اعتماد الأنظمة عندما تفشل في تحقيق الأهداف

هل تضع لنفسك أهدافاً صعبة؟ إذا كنت طموحاً، أو إذا كنت ترغب ببساطة في القيام بكثير من الأشياء في الحياة، فيوجد شيء ربما تكون قد جربته؛ وهو أنَّ الأهداف قد تؤدي أحياناً إلى نتائج عكسية.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب "داريوس فوروكس" (Darius Foroux)، ويخبرنا فيه عن تجربته في تحقيق أهدافه من خلال التركيز على العملية والطريق بدلاً من التركيز على الوجهة النهائية.

أرى ذلك كثيراً مع الأشخاص الأكثر إنجازاً؛ فعندما ترغب في عيش حياة ذات معنى تشعر بسرعة أنَّك بحاجة إلى القيام بأشياء كثيرة، وتحديد العديد من الأهداف.

أودُّ أنا أيضاً تحديد هدف قبل أن أبدأ شيئاً؛ لذلك أعرف الاتجاه الذي أسلكه، وأحب التخطيط لأهدافي مع تحديد وجهة واضحة للنهاية التي أريدها، فعندما تفعل ذلك يمكنك بسهولة تتبعها.

على سبيل المثال عندما بدأت ممارسة الركض حددت هدفاً بأن أركض لمدة 30 دقيقة يومياً لمدة ستة أيام في الأسبوع، ثمَّ قسمت هذا الهدف إلى أهداف أصغر وأكثر قابلية للتحقيق.

مشيت بدايةً لمدة 30 دقيقة في اليوم، ثمَّ لمدة 20 دقيقة في اليوم وركضت العشر دقائق الأخرى في وقت لاحق، وواصلت هذه العملية حتَّى ركضت لمدة 30 دقيقة متواصلة.

لنفترض أنَّك رائد أعمال وتريد كسب مبلغ معين من المال شهرياً؛ هذا يعني أنَّك يجب أن تبيع منتجات أو تقدِّم خدمات معينة، وإذا كان معدل تحويل العملاء المحتملين إلى زبائن دائمين - على سبيل المثال - 3.5%، يمكنك بسرعة حساب عدد المكالمات أو رسائل البريد الإلكتروني أو التفاعلات مع العملاء المحتملين التي تحتاج إلى إجرائها يومياً؛ هذا الأمر واضح نسبياً الآن.

شاهد بالفديو: 5 قواعد ذهبية مثبتة علميًا في تحديد الأهداف

لكن ماذا عن أهداف أكبر أو أقل دقة؟

أهداف مثل:

  • "أريد أن أكسب مليون دولار قبل أن أبلغ سناً معيناً".
  • "أريد أن أشارك في سباق المسافات الطويلة هذا العام".
  • "أريد أن يكون لدي 10 آلاف متابع بحلول نهاية هذا العام".
  • "أريد أن أكون سعيداً".
  • "أريد أن أتزوج في أسرع وقت ممكن".

لا يمكنك توقع كثير من الأمور؛ حيث توجد قيود لتحديد الهدف.

لقد تبنيت العديد من الاستراتيجيات من الفلسفة الرواقية، وأحد الأفكار التي يتحدث عنها الفلاسفة الرواقيون هو كيف يجب أن نركز فقط على الأشياء التي نتحكم فيها.

كتب الكاتب الأمريكي رايان هوليداي (Ryan Holiday) في كتابه "العقبة هي الطريق" (The Obstacle Is The Way) عن التعبير الرواقي: "ما نستطيع السيطرة عليه، وما لا نستطيع السيطرة عليه".

إذا فكرت في الأمر فلدينا شيء واحد فقط نسيطر عليه وهو أفعالنا.

إليك قائمة بالأشياء التي لا نسيطر عليها:

  • المستقبل.
  • الأشخاص الآخرون من حولنا.
  • الاقتصاد.
  • الطبيعة.

لكن عندما تحاول تحقيق أهدافاً كبيرة يجب أن تحدث في المستقبل فأنت تتظاهر بأنَّك تتحكم في تلك الأشياء، وهذا هو بالضبط خطر تحديد الهدف؛ إذ إنَّنا نخدع أنفسنا باعتقادنا أنَّنا نستطيع التحكم في نتائج حياتنا؛ لكنَّ هذا غير صحيح.

بطريقة ما إنَّ تحديد الأهداف كذبةٌ، لكن هل يعني ذلك أنَّنا يجب أن نتوقف عن تحديد الأهداف تماماً؟ بالطبع لا؛ فالمقصود بالحياة هو أن نعيشها، وعلينا أن نتخطى حدودنا إذا أردنا أن ننمو، ويمكن أن يساعدك تحديد أهداف مثيرة أو جريئة في بعض الأحيان على القيام بذلك، لكن قد تأتي هذه الأهداف بنتائج عكسية عندما تواجه انتكاسات.

هل تُعدُّ فاشلاً إذا كان لديك 100 متابعاً فقط بدلاً من 10.000؟ أو ماذا لو لم تشارك في سباق ماراثون؟ هل أنت خاسر إذا فشل زواجك؟ أو إذا لم تكن سعيداً في وقت معين من حياتك؟

نحن ألد أعداء أنفسنا عندما نلوم أو نشكك في أنفسنا، فنفكر دائماً بطريقةٍ ثنائية لخياراتنا، أبيض أم أسود، تكسب أم تخسر، وغالباً ما يحد ذلك من رؤيتنا؛ إذ إنَّنا نرى أهدافاً ولا نعرف معانيها، وعندما لا تسير الأمور كما نريد أو كما نخطط لها نشعر بالتوتر؛ فنحن قلقون تجاه الأشياء التي لا يمكننا السيطرة عليها.

لذا إذا لاحظت أنَّك لا تستطيع تحقيق أهدافك فلا تتوتر؛ بل غير نهجك بدلاً من ذلك، فأنت تفضِّل تحديد الأهداف؛ لأنَّ لها غرضاً معيناً؟ أو لأنَّك تريد تحديد مسارك، لكن يمكنك الحصول على النتيجة نفسها من خلال وجود أنظمة بدلاً من الأهداف، فالهدف هو حدثٌ في المستقبل، في حين النظام هو عملية مستمرة.

إقرأ أيضاً: كيف تحدد الأهداف بفاعلية وتستمر في التطور؟

التركيز على العملية بدلاً من التركيز على الوجهة:

  • تريد أن تصبح ثرياً؟ أضف قيمة إلى حياة الآخرين.
  • تريد أن يُميزك الآخرون ويقدروك؟ قم بعمل رائع.
  • تريد الفوز في سباق؟ تدرب باستمرار.
  • تريد أن تكون سعيداً؟ لا تأخذ الحياة على محمل الجد.

توقف أيضاً عن السعي وراء الأشياء التي لا تحتاج إليها.

فكما تعلم المزيد ليس دائماً أفضل، لا سيَّما عندما يتعلق الأمر بالممتلكات والمال والمكانة، وقد عبر عن ذلك الفيلسوف الرواقي سينيكا (Seneca) بطريقة واضحة: "ليس الفقير من لديه قليل من الأشياء؛ بل من يتوق دائماً إلى المزيد".

غيِّر توقعاتك:

كنت أتحدث منذ فترة مع أحد أصدقائي، وهو محترف سابق في رياضة التزلج على الجليد، كما قام بتدريب الرياضيين الأولمبيين، كنَّا نتحدث عن تحديد الأهداف وقد قال: "يضع العديد من الرياضيين هدفاً يتمثل بالفوز بميدالية في الأولمبياد (Olympics)، لكن من بين الآلاف منهم في كل رياضة عدد قليل فقط يتأهل للأولمبياد، والآن لنفترض أنَّك محظوظ بما يكفي للتأهل، لكن عند بدء الألعاب الأولمبية يتنافس عدد معين من الرياضيين على الميدالية الذهبية، ومن بين هؤلاء الأشخاص كلهم سيحصل 3 فقط على ميدالية، وسيحصل شخص واحد فقط على الميدالية الذهبية، ولا يمكن لكل شخص أن يكون ذلك الرابح الأول".

مع ذلك نتوقع جميعاً تحقيق أهدافنا، ولكن لمجرد أنَّك لم تفز أو لم تحقق أهدافك، فهذا لا يعني أنَّك لم تعمل بجد.

إقرأ أيضاً: متى يكون من الجيد وضع توقعات عالية لنفسك؟

في الختام:

أنا أُفضِّل مكافأة الجهد بدلاً من الإنجاز؛ فبالنسبة إلي الجهد هو الإنجاز الحقيقي، ولحسن الحظ فإنَّ الجهد هو أحد الأشياء القليلة التي نتحكم فيها في الحياة؛ لذا بصرف النظر عمَّا تفعله تحكَّم في مجهودك، وقدِّم أفضل ما عندك.




مقالات مرتبطة