الحوسبة السحابية: مفهومها، وأنواعها، ومميزاتها، وصعوباتها
شهد العالم تحولاً جذرياً في طريقة تخزين البيانات، وقد كان للحوسبة السحابية دور البطولة فيه. فهذه التقنية المبتكرة، التي تنقل معالجة وتخزين البيانات إلى "السحابة" (الخوادم البعيدة عبر الإنترنت)، لم تعد مجرد خيار، بل أصبحت ضرورة في ظل ثورة التحول الرقمي التي يشهدها العالم.
سيتناول هذا المقال تفصيلاً مفهوم الحوسبة السحابية وأنواعها المختلفة، مسلطاً الضوء على خصائصها التي غيرت قواعد اللعبة، بالإضافة إلى استعراض أبرز الصعوبات والتحديات التي تواجه انتشارها.
مفهوم الحوسبة السحابية
تُعرف الحوسبة السحابية بأنّها تقنية تعتمد على نقل المعالجة ومساحة التخزين الخاصة بالحاسوب إلى ما يسمى السحابة، وهي أجهزة خوادم يتم الوصول إليها عن عن طريق الإنترنت لتتحول البرامج من منتجات إلى خدمات، ويُتاح للمستخدمين الوصول إليها على الإنترنت، دون الحاجة إلى امتلاك المعرفة والخبرة والتحكم في المعدات من هنا يسميها البعض الخدمات السحابية (الحسن، 2016، ص 144).
كما تُعرف أيضاً بأنّها تقديم خدمات مختلفة عن طريق الإنترنت، وتتضمن هذه الموارد أدوات وتطبيقات مثل تخزين البيانات وقواعد البيانات والشبكات والبرامج، وسُميت بهذا الاسم لأن الوظائف والمعلومات يتم الوصول إليها عن بُعد في السحابة أو في الفضاء الافتراضي. (Frank Furrer, 2022,P.23).
أنواع الحوسبة السحابية
للحوسبة السحابية عدة أنواع، وهي:
- الحوسبة السحابية العامة: توفر بنية تحتية للسحابة بهدف استخدامها من قبل الجمهور العام.
- الحوسبة السحابية الخاصة: توفر بنية تحتية للسحابة بهدف الاستخدام الخاص في منظمة واحدة قد تمتلك هذه السحابة وتشغلها وتديرها.
- الحوسبة السحابية للتواصل الاجتماعي: فيها توفَّر بنية تحتية بهدف الاستخدام الخاص في مجتمع معين (مجموعة زبائن) أو منظمات ذات مصالح مشتركة.
- الحوسبة الهجينة: وتعني توفر بنية تحتية مركبة (عامة، وتواصل اجتماعي).
هنالك عديدٌ من التطبيقات السحابية على الإنترنت، وخاصةً في تقديم البرمجيات كخدمة، مثل مشاركة ملفات الوسائط المتعددة وعرضها، والبريد الإلكتروني، ومعالج النصوص، وما شابه ذلك.
خصائص الحوسبة السحابية
تتميز الحوسبة السحابية بالخصائص التالية:
- السرعة الفائقة: تتيح للمتعلمين الوصول إلى التطبيقات المتاحة بسرعة عالية.
- التشاركية السحابية: تسمح للمتعلمين بإنشاء مجموعات عمل تشاركية تستخدم نفس البيانات وتتيح التواصل الاجتماعي من خلال أدوات الويب، ويجري تبادل الخبرات والآراء ومشاركة الملفات والمعلومات والتطبيقات والبرامج عن طريق السحابة الإلكترونية.
- الصيانة: تتم من خلالها صيانة جهاز الكمبيوتر وزيادة سرعته، والكشف عن الفيروسات فيه، ودعم البرامج بالإصدارات الجديدة.
- التخزين: يتم من خلالها عمل نسخ احتياطية من المعلومات المخزنة على الحوسبة بمساحات تخزينية واسعة ويتم الوصول إليها في أي زمان.
- متمركزة حول المتعلم: إذ تقدم خدمات وتطبيقات متاحة، مثل تطبيقات "مستندات جوجل" (Google Docs)، وجداول وقواعد البيانات.
- خفض التكاليف: معظم التطبيقات والبرمجيات مجانية، مما يوفر التكلفة والوقت.
صعوبات الحوسبة السحابية
من أهم الصعوبات التي تواجه الحوسبة السحابية، نذكر:
1. الحاجة الدائمة للاتصال بالإنترنت
لأنّها تتطلب اتصالاً مستمراً بالإنترنت أثناء الخدمة، وذلك على الرغم من الاستراتيجيات الجيدة، والأدوات الفعالة لحماية وحفظ البيانات والوثائق بأقصى درجة من السرية والأمان وتنشيط البحث العلمي.
2. سرعة الاتصال بالإنترنت
تؤثر سرعة الاتصال بشبكة الإنترنت في الحوسبة السحابية مما يجعلها بطيئةً جداً أو مستحيلة ولا سيّما خدمات الاتصال بالهواتف؛ إذ تتطلب تطبيقات الويب نطاقاً واسعاً من الترددات، لسهولة التحميل وفتح الملفات كبيرة الحجم.
3. انتهاك حقوق الملكية الفكرية
تثير عمليات التخزين السحابي مخاوف مستخدمي تلك الخدمات؛ لعدم وجود ضمانات بعدم انتهاك حقوق الملكية الفكرية للمستخدمين. لذا، تُعد حماية حقوق الملكية من أهم المشكلات التي تثير مخاوف مستخدمي التخزين السحابي. (خفاجة، 2010، ص ص 8-10).
4. احتمالية عدم توفر الأمان والسرية
نجد أنّ هناك مخاوف كثيرة حول أمان وسرية البيانات المخزنة على الحوسبة السحابية وإلى أي مدى الحوسبة آمنة؟ وهل يمكن لأي مستخدم الوصول للبيانات والوثائق السرية الخاصة بمستخدم آخر؟ إذ تُخزّن البيانات كافةً على السحابة.
كذلك تعترف معظم المؤسسات بأمن البيانات والمستندات في الحوسبة السحابية، إلا أنّها ما زالت في المراحل الأولى من التجارب، والوقت كفيل لوضع التقرير النهائي لمدى أمن وسرية البيانات على السحابة.
5. تعرّض الوثائق والملفات للقرصنة
ثمّة احتمال لفقدان الوثائق والبيانات المخزنة على السحابة؛ إذ تكون آمنةً من الناحية النظرية وتُنسخ على عديدٍ من الأجهزة، لكن إذا فُقدت هذه البيانات بسبب اختراق البريد الإلكتروني، مثلاً، ولم يكن هناك نسخة احتياطية، فسيتعرّض المستخدم للخطر باعتماده على السحابة. لذلك، لا يفضل أن يخزّن المستخدم الملفات عالية الأهمية بوساطة التخزين السحابي.
في الختام، تمثل الحوسبة السحابية نقلة نوعية في عالم التقنية، حيث تقدم مرونة وكفاءة غير مسبوقتين عبر تحويل المنتجات إلى خدمات سهلة الوصول. ورغم مزاياها الجوهرية كالسرعة والتشاركية وخفض التكاليف، إلا أن انتشارها لا يزال يواجه تحديات حقيقية. فالحاجة لاتصال دائم بالإنترنت ومخاوف أمن البيانات وانتهاك الخصوصية تشكل عقبات رئيسية تتطلب حلولاً مبتكرة لضمان مستقبل آمن وموثوق لهذه التقنية الواعدة.
هذا المقال من إعداد:
د. محمد أمين حسن عثمان.
دكتوراه في أصول التربية والتخطيط التربوي - جامعة عين شمس.