الإبداع في العملية التربوية - وسائله ونتائجه

سنتناول قضايا الإبداع التي تخدم العملية التربوية، ولماذا يجب علينا أن نعمل على إدخاله ضمن صفوف دمارسنا، وما هي أهم مجالاته.



أولاً: أهداف الإبداع في العملية التربوية

الهدف القريب: تقبُّل التفكير الإبداعي وتعديل الاتجاهات الإبداعية والتسامح مع الاختلاف العقلي وتقبُّله والتعرف على ماهيته ومراحله وأساليب تنميته، ومعوقاته.

الهدف الوسيط: توفير مناخ تعليمي يساعد الطلاب على تفجير طاقاتهم الإبداعية وتنميتها.

الهدف البعيد: ممارسة المعلّم والمتعلّم العملية الإبداعية ومهارات التفكير الإبداعي.

إقرأ أيضاً: مفهوم الإبداع ومعوقات التفكير الإبداعي

ثانياً: أسباب الاهتمام في الإبداع في العملية التربوية

1 ـ يعتبر الإبداع والتفكير الإبداعي من أهم الأهداف التربوية في التربية.

2 ـ تربية وتعليم التلاميذ المبدعين في الدول المتقدمة كان من العوامل الأساسية التي أدت إلى التقدم العلمي والاقتصادي في العصر الحديث.

3 ـ إذا كان الإبداع والاهتمام بالمبدعين مهماً بالنسبة للمجتمعات المتقدمة صناعياً، فإنّه ينبغي أن تتزايد أهميته في الدول النامية، بل وتتفوق عليها في اهتمامها به.

إقرأ أيضاً: 10 طرق يمكن للمعلمين اتّباعها لجعل التعليم أكثر متعة

ثالثاً: افتراضات الإبداع في العملية التربوية

1 ـ هل الإبداع صفة جسمية وراثية في المتعلم؟

إن كانت الإجابة نعم! فمن الصعب إثارته وتحسينه بالتعليم.

أدب الإبداع يؤكّد أنّه شكلاً من أشكال النشاط العقلي يمارسه المتعلم، ويتمتع جميع الطلاب بدرجة معينة من الإبداع، ولو أنّهم يختلفون في الكم وليس في النوع في هذه الصفة، وهذا يعني إمكانية تعليم الإبداع والتدريب على ممارسته.

2 ـ هل بيئة التعلم الشائعة تنمي القدرة على الإبداع؟

إنّ تنمية القدرة على الإبداع والتفكير الإبداعي رهن اقتناع المعلمين والمسؤولين عن المؤسسة التربوية بأهمية الإبداع والمبدعين وتنمية قدراتهم الإبداعية.

وإخلاص المعلم وحماسه لإفادة الطلاب ورعاية المبدعين لا يقل أهمية في التدريس من أية عوامل أخرى تتعلّق بالعملية التدريسية.

3 ـ هل يمكن إكساب المتعلّم القدرات الإبداعية بدون توافر الاستعدادات والاتجاهات اللازمة للإبداع؟

المتعلّم بما يملك من قدرات عقلية واتجاهات إيجابية إبداعية، فإنّه يمكنه تقبُّل وممارسة العملية الإبداعية من خلال ممارسة النشاطات التدريسية التعلمية التي تُعرّضه لمشكلات تستثير وتتحدى قدراته العقلية، وبدون توافر هذه القدرات تُصبح مشاركة المتعلم وانغماسه في العملية الإبداعية أمراً مشكوكاً فيه.

إقرأ أيضاً: أنماط التدريس الأربعة

رابعاً: ما هو الإبداع في العملية التربوية؟ وما هي مجالاته؟

الإبداع في العملية التربوية هو تحديد المفهوم الدقيق للإبداع يساعد المعلمين على التعرّف إلى الطلاب المبدعين، أو ذوي القدرات والاتجاهات الإبداعية.

وإنّ مراجعة البحوث والدراسات التربوية والنفسية أظهرت أنّ الإبداع متعدّد المجالات، ويمكن النظر إليه من خلال أربعة مجالات هي:

1 ـ المجال الأول: مفهوم الإبداع بناءً على سمات الشخص المبدع Creative Person:

هو المبادأة التي يبديها المتعلّم في قدرته على التخلص من السياق العادي للتفكير وإتباع نمط جديد من التفكير، ويذكر جيلفورد Guilford أنّ المتعلّم المبدع يتّسم بسمات عقلية أهمها: الطلاقة Fluency والمرونة Flexibility والأصالة Originality .

2 ـ المجال الثاني: مفهوم الإبداع بناء على أساس الإنتاج Creative Product:

يلخّص خير الله الإبداع بأنّه "قدرة المتعلّم على الإنتاج بشكل يتميّز بأكبر قدر من الطلاقة الفكرية، والمرونة التلقائية والأصالة وبالتداعيات البعيدة وذلك كاستجابة لمشكلة أو موقف مثير".

وهكذا يعبّر التفكير الإبداعي عن نفسه في صورة إنتاج شيء جديد، أو التفكير المغامر، أو الخروج عن المألوف، أو ميلاد شيء جديد سواء كان فكرة أو اكتشافاً أو اختراعاً بحيث يكون أصيلاً Original وحديثاً Novel .

ويؤكّد بعض المربين على أنّ الفائدة شرط أساسي في التفكير والإنتاج الإبداعي. وبالتالي فإنّ إطلاق مفهوم الإبداع لا يجوز على إنتاج غير مفيد، أو إنتاج لا يحقّق رضا مجموعة كبيرة من الناس في فترة معينة من الزمن.

3 ـ المجال الثالث: مفهوم الإبداع على أنّه عملية Creative Process:

يُعرّف تورانس Torrance الإبداع بأنّه "عملية يصبح فيها المتعلّم حساساً للمشكلات، وبالتالي هو عملية إدراك الثغرات والخلل في المعلومات والعناصر المفقودة وعدم الاتساق بينها، ثم البحث عن دلائل ومؤشرات في الموقف وفيما لدى المتعلّم من معلومات، ووضع الفروض حولها، واختبار صحة هذه الفروض والربط بين النتائج، وربما إجراء التعديلات وإعادة اختبار الفروض".

إقرأ أيضاً: أسرار حل المشكلات

4 ـ المجال الرابع: مفهوم الإبداع بناءً على الموقف الإبداعي أو البيئة المبدعة Creative Situation:

يُقصد بالبيئة المبدعة المناخ بما يتضمنه من ظروف ومواقف تيسر الإبداع، أو تحول دون إطلاق طاقات المتعلّم الإبداعية. وتُقسّم هذه الظروف إلى قسمين هما:

أ- ظروف عامة: ترتبط بالمجتمع وثقافته، فالإبداع ينمو ويترعرع في المجتمعات التي تتميز بأنّها تهيئ الفرص لأبنائها للتجريب دون خوف أو تردّد، وتُقدم نماذج مبدعة من أبنائها من الأجيال السابقة كنماذج يتلمّس الجيل الحالي خطاها، وبالتالي تُشجّع على نقد وتطوير الأفكار العلمية والرياضية والأدبية.

وقد أعدّ تورانس تقريراً حول زيارته لليابان للمقارنة بين تأثير كل من الثقافتين اليابانية والأمريكية على الإنجاز الإبداعي، وقد ذكر أنّه وجد في اليابان 115 مليوناً من فائقي الإنجاز ـ وهم جميع سكان اليابان ـ بعكس أمريكا. ويفسر تورانس ذلك في ضوء ثقافة المجتمع الياباني الميسر للإبداع والتفكير الإبداعي، ومظاهر الجد والدقة والنظام والصرامة والجهد المكثف، والتدريب على حل المشكلات بدءاً من مرحلة رياض الأطفال.

ب- ظروف خاصة: وترتبط بالمعلمين والمديرين والمشرفين التربويين وأدوارهم في تهيئة الظروف والبيئة الصفية والمدرسية لتنمية الإبداع لدى الطلاب.

تعدّدت وسائل قياس الإبداع والمقاييس المستخدمة للتعرف على الطلاب المبدعين وعليه ظهرت مقاييس لسمات الشخصية مثل قائمة سمات التفكير المبدع (Torance) ومقاييس القدرة على التفكير الإبداعي، وقائمة السمات للشخصية المبدعة (خير الله 1981) ومقاييس الاتجاه نحو الإبداع (زين العابدين درويش 1983) ... الخ. بإمكانك تحميل الملف المرفق من أجل بقية البحث.

 

المرجع:

د. يسرى مصطفى السيد\جامعة الإمارات ـ كلية التربية ـ مركز الانتساب الموجه بأبو ظبي