التنوع الثقافي: تحدٍّ أم مصدر لفرص عظيمة؟

لقد بات العالم قرية صغيرة؛ فلا يمر يوم لا نتواصل فيه مع ثقافة أخرى، فسواء كان ذلك عبر وسائل التواصل الاجتماعي أم من خلال مجال الترفيه أم في الشوارع أم من خلال شبكتنا الاجتماعية، يُعَدُّ التنوع الثقافي جزءاً من حياتنا اليومية؛ إذ أصبحَت معرفة كيفية التعامل مع الفرص العالمية هذه مهارة حاسمة؛ لذلك، دعنا نناقش ما تحتاج إلى تعلُّمه لكي تصبح عالميَّ الأفق.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدوِّنة "كايا أولسن" (Kaya Olsen)، وتُحدِّثُنا فيه عن أهمية التنوع الثقافي.

تحدي التنوع الثقافي:

التنوع الثقافي رائع؛ إذ إنَّ زيارة البلدان الأخرى وتعلُّم عاداتها وتقاليدها وأعرافها، أمر رائع للغاية، ولكنَّ التنوع الثقافي يتضمَّن بالتأكيد بعض التحديات، فنظراً لأنَّنا جزء لا يتجزأ من ثقافتنا، فإنَّنا ننسى أحياناً أنَّ الآخرين لديهم ثقافات أخرى ونظن أنَّ طبيعتنا هي طبيعية للجميع، ولكنَّ هذا ليس هو الحال على الإطلاق.

لذا إنَّ زيادة وعينا بشأن كيف أنَّنا مجبولون على ثقافتنا، وكيف أنَّ الآخرين مجبولون كل على ثقافته المختلفة أيضاً، أمر بالغ الأهمية للتوافق مع بعضنا بعضاً، فإذا التقينا لقاءً عشوائياً بأشخاص من خلفية مختلفة عنا، فمن المحتمل أن يحدث سوء فهم عن غير قصد، لكن من أين نبدأ استكشافنا الثقافي؟

كتبت المؤلِّفة "إيرين ماير" (Erin Meyer) كتاباً رائعاً بعنوان "خريطة الثقافة" (The Culture Map)، الذي يصف كيف تختلف ثقافات العالم المختلفة من حيث 8 مقاييس، وكلها مرتبطة بشكل أساسي بالعمل:

  1. التواصل: ثقافة السياق العالي مقابل ثقافة السياق المنخفض.
  2. التقييم: التغذية الراجعة السلبية المباشرة مقابل التغذية الراجعة السلبية غير المباشرة.
  3. الإقناع: المبادِئ أولاً مقابل التطبيق أولاً.
  4. القيادة: المساواة مقابل التسلسل الهرمي.
  5. اتِّخاذ القرار: بالتراضي مقابل من القمة إلى الأسفل.
  6. الثقة: القائمة على المهام مقابل القائمة على العلاقات.
  7. الاختلاف: المواجهة مقابل تجنُّب المواجهة.
  8. الجدولة: الوقت الخطِّي مقابل الوقت المرن.

شاهد: 6 أسباب تجعلك تتعلّم أكثر من لغة

الاختلاف يحدث سوء فهم:

سبب هذه الاختلافات يحدث سوء الفهم؛ فعلى سبيل المثال، أتيت من ثقافة تؤمن إيماناً شديداً بالمساواة؛ فأنا من "الدنمارك" (Denmark) ولكنَّني عملت لمدة عامين في "النمسا" (Austria) التي تتمتع بثقافة هرمية أكثر مما اعتدت عليه. وعموماً، لم أكن أفكر كثيراً في الاضطرار إلى إيصال أي اهتمام بالشكليات والرسميات والتسلسل الهرمي في أي شيء أفعله، وفي نفس الوقت علمت أيضاً أنَّه في النمسا لديهم إحساس أكثر مرونة بالوقت مما لدينا في الدنمارك، وكنت محظوظة لأنَّ منظمة "مونشوت بايرتس" (Moonshot Pirates) التي كنت أعمل لديها كانت مُنفتحة للغاية وتقبَّلَت اختلافي الثقافي، فلو عملتُ في شركة مُتحفِّظة تحفظاً أكبر، فمن المحتمل أن يكون سلوكي قد أدَّى إلى بعض التوتر.

إقرأ أيضاً: مفهوم الذكاء الاجتماعي وأهميته

فرصة التنوع الثقافي:

إذا وُجِد كثير من الاختلافات بين الثقافات، ألن يكون من المنطقي تجنُّب العمل معاً عبر ثقافات مختلفة؟ الجواب هو لا، إذ يوجد كثير من الفُرَص للتنوع الثقافي.

  1. التنوع يغذي الإبداع والابتكار: كلَّما زادت وجهات النظر المختلفة التي تُقدَّم في جلسات العصف الذهني، كانت النتيجة النهائية أفضل؛ وهذا ينطبق على جميع العمليات الإبداعية التي تجريها.
  2. جمع الجوانب الإيجابية من كل العالم: كل ثقافة لها جوانب جيدة وبعض الجوانب السيئة، ومن خلال التواصل مع الثقافات الأخرى، يمكن أن تتعرَّف إلى الجوانب السلبية لثقافتك وتتبنى الجوانب الجيدة من الثقافات الأخرى.
  3. تطوير الذات: يمنحك التواصل مع الثقافات الأخرى كثيراً من الأفكار الشخصية عن هويتك وكيف أثرت ثقافتك فيك، وعندها فقط يمكنك اتِّخاذ قرارات واعية بشأن حياتك.
  4. التحلي بعقل وقلب مُنفتح: سيفتح قبول عادات الثقافات الأخرى عقلك وقلبك للآخرين، وستصبح مُتعاطفاً تعاطفاً أكبر؛ وسيؤدي ذلك إلى تحسين جميع علاقاتك.
إقرأ أيضاً: ما هو الفارق بين ذوي العقلية المنفتحة، وذوي العقلية المنغلقة؟

الخلاصة:

بالتأكيد يستحق التعمُّق في الاختلافات الثقافية وتنمية الانفتاح والتعاطف كل الجهد المبذول؛ إذ تتمثَّل الخطوة الأولى دائماً في اكتساب الوعي بكل من الثقافات الأخرى وثقافتك، وبعد ذلك حوِّل الوعي إلى فهم ويقظة، وأخيراً التقبُّل، ومهما فعلتَ استمر في التواصل؛ فاشرح لأشخاص من ثقافات أخرى كيف يُشعِرك سلوكهم؛ أي إذا كنتَ تشعر بعدم الارتياح أو أُسيءَ فهمك في صحبتهم، واشرح لهم طبيعتك؛ إذ سيبني هذا أساساً رائعاً لعلاقاتك مع الثقافات الأخرى.

المصدر




مقالات مرتبطة