التنظيم: مفهومه، وأنواعه، ومبادئه، وأهم أهدافه

عندما لا يوجد تنظيم لا يوجد نجاح؛ إذ يُعدُّ التنظيم من أهم أسس النجاح والتي بدونها لا يُعدُّ المرء ولا العمل الذي يقوم بهِ ناجحاً؛ لذلك أردنا في مقالنا هذا أن نتحدث عن التنظيم وأهميته، وكيف يُحدِث الفارق عندما يكون هناك تنظيم في العمل.



حتى على مستوى الحياة الشخصية، يُمككنا القول أنَّ التنظيم هو أسلوب حياة لا بد منه كي يحقق المرء أهدافه التي يخطط لها، سنتحدث عن مفهوم التنظيم بشكل عام، وماهي أهم أنواع التنظيم، والمبادئ التي يُبنى عليها التنظيم، وما هو الهدف أو الاهداف التي يحققها التنظيم بالنسبة للأفراد والمؤسسات أو أي عمل كان، وما هي الخصائص التي يرتكز عليها.

تعريف التنظيم:

تخيل شركة تحتوي على 50 موظف، كل موظف يعمل متى يريد ويعمل ما يريد ويتصرف كيفما يريد، كيف سيكون واقع هذه الشركة؟

نعم، فوضة عارمة، تخيل الآن تنظيم هؤلاء الموظفين وتوظيف طاقاتهم ومهاراتهم بشكل صحيح وبالمكان الصحيح، سيكون هناك إنتاج في هذه الشركة صحيح؟

نفس المثال أسقطه على حياتك، دراستك، عملك، فالتنظيم هو الممارسة الصحيحة لتخرج أفضل ما لديك وبالوقت الصحيح مع الحفاظ على صحتك النفسية والجسدية.

وهي هذا المقال، سنشرح العديد من المفاهيم والمعلومات التي تتعلق بالتنظيم وأهميته وأنواعه.

مفهوم التنظيم:

التنظيم هو تحديد الأنشطة اللازمة لتحقيق الأهداف التي وضعها الشخص لنفسه، وتقسيمها حتى يَسهُل تنفيذها في الوقت اللازم، وهذا هو أبسط أشكال التنظيم، إذ يحتاج التنظيم إلى عددٍ من العناصر التي تُؤدِّي في النهاية إلى تحقيق الأهداف المرجوة، والتي غالباً ما تكون كثيرة.

وفي الإدارة يُعرَّف التنظيم بأنَّه عدد من الأنشطة التي يَجب تنفيذها لتَحقيق الأهداف بالتعاون بين عدد من الموظفين؛ بطريقة تُقَسَّم فيها هذه المَهام أو الأنشطة حسب اختصاص كُلِّ موظف، وفي هذه الحالة يبرُز دور كل مُوظف من خلال مُساهمته في أداء المهمة الموكلة إليه.

ونستطيع القول إنَّ التنظيم عملية إدارية تهتم بتجميع المهام والأنشطة المراد القيام بها في وظائف أو أقسام، وتحديد السلطات والصلاحيات، والتنسيق بين الأنشطة والأقسام من أجل تحقيق الأهداف بأفضل كفاءة ممكنة.

يمكن القول أنَّ التنظيم الإداري هو هيكلة النشاط الخاص بالجهاز الإداري سواءٌ كانَ جهازاً عاماً أم خاصاً إلى عدة قطاعات وإدارات وأقسام؛ وذلك ﺑﻬدف القيام بذلك النشاط بسهولة ويسر وترتيب ومن ثم تحقيق الأهداف التي تطمح الإدارة إلى الوصول إليها.

والتنظيم وإن كان مفهوماً إدارياً إلا أنَّه يتماشى مع توجهات الأنظمة التي ﺗﻬدف إلى ضرورة تأدية الواجبات وحماية الحقوق بما يتلاءم مع القواعد الإدارية الحديثة.

فالبنية الإدارية وما يصاحبها من خطط تنظيمية وإجراءات ليست غايةً بذاﺗﻬا؛ إذ إنَّ قيمتها تكمن في مقدرﺗﻬا على زيادة فاعلية تنسيق جهود العاملين واستخدام التسهيلات المدرسية لخدمة عملية التدريس في الوقت والمكان المناسبين.

وبقدر ما يساعد تنظيم المدرسة وبنيتها على إنجاز أهدافهم وغاياﺗﻬم يكون هذا التنظيم مناسباً؛ فبنية الإدارة وأساليبها لا قيمة لها إن لم تساعد الموظفين على تحقيق أداء أفضل لمتطلبات دورهم، وهكذا يكون كل من البيئة والتنظيم وسائل لخدمة المعلمين والمتعلمين.

إقرأ أيضاً: علم الادارة المفهوم والأهمية

أهمية التنظيم:

تتلخص أهمية التنظيم في عدة نقاط أهمها:

  • الاهتمام بتقسيم العمل والمهام بين الأفراد ممَّا يؤدِّي إلى حصر التركيز والاهتمام بمهمة وموضوع واحد لا أكثر.
  • سهولة وانسيابية العمل جراء توضيح التنظيم للإجراءات الواجب اتباعها داخل كل قسم وكل مرحلة.
  • يُهيئ التنظيم الكيفية التي يُرسَل بها وتُستقبل القرارات الصادرة من مراكز السلطة المختلفة، وذلك من خلال إيصاله لهذه القرارات إلى كافة المستويات الإدارية؛ وإمداد كافة العاملين بالمعلومات اللازمة لأداء الأعمال.
  • تهيئة سبل الاتِّصالات الرسمية وغير الرسمية بين مختلف أجزاء الوجوه الإدارية ممَّا يُسهِّل مهمة تبادل المعلومات بين مختلف المستويات.
  • تهيئة الجو الملائم لتدريب الأعضاء، وتنمية مهاراتهم، وتزويدهم باحتياجاتهم، ممَّا يؤدِّي إلى رفع مستوى الإنتاجية، وحب العمل.

أنواع التنظيم:

1. التنظيم الرسمي:

هو التنظيم الذي يهتم بالهيكل التنظيمي وتحديد العلاقات والمستويات وتقسيم الأعمال وتوزيع الاختصاصات كما وردت في الوثيقة القانونية التي تكونت المؤسسة بموجبها.

ونتيجة لذلك فهو يشمل القواعد والترتيبات التي تطبقها الإدارة وتعبِّر عن الصلات الرسمية بين كل فرد عامل وغيره من الأفراد العاملين بهدف تنفيذ سياسات العمل في المؤسسة.

وللتنظيم الرسمي ثلاثة أنماط هي:

1. 1. التنظيم الرأسي:

هو أقدم أساليب التنظيم؛ إذ استخدم في التنظيم العسكري وفي ترتيب الدرجات الكهنوتية، والبعض يسميه التنظيم المباشر أو التنظيم التنفيذي.

والسلطة في هذا التنظيم تتحرك من أعلاه إلى أسفله بشكل مباشر ومتصل؛ إذ لا يُسأل الفرد إلا عن عمله وعمل مرؤوسيه، ومن مزايا هذا النوع: البساطة والوضوح في العلاقات الإدارية، ووحدة القيادة في اتخاذ القرارات -وهو ما يناسب المنظمات الصغيرة- ويؤخذ على هذا النموذج إغفاله تقسيم العمل على أساس التخصص.

1. 2. التنظيم الوظيفي:

يتميز بالتركيز على التخصص في النشاط أو الوظائف داخل المؤسسة، وتختص كل وحدة إدارية فيه بنشاط وظيفي محدد المعالم تمارسه حتى ولو كان ضمن مجال العمل عند وحدات أخرى.

ومن أهم مزايا هذا النوع من التنظيم:

  • إتاحة الاستفادة من الخبراء والمختصين.
  • الحصول على المعلومات من مصادرها المختصة.
  • المساعدة على تنمية روح التعاون بين العاملين في المؤسسة.

ويؤخذ على هذا النوع من التنظيم عدم وضوح السلطة والمسؤولية نتيجة تداخل نطاق إشراف الفنيين والتنفيذيين.

1. 3. التنظيم الرأسي الوظيفي:

ويسميه البعض بالتنظيم الرأسي الاستشاري؛ وهو تنظيم يجمع بين التنظيمين الرأسي والوظيفي محققاً مزاياهما معاً متفادياً عيوبهما.

ويجمع هذا التنظيم بين السلطة الرسمية التي تُدير العمل وتبت في الأمور، والسلطة الاستشارية التي تقدم الرأي بغير إلزام لأصحاب السلطة الرسمية.

2. التنظيم غير الرسمي:

يوجد هذا النوع من التنظيم في كافة المنظمات دون استثناء؛ وهو عبارة عن شبكة من العلاقات الشخصية والاجتماعية تنشأ تلقائياً بناءً على الارتباطات الشخصية بين أعضاء التنظيم.

لقد بدأت المنظمات بالاهتمام بهذا النوع من التنظيم لما له من أهمية وتأثير في أداء العاملين داخل المنظمة، ومن ثم في أداء المنظمة نفسها.

وقد ينشأ هذا التنظيم بسبب العلاقات الشخصية التي تجمع أعضاء مهنة واحدة أو رأي واحد أو عقيدة واحدة، وقد تكون علاقة العمل هي المصدر للتنظيم غير الرسمي، وقد يكون بسبب نفوذ أحد أعضاء الجماعة.

ويقدِّم التنظيم غير الرسمي خدمات للأعضاء، ويحافظ على القيم الثقافية لهذه الجماعة ويحاول الحفاظ على استمراريتها، كما يسهل تداول الإشاعات وانتشارها مما يشكل خطراً على التنظيم الرسمي؛ لذا يجب على القائمين على إدارة المنظمات التعرف على التنظيم غير الرسمي ومحاولة تسييره بما يحقق مصلحة المنظمة ويساعد على استقرار مناخ العمل.

إنَّ التنظيم غير الرسمي يحقق فوائد عديدة للمنظمة منها:

  1. يساعد على إشباع الحاجات النفسية للأفراد في المنظمة من خلال لقاء الأعضاء مع بعضهم بعضاً وتبادل الزيارات فيما بينهم.
  2. يقوي التنظيم غير الرسمي روابط الاتصال بين العاملين داخل المنظمة؛ إذ إنَّ قنوات الاتصال غير الرسمية أكثر فاعلية من القنوات الرسمية.
  3. كما يساعد على القضاء على نقاط الضعف الموجودة في التنظيم الرسمي ويعمل على خلق التماسك بين أجزاء هذا التنظيم.
إقرأ أيضاً: مخطط الهيكل التنظيمي، تمثيل هيكل المنظمة بشكل مرئي

عناصر التنظيم:

التنظيم هو عملية تصميم وتنظيم العناصر المختلفة التي تشكل مؤسسة أو مجموعة من المؤسسات، وتشمل عناصر التنظيم الأساسية:

  1. تكوين هيكل التنظيم: وهو تحديد طريقة توزيع السلطة والمسؤوليات داخل المؤسسة أو الشركة، وتحديد الهيكل التنظيمي الذي يُطبَّق والمسؤوليات المحددة لكل مستوى في الهيكل.
  2. الأهداف والاستراتيجيات: من عناصر التنظيم أيضاً الأهداف والاستراتيجيات، وتشمل تحديد الأهداف الرئيسة للمؤسسة أو الشركة والخطط الاستراتيجية التي ستتبع لتحقيق هذه الأهداف.
  3. الموظفون والعاملون: وهم المورد الأساسي للمؤسسة، ويشمل هذا العنصر من عناصر التنظيم العاملين والمديرين والمستشارين وغيرهم من الأفراد الهامين للمؤسسة.
  4. الموارد: وتشمل الأموال والمواد الخام والمعدات والتقنيات المستخدمة في العمليات الإنتاجية والإدارية.
  5. العمليات أو الأعمال التي تقوم بها المنظمة: وتعد العمليات الإنتاجية والإدارية والتسويقية الأساسية للمؤسسة أو الشركة، وتشمل إدارة العمليات والتحكم فيها وتحسينها.
  6. الثقافة التنظيمية: وهي القيم والمعتقدات والتصورات المشتركة للمؤسسة أو الشركة، وتعكس هذه الثقافة الشخصية والهوية للمؤسسة وتؤثر في سلوك الأفراد داخلها.
  7. التكنولوجيا: وتشمل الأدوات والتقنيات المستخدمة لتسهيل العمليات الإنتاجية والإدارية وتحسينها، وتشمل الحواسيب وبرامج الحاسب والروبوتات والمعدات الأخرى.

تعد عناصر التنظيم التي سبق ذكرها أساسية في عملية التنظيم، ويجب إدارتها بفاعلية لتحقيق أهداف المؤسسة بنجاح.

مبادئ التنظيم:

  1. مبدأ الهدف: ويقصد بهذا المبدأ أن يكون التنظيم مبنياً على أهداف معينة وواضحة.
  2. مبدأ الوظيفة: وهو أن يُحاولَ إنجازُ وظائف معينة من خلال التنظيم الجيد.
  3. مبدأ التخصص وتقسيم العمل: من مبادئ التنظيم التخصص وتقسيم العمل، كون التنظيم يساعد على تخصيص العمل وتقسيمه بين الأفراد.
  4. مبدأ وحدة الأمر: يجب أن يحقق التنظيم الأهداف العامة من خلال القرارات الموحدة وعدم ازدواجيته.
  5. مبدأ نطاق الإشراف: يساعد التنظيم على تحديد نطاق الإشراف لكل فرد من أفراد المؤسسة أو المنظمة.
  6. مبدأ تكافؤ السلطة والمسؤولية: يساعد التنظيم على تكافؤ السلطة والمسؤولية بين الأقسام في المنظمة الواحدة.
  7. مبدأ المركزية واللامركزية: من مبادئ التنظيم أن يحقق مبدأ المركزية واللامركزية، فالتنظيم يحدد ما إذا كان العمل مركزياً أو لا مركزي.
  8. مبدأ التفويض: يجب أن يحقق التنظيم مبدأ التفويض.
  9. مبدأ التنسيق: أصل عمل التنظيم هو التنسيق، فبدونه لا يوجد تنظيم.
  10. مبدأ التوازن والمرونة: من مبادئ التنظيم إحداث التوازن والمرونة في العمل.

أهداف التنظيم:

  1. يساعد التنظيم الجيد على تحديد العلاقات بين العاملين في المنظمة؛ إذ إنَّ كل عضو في المنظمة يعرف مكانته وعلاقته التنظيمية برؤسائه أو مرؤوسيه.
  2. معرفة العاملين بالأنشطة التي يقومون بأدائها بشكل محدد.
  3. يساعد التنظيم في توحيد جهود العاملين وتوجهها نحو أهداف وغايات مشتركة.
  4. عدم الازدواج في العمل أثناء القيام بالأنشطة اللازمة لتحقيق أهداف محددة.
  5. يساعد التنظيم على إنجاز العمل وذلك من خلال إعطاء السلطة للأفراد للقيام بمهام أعمالهم.
  6. التنظيم الجيد يحقق الاستغلال الأمثل للموارد البشرية أو المادية.
  7. تحقيق الانسجام بين الأفراد والعاملين في المنظمة بطريقة تسير فيها العلاقات الوظيفية والاجتماعية بأقل قدر من سوء الفهم بين أعضاء المنظمة، والتي يمكن أن يحدث بسبب التنازع على السلطة والمسؤولية.
  8. تحقيق الرقابة الإدارية الفعالة.
  9. تحديد الصلاحيات المخولة للرؤساء والموظفين للقيام بأعمالهم بكفاءة وفاعلية.

خصائص التنظيم:

للتنظيم الفعَّال خصائص أهمها:

  1. استيعاب مضامين ومفاهيم الإدارة فيما يتعلق بمبادئ التنظيم، والعلاقات الانسانية، والاهتمام ببيئة العمل.
  2. التأكيد على أهمية قياس الأداء على ضوء الأهداف المحددة لكل منظمة أو إدارة.
  3. تنمية وتفعيل منهج الرقابة الذاتية.
  4. التنسيق بين أعمال كافة الوحدات الإدارية.
  5. تخفيض التكاليف.
  6. تبني التغيير منهجاً لتحسين وبقاء المنظمة.

للتنظيم أهمية كبيرة على المستوى الفردي والمؤسساتي، وهو كما ذكرنا يعدُّ أسلوب حياة يجب أن يُمارس بالشكل الصحيح، ويعدُّ أيضاً مهارة تختلف من فرد إلى آخر ومن مؤسسة لأخرى.

في الختام:

تكلمنا في مقالنا هذا عن مفهوم التنظيم وتعريفه، كما تحدثنا عن نوعيه الرسمي وغير الرسمي، وما هي أهم خصائصه وأهدافه، وما هي المبادئ التي ترتكز عليها عملية التنظيم.

يُمكن القول أنَّ التنظيم أينما حلَّ -بشكله الصحيح- يحل النجاح، ويجب أن يمتلك كل الأفراد والمؤسسات والمنظمات هذه المهارة لما لها من أهمية في تحقيق الأهداف الموضوعة.

 




مقالات مرتبطة