الأسرار الأربعة لبداية التميُّز في تعليم اللغة العربية

كثيراً ما نسمعُ من الطلاب عن عدم استمتاعهم بحصص اللغةِ العربيّةِ، وبأنَّها مُمِلّةٌ يسودها الكسل والخمول. ونسمع في المقابل شكاوى المعلّمين من عدم احترام الطلاب لهذه المادّة، وعدم التركيز فيها وإحداث الفوضى والشغب ضمن الفصل؛ قصداً لتمرير الوقت. وكُلنا نعلمُ مدى أهميّة قيامِ كلّ طَرَفٍ بدوره بأفضل شكل؛ وذلك كي يتحقّق الهدف من وجود حصص اللّغة العربيّة في المنهج التعليمي. إذاً: كيف ينبغي للمعلم تقديم مادته بأسلوبٍ ممتعٍ يجذِبُ ويدفعُ الطالب لحضور دروسه، والتفاعل معها والتَّميُّزِ فيها؟



من المعلوم أنَّ التميُّز في تعليم اللّغة العربيّة، والرغبة في تطبيق الأدوات الجديدة في التعليم؛ هو سبيل أيّ مُعلّم لغةٍ عربيّةٍ ينشد التطوير ويواكب أحدث ما توصّلت إليه الدراسات الحديثة؛ وهي من أولويات من اختاروا طريق تعليم الأجيال الصاعدة.

والمعلّم كما قال الشاعر أحمد شوقي: "كاد أن يكون رسولا"؛ فهو لا يتردّد في البحث عن كلّ ما يُؤَهِلُهُ للتميُّز والرُّقي بهذه المهنة الجليلة؛ لذا نُقدم إليكم الأسرار الأربعة التي ستفتح لمُعَلِّم اللّغة العربيّة آفاق التغيير نحو التميُّز المنشود.

وبمجرد تطبيق هذه الأسرار، سيشعرُ المُعَلِّم بمدى الفارق بين الماضي والحاضر، وبين التعليم التقليدي والتعليم الحديث.

وأثناء سرد هذه الأسرار الأربعة، سنتطرّق إلى ما كان يفعله المعلّم في الماضي، وإلى السّرّ الذي سنضعه بدلاً مما كان يفعله سابقاً؛ وكُلِّي يقينٌ بأنَّنا سنخطو خطواتٍ نحو التميُّز المنشود في تعليم الأجيال الصّاعدة اللّغة العربيّة بالشّكل الأمثل. فهيا بنا نبدأ.

1. التعليم التقليدي، هدف المعلّم من التّعليم هو "إثبات ذاته":

ويكون ذلك من خلال:

  • جعل مجال الوظيفة سهلاً (بدون تعبٍ أو جهد).
  • الانتهاء بسرعةٍ من المنهج المقرر.
  • تفريغ ما هو مكتوبٌ في دفاتر التحضير.
  • إثباتُ نفسه أمام المديرين والمشرفين.

إذاً؛ السّرّ الأوّل: جعل الهدف من التعليم هو رفع قدرات الطالب، وذلك من خلال:

  • إيجاد طريقةٍ يحتاجها الطلبة ويرتاحون إليها.
  • البدء بالتعليم بناءً على رغبة الطلبة، أو من حيث سألوا.
  • عدمُ تعليم الطالب ما يستطيع تعَلُّمهُ بنفسه.
  • اضطلاعُ المُعَلِّم بدور الإشراف والتوجيه على سير التّعليم في الفصل المدرسيّ.
  • إضفاءُ جوٍّ من الحيوية والنشاط في الفصل.
  • طرح أفكارٍ إبداعية في شرح المادة.
  • مشاركةُ الأفكار وتبادلها مع الطلبة.
  • وضعُ قواعدَ ومواثيق ناظمةً لعمل الطلبة في كلّ ما يخصّ تعليم المادّة داخل الصَّف وخارجه.
  • جعل التعليم يبدأ من الطلبة وينتهي بهم (تحت إشراف المُعَلِّم).
إقرأ أيضاً: انتبه أيها المعلم من اختبار الطلاب لك

2. التعليم التقليدي، ضغط المديرين على المُعَلِّمين، ورهبة الاختبارات على الطلاب:

يكون ذلك من خلال:

  • جعلُ الغاية من التعليم اجتيازَ الاختبارات.
  • وضعُ آليةٍ تُميِّزُ فيما بين الطلبة بناءً على نتائج الاختبارات.
  • تغذية روح التنافس السلبيّ بين الطلبة؛ مما يقلّل التعاون بينهم.
  • جعلُ الفائدة المرجوّة من نتائج الإختبارات لصالح المدرسة والمُعَلِّمين، دوناً عن الطلبة.

فالسّرّ الثاني: جعلُ الاختبارات قائمةً على المتعة والتعاون بين الطلاب (لعبة الاختبارات)، وذلك من خلال:

  • التقويم المستمرّ من أوّل حصّةٍ تعليميّةٍ إلى آخر يوم.
  • وضع آليةٍ لتقويم الطلبة بحيث تكون أهمية الاختبار التقليدي بنسبة 30%، وإيلاءُ أهميةٍ كبيرةٍ للأنشطة والفعاليات ضمن الحصة الدراسية.
  • الحرص على خلق جوٍّ من المرح والطمأنينة عند الطلبة.
إقرأ أيضاً: نصائح مهمة للتخلّص من مشكلة رهاب الامتحان

3. التعليم التقليدي، يكون المُعَلِّم فاقداً للتركيز وفي حالة إجهادٍ -ذهنيٍّ وجسديٍّ- بسبب التفكير في الضغوطات التي يمارسها عليه المدير:

ويتمثَّلُ ذلك في:

  • فقدان السيطرة على العملية التعليمية داخل الصف.
  • جعلُ تركيز المُعَلِّم مُنصَبّاً على التحكّم في الفصل وإنهاء المادة بأيّ طريقةٍ كانت.
  • يصبحُ المُعَلِّم بعيداً كلّ البعد عن التحديات والعقبات التي تواجه الطالب، ليكون تركيزه منصبّاً على وضعه وحالته الراهنة؛ ليس لأنَّه سيءٌ أو شرير، وإنَّما بسبب الكمّ الهائل من الضغوطات المفروضة عليه.

فالسّرّ الثّالث: التدرُّب على كسب تركيز الطالب طيلة فترة التعلُّم، وجعل الجوّ التعليميّ مفعماً بالحيويّة والنّشاط؛ ويكمن ذلك في:

  • الجمعُ بين الحركة الجسدية والتركيز الذهني في العمليّة التعليميّة، وذلك من خلال مشاركة جميع الحواس في تَعلُّم اللّغة العربيّة.
  • السيطرة على الطلبة عبر جعلهم في قمّة التركيز لما يُقَدَّمُ إليهم من بداية الحصة إلى نهايتها.
  • اهتمام المُعَلِّم والتدرب على كيفيّة احتواء الطلبة المشاغبين؛ ودمجهم ضمن العمليّة التعليميّة.
إقرأ أيضاً: 10 طرق يمكن للمعلمين اتّباعها لجعل التعليم أكثر متعة

4. التعليم التقليدي، يعتمد المعلّم على المنهج المقرّر اعتماداً كاملاً، كما يتلخّص هدفه في الانتهاء منه كيفما اتفق:

يتمثلُ ذلك بالنقاط التالية:

  • عدم اكتراث المُعَلِّم إن فهم الطالب أم لا.
  • تكون الحصّة مكاناً للتلقين الجاف دون وجود أيّ أدواتٍ أخرى لتوصيل المعلومة.
  • إصابة الطّلَبَة بانعدام التركيز والملل من العملية التعليمية؛ وذلك بسبب جلوسهم لساعاتٍ طويلةٍ دون حركة. 
  • تصبحُ العمليّة التعليميّة من طرفٍ واحد، وذلك في ظلّ عدم المشاركة الفاعلة من جانب الطّلَبَة.

فالسر الرابع: بذل الوقت والجهد والمال في وضع خطّةٍ تعليميّةٍ للغة العربيّة، تستند على أنشطةٍ وتمرينات تفاعليّة. يكون ذلك على النحو التالي:

  • جعلُ النظام التعليميّ عبارةً عن عمليّةٍ تبادليّةٍ بين المُعَلِّم والطلبة.
  • إضفاءُ جوٍّ من الحركة والحيوية التي تجدد النشاط والتركيز داخل الحصة الدراسية.
  • إشغالُ جميع حواس الطلبة -السمعية والبصرية والحسية والفكرية- أثناء تلقّي المعلومة من المُعَلِّم.
  • جعلُ الشّغَفِ في تعليم اللّغة العربيّة مصدر إلهامٍ يدفعُ تعليم اللّغة العربيّة.
  • الاستعانة بالطلاب المتميّزين من أجل توصيل المعلومة إلى بقيّة الطلبة.
  • تغذية روح التعاون في الفصل بين المُعَلِّم والطلبة، وبين الطلبة أنفسهم.

وفي الختام:

أخي المُعَلِّم: لا يمكن القول بأنَّ كلَّ ما فعله المعلّمون سابقاً هو خطأٌ أو مَدْعَاةٌ للكره والاستياء، بل نقول أنَّ هذا أقصى جهدٍ وعلمٍ توصّلوا إليه. والآن هناك الجديد والمُطَوَّر، والخوض فيه يعدُّ نوعاً من التميُّز. ونحن على يقين أنَّ المستقبل يحمل في طياته الكثير من الأدوات والطرائق الجديدة، التي نسعى إلى ممارستها وتطوير أنفسنا بها؛ بُغية إيصالها إلى الأجيال القادمة.

لذا فاتباعك أخي المُعَلِّم لهذه الأسرار؛ يُفيدُ الطالب أولاً، ويُضيف إلى خبراتك ويجعلك متميِّزاً فيما تقدمه للطلبة ثانياً؛ مما يولّد فيك روح الابتكار والإبداع في تقديم مادّة اللّغة العربيّة، راجين لك كُلَّ التوفيق والسداد.




مقالات مرتبطة