الأحكام المفيدة وغير المفيدة: هل يمكن أن يكون إطلاق الأحكام أمراً نافع

تحمل فكرة "إطلاق الأحكام" الكثير من الدلالات؛ إذ إنَّها تستطيع أن تعيد للأذهان ذكرى موقفٍ شعرتَ فيه بالإهانة، أو افتراضات تجد نفسك تضعها، أو اختياراً حكيماً كان له الأثر المنشود في حياتك، ومع ذلك، ماذا يعني إطلاق الأحكام؟



توجد العديد من المعاني المختلفة لعبارة إطلاق الأحكام؛ وذلك بحسب المجال الذي تُستعمَل فيه، فالحكم القضائي يتم إقراره في المحكمة، وعادة ما يرتبط الحكم الديني بشخصية جليلة، في حين أنَّ إطلاق الأحكام النفسية هو ما نفعله كل يوم، ولها الأثر الأكبر في حياتنا وتجاربنا.

تعرِّف "جمعية علم النفس الأمريكية" (The American Psychological Association) إطلاق الأحكام على أنَّه: "القدرة على إدراك العلاقات، واستخلاص النتائج من الأدلة، وإجراء عمليات تقييمٍ دقيقة للأحداث والأشخاص".

إنَّ هذا التعريف مرهونٌ باستخدام الأدلة وتحديد العلاقات بينها للوصول إلى استنتاجٍ مبني على الحقائق قدر الإمكان، إذ تُعَدُّ الأحكام المستنيرة المبنية على الواقع مفيدةً لنا في حياتنا اليومية، وتساعدنا على عيش حياة سعيدة وآمنة، حتى مع غياب المعطيات الكاملة في حالةٍ ما.

إقرأ أيضاً: كيف تتعامل مع التوقعات غير الواقعية؟

توجد عملية نفسية أخرى تُصنَّف أيضاً على أنَّها نوعٌ من إطلاق الأحكام، وتحصل عندما يتورط شخصٌ ما في مغالطات فكرية، وهي أنماط التفكير التي يخلُص المرء فيها إلى استنتاجٍ مغلوط أو غير مدروس بناءً على أدلة قليلة، إن لم تكن معدومة.

فيما يأتي مثالٌ للمساعدة على تفسير الاختلاف بين إطلاق الأحكام وتحريف الحقائق؛ تخيَّل نفسك وقد عدت إلى مقاعد الدراسة وأنَّك تدرس في منزلك لاختبارٍ هامٍ يوم غد، وفي أثناء وجودك في المنزل، لاحظت قدوم بعض من أصدقاء والديك لمشاهدة المباراة من دون إخطارٍ مسبق، وكانت أختك تستمع لموسيقى صاخبة، فيما أنت أمضيت الليلة الماضية تلعب ألعاب الفيديو؛ الأمر الذي جعلك متعباً للغاية.

شاهد بالفيديو: 16 أمراً يؤكد أهمية التفكير الإيجابي في حياتنا

من الأمثلة عن إطلاق الأحكام الصحية في هذه الحالة: "إنَّ جوَّ المنزل هذه الليلة غير مساعدٍ على الدراسة"، أو "أدرك الآن كم أثَّرت قلة النوم وتأجيل الدراسة إلى ليلة ما قبل الاختبار في كفاءتي للاستعداد له"؛ فيمكنك استخدام هذه المعطيات لاتخاذ قرارٍ فعَّال بشأن خطوتك التالية.

أمَّا عن الأمثلة المتعلقة بالأحكام غير الفعَّالة أو المغالطات الفكرية، فقد تكون: "منزلي مكانٌ مريع للعيش"، أو "إنَّ فشلي في الدراسة هو غلطة عائلتي"، أو "أنا فاشل"، أو "الدراسة صعبةٌ للغاية"، أو "لطالما ظننت أنَّني سأفشل وقد لا أتخرج أيضاً"؛ هذه بضعة جوانب لرؤية الحقائق، لكنَّها مزاعم لا أساس لها من الصحة إطلاقاً، استُنتِجَت من تلك الحقائق، وقد يبدو هذا خطأ عرضياً، ربما بسبب الإرهاق، إلا أنَّ هذا النوع من التفكير أكثر شيوعاً ممَّا قد يظنه معظم الناس.

إقرأ أيضاً: 3 نصائح لتجنب التسرع في الحكم أثناء العمل

من الهام أن نتوقف جميعاً للحظة بين الفينة والأخرى وننظر عن كثبٍ فيما نعرفه وما لا نعرفه، ونسعى دائماً إلى بناء خياراتنا وتصوراتنا على أساس ما ندركه من حقائق عن أنفسنا وحياتنا؛ لذلك، في المرة القادمة التي تجد فيها نفسك بحاجة إلى التوصُّل إلى نتيجة أو اتخاذ قرار في حياتك، تذكَّر أنَّ مشاعرك هي بمنزلة "نظام تحديد المواقع العالمي" (GPS) الخاص بسيارتك، لكنَّ حكمتك في تدبير الأمور هي من تتولى القيادة.

المصدر




مقالات مرتبطة