التَّعليم النَّظري والتَّطبيق السلوكي

لا يمكن لنا أن ننكر مدى تأثير وسائل التواصل الاجتماعي في كل فرد منا، ودورها في توسيع وجهات النظر واكتساب معارف عن موضوعات مختلفة، إلا أنَّه من الهام الإشارة إلى أمر هام جداً وهو مقدار تعلُّقنا بوسائل التواصل الاجتماعي، حتى باتت في بعض الأحيان هي مصدر أخبارنا ومعلوماتنا.



يقول الكاتب زياد ريس في كتابه "تجربتي لحياة أفضل": مع انتشار أساليب التَّواصُل الاجتماعي أصبح مِن المُلاحَظ الزَّخَم الكبير المتداول في نَشْر المواعظ والنَّصائح مدعومة بآيات القرآن والحديث الشريف، وكذلك ما يتم تداوله من دورات في الإدارة والبرمجة العصبيَّة، وما إلى ذلك.

رغم كثافة تداول هذه المعلومات وانتشارها كالنار في الهشيم، وبشكل يومي، وكذلك مع انتشار تلك الدورات عملياً وازديادها؛ فإنَّه من غير المُلاحَظ الآثار العمليَّة في مجتمعنا، ولا من خلال تعاملاتنا مع بعضنا بعضاً على جميع الشَّرائح، فتوجد فجوة كبيرة بين الممارسات السلوكيَّة التطبيقيَّة وما تحمله هذه المواعظ والحكم والبرامج.

التعليم النظري والتطبيق العلمي:

  1. التَّلقي أو التَّلقين أو المعرفة النظريَّة هامَّة أكيد، ولا أُقلل من أهميتها، ولكنَّها لا تكفي لصناعة حضارة ولتغيير سلوكات وأخلاقيَّات مجتمع، ولا بُد من آليَّات تطبيقيَّة مُرافقة تُكرس المادة النظريَّة.
  2. توجد نزعة خير ورغبة موجودة لدى الكثيرين لعمل الخير ونَشْر الوعي، ولكنَّ هؤلاء الأشخاص يُشْبِعُون هذه الرَّغبات التي لديهم من خلال هذه المواعظ التي ينشرونها بهذه الطريقة؛ ومن خلال عدد من مجموعات التَّواصُل التي يشتركون بها دون أن يدري هؤلاء أنَّ حجم الاستفادة منها ضعيف جداً، ومع ذلك فلا أشجِّع التَّوقُّف عن ذلك.
  3. لا بُدَّ من الحث والبحث باستمرار عن الآليَّات التطبيقيَّة لتكريس هذه المفاهيم الأخلاقيَّة والأدبيَّة والتربويَّة لتكون منهج سلوكات حقيقيَّة في المجتمع.
  4. أعتقد أنَّه من الهام أن يقوم العاملون في سلك التَّعليم والتَّوجيه والدورات التَّدريبيَّة والبرامج العصبيَّة وما إلى ذلك بمُراجعات داخليَّة حقيقيَّة، يعملون من خلالها على دراسة الأفكار التطبيقيَّة وممارستها على الطَّلبة والمُتدرِّبين بشكلٍ عملي.

شاهد بالفديو: أحاديث الرسول محمد ﷺ عن الأخلاق

هنا سوف أورد بعض الأمثلة مع أنِّي لستُ مُتخصِّصاً، وإنَّما من خلال بعض الاطلاع والقراءات المُتنوِّعة:

  1. أن تكون هناك زيارات ميدانيَّة للأطفال للأسواق والحدائق، والسَّير بالشوارع ضِمْن مُراقَبة توجيهيَّة يتم من خلالها تكريس: احترام الآخرين - الحفاظ على الممتلكات العامَّة - احترام الكبير - العطف على الصَّغير - الأمانة - الصِّدق - إلقاء السَّلام وما إلى ذلك.
  2. ترتيب زيارات للمشافي ودور العَجَزة يتم من خلالها: إشعار المريض والعاجز بأهمِّيته وبقيمته وبروح الأُخُوَّة وإدخال السُّرور وما إلى ذلك.
  3. معسكرات مُتقطِّعة يتم من خلالها: تكريس الإيثار - المُبادَرَة - الإقدام - الشَّجاعة - الخدمة العامَّة - الحفاظ على الشَّجر والزرع - التواضع - التَّسامح - الدِّقة بالوقت والمواعيد وما إلى ذلك.
  4. سهرات ونشاطات آخر الأسبوع: تعليم الخطابة - الحوار - النِّقاش البَنَّاء - اختلاف الرأي لا يُفْسِد للوُد قضيَّة - روح المنافسة الشريفة - العمل الجماعي وما إلى ذلك.
إقرأ أيضاً: 8 طرق لتعليم أطفالك الأخلاق الحسنة

ممَّا تقدَّم وفضلاً عن ذلك لا بُدَّ من الاطلاع على تجارب الآخرين في مختلف الحضارات المُتقدِّمة سواء كانت بالشَّرق كاليابان أم في الدُّوَل الأوروبيَّة الغربيَّة الأخرى، ومعرفة الأساليب التَّطبيقيَّة العمليَّة التي يدرسونها ويطبِّقونها على أطفالهم، والاستفادة منها دون أي مكابرة منا بأنَّنا نحمل حضارةً عريقةً، فأنا لا أعترض على الإرث الحضاري لدينا، بل على النقيض من ذلك أفتخر به، ولكنِّي أطلب الممارسات التطبيقيَّة الحديثة التي يجري العمل بها في هذا العصر، وهي سوف تُكرِّس ما نحمله من إرث حضاري أيديولوجي هام.




مقالات مرتبطة