة مشوهة إلى حد كبير؛ حيث يكمن طموحنا في تفريغ كم المعلومات التي نعرفها في ورقة الامتحان ومن ثمَّ نسارع إلى نسيانها بمجرد خروجنا من قاعة الامتحان.



لقد تحوَّل تفكيرنا إلى تفكير تسلسلي نمطي، بحيث ابتعدنا عن مهارة التحليل والاستنتاج والربط الخلَّاق، واقتصرت أفكارنا على المحدودية، فلم نسعَ إلى توليد الأفكار وإغنائها، واكتفينا بالطرائق التقليدية للتعلم والمعرفة، معتقدين أنَّ هذه هي الإمكانية القصوى لعقولنا.

وتبنَّينا منهجية التفكير الرأسي، ولم نجتهد في استثمار الإمكانيات المذهلة لعقولنا، ولم ننفتح على طرائق مختلفة وأبواب جديدة؛ فهل الخرائط الذهنية نافذة جديدة إلى مستقبل أكثر رونقاً وجمالاً؟ هذا ما سنناقشه من خلال هذا المقال.

ما هي الخرائط الذِّهنية؟

هي تلك الأداة الرائعة التي تعتمد على تنظيم الأفكار، وعلى البساطة والسرعة في توليد الأفكار واستدعائها، وتتبنَّى الطريقة ذاتها التي يعمل بها العقل في التفكير، وهي طريقة التشعب في الأفكار؛ حيث يحوِّل الإنسان ما يفكر به إلى عنوان مركزي في العقل ومن ثم يبدأ بتداعي الأفكار المرتبطة به.

ما هي إمكانيات عقلنا؟

  • يُعد العقل البشري من أعظم النعم على وجه الأرض، وقدراته لا محدودة، ودائمة التجدد والتدفق، وينقسم العقل إلى فصين اثنين؛ أيمن وأيسر.
  • يتبنَّى الفص الأيمن الجانب الإبداعي، وينظر إلى الأمور بنظرة شمولية، وتتصدر العاطفة أولى اهتماماته، ويهتم في الألوان، والأدب، والرسم، والكتابة وما شابه ذلك من مهارات؛ في حين يعشق الفص الأيسر الأرقام والحقائق والتفاصيل، ولا يقبل أي معلومة ما لم تكن خاضعة إلى الدلائل والبراهين، ويميل إلى استيعاب الخطوط المستقيمة والزوايا على عكس الفص الأيمن الذي يتعرف على الخطوط المنحنية.
  • يرتبط العقل مع الجسم بطريقة مذهلة، فإن كنت حازماً وانفعالياً في عقلك؛ فسينعكس الأمر على سلوكات جسدك، أمَّا إن كنت هادئاً ومسالماً من الداخل فسينعكس هذا أيضاً على جسدك.
  • التوازن الحقيقي هو أن نُحسِن إدارة فصِّي عقلنا بحيث نستفيد من ميزات كل فص على جهة؛ حيث يميل معظم الناس إلى جعل أحد الفصين مهيمناً على الآخر، على سبيل المثال: مَن يميل إلى التنظيم المبالغ فيه؛ فإنَّه يعترف بوجود فص العقل الأيسر أكثر بكثير من الفص الأيمن، ومَن لا يستطيع الالتزام بالمواعيد ويعشق الخيال؛ فهو يميل إلى جعل فصه الأيمن مسيطراً على فصه الأيسر.
  • تبرع النساء في استخدام كلا الفصين الأيسر والأيمن، حيث إنَّ الرابط العصبي الذي يربط فصي المخ ببعضهما بعضاً لدى النساء أكبر بنسبة 10% من الرجال، الأمر الذي يفسر قدرة المرأة على الرؤية الشمولية والتدقيق بالتفاصيل في الوقت ذاته، وقدرتها على الإحساس العالي وتحليل الأمور في الوقت ذاته، في حين يفشل الرجال في الموازنة ما بين الفصين، ويميلون إلى غلبة الفص الأيسر على الأيمن.
  • تنشط من 4 إلى 6 مناطق من مناطق الكلام في الفص الأيسر من الدماغ عندما يتكلم الرجل، في حين تنشط لدى المرأة من 12 إلى 16 منطقة من مناطق الكلام، الأمر الذي يضغط على ذاكرة المرأة ويُضعِف من حدتها؛ في حين يتمتع الرجل بذاكرة أقوى، وقوة كبيرة على الإتيان بالحجج والبراهين، بخلاف المرأة التي تنفعل وتتكلم كثيراً وتفقد قدرتها على التركيز أحياناً؛ لذلك على المرأة أن تهدأ أكثر لكي تتمكن من الموازنة الحقيقيَّة بين فَصَّي الدماغ، للوصول إلى النتائج المرجوة.
  • يعمل العقل على تحقيق الترابطات بين الخلايا العصبية، لاستنتاج المعلومات الجديدة والمفيدة، حيث تُخزَّن كل معلومة يتلقاها العقل من إحدى الحواس في نواة الخلية، ومن ثمَّ يتفرَّع من المعلومة الأساسية الكثير من الفروع الثانوية التي ترتبط بطريقة وثيقة مع المعلومة الجذر.
إقرأ أيضاً: عشرة اختلافات بين عقل الرجل وعقل المرأة

ما هي مميزات الخرائط الذهنية؟

  1. القدرة على ترتيب الأفكار.
  2. سهولة استرجاع المعلومات.
  3. التلخيص والاختصار بالاعتماد على الكلمات المفتاحية.
  4. التركيز على الموضوع الأساسي ومنع التشتت.
  5. تحقيق المتعة والتسلية.

ما هي استخدامات الخرائط الذهنية؟

  1. تلخيص الكتب أو المحاضرات.
  2. التخطيط للمشاريع والأهداف.
  3. تأليف الكتب.
  4. حل المشكلات.
  5. إدارة التغيير في الحياة.
  6. الدراسة والتحصيل العلمي.

قوانين الخرائط الذهنية:

1. الورقة البيضاء:

تعطيك الورقة البيضاء تحفيزاً حقيقياً لعقلك على ابتكار وتوليد الأفكار (يجب وضعها بشكل أفقي كي تعطيك إحساساً بالحرية والانطلاق).

2. العنوان المركزي:

يجب أن تضع العنوان الأساسي للموضوع في مركز الورقة البيضاء على هيئة دائرة، وأن تستخدم الكلمات أو الصور من أجل التعبير عن الموضوع الأساسي.

3. الفروع الثانوية:

ينحدر من كل عنوان مركزي الكثير من المنحنيات التي تكون سميكة في البداية ورقيقة في النهاية، ويوضع أعلى الفرع كلمات أو صور للتعبير عن الأفكار.

4. الكلمات المفتاحية:

وهي الكلمات التي تعبر عن الحادثة ككل، وتختصر الكثير من التفاصيل والإسهاب.

5. الألوان:

تُحفِّز الألوان الفص الأيمن من الدماغ، وتحث الدماغ على خلق الأفكار الإبداعية؛ لذلك عليك أن تستخدم ما لا يقل عن 3 ألوان خلال رسمك خريطتك الذهنية.

6. التلقائية:

اسمح لسيل الأفكار المتدفقة لديك بالظهور، وسارع إلى كتابتها أياً كانت، فمن شأن ذلك أن يسهل عليك رسم خريطتك الذهنية.

7. التوازن:

تعمل الخرائط الذهنية على تحقيق التوازن ما بين الفصين الأيمن والأيسر؛ حيث تحث الكلمات الفص الأيسر من الدماغ على العمل، وتحفِّز الألوان والمنحنيات القسم الأيمن من الدماغ على العمل.

إقرأ أيضاً: كيف تنشئ الخرائط الذهنية التي تصور أفكارك

تطبيق على الخريطة الذهنية:

يعتمد أغلب البشر التفكير الأفقي المحدود البعيد عن النظرة الشمولية، فيُقيدون الأفكار ولا يسمحون لها بالظهور، ويضطربون في حال ورود فكرة جديدة إليهم، في حين تمنح الخرائط الذهنية مساحة كافية للتعبير عن كل الأفكار الطارئة على المخ.

على سبيل المثال: في حال طلب منك شخص ما الحديث عن نفسك، فغالباً سوف تجيب عن اسمك ومهنتك وعمرك، في حين لو اعتمدت الخرائط الذهنية، ووضعت أمامك ورقة بيضاء، وسألت نفسك "من أنا؟" لأجبتَ إجابة مختلفة تماماً.

فعندها سترسم دائرة مركزية تحتوي على السؤال المركزي "من أنا"، وبعد ذلك تخلق تفرعات عديدة لها علاقة بأدوارك على الصعيد العاطفي والعائلي والروحاني والمهني والنفسي والصحي، بالإضافة إلى مخاوفك من الحياة، ومن ثمَّ تخلق تفرعات أخرى ناتجة عن التفرع الأساسي، لتتشعَّب أكثر في الأفكار، بحيث تصل إلى نظرة شمولية عن ذاتك.

الخريطة الذهنية

في الحقيقة لا تتطلب الخريطة الذهنية أكثر من مجرد معلومات، وبساطة في الطرح، وتلقائية في التفكير، ومهارة في استخدام الخيال، ورغبة حقيقية في صنع واقع أجمل.

الخلاصة:

تعطيك الخرائط الذهنية مفهوماً أكثر عمقاً وثراءً عن كل ما يحيط بك في الحياة، الأمر الذي يُقرِّبك من ذاتك الحقيقيَّة ومن رسالتك في الحياة، ويدفعك ويشجعك من أجل السعي لجعل حياتك انعكاس لعقلك.

 

المصادر: 1، 2، 3، 4، 5، 6




مقالات مرتبطة