الترابط البشري ينطلق من مفهوم الحقيقة الشاملة

يختلف الناس في كل شيء، وهذا الأمر واضح جداً في يومنا وفي عصرنا هذا، لكن عندما تتمعن جيداً في هذه الفكرة، ستسأل ما مدى هذا الاختلاف؟



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن "إيفان تارفر" (Evan Tarver) كاتب وصاحب عمل حر، يخبرنا فيه عن حقيقة الترابط البشري.

لدينا جميعاً خلايا، وجلد، ودم، وجسم، ودماغ، وحاجات، ورغبات، ومخاوف، وكل واحد منا هو نتاج تجارب متراكمة، فهل نحن مختلفون جداً بعد كل ما سبق؟

نحن نولَد، وننمو، وننجح، ونفشل، ونضحك، ونبكي، ونحاول تجربة كل ما في هذه الحياة وكل ما في هذا الواقع من مزايا ثم نموت، فلا أحد يبقى خالداً أبداً؛ وهذا ما جعلني أفكر هل توجد طريقة للتواصل مع الناس من مختلف مناحي الحياة؟ وهل يمكن لشخص في دولة متطورة أن يتعاطف ويفهم شخصاً في دولة نامية؟ وماذا عن خلاف ذلك؟ حسناً، أنا هنا لأخبرك أنَّ الجواب هو "نعم"، بمكانٍ ما وبطريقةٍ ما.

نحن أكثر ترابطاً مما نعتقد:

نحن نفكر في أنفسنا بوصفنا أفراداً، ومن وجهة نظر فردية، نحن كذلك؛ فلديك وعيك الخاص ومزيج من الطبيعة (العوامل الوراثية) أو التنشئة (التجارب الشخصية) التي تدفعك لإظهار واقعك بطريقة محددة جداً؛ إذ يمكن لشخصين - على سبيل المثال - رؤية نفس حادث السيارة وإدراكه بطريقتين مختلفتين تماماً، فكيف إذاً لا نفكر في أنفسنا بوصفنا أفراداً؟

لكن، إذا فكرت في الأمر بشكل أعمق قليلاً، فستبدأ بإدراك أنَّك مجرد جزء صغير من هذا النسيج العام للكون؛ فقد وُلِدتَ مثلما يُولَد أي شيء آخر، وعندما يفنى جسدك بعد ذلك، سيُستخدَم لبناء شكلٍ جديدٍ من أشكال الحياة، وكما ترى، نحن أكثر ارتباطاً مما تعتقد، وستبقى كذلك طالما أنَّك حي.

قد يتفاعل جسمك مع محيطك بطرائق نادراً ما تفكر فيها، وتسمح بشرتك المليئة بالمسام بدخول أشياء إلى جسمك وطرح أشياء أخرى منه، كما يتأثر العالم من حولك ويتغير من خلال أفعالك، ومن ثم، أنت وأفعالك تتغيران وتتأثران أيضاً بالعالم من حولك، وصدِّق أو لا تُصدِّق، نحن مرتبطون حتى قبل أن نولَد.

يؤمن الكثير من الناس باللاوعي الجمعي للبشرية؛ فهو مجموع المعارف والمعلومات التي تلقَّاها جنسنا البشري على مدى آلاف السنين، وقد يبدو الأمر غريباً، وإلى حدٍّ ما، هو كذلك، لكن يعتقد العديد من الناس بمن فيهم كبار العلماء أنَّ المهارات اللغوية، وسمات البقاء على قيد الحياة، وأجزاء من المعرفة التاريخية متجذرة بقوة في حمضنا النووي؛ وهذا يساعد جنسنا البشري على النمو والازدهار.

لذلك، نحن نقف على أكتاف العمالقة ونكتشف الحقائق بناءً على الاكتشافات السابقة؛ لأنَّ أسلافنا ساعدونا من خلال نقل معلوماتهم ومعرفتهم، وبهذه الطريقة - من الولادة، إلى الحياة، إلى الموت - نحن أكثر ارتباطاً ببعضنا بعضاً أكثر مما يدركه أي شخص.

شاهد بالفيديو: 10 طـرق لتفكـر بوضوح أكثر

تكلَّم من منطلق الحقيقة الشاملة:

يمكننا جميعاً التواصل مع بعضنا بعضاً من منطلق الحقيقة الشاملة، لكن ما هي الحقيقة الشاملة؟ حسناً، إنَّها شيء يبدو "حقيقياً" لأي شخص يراه أو يسمعه أو يقوله، ولقد توصلت إلى هذا الاستنتاج في أثناء كتابة أحدث رواياتي؛ فعند إنشاء قصة، يكون أهم جزء فيها هو جعل هذه القصة صادقة، وهذا لا يعني أنَّه لا يمكنك كتابة شيء من مخيلتك، لكن ما يعنيه هو وجود مواقف معينة تبدو حقيقية للقارئ، ومواقف أخرى تبدو خاطئة.

يمكنك كتابة قصة عن نيزك اصطدم بالأرض وقتل الجميع - كما فعلت أنا - وإذا كان الأشخاص في القصة يتصرفون وفقاً للطريقة التي يعتقد القارئ أنَّهم سيتصرفون بها، فإنَّ القصة صحيحة، ومن ناحية أخرى، إذا تصرفت الشخصيات بشكل مخالف تماماً لما يشعر به القارئ جيداً، فستكون القصة خاطئة.

كذلك هي الحياة الحقيقية؛ إذ يتصرف البشر بطرائق معينة في حالاتٍ معينة، وتوجد مجموعة واسعة من تلك الحالات، وبعض الناس يفعلون أشياء مرعبة ومذهلة لا يمكننا حتى فهمها، لكن في كلتا الحالتين يتصرف الجميع بنفس الطريقة، فنحن مهيؤون فطرياً للقيام بأشياء معينة في مواقف معينة؛ فهي غريزة البقاء؛ وهذا يعني أنَّنا يمكن أن نرتبط ونتعاطف مع أي شخص تقريباً، بمعنى ما.

يمكننا أيضاً أن نضع أنفسنا في مكان شخص آخر ونفكر كيف سيتصرف؛ إذ لا يتوقف الأمر على التعاطف معه فحسب؛ بل مشاركة مشاعره، ويمكننا أن نتحدث من منطلق الحقيقة الشاملة حتى يفهم الجميع، وأن ننظر من منطلق الحقيقة الشاملة حتى نفهم.

إقرأ أيضاً: مهارات الاتصال والتواصل

في الختام:

في المرة القادمة التي تنظر فيها إلى شخص يبدو مختلفاً عنك، أدرك أنَّك لست مختلفاً تماماً، وبعد ذلك، عندما يحين وقت التواصل مع الأشخاص من حولك، انظر واستمع وتحدَّث من منطلق الحقيقة الشاملة، ولا تقلق، سوف يفهم الناس.

المصدر




مقالات مرتبطة