التخطيط لحالات الطوارئ: وضع "خطة ب" مُحْكَمة

الحرائق، والفيضانات، والأعاصير جميعها أشياء ترتبط عندنا عادةً بحالات الطوارئ. ولكن ماذا لو أفلس مزوِّدك الرئيس بشكلٍ مفاجئ؟ أو أصاب جميع مندوبي المبيعات لديك تسمُّمٌ غذائي في أثناء مؤتمر المبيعات السنوي؟ أو أنَّ المحاسب اتصل بك ليخبرك بأنَّه مريض في يوم تسليم الرواتب؟

يمكن لجميع هذه الأشياء التسبُّب بالفوضى ما لم تتهيأ لها بشكلٍ مناسب والتخطيط لحالات الطوارئ هو جزءٌ أساسيٌّ من هذا التهيؤ. كما ترى فإنَّ التخطيط لحالات الطوارئ لا يُعنى فقط بالتخطيط للكوارث الرئيسية. فهو معنيٌّ على نطاقٍ أصغر بأحداثٍ من قبيل فقدان البيانات، والموظفين، والزبائن، والمزوِّدين، وغير ذلك من الأحداث المجهولة التي لها آثار تخريبية. لهذا السبب من المهم جعل التخطيط لحالات الطوارئ جزءاً اعتياديَّاً من طريقة عمل شركتك.



أولاً: تقويم الخطر:

تظهر الحاجة إلى وضع خططٍ للطوارئ بعد إجراء تحليلٍ شامل للمخاطر التي تواجهها منظمتك. حيث يُعَدُّ هذا مفيداً عند التفكير في المشاريع الجديدة والحالية. أي عند التفكير في الذي يمكن حدوثه عندما لا تعمل "الخطة أ" كما هو متوقَّع؟ تعني "الخطة أ" في بعض الأحيان "العمل الاعتيادي" وفي أحيانٍ أخرى عندما تكون خطط إدارة الخطر أكثر تعقيداً تمثِّل "الخطة أ" استجابتك الأولى للتعامل مع خطرٍ مُعيَّن. وعندما لا تعمل "الخطة أ" عندها تستخدم خطة الطوارئ الخاصة بك. استخدم هذه المبادئ في عملية تقويم الخطر الخاصة بك:

1- التعامل مع جميع العمليات التي تُعَدُّ مُهمةً بالنسبة إلى العمل:

تحدد الخطة الجيدة جميع وظائف العمل الأساسية وتبيِّن طرائق التقليل من الخسائر.

2- تحديد المخاطر:

أجرِ تحليلاً للخطر الذي قد يواجه كل وظيفة من هذه الوظائف وذلك لتحديد المخاطر المتنوعة التي قد تواجه عملك. ما هي احتمالات أن يتعطل عملك بشكلٍ كبير أو أن يلحق الأذى به؟ ينتج عن تحليل الخطر هذا عادةً قائمة ضخمة من التهديدات المُحتملة. إذا حاولت وضع خطة طوارئ لكل واحدٍ من هذه التهديدات قد يصيبك الارتباك، لهذا السبب يجب عليك تحديد أولوياتك.

3- التعامل مع المخاطر حسب الأولوية:

أحد أبرز التحديات عند التخطيط لحالات الطوارئ هو التأكُّد من أنَّك لا تبالغ في التخطيط. يجب عليك الموازنة بحذر بين المبالغة في التهيؤ لشيءٍ قد لا يحدث أبداً وبين التهيؤ بشكل مناسبٍ لهذا الشيء بحيث تستطيع التجاوب بشكلٍ سريعٍ وفعال عندما تحدث أزمةٌ ما.

4- جداول تأثير/احتمال الخطر:

تساعدك هذه الجداول على الوصول إلى هذا التوازن. حيث تقوم من خلال هذه الجداول بتحليل تأثير كل خطر من الأخطار وتقويم احتمال حدوثه. تستطيع حينها تحديد الأخطار التي يمكنك أن تطبق عليها عملية تخفيف الخطر (risk mitigation). تُعَدُّ بعض العمليات الضرورية للاستمرار على المدى الطويل كالحفاظ على التدفق النقدي، ودعم الطاقم، والحصة السوقية عادةً على رأس هذه الأخطار.

لاحظ أنَّ التخطيط لحالات الطوارئ ليس الفعل الوحيد الذي يظهر نتيجةً لتحليل الخطر. فوفقاً لنتيجة تحليل الخطر يمكنك إدارة الخطر من خلال استخدام الأصول الحالية بشكلٍ أكثر فعالية، أو من خلال الاستثمار في مصادر أو خدمات جديدة تساعدك على إدارة هذا الخطر (كالتأمين). إذا كان ثمة أيضاً خطرٌ يُعَدُّ حدوثه أمراً غير مُرجَّح يمكنك أن تقرر ألَّا تقوم بأي شيءٍ حياله والتعامل معه عند ظهوره.

ثانياً: تحديات التخطيط لحالات الطوارئ:

يجب أن تدرك وجود عائقين رئيسيَّين عندما تبدأ عملية التخطيط لحالات الطوارئ:

  • لا يشعر الأشخاص غالباً بالرغبة في تطوير "خطة ب" ذلك لأنَّ لديهم تعلقاً عاطفيا "بالخطة أ" التي يريدون رؤيتها تُطبَّق على أرض الواقع. ولكن من المؤكَّد أنَّه يجب عليك التفكير بشكلٍ معمق عند وضع "الخطة ب".
  • يكون احتمال حدوث الأزمات في أغلب الأحيان احتمالاً ضئيلاً لذلك فإنَّ الأشخاص لا ينظرون إلى التخطيط لحالات الطوارئ بوصفه نشاطاً ضروريَّاً. ولكن هذا يمكن أن يعني للأسف تذيُّلَ التخطيط لحالات الطوارئ قائمة مهامهم بصفته المهمة التي لا يتم تنفيذها أبداً.

ثالثاً: تطوير الخطة:

تذكر هذه التوجيهات عندما يحين موعد تجهيز خطة الطوارئ الخاصة بك:

1- إنَّ هدفك الأساسي هو الحفاظ على سير العمليات:

تعرَّف عن قرب إلى ما تحتاج إلى القيام به لتقديم الحد الأدنى من مستوى الخدمة والوظائف.

2- حدد مُدداً زمنية:

ما الذي يجب عليك القيام به في أثناء الساعة الأولى التي تلي البدء بتنفيذ الخطة؟ وفي أثناء اليوم الأول؟ وفي أثناء الأسبوع الأول؟ إذا نظرت إلى الخطة بهذه الطريقة فسيقلُّ احتمال إغفالك للتفاصيل المهمة.

3- حدد الحافز:

ما هو الأمر الذي سيدفعك على وجه الخصوص نحو تنفيذ خطة الطوارئ؟ حدد الإجراءات التي ستتخذها، وموعد اتخاذها، ومن هو المسؤول في كل مرحلة، وما هو نوع عملية تقديم التقارير التي يجب اتباعها.

4- فلتكن خطتك بسيطة:

أنت لا تعلم من سيقوم بقراءة الخطة وتنفيذها لذا استخدم لغةً واضحةً وبسيطة.

5- فكر في القيود التي ستكون مفروضة عليك في أثناء تنفيذ "الخطة ب":

هل ستكون منظمتك قادرةً على العمل بالطريقة نفسها إذا ما توجَّب عليك تنفيذ "الخطة ب"، أم أنَّ "الخطة ب" ستقلل من الإمكانات؟

6- حدد احتياجات الجميع:

هل حدَّدَ الأشخاص العاملون في الشركة ما الذي يتوجب عليهم الحصول عليه بالحد الأدنى على الأقل من أجل استمرار العمليات.

7- حدد طبيعة النجاح:

ما الذي تحتاج إلى القيام به من أجل العودة إلى "العمل الاعتيادي"؟

8- أدرج خططاً للطوارئ في إجراءات التشغيل المعيارية (standard operating procedures):

تأكَّد من تقديم تدريبٍ أوليٍّ على الخطة وإطلاع الجميع على التغيرات الحاصلة.

9- قم بإدارة المخاطر المُحدِقة بك:

ابحث عن فرصٍ للتخفيف من الخطر كلَّما كان ذلك ممكناً. قد يساعدك هذا في التقليل أو حتى التخلص من الحاجة إلى خطط طوارئٍ كاملة في مجالاتٍ معيَّنة.

10- حدد نقاط الضعف التي لها علاقة بالعمليات:

قدم معياراً لتوثيق عملية التخطيط وابحث عن فرصٍ لتحسين الأداء.

رابعاً: المحافظة على الخطة:

بعد تجهيز خطة الطوارئ فإنَّك في حاجةٍ إلى القيام بعدد من الأشياء لكي تبقى هذه الخطة خطةً عمليةً ومناسبة. فبينما تطرأ تغيُّراتٌ على عملك فإنَّك تحتاج إلى مراجعة هذه الخطط وتحديثها بما يتناسب مع هذه التغيرات. هذه بعض الخطوات الرئيسة في عملية المحافظة على خطة الطوارئ:

  • وضِّح الخطة لجميع العاملين في المنظمة.
  • أطلع الموظفين على أدوارهم ومسؤولياتهم المرتبطة بالخطة.
  • قدم التدريب الضروري ليكون الموظفون قادرين على تأدية هذه الأدوار وتحمل تلك المسؤوليات.
  • قم بإجراء تمارين تحاكي التعرض للكوارث عندما يكون ذلك ممكناً.
  • قوِّم نتائج التدريب والتمارين وقم بأي تغييرات ضرورية.
  • راجع الخطة بشكلٍ دوري لا سيما إذا ما كان ثمَّة تغييرات تقنية، ومرتبطة بالعمليات، وبالأفراد.
  • انشر الخطط المُعدَّلة في الشركة وتأكَّد من التخلُّص من الخطة القديمة.
  • دقق الخطة بشكلٍ دوري:
  1. أعد تقويم المخاطر المحيطة بالعمل.
  2. حلل الجهود المبذولة للتحكم في الخطر من خلال مقارنة الأداء الفعلي مع مستويات الأداء المذكورة في خطة الطوارئ.
  3. قدم التوصيات وأجرِ التغييرات عندما يكون ذلك ضرورياً.

النقاط الرئيسة:

إنَّ التخطيط لحالات الطوارئ هو من بين الأمور التي يتم تجاهلها في العديد من الشركات. وبما أنَّ العمليات اليومية تسبب الإرهاق وأنَّ احتمال حدوث اضرابات جوهرية في العمل احتمالٌ ضئيلٌ للغاية، لذا من الصعب بذل الوقت لتجهيز خطة محكمة. ولكنَّك إذا كنت فاعلاً على المدى القصير فإنَّ ذلك سيساعدك على ضمان التعافي بشكلٍ أسرع وأكثر فعالية من الانتكاسات التي تصيبك على مستوى العمليات وقد تحمي منظمتك من الإخفاق الذي تجسده المخاطر. يتطلب التخطيط لحالات الطوارئ استثمار الوقت والموارد ولكنَّك إذا أخفقت في القيام بذلك أو قمت به بشكلٍ سيء فإنَّ التكلفة ستكون باهظة عندما تحلُّ الكارثة.

 

المصدر: هنا




مقالات مرتبطة