التحسين المستمر: كيف يعمل؟ وكيف نتقنه؟

إنَّ التحسين المستمر هو التفاني في إجراء تغييرات وتحسينات ذاتية صغيرة كلَّ يوم، مع أمل أن تضيف هذه التحسينات إلينا شيئاً هاماً. والأسلوب النموذجي للتحسين الذاتي هو تحديد هدفٍ كبير، ثمَّ محاولة القيام بقفزات كبيرة من أجل تحقيقه في أقلِّ وقت ممكن؛ وقد يبدو هذا جيداً من الناحية النظرية، إلَّا أنَّه غالباً ما ينتهي بالإرهاق والإحباط والفشل؛ لذلك يجب أن نركز على التحسين المستمر عن طريق تعديل عاداتنا وسلوكاتنا اليومية الطبيعية تدريجياً.



إنَّه لمن السهل تجاهل قيمة اتخاذ قرارات يومية أفضل قليلاً؛ إذ لا يُعدُّ التمسك بالأساسيات رائعاً، ولا يعدُّ الوقوع في الحب المترافق مع الملل مثيراً، ولن يتصدر تحسُّن النسبة بمقدار 1% عناوين الصحف؛ ومع ذلك، هناك شيءٌ واحد بخصوصه، وهو أنَّه ينجح.     

كيف يعمل التحسين المستمر؟

غالباً ما نقنع أنفسنا بأنَّ التغيير لا معنى له إلَّا إذا ترافق بنتيجةٍ مرئيةٍ كبيرةٍ إلى حدٍّ ما؛ سواء أكان ذلك فقدان الوزن، أم تأسيس شركة، أم السفر حول العالم، أم أيَّ هدفٍ آخر؛ إذ غالباً ما نضغط على أنفسنا لتحقيق بعض التحسينات المزلزلة التي ستكون محور اهتمام الجميع.

وفي الوقت نفسه، لن يكون التحسُّن بنسبة 1% فقط جديراً بالذكر، وربَّما لا يكون ملحوظاً أحياناً؛ ولكن يمكن أن يكون ذا مغزى، خاصة على المدى الطويل.

في البداية، لا يوجد فارقٌ أساساً بين اتخاذ خيار أفضل أو أسوأ بنسبة 1%؛ وبعبارةٍ أخرى: لن يؤثر ذلك فيك كثيراً اليوم؛ ولكن مع مرور الوقت، ستجد فجأةً مع هذه التحسينات الصغيرة فجوةً كبيرةً جداً بين الأشخاص الذين يتخذون قرارات يومية أفضل قليلاً، وأولئك الذين لا يفعلون ذلك.

إذا تحسَّنتَ بنسبة 1% كلَّ يوم لمدة عامٍ واحد، فسينتهي بك الأمر بأن تكون أفضل بـ 37 ضعفاً ممَّا أنت عليه الآن.

هذا هو السبب في أنَّ الخيارات الصغيرة لا تُحدِث فارقاً كبيراً على الفور، ولكنَّها تتراكم لتضيف تحسناً مذهلاً على المدى الطويل.

إقرأ أيضاً: 5 نصائح لتنمية وتطوير عقلك باستمرار

أدوات التحسين المستمر:

لنتحدث الآن عن بعض الخطوات السريعة التي يمكنك اتخاذها الآن لبدء التركيز على التحسين المستمر:

الخطوة 1، قم بالمزيد ممَّا ينجح بالفعل:

غالباً ما نهدر الموارد والأفكار التي في متناولنا لأنَّها لا تبدو جديدة ومثيرة.

هناك العديد من الأمثلة على هذه السلوكات الكبيرة والصغيرة التي يمكن أن تؤثر في التقدم في حياتنا إذا فعلناها باستمرار، مثل: تنظيف أسناننا كلَّ يوم، وعدم تفويت التدريبات، والقيام بمهام العمل الأساسية كلَّ يوم، وكتابة ملاحظات شكر كلَّ أسبوع.

غالباً ما يختبئ التقدم وراء الحلول المملة والرؤى غير المُستغلَّة؛ فأنت لا تحتاج أكثر من هذا، بل إلى استراتيجيةٍ أفضل؛ لذا ما عليك سوى القيام بمزيدٍ ممَّا ينجح بالفعل.

الخطوة 2، تجنَّب الخسائر الصغيرة:

لا يتعلق التحسُّن في كثير من الحالات بفعل مزيدٍ من الأشياء بطريقة صحيحة، بل بفعل أشياء أقلَّ بطريقة خاطئة.

يُسمَّى هذا المفهوم "التحسين عن طريق الطرح"، والذي يركز على القيام بأقلِّ قدرٍ ممَّا لا ينجح، مثل: تجنُّب الأخطاء، وتقليل التعقيد، والتخلص من الأشياء غير الضرورية.

وهنا بعض الأمثلة:

  • التعليم: تجنَّب الأخطاءالسخيفة، واجعل الأخطاء الذهنية أقل.
  • الاستثمار: لا تخسر المال أبداً، وقلِّل المخاطر.
  • تصميم الويب: أزِل العناصر التي تظهر على الصفحات وتشتت الزوار.
  • التمرين : فوِّت تدريبات رياضية أقل.
  • التغذية: تناول كميات أقل من الأطعمة غير الصحية.

غالباً ما يكون من السهل تحسين أدائك من خلال تجنُّب بعض الأفعال بدل القيامِ بأخرى؛ فالطرح طريقة عملية أكثر من الإضافة. لذا فإنَّ واحدة من أفضل طرائق تحقيق مكاسب كبيرة هي تجنُّب الخسائر الصغيرة.

إقرأ أيضاً: تجنب الخسائر الصغيرة لتحقيق مكاسب كبيرة

الخطوة 3، القياس للخلف:

غالباً ما نقيس تقدمنا ​​من خلال التطلع إلى المستقبل؛ فنحن نحدد الأهداف ونخطط معالم تقدمنا، ونحاول التنبؤ بالمستقبل إلى حدٍّ ما.

هناك نهجٌ معاكس، ومن المعتقد أنَّه أكثر فائدة، وهو القياس للخلف وليس للأمام.

يعني القياس للخلف أنَّك تتخذ قرارات بناءً على ما سبق حدوثه، وليس على ما تريده أن يحدث؛ وفيما يأتي بعض الأمثلة على ذلك:

  • تخفيف الوزن: هل تناولت 3500 سعرة حرارية يومياً الأسبوع الماضي؟ ركز على متوسط ​​3400 سعرة يومياً هذا الأسبوع.
  • قوة التدريب: هل رفعت 113 كيلوغرام على 5 مجموعات من تمرينات الأسبوع الماضي؟ جرب الوصول إلى 120 كيلوغرام هذا الأسبوع.
  • العلاقات: كم عدد الأشخاص الجدد الذين التقيتهم الأسبوع الماضي؟ صفر؟ ركز إذاً على تقديم نفسك إلى شخصٍ جديدٍ هذا الأسبوع.
  • ريادة الأعمال: لقد حصلت على عميلين فقط في الأسبوع الماضي، في حين أنَّ متوسطك هو ​​خمسة؟ يبدو أنَّك يجب أن تركز على القيام بمزيدٍ من اتصالات المبيعات هذا الأسبوع.

قس للخلف ثمَّ تحسَّن قليلاً؛ واسأل نفسك دائماً: ماذا فعلت الأسبوع الماضي؟ وكيف يمكنني التحسين قليلاً هذا الأسبوع؟

 

المصدر




مقالات مرتبطة