التنمر الزوجي: أسبابه وحلوله

انتشر مصطلح التنمر خلال السنوات السابقة انتشاراً كبيراً في الأوساط الاجتماعية، وكثر الحديث عن التنمر الممارَس ضد الأطفال في المدارس والموظفين في أماكن عملهم، لكن هل تعلم أنَّ التنمر يحدث داخل البيوت أيضاً، وأنَّ التنمر الزوجي أحد أكثر أنواع التنمر ضرراً وانتشاراً، ولو بشكل مقنَّع تحت ستار المزاح والدعابة، فما نسمعه يومياً على لسان الأزواج من ذكر صفات معينة في شركائهم بطريقة ساخرة وجارحة ليس إلاً سلوكاً يندرج تحت مصطلح التنمر الزوجي.



عن التنمر الزوجي أسبابه وحلوله كُتبت هذه السطور رغبةً منا في فريق "النجاح نت" بتذكير كل شريك أنَّ من واجبه احترام شريكه وحفظ كرامته وصون عرضه، فمن غير المقبول تحت أيِّ مسمى كان قيام أيِّ شريك بتحويل صفات وطباع شريكه إلى نُكتة تُلقى على مسامع الجميع.

أولاً: ما هو التنمر الزوجي وما هي أسبابه؟

التنمر الزوجي قيام أحد الزوجين عمداً بإلحاق الضرر والأذى النفسي والعاطفي بالشريك دون أيِّ سبب واضح، فقط بداعي الاستهزاء والسخرية؛ إذ يُفضِّل معظم الأزواج على الرَّغم من الجراح الكثيرة التي يتركها التنمر الزوجي في قلوبهم، عدم الحديث بالأمر أو يتلقون السخرية والاستهزاء بصمت بهدف الحفاظ على العلاقة الزوجية واستقرارها، لكن للأسف وعلى الرَّغم من ظهور هذا التصرف بمظهر الحكمة، إلا أنَّه يفاقم التنمر تفاقماً كبيراً، وبدلاً من علاج المشكلة تتضخم ويصبح أذاها أكبر وأكبر.

بعض الناس أيضاً لا يستطيع وضع التنمر الذي يتعرض له ضمن الخانة الصحيحة معتقدين أنَّ ما يحصل هو مجرَّد خلافات زوجية عادية، لكن للأسف فإنَّ التنمر الزوجي ليس مشكلة عابرة أو خلافاً مؤقتاً؛ بل غالباً ما يكون جزءاً من شخصية المتنمر، وهذا ما يوصل الزوج أو الزوجة اللذين يتعرضان للتنمر إلى الاكتئاب والشعور بالألم والحزن باستمرار.

على الجانب الآخر بعض الأزواج لم يطيقوا الحياة الزوجية بهذا الشكل، فقرروا وضع حدٍّ لها ووصل الأمر بهم إلى الطلاق، فعلى الرَّغم من أنَّ مشكلة التنمر الزوجي قد تبدو بسيطة من الخارج، إلا أنَّها كما ذكرت إحدى ضحايا التنمر الزوجي: "التنمر الزوجي مشكلة كفيلة بتحويل الحياة الزوجية إلى بيئة متوترة يسودها القلق والتوتر وقلَّة الاحترام دائماً"، وهذا بالطبع ما ينعكس على كلِّ أفراد الأسرة، فلن يكون الأطفال في هذه الحالة بمنأىً عمّا يحدث داخل الأسرة؛ ومن ثَمَّ سوف ينعكس هذا القلق والتوتر والعنف اللفظي وأحياناً الجسدي مباشرة عليهم.

أشكال التنمر الزوجي:

للتنمر أشكال كثيرة ومتعددة وعلامات تدل على قيام أحد الشريكين بالتنمر، وسنذكر فيما يأتي أكثر أشكال التنمر الزوجي انتشاراً:

  1. الصراخ على الشريك والتكلم معه بصوت عالٍ حتى في الأماكن العامة، وعدم احترام مكانته أمام الآخرين وإذلاله من خلال نعته بصفات وألفاظ غير لائقة، واستغلال أيِّ موقف للصراخ في وجهه.
  2. الاستهزاء وإطلاق النكات على الشريك حتى يصير مضحكةً لجميع الحاضرين، كأن يسخر زوج من سمنة زوجته أو زوجة من قصر قامة زوجها مثلاً، وتحويل هذه الصفة الجسدية إلى نكتة دائمة تُلقى بمناسبة ودون مناسبة.
  3. الانتقاد الدائم واتهام الشريك بعدم القدرة على إنجاز أيِّ شيء إنجازاً صحيحاً، وإخباره دائماً أنَّ الحياة قد أصبحت مستحيلة معه، وقد يصل الأمر مثلاً إلى حدِّ لوم الشريك شريكه على عطل أحد الأجهزة الكهربائية في المنزل.
  4. من الأمور التي قد يقوم بها الشريك المتنمر أيضاً تكذيب شريكه واتهامه أنَّه يختلق الأمور، وأنَّ ما يتهمه به غير صحيح، وقد يصل الأمر إلى حدٍّ يصدق الشريك هذا.
  5. التهديد بالانفصال واختلاق المشكلات ومحاولات تجاهل الشريك تجاهلاً واضحاً، سواء كانا في المنزل وحدهما أم أمام الآخرين، بحجة أنَّ الشريك أقل مستوى وأقل ذكاء.
  6. التقليل من جهد وتعب الشريك وتجاهل أيِّ عمل جيد يقوم به.
  7. الابتزاز الجنسي والسخرية من الأداء الجنسي، وغالباً ما تمارس الزوجة مثل هذا النوع من التنمر بسبب معرفتها بحجم الأذى الذي يتركه مثل هذا التصرف في نفس زوجها، وقد يصل الضرر الناتج عن التنمر بهذا الشكل إلى حدِّ العجز الجنسي النفسي المنشأ، والذي يحدث بسبب استمرار سخرية الزوجة وطعنها الزوج في رجولته.

شاهد بالفيديو: 6 علامات تنذر بأن زواجك قد انتهى

ثانياً: ما هي أسباب التنمر الزوجي؟

تقف أسباب كثيرة خلف التنمر الزوجي، ويمكن اختصار هذه الأسباب بما يأتي:

  1. حب السيطرة: فقد يميل أحد الشريكين إلى فرض سيطرته على الطرف الآخر رغبة منه بلفت الأنظار إليه والظهور على أنَّه هو الطرف الأقوى في العلاقة، وإن كان كلُّ هذا على حساب الشريك، وعن طريق اعتماد التنمر الزوجي بوصفه سبيلاً لذلك.
  2. التربية الخاطئة التي تعرَّض لها أحد الزوجين، والتي قد تكون قائمة في أساسها على الانتقاد والسخرية والاستهزاء، وبهذا فإنَّ الزوج المتنمر أو الزوجة المتنمرة نتيجة طبيعية لهذه التربية.
  3. قد يكون التنمر الزوجي أيضاً بسبب الخوف من خيانة الشريك أو بسبب اكتشاف الخيانة، فيصبح التنمر في هذه الحالة وسيلة الانتقام التي يتَّبعها الشريك للانتقام من شريكه.
  4. الشعور بالنقص والدونية وقلَّة الثقة بالنفس، قد تدفع أيضاً أحد الزوجين إلى التنمر الزوجي بوصفه طريقة لتعويض مشاعر النقص التي يحسُّ بها.

لا بدَّ من الإشارة إلى أنَّ التنمر الزوجي يُعدُّ من أهم أسباب الطلاق، ويرجع هذا إلى الآثار الكبيرة التي يخلِّفها التنمر الزوجي على العلاقة الزوجية من شعور بانعدام الأمان وانعدام الثقة والشعور بالخوف والقلق باستمرار.

إقرأ أيضاً: اكتئاب ما بعد الزواج: أسبابه، وأعراضه، وإجراءات التغلب عليه

ثالثاً: ما هي طريقة التعامل الصحيحة مع الشريك المُتنمِّر؟

على الرَّغم من خطورة التنمر الزوجي ودوره الكبير في هدم العلاقة الزوجية التي يجب أن تكون دعائمها من الأساس هي الاحترام والثقة، إلا أنَّ لهذه المشكلة حل، ويمكن حل التنمر الزوجي أو التخفيف من ممارسته إلى حدٍّ كبير من خلال اتباع النصائح الآتية:

  1. لا تقبل موقف التنمر وإن بدا بسيطاً؛ وذلك منعاً لتفاقمه مستقبلاً، ومن الممكن أيضاً أن يكون سلوك التنمر غير مقصود؛ وبذلك يمتنع من يمارسه سواء كان الزوج أم الزوجة عن الاستمرار بالقيام به.
  2. الجأ دائماً إلى حل المشكلات الزوجية بالحب والرحمة والعطف، فعلى الشريك الذي يتعرَّض للتنمر الزوجي أن يحمي نفسه من الانجرار إلى السلوك ذاته، والاعتماد على الحب لشرح مشاعر الأذى التي يحس به بسبب تصرفات شريكه، لكن على الرَّغم من ذلك يجب عدم اختلاق الأعذار له أو محاولة تخطي الأمر وحدك، أبداً؛ فالحل هو التعبير عن كل الأذى الذي نشعر به وذكره للشريك لإيقافه عند حدِّه، لكن بعيداً عن أسلوب العنف والصراخ.
  3. ساعد شريكك على تخطي جراح الماضي وقدِّم الدعم النفسي والعاطفي له حتى يتخطَّى المشاعر السيئة التي عاشها، والتي صنعت منه الشخص الذي تراه، فقد تكون مشكلة التنمر عنده ترجع إلى مشكلات نفسية سببتها التربية الخاطئة.
  4. كن حازماً في التعامل مع الشريك الزوجي المُتنمِّر؛ ففي كل مرَّة نتهاون بها نكون قد سمحنا للمُتنمِّر أن يتقدَّم خطوة باتجاه انتهاك كرامتنا.
  5. لا تُظهر أي تأثر أو إحساس بالانزعاج؛ لأنَّ هذا سيدفعه إلى مزيد من التنمر بقصد إهانتك.
  6. صارحه ولا تؤجل الحديث عن الأمر، أعلن لشريكك مباشرة أنَّ تصرفاته تندرج تحت التنمر الزوجي، وأنَّها غير مقبولة بأيِّ شكل من الأشكال بالنسبة إليك.
  7. الجأ إلى شخص موثوق به من العائلة، قد يكون والد أو والدة الشريك المُتنمِّر للمساعدة على حلِّ المشكلة.
  8. اعلم أنَّ الاستمرار في علاقة سامة ومؤذية يجلب مشكلات وخلافات لا تقف عند حدود الزوجين؛ بل تطال الأبناء والمحيط، على سبيل المثال، عندما توضع الضفدعة في إناء تسخين، فإنَّ الضفدعة وعلى الرَّغم من بدء حرارة المياه بالارتفاع لا تقفز؛ بل تحاول أن تتأقلم مع تغير ارتفاع درجة الحرارة، فتصرف جهدها في تعديل حرارة جسدها، بدلاً من صب جهدها في محاولة القفز والنجاة، وحين تصل حرارة المياه إلى درجة من الصعب جداً عليها تحملها تحاول القفز؛ لكنَّها لا تنجح لأنَّها أضاعت جهدها وطاقتها في محاولة التأقلم، وهذه التجربة ليست إلا قصة مُلهمَة تعلمنا ألا نكون كالضفدعة، فإنهاء العلاقة في حال لم تنجح أيٌّ من الطرائق السابقة في الوصول إلى علاقة صحية هو الحل الأسلم.
  9. ضع خطوطاً حمراء في علاقتكما، ولا تتجاوزاها تحت أيِّ ظرف كان، ومهما بلغ الخلاف بينكما ومهما زادت المشكلات.
إقرأ أيضاً: ظاهرة التنمّر: أنواعها، أسبابها، وطرق علاجها

في الختام:

من الطبيعي أن تقوم العلاقة الزوجية على أساس الاحترام المتبادَل والحب والتعاطف، وفي حال افتقدت العلاقة لأيِّ عنصر من العناصر السابقة خسرت هذه العلاقة أحد أهم ركائزها؛ فالتنمر الزوجي حقيقة ليس إلا طريقة من الطرائق الهادمة لأهم أساسيات العلاقة الزوجية، وبسببه يتحول الشريك إلى مصدر قلق وإحباط وأذى، بدلاً من أن يكون الحضن الدافئ واليد الحنونة، لكن قبل اتخاذ قرار الانفصال عن شريكك المُتنمِّر أعطِ لعلاقتك الزوجية حقها، وحاول قدر الإمكان إيجاد الحلول وإصلاح الأمور.




مقالات مرتبطة