التفاوض في البيع: كيف سيدفع لك العميل ماله وهو سعيد؟

نحن نعتقد أنَّ مهارات التفاوض حكرٌ على المعاملات الماليَّة، في حين أنَّ كل ما هو في حياتنا خاضع إلى مهارات التفاوض، مثل علاقاتنا العائلية أو العمليَّة أو العاطفيَّة، فلكي تحصل على أفضل الخيارات في الحياة؛ عليك أن تكون مفاوضاً ناجحاً، فالذَّكاء هو أن تحصل على ما تريد من الطَّرف الآخر مع مراعاة تقبُّله للأمر ورضاه عنه، أي أن تكون بارعاً في خلق علاقات قائمة على مبدأ (ربح-ربح).



يُعدُّ قرار الشِّراء من أكثر القرارات المؤلمة للشَّخص، فبالرغم من رغبته بالشَّيء إلَّا أنَّه غير قادر على فتح محفظة نقوده والدَّفع لك، وهنا يأتي دورك في مساعدة المشتري على اتِّخاذ قرار الشِّراء، بحيث يكون سعيداً وممتنَّاً.

يتبنَّى كثيرٌ من النَّاس الاعتقاد القائل بأنَّ البائع كاذبٌ ومخادع، في حين أنَّ البائع النَّاجح هو بائع يهتم بسمعته في الدرجة الأولى، ويميل إلى المحافظة على مصداقيَّته ومهنيَّته، ويميل إلى تقديم الخدمة بالشَّكل الأنسب للزَّبون المقابل له، فهو محترف في التعامل مع كل أنماط العملاء، ويعي تماماً أنَّ ما يبحث عنه العميل في المرتبة الأولى هو المشاعر الإيجابيَّة في أثناء استخدامه المنتج ومدى مطابقته لاحتياجاته.

كيف تجعل العميل يدفع لك وهو سعيد؟ هذا ما سنناقشه من خلال هذا المقال.

البيع من وجهة نظر نفسيَّة:

  • إنَّ مسألة البيع لها كثيرٌ من الأبعاد النفسيَّة الهامة، وعلى البائع خلق الجو النَّفسي الملائم بحيث يكون العميل مستعداً لاتخاذ قرار الشِّراء، فلكي تكون بائعاً ناجحاً، سواء لمنتجٍ أو لفكرةٍ أو لخدمةٍ، عليك بدايةً أن تُدرِك أنَّ ما يحتاجه الزَّبون ليس المنتج؛ وإنَّما متعة الحصول عليه، وهنا عليك عرض منتجاتك على أنَّها خدمات؛ أي التركيز على منافع الحصول على المنتج، على سبيل المثال: إن كان لديك شركة لبيع الأجهزة المحمولة، فعليك أن تُسوِّق لشركتك على أنَّها شركةٌ تقدِّم خدمات التواصل الاجتماعي، من شأن ذلك أن يخلق جواً من الثِّقة بينك وبين النَّاس، فنحن اليوم في عصر الخدمات بامتياز.
  • من جهة أخرى، يتحرَّر البائع النَّاجح من فكرة البيع، ومن هوسه في زيادة رصيده من المال والعملاء، ومن الأنانيَّة المفرِطة في التفكير بمصلحته فحسب، ويتبنَّى عقلية الاستشاري، بحيث يقدِّم للنَّاس خدماته بطريقةٍ صادقة، وراقية، كأن يضع نفسه مكان العميل ويعطيه رأيه بمنتهى الصراحة وإن أدَّى الأمر إلى عدم تحقيق أرباح له، فهو يعلم أنَّ بناء السمعة والثقة أهمُّ بكثيرٍ من بناء الأرباح، وأنَّ الأرباح تأتي في المرحلة التالية.
  • يسعى البائع النَّاجح إلى البحث والتعمُّق جيِّداً في المجال الَّذي يعمل به، فهو يعلم أنَّ الناس تنجذب إلى الإنسان الواثق من معلوماته، ولأنَّه يشعر بالمسؤوليَّة تجاه الآخرين.

شاهد بالفيديو: 10 صفات لتكون مندوب مبيعات ناجح

ما هي أنواع العملاء؟

يُدرك البائع النَّاجح أنَّ هناك أنواع مختلفة من العملاء، ويعمل جاهداً على دراسة طريقة التعامل مع كل عميل منهم:

1. العميل المُساوِم:

يعشق هذا العميل أسلوبي الإغراء أو التخويف، فيُغرِي البائع بأنَّه سيشتري من منتجاته دوماً في حال حصوله على تخفيضٍ مناسبٍ على السِّعر، أو يهدِّده بأنَّه سيخسره في حال عدم حصوله على خصمٍ على المنتج.

وهنا على البائع عدم الرُّضوخ إلى سلوكات العميل المتلاعبة، ومحاولة فهم الأسباب الكامنة وراء تصرُّفاته، حيث يكمن وراء تصرُّفات العميل في غالب الأحيان رغبةً شديدةً في الحصول على منتج بأعلى قيمة وبأقل سعر، وبالتالي كلَّما اشتكى العميل من السِّعر؛ سارع البائع إلى ذكر محاسن المنتج، وتميُّزه، واستحقاقه لهذا السِّعر.

من جهة أخرى، في حال إصرار العميل على الحصول على خصم معيَّن؛ يستطيع البائع هنا تقديم خصم غير مادي للمشتري بدلاً من تقديم خصم على سعر المنتج، كأن يقدِّم له هديَّة مع المنتج.

2. العميل المتردِّد:

لا يستطيع هذا النوع من العملاء اتِّخاذ قرار الشِّراء على الإطلاق، وهنا على البائع الصَّبر عليه، وفهم المشاعر الكامنة وراء التردُّد، فقد تكون مشاعر التردد وعدم الثقة بصحَّة كلام البائع، أو مشاعر الخوف من عدم تحقيق المنتج للقيمة الَّتي دفعها له، فيعمل البائع إلى فهم احتياجات العميل من خلال أسئلته والنِّقاش معه، وتقديم الإشارات المُطَمئِنَة، فإن كان المشتري متردِّداً من جرَّاء السِّعر؛ يعمل البائع إلى تقديم المزايا والمنافع الَّتي يحتويها المنتج والَّتي تجعله متفوِّقاً على غيره من المنتجات في السُّوق.

ومن جهة أخرى، على البائع أن يمنح المشتري قليلاً من الخيارات الَّتي تلبي احتياجاته بحيث يساعده على الاختيار والقرار.

3. العميل المقتنِع بالمنتج المنافِس:

لكي تُقنِع العميل الَّذي يتبنَّى الحديث عن المنتج المنافس لك؛ عليك أن تهاجم المنتج المنافس ولكن بطريقة غير مباشرة، كأن تقارن بين منتجك والمنتج المنافس دون أن تصدر أحكاماً على المنتج المنافس، فتذكر منافع منتجك مقارنةً بغيره من المنتجات، مع عدم ذكر اسم الشركة المنافسة، حيث يؤثِّر تكرار اسم الشَّركة المنافسة سلباً على لاوعي المشتري، ويعطي انطباعاً أنَّ منتجك هو الأضعف.

4. العميل مُدَّعِي الإفلاس:

قد يدَّعي العميل الإفلاس لأكثر من سبب، فقد يكون لا يملك المال لابتياع المنتج فعلاً، أو أنَّه يناور من أجل الحصول على سعر أقل، أو أنَّه لا يريد المنتج، أو أنَّ لديه أولويات أخرى غير الحصول على المنتج، وهنا عليك أن تقدِّم له الحلول لكل من هذه الأسباب، كأن تقدِّم له عرضاً مؤجَّلاً، أو تخفيضاً على السعر، أو تعرض عليه شراء كمية صغيرة بغرض التجربة أو تبيِّن له مزايا المنتج وأهميَّته له. ومن ثمَّ تستطيع حل المشكلة بعد معرفتك بالسَّبب الحقيقي لها.

5. العميل الخبير:

وهنا عليك أن تكون مستمعاً جيداً لهذا النوع من العملاء، فهو دقيق جداً وواثق من نفسه، ويملك معلومات غنيَّة عن السوق وعن المنتجات الموجودة فيه. ومن ثمَّ تحاول أن تبني معه حواراً غنياً وثرياً بحيث تدفعه إلى الشِّراء.

6. العميل الكاذب:

عليك أن تعرف الأسبابَ الكامنةَ وراء عدم التزام العميل في شراء منتجك، مع العلم أنَّه قد قام بوعدك في ذلك، فقد يكمن السبب في عجزه عن سداد المبلغ بعد إجراء حساباته، أو في عدم كونه صاحب القرار الأساسي في الشِّراء، أو قد يكون إنساناً غير ملتزم بطبعه.

عليك في جميع الحالات أن تقوم بإعطاء العميل فرصة أخرى لكي تعلم تماماً السبب الخفي وراء سلوكه.

إقرأ أيضاً: 7 قواعد لكسب ثقة الزبائن وجعلهم زبائن دائمين

ما هي مراحل عمليَّة الشِّراء؟

تمرُّ عملية الشِّراء بعديدٍ من المراحل؛ منها:

1. مرحلة تلبية الاحتياج:

يجب أن يخلق البائع منتجاً يلبِّي حاجة معيَّنة لدى العميل، أو يحل مشكلة معيَّنة لديه، كما يجب عليه أن يعلم الأسباب الَّتي من أجلها يرغب العميل في هذا المنتج، فقد يبيع البائع حواسيب محمولة، وهنا يجب أن يسأل العميل عن مجالات استخدامه للحاسوب المحمول، فإن كان سيستخدمه من أجل برامج التصميم والمونتاج فعندها سيعرض عليه جهازاً بمواصفات معيَّنة ومحدَّدة تتناسب مع الغرض من الاستخدام. وهنا يجب أن يحدِّد البائع الشريحة المستهدفة من المنتج، فهو لا يستطيع أن يقدِّم حواسيب محمولة ترضي جميع النَّاس، فقد يتخصَّص في الحواسيب ذات المواصفات العالية.

2. مرحلة البحث عن المعلومات:

وهنا يلجأ المشتري إلى البحث عن المعلومات فيما يخص المنتج الَّذي يشتريه، لذلك على البائع أن يسعى إلى الحضور في مواقع التسويق الإلكتروني وفي الأسواق، وعليه أن يسعى إلى بناء سمعة جيِّدة، بحيث تتناقل النَّاس معلومات عن منتجه فيما بينهم، وذلك لكي يحصل على أفضل عدد ممكن من العملاء المحتمَلين.

3. مرحلة المقارنة بين البدائل:

يقوم المشتري هنا بالمقارنة بين منتجك والمنتجات الأخرى، لذلك عليك أن تسعَ إلى خلق ميزةً تنافسيَّة لديك، كأن يكون لديك جودةً عالية وسعراً مقبولاً جداً، أو يكون لديك عروضاً دائمة ولكن لفتراتٍ محدودة، أو يكون لديك سرعةً كبيرة في إيصال الخدمة إلى العميل.

4. قرار الشِّراء:

يقرِّر المشتري الشِّراء بناءً على عواطفه وعلى مشاعره تجاه المنافع الَّتي يقدِّمها له المنتج، لذلك لا تعمل على استخدام لغة الأرقام مع العميل؛ بل استخدم معه لغةَ العواطف، كأن تقول له: "هل لديك مشكلات في أثناء النوم، وتؤثِّر اضطرابات نومك على علاقاتك العائليَّة والعاطفيَّة، وعلى مستوى أدائك في العمل؟ إذاً أنصحك باستخدام "خدمة النوم المريح" حيث نقدِّم أسرَّةَ نومٍ ذات تصميم متفرِّد بهدف مساعدتك على النوم الهادئ".

5. مرحلة ما بعد الشِّراء:

يقيِّم هنا العميل نتائج عملية الشِّراء، ومدى ربحه في هذه الصفقة، ومدى التزام البائع في وعوده وكلامه حول المنتج، ويقرِّر بناءً على هذا التقييم تكراره لعملية الشِّراء أو اعتزاله شراء منتجك. لذلك عليك أن تحافظ على مصداقيَّتك وسمعتك خلال عملية الشِّراء، وأن تعطي العميل خدمةً تفوق توقعاته.

مهارات التفاوض في أثناء البيع:

1. المحاكاة:

إن رغبتَ في جعل الأمور تسير إلى صالحك في البيع؛ عليك بمحاكاة أسلوب المشتري، كأن تقلِّد حركة جسده، وأسلوبه في التعاطي وفي الكلام، كأن تعيد الجملة الأخيرة من كلامه بطريقةٍ مختلفة، وكأنَّها إشارةٌ إلى رغبتك في الاسترسال في الحديث معه. من شأن ذلك أن يخلق في لاوعي المشتري رغبةً في الاستمرار في عملية التفاوض، وراحة نفسية إيجابيَّة.

2. التسمية:

وهنا على البائع تفهُّم احتياجات العميل، واكتشاف المشاعر الخفيَّة الكامنة وراء سلوكاته، فقد يكمن إحساس عميق بالخوف وراء حالة الغضب الشَّديدة لدى العميل، وهنا على البائع احتواء الموقف، والعمل على مواجهة مخاوف العميل من خلال تسميتها والحديث عنها، كأن يقول له: "يبدو أنَّك في حالة من عدم الرَّاحة، وقد تشعر بالخوف من عدم تلبية المنتج لتوقعاتك"؛ ومن ثمَّ يصمت البائع ليترك المجال للعميل بالتكلُّم والتعبير عن مشاعره، لأنَّه سيرتاح كثيراً بمجرَّد تفريغ مخاوفه ومشاعره السَّلبيَّة، وسيكون قادراً على الاستمرار في عملية التفاوض بإيجابيَّة.

3. الإصغاء الجيِّد:

يجب أن يستمع البائع النَّاجح كثيراً ويتكلَّم قليلاً من أجل الوصول إلى معلومات كافية عن طبيعة واهتمامات ونوع العميل المقابِل له، بحيث يعطيه المجال للتكلم والتعبير عن ذاته وعن احتياجاته الفعليَّة.

4. الأسئلة المفتوحة:

يميل البائع النَّاجح إلى سؤال العميل أسئلةً مفتوحة، بحيث يعطيه الفرصة للحديث بصورةٍ أكبر، وبالتالي فهم احتياجاته بصورةٍ أوسع. على سبيل المثال: "ما هو رأيك بمُنتجنا؟ كيف نصل إلى صفقة رابحة للطرفين في رأيك؟ لماذا يبدو عليك أنَّك غير مرتاح؟".

5. تقبُّل الرَّفض:

لا يضطرب البائع النَّاجح في حال سماعه كلمة "لا" من العميل؛ بل يُسعَد بها، فهو يعلم أنَّها تُرِيِح العميل وتسمح له بالشُّعور بالسَّيطرة على الموقف، ويتعامل معها بذكاء، كأن يقول للعميل الَّذي رفض شراء منتجه: "أنا أحترم قرارك، ولكن أتمنى لو منحتَ نفسك وقتاً أطول لاتِّخاذه، في جميع الأحوال هذا رقم الشركة في حال قمتَ بتغيير رأيك، وشكراً لك". يمنح هذا الأسلوب العميل إحساساً بثقة البائع وفرصة لإعادة التفكير في قراره.

6. الثبات الانفعالي:

لا يسمح البائع النَّاجح لانفعالاته بأن تقوده، فهو يعلم أنَّ ردة فعله غير المدروسة حيال أمر ما يقوم به العميل؛ هي الَّتي تحدِّد مجرى التفاوض، لذلك يعمل على الانسحاب المؤقَّت من الموقف في حال شعوره بشحنةٍ زائدة من العصبيَّة، ريثما يهدأ ويعيد السيطرة على مسار الأمور.

7. الابتعاد عن المجادلة:

لا يدخل المفاوِض النَّاجح في جدالات لا طائل منها في أثناء التفاوض بينه وبين شخص آخر على صفقة ما، حتَّى في حال تحدِّي الطَّرف الآخر له ومحاولة إظهار أنَّه على خطأ؛ حيث يدرك المفاوض النَّاجح وجود مشاعر من الحزن أو الخوف أو عدم الثِّقة خلف السُّلوكات الطَّائشة للطَّرف المقابِل له، فيعمل على قلب الأمور لصالحه، من خلال إظهار الاحترام والاستيعاب للطَّرف الآخر، واستخدام مفردات مثل: "نحن" بدلاً عن "أنا وأنت"، والاعتراف بحقِّه في التعبير عن أفكاره، ولا يعني الاعتراف هنا الموافقة على اقتراحه؛ بل بناء جسر تواصل بينهما.

8. تفريغ الهجوم من معناه:

لا يثور غضب المفاوض النَّاجح في حال الهجوم عليه من قبل الطَّرف الآخر؛ بل إنَّه يلفُّ على الهجوم ويُعِيد صياغته بطريقةٍ مختلفة ويفرِّغه من معناه ويوجهه إلى أماكن مختلفة. على سبيل المثال: في حال اتِّهامه بالكذب والنِّفاق من قِبل الطَّرف المقابِل، فإنَّ المفاوض النَّاجح يقول: "أنا أستوعب أنَّك في حالة خوف على مصلحة العمل وأنَّك تريد بشراسة الوصول إلى حل، وهذا يعني أنَّنا متَّفقون من ناحية المبدأ، ولكن هل تعتقد أنَّ هذه الطَّريقة هي الأنسب لإنهاء التفاوض بالشَّكل الصَّحيح؟".

يقوم المفاوض النَّاجح بفهم ما هو مخفي وراء هجوم الطَّرف المقابِل له، وذلك من خلال أسئلته؛ على سبيل المثال: ماذا كنت ستفعل، في حال كونك مكاني؟ ما هي في رأيك أنجح طريقة للوصول إلى حل مناسب؟ ما هي السيناريوهات المحتمَلة في حال قيامنا بكذا؟ ومن ثمَّ يصمت ليعطي المجال للطَّرف الآخر للكلام والتعبير عن مصالحه الخفيَّة.

9. تأطير القضية:

المفاوض النَّاجح هو مَن يوجِّه الطَّرف الآخر؛ بحيث يجعله يرى الأمور من وجهة نظره هو، على سبيل المثال: في حال كان هناك تفاوض ما بين البائع والعميل على سعر المنتج، فالبائع النَّاجح هو مَن ينقل تركيز العميل من السِّعر إلى التفكير بمدى جودة المنتج وملاءمته له.

10. السِّعر المرجعي:

لا يرضخ المفاوض النَّاجح لِما يطلبه منه الطَّرف الآخر من سعر؛ بل يحاول أن يخلق سعراً مرجعياً له بحيث يتمحور التفاوض حوله، على سبيل المثال: إن رغب شخص ما في شراء سيارة معيَّنة، وقال له بائع السيارات أنَّ قيمتها 60 مليون، فهنا يقول له المفاوض النَّاجح: أنَّه يعلم أنَّها بحدود 50 مليون ومن ثمَّ يبدؤون التفاوض عند هذه القيمة، وبهذه الحالة قام المفاوض النَّاجح بزيادة مدى التفاوض وبخلق سعر مرجعي له.

11. البدائل:

لا يدخل المفاوض النَّاجح حلبةَ التفاوض دون وجود حزمة من البدائل معه، بحيث ينتقل إلى البديل الآخر في حال لم يتحقَّق الحل الأساسي، على سبيل المثال: في حال رفض الطَّرف الآخر السِّعر المقدَّم بالعرض الأول، فقد يقدِّم له المفاوض عرضاً آخر بسعر أقل وميِّزات أقل ولكنَّه قد يكون مناسباً له أكثر.

12. الوقت:

ينتبه المفاوض النَّاجح إلى دلالات الوقت في أثناء مرحلة التفاوض، ففي حال لجوء الطَّرف الآخر إلى تسريع وتيرة المفاوَضات للوصول إلى الحل المناسب، أو في حال كان هناك تشدُّداً في البداية لدى الطَّرف الآخر ومن ثمَّ تغيَّر موقفه وأصبح أكثر ليونة، أو أظهر الطَّرف الآخر علامات مباشرة لتقيُّده بوقت معيَّن؛ فهنا يستطيع المفاوض النَّاجح استخدام الوقت كوسيلة ضغط لجعل المفاوَضات تسير لصالحه، كأن يقول للطَّرف الآخر: أنَّ ما يطلبه من منتجات عددها محدود ومطلوبة بشدَّة من السُّوق، أو أنَّه سيكون هناك تغيُّراً مفاجِئاً في سعر المنتج بحيث سيزداد بعد فترة قليلة، وبالتالي هذه فرصةٌ رائعة له عليه أن ينتهزها، أو يقدِّم له عرضاً معيَّناً بمدة محدَّدة، ويجب أن يراعي المفاوض النَّاجح هنا المصداقيَّة التامة فيما يخص مدة العرض الَّتي يقدِّمها.

شاهد بالفيديو: نصائح حول مهارات التفاوض مع الآخرين

13. المناورة:

يستخدم المفاوض النَّاجح كثيراً من المناوَرات في سبيل الوصول إلى صفقة مرضية للطَّرفين. فعلى سبيل المثال: في حال رغبة المفاوض في الوصول إلى عرض آخر من البائع، فعندها قد يلجأ إلى استخدام نبرة الصوت الحاسمة: "لا، لا، أحتاج إلى عرض آخر منك"، قد يعطي هذا الأسلوب شحنةً إلى البائع بضرورة التنازل عن عرضه. وقد يلجأ المفاوض إلى أسلوب المقايضة في المناورة في أثناء التفاوض، كأن يضيف عنصراً ما إلى العرض، بحيث يُرجِّح كفَّة المفاوضة إلى صالحه، ويُشعِر الطَّرف الآخر بأهميَّة العنصر المضاف إلى المعادلة؛ ففي حال رَغِب شخص ما ببيع منزله، ولم يصل إلى سعر مناسب مع المشتري، فيستطيع أن يقدِّم عرضاً آخر إليه، بحيث يشتري أغراض المنزل مع المنزل وبسعر معيَّن يناسب البائع، مع إظهار أهميَّة أغراض المنزل بالنسبة له وبأنَّه قدَّم له عرضاً مغرياً جداً -وإن كانت أغراض المنزل قديمة وغير صالحة.

يسمَّى هذا النوع من المناورة بالمقايضة.

الخلاصة:

البيع مهارةٌ وفن، فلكي تصلَ إلى ما تريد؛ عليك أن تكون مفاوضاً ناجحاً، بحيث تُرضِي نفسك والآخر. كن مرناً، وواعياً، واستخدم لغةَ المشاعر، وحافِظ على ثباتك الانفعالي، وفرِّغ الهجوم من محتواه وضَعه في قالبٍ جديدٍ يخدم مصلحتَك، واستكشِف ما يوجد خلف المشاعر السلبيَّة لدى الآخر، فقد تختفي مشاعر الخوف والشك وعدم الثقة خلف مظاهر الغضب والصُّراخ والهجوم.

 

المصادر: 1، 2، 3، 4، 5، 6، 7، 8، 9




مقالات مرتبطة