الأنظمة التمثيلية

نحن نستخدم حواسنا الخمس للتفاعل مع العالم وجمع المعلومات منه، وغالباً ما تُختصر الحواس إلى الأحرف الأولى من أسمائها في مجال البرمجة اللغوية العصبية (NLP): بصري (Visual)، وسمعي (Auditory)، وحسي-حركي (Kinaesthetic)، وشمي (Olfactory)، وذوقي (Gustatory).



الأنظمة التمثيلية

بعد مرور هذه المعلومات الحسية عبر مرشحات الإدراك الحسي، نعيد تمثيل العالم في داخلنا باستخدام هذه الأنظمة الخمسة؛ لذلك تسمى "الأنظمة التمثيلية" (representational systems)، إنَّه أشبه بفيلم يدور في رؤوسنا، نعايشه بكل حواسنا، فهو لا يتضمن الصوت والصورة فقط؛ بل جميع العناصر الحسية.

تتكوَّن تمثيلاتنا الداخلية من العناصر الخمسة المذكورة آنفاً، بالإضافة إلى تمثيلات أخرى تسمَّى الرقميات السمعية (Auditory Digital) اختصارها (Ad)، وهي بمنزلة تعليقنا الجاري على الفيلم في تشبيهنا السابق أو ما يُعرف بالحديث الذاتي.

إقرأ أيضاً: البرمجة اللغوية العصبية، تحقيق الأفضل فيما يخصّ التواصل

لذلك لدينا ستة أنظمة تمثيلية تسمَّى اختصاراً "فاكوج آد" (VAKOG Ad).

في الواقع، يعني هذا أنَّه إذا اقترحت فكرة على شخص ما، فقد يفعِّل برنامجاً من برامج عدة للتفكير في هذه الفكرة؛ فقد يجعلها صورة ذهنية، أو قد يسمع الأصوات المرتبطة بها، أو قد يتحقَّق من شعوره حيالها جسدياً وعاطفياً، أو قد يناقشها داخلياً بينه وبين نفسه، وأخيراً قد يستخدم حواسه في التذوق أو الشم؛ على الرغم من أنَّه من المحتمل عموماً أن يحدث هذا فقط مع الأفكار المرتبطة بتلك الحواس.

في الواقع، سوف يستخدم مزيجاً من الأنظمة المذكورة آنفاً، على الرغم من أنَّ أحدها قد يهيمن على الأنظمة الأخرى.

ملحوظة هامة: لا يوجد برنامج تفكير واحد يستخدمه الجنس البشري بأكمله، وإنَّما يستخدم الأشخاص المختلفون حواسهم بنسب مختلفة وطرائق مختلفة للحصول على النتائج، وتحمل أنماط لغتهم أدلة على البرامج التي يستخدمونها.

من خلال فهم الأنظمة التمثيلية واستخدام هذه المعرفة بدقة، يمكنك تحسين قدرتك على التواصل مع الأفراد، وترتيب أفكارك ترتيباً أكثر فاعلية، والحصول على ما تريده بسهولة أكبر، والكتابة بطريقة تجذب جمهوراً أوسع، وتجنُّب أي سوء فهم، وغيرها الكثير.

التفكير:

تحكم هذه البرامج ما نسميه التفكير أو فهم العالم؛ ونظراً لأنَّ التفكير جزء هام من هويتنا، فمن الجدير بنا معرفة المزيد عن كيفية قيامنا به، كما أنَّه من المفيد أيضاً معرفة كيف يفكر الآخرون؛ وذلك لأنَّ هذا سيحسن تحسيناً كبيراً من قدرتنا على التواصل معهم تواصلاً فعالاً.

تسمى هذه الأنظمة التمثيلية الستة أيضاً "طرائق" التفكير؛ وذلك لأنَّها ما نستخدمه للقيام بعملية التفكير؛ لذلك يمكن تسمية هذه الطرائق بلغة برمجة الدماغ أيضاً.

يمكن النظر إلى كل منها بمزيد من التفصيل نظرة تمكِّنك بالفعل من استخدامها كلغة برمجة وإعادة برمجة أجزاء من البرامج التي تفعِّلها في ذهنك.

إقرأ أيضاً: 8 طرق تفكير ستضعك على طريق النجاح

النظام المفضل:

لدينا تفضيلات عامة، ومن الواضح أنَّنا نحتاج في بعض المهام إلى استخدام نظام واحد أكثر من غيره، على سبيل المثال: يتطلَّب التصوير الفوتوغرافي استخداماً أكبر للتفكير البصري.

ومع ذلك، يفضِّل معظمنا نظاماً واحداً على الآخر عندما يتعلق الأمر بالمعالجة العقلية الداخلية؛ إذ نميز تفاصيل عالمنا تمييزاً أفضل من خلال هذا النظام المفضَّل، ويظهر هذا في لغتنا التي نستخدمها، وتشير بعض الأدلة إلى نوع التفكير الذي يحدث داخلنا، وإذا كنت تعرف هذه الأدلة، فأنت تعرف شيئاً عن كيفية تفكير الشخص؛ لا تعرف بماذا يفكر، ولكنَّك تعرف كيف يفكر.

هناك العديد من العبارات الاصطلاحية التي تعمل أيضاً كدليل على شكل المعالجة الداخلية التي يستخدمها المرء، وعلى الرغم من أنَّ هذه اللغة قد تبدو وكأنَّها اصطلاحية؛ إلا أنَّها غالباً ما تكون مؤشراً دقيقاً لرؤية ذلك الشخص للواقع وكيفية سير عمليات تفكيره، مثلاً:

  • "هل ترى وجهة نظري؟" (بصري)
  • "لم أسمع في حياتي شيئاً كهذا". (سمعي)
  • "لم ألتقط الفكرة". (حسي-حركي)
  • "أشتمُّ رائحة فساد من هذه الصفقة". (شمي)
  • "هذا السلوك مرٌَّ على قلبي". (ذوقي)
  • "أخبر نفسي أنَّ هذا يمكن أن ينجح". (سمعي رقمي)

ضع في الحسبان أنَّنا نستخدم الكلمات أحياناً للانتقال إلى أنظمة تمثيل أخرى، على سبيل المثال، موسيقى البلوز أو الأحلام اللذيذة، وقد تشير بعض الكلمات إلى نظام أو آخر، اعتماداً على الشخص الذي يستخدمها، على سبيل المثال: يمكن أن تشير كلمة "الوهج" إلى أنَّ الشخص يرى صورة (بصري) أو يشعر بإحساس دافئ (حسي-حركي).

 تمرين:

خلال الأيام القليلة المقبلة، احرص على ملاحظة ما إذا كان شخص ما يستخدم كلمة أو عبارة تكون بمنزلة دليل عندما يتحدَّث، وستلاحظ ظهور أنماط وستلاحظ كيفية استخدام الشخص للكلمات التي تشير إلى أنَّه غالباً ما يفكر في إطار النظام التمثيلي ذاته.

عندما تلاحظ أنَّ شخصاً ما يستخدم الكلمات المرئية أغلب الوقت، فاحرص على استخدام الكثير منها عندما تتحدث معه، وسيكون هذا سهلاً إذا كنت أيضاً تفكر بصورة بصرية، لكنَّه لن يحدث طبيعياً تماماً إذا كنت تميل إلى استخدام نظام مختلف.

يمكنك تطبيق ذلك في طرائق التفكير الرئيسة الثلاث: البصرية والسمعية والحركية؛ كما يمكنك أن تحاول (مع صديق) استخدام جميع الكلمات عدا تلك التي تتناسب مع طريقة تفكيره، ولاحظ كيف يتفاعل مع الأمر.

شاهد بالفيديو: 7 مواصفات للمتعلم السمعي

تحسين التواصل:

إذا كان شخص ما يميل إلى التفكير مستخدماً نظاماً واحداً فقط، كالنظام المرئي على سبيل المثال، فستكون المرشحات الإدراكية أكثر انفتاحاً على القناة المرئية وأقل انفتاحاً على الأنظمة الأخرى، مما يعني أنَّه عندما تتواصل معه، ستسير الأمور سيراً أكثر سلاسة إذا كنت تستخدم لغة بصرية؛ لذلك أظهِر له صوراً ومخططات، وأشر وأومئ بيديك؛ وذلك لأنَّ المعلومات المقدَّمة له بالطريقة المرئية ستمر بسهولة من خلال مرشحاته الإدراكية.

إذا كان يستخدم النظام البصري، وكنت تفضِّل استخدام النظام السمعي، فستتواصل تواصلاً أكثر فاعلية إذا اعتمدت نظامه، بدلاً من إعطائه المعلومات باستخدام نظامك؛ فإذا أعطيته المعلومات بطرائق سمعية إلى حد كبير، سيفلتر المعلومات ويحذفها ويعدِّلها أكثر بكثير في أثناء سعيه إلى ترجمتها إلى شيء ذي معنى بالنسبة إلى خريطته التي رسمها للعالم.

نظامك المفضَّل:

سوف تتساءل الآن عن تفضيلاتك الخاصة فيما يتعلَّق بالأنظمة التمثيلية أو ستحاول تخمين ذلك؛ لذا فمن الهام أن نفهم أنَّه لا يوجد نظام أبيض وأسود يمكنك من خلاله تصنيف الأشخاص بعبارات مطلقة؛ بل هناك العديد من درجات اللون الرمادي؛ إذ علينا التحدُّث عن الميول والتفضيلات، ولا يمكننا حقاً أن نقول عن أحد ما إنَّه يستخدم النظام المرئي؛ وذلك لأنَّنا نستخدم جميع الأنظمة طوال الوقت.

على الرغم من أنَّ لديك نظاماً مفضلاً، فقد يكون تفضيلك قوياً أو ضعيفاً، وبعض الأشخاص أكثر مهارة من غيرهم في استخدام الأنظمة المفضَّلة لديهم أو غيرها، والمهارة التي يتقاسمها الأشخاص الناجحون هي القدرة على التنقل بين الأنظمة بسهولة، لاستخدام النظام الأكثر ملاءمة للمهمَّة التي يقومون بها.

هناك القليل من البحث الجاد حول نسبة السكان التي تظهر تفضيلاً معيناً، وتختلف الأرقام الناتجة عنها، ومع ذلك، نرى عموماً أنَّه في الثقافات الغربية يكون حوالي 50% من السكان من مستخدمي النظام المرئي، و20% من مستخدمي النظام السمعي و30% من مستخدمي النظام الحسي-الحركي، على الرغم من أنَّ هذه الأرقام غالباً ما تكون موضع خلاف.

يذكر بعض المراقبين أيضاً أنَّه هناك تحيزاً بين الجنسين؛ حيث تفضِّل النساء النظام الحسي-الحركي أكثر مما يفضِّله الرجال، ويفضِّل الرجال النظام البصري أكثر مما تفضِّله النساء.

 تمرين كلاسيكي:

كان مؤسسو البرمجة اللغوية العصبية فضوليين بشأن تعبيرات مثل: "أرى ما تقوله" وقرروا إجراء تجربة؛ فسألوا مجموعة من الطلاب عن الهدف من وجودهم في الفصل؛ حيث أُعطي الطلاب بطاقات ملونة مختلفة، اعتماداً على ما إذا كان الطالب يستخدم في الغالب لغة بصرية أو سمعية أو حسية-حركية عند الإجابة عن السؤال.

طُلب من الأشخاص الذين يحملون بطاقات من اللون نفسه التحدث معاً لمدة خمس دقائق، وبعد ذلك طُلب منهم التحدث إلى شخص آخر يحمل بطاقة بلون مختلف لمدة خمس دقائق أخرى، كان هناك اختلاف ملحوظ في مستويات العلاقات القائمة؛ حيث توافق الأشخاص الذين يحملون بطاقات من اللون نفسه وبدا أنَّهم يتواصلون بسهولة أكبر.

 

المصدر




مقالات مرتبطة