الإفراط في الأكل: أوله متعة وآخره بدانة وندامة

عيد الاضحى، او العيد الكبير كما يسميه المغاربة، يعد مناسبة للاحتفال بالاطباق التقليدية المعدة باللحوم أساسا. فالمعروف عن المغاربة عدم تفريطهم في أي جزء من اجزاء الخروف، وبالتالي خصصوا لكل واحد طبقا مميزا، بدءا من الرأس والأحشاء والكوارع (الأرجل) الى الشحوم التي تتحول بدورها الى وجبة في حد ذاتها في أيام الشتاء الباردة،



وحتى في الأيام العادية، من خلال ما يعرف بـ «الخليع»، وهي وجبة تحضر بتذويبها على نار هادئة كل مرة ينوى تناولها، إما في الفطور مع الشاي أو كوجبة رئيسية بإضافة البيض إليها. الطريف ان طعمها اللذيذ ينسي المغاربة ما تحتويه من سعرات حرارية عالية، فتذوب مع دهونها أي مخاوف من الكوليسترول وما شابه من أضرار صحية. وتختلف اطباق العيد حسب المناطق، لكن يبقى اشهرها طبق الكسكس برأس الخروف والبصل والزبيب المعسل، إلى جانب طبق «التقلية» المحضر من أحشاء الخروف المتبلة بالثوم والقزبرة، أو الكباب، وهو ما يطلق عليه في المغرب «قضبان» ويكون إما باللحم المشوي، او بالكبد الملفوف في قطع صغيرة من الشحم، إلى جانب طبق «المروزية»، الذي يكاد يرتبط بمناسبة عيد الاضحى. ويعد باللحم والزبيب المعسل واللوز المقلي. كما ان هناك أطباقا أخرى لصيقة بالعيد ويتم استهلاكها من طرف الاسر المغربية بنهم طيلة ايامه ومن دون أي تفكير في مضاعفاتها، لكن ما إن ينتهي العيد، حتى تبدأ المعاناة والتساؤلات عن مدى صحة ما تم استهلاكه، خصوصا بعد ان تبدأ بعض الأعراض في الظهور، وأغلبها مترتبة عن تناول اللحوم بإفراط. يقول الدكتور عبد الكريم القادري، خبير السكري والغدد والتغذية لـ «الشرق الاوسط»، ان عيد الاضحى هو مناسبة دينية، والمطلوب فيها التصدق بلحوم الاضاحي على الفقراء والمحتاجين، لكن الملاحظ ان غالبية الناس يتجاهلون ذلك، ويعمدون الى تخزين اللحوم في الثلاجات، أو تحضير أطباق تدوم مدة طويلة، مثل «الخليع» و«المروزية» وغيرهما، لاستهلاكها اطول مدة ممكنة.

اما بخصوص الاضرار المترتبة عن الافراط في استهلاك لحوم الاغنام فهي كثيرة برأيه، على رأسها البدانة والزيادة في الوزن «فالاشخاص الذين يعانون من البدانة، او الذين لديهم استعداد وراثي للاصابة بهذا المرض يعانون أكثر، إذ يساهم استهلاكهم للحوم الاغنام في مضاعفة معاناتهم، لا سيما وقد تترتب عنها، كما هو معروف، امراض اخرى مثل السكري وارتفاع ضغط الدم». وحذر القادري ايضا المصابين بارتفاع نسبة الدهون في الجسم من الافراط في تناول لحوم الغنم، لأن نسبة الكوليسترول مركزة فيها اكثر من لحوم البقر.
وفي سياق ذلك، انتقد القادري عادة المغاربة بلف قطع الكبد بالشحوم وشيها على النار في اليوم الاول من العيد، وقال ان تناولها مضر بالصحة، وقد يؤدي الى ارتفاع نسبة الكوليسترول في الدم، ناهيك عن تأثيرها الضار لدى المصابين به اصلا. «نفس الامر بالنسبة لتناول لحم الرأس الذي توجد به نسبة عالية ومركزة من الكوليسترول اكثر من اللحم» كما قال.
ونصح القادري المصابين بمرض تضخم الغدة الدرقية بتناول لحوم الغنم بعد إزالة الشحم تماما، تجنبا للاصابة بأمراض اخرى مثل داء النقرس، والذي يظهر على شكل آلام وانتفاخ في اصابع القدم، مؤكدا ان القصد من نصائحه ليس اثارة الخوف والرعب في النفوس أو افساد متعة الاحتفال بالعيد، بل هي دعوة للتوازن والاكل باعتدال، وتجنب بعض العادات السيئة التي تم توارثها من دون إدراك اضرارها الكثيرة.

المصدر: موقع كتابي دوت كوم