استراتيجية إدخال المواهب المرنة إلى الشركات

مع المرونة التي تَعُمُّ أماكن العمل في جميع أنحاء العالم، يجب على القادة الآن تحديد كيفية ضم موظفين مرنين إلى طواقمهم لتعزيز مرونة شركاتهم.



لقد ولَّت أيام العمل التقليدي الذي يبدأ في التاسعة صباحاً وينتهي في الخامسة مساءً؛ إذ غيَّر كوفيد-19 طريق عملنا؛ فأخرج ملايين الموظفين من المكاتب وأرسلهم إلى منازلهم، مما أنشأ مرونةً في مكان العمل، وحوَّل فكرةً كانت مُستهجَنةً سابقاً إلى أمرٍ طبيعيٍّ في جميع أنحاء العالم، الآن بعد أن تكيَّفَت المؤسسات مع هذه التغييرات، أصبحت قياداتها أيضاً جاهزة لاتخاذ الخطوة التالية نحو المرونة، وهي القوى العاملة المختلطة.

خلال الأزمة الصحية الأخيرة، أصبح من الواضح أنَّ المنظمات بحاجة إلى أن تكون مرنةً وقابلة للتكيف من أجل البقاء، والمفتاح لهذه المرونة هو مرونة المواهب التي تتعاقد معها هذه المنظمات، فلقد أقر العديد من قادة الأعمال بالفعل بالحاجة إلى ضم المواهب المرنة إلى مؤسساتهم، حيث قال 60% من القادة: إنَّهم يفضلون أكثر فأكثر "تأجير" أو "اقتراض" أو "مشاركة" المواهب مع شركات أخرى، ومع ذلك، فإنَّ الطريق إلى النجاح في جلب المواهب المرنة إلى المنظمة يمكِن أن يبدو مرهقاً، خاصة عند الانتقال من نموذج القوى العاملة بدوام كامل الذي كان مُتَّبعاً قديماً إلى النموذج المرن الجديد.

من حُسن حظك أنَّك لستَ وحدك في هذا التحول، وأنَّ الملايين من قادة الأعمال في كل مكان يواجهون التحديات نفسها، إلا أنَّ ثمَّة طرائق تُمكِّنك من التغلب عليها بسهولة لجعل القوى العاملة الخاصة بك أكثر كفاءةً من أي وقت مضى، ولإنشاء الانسجام بين موظفيك سواء أكانوا يعملون بدوام كامل أم بدوام مرن.

إقرأ أيضاً: تطبيق أسس عمل مرنة في المؤسسة

كسب تأييد الموظفين:

ومن بين التحديات الأولى، وربما الأكثر صعوبةً، التي يواجهها العديد من القادة طرح الفكرة أول مرَّةٍ على الموظفين، ويعي القادة بوضوحٍ النقاط الأساسية في فكرة ضم المواهب المرنة للمنظمات، إلا أنَّ هذه الفكرة جديدةٌ جداً بالنسبة إلى الموظفين، حيث يمكِن أن يشعروا بأنَّها تشكل تهديداً على روتينهم أو حتى على دورهم.

عند اقتراح ضم مواهب مرنة إلى مؤسستك، من الأفضل مخاطبة موظفيك شخصياً، فهذه المسألة ليست شيئاً يمكِنك مناقشته عبر رسالة بريد إلكتروني، أو عبر رسالة عبر برنامج سلاك (Slack)، فتحدَّث إلى موظفيك وأبلِغهم بأي خطط للمضي قدماً قبل وقت طويل من العمل سواء كان ذلك بشكل شخصي، أم في اجتماع لجميع الموظفين، أم عبر مكالمة باستخدام برنامج زوم (Zoom)، وأكِّد على أنَّ هؤلاء العمال المستقلين لا يشكلون تهديداً على دور أي شخص داخل المنظمة، فهم ضروريون لبناء المرونة ومساعدة الموظفين المتفرغين على تحقيق النتائج بشكل أسرع من خلال المهارات المطلوبة التي لا يستطيع الموظفون الوصول إليها عادةً، كما أنَّهم هم مصادر مُساعِدة يمكِن للموظفين المتفرغين التعاون معها في العمل أو في أثناء المشاريع حسب الحاجة.

لا يمكِن تطبيق فكرة القوى العاملة المختلطة بين عشية وضحاها: أخبِرهم أنَّ هذا سيستغرق وقتاً للاندماج بنجاح، وقد تكون هناك بعض المطبات في أثناء تعلُّم المنظمة أسلوب العمل هذا، فالجزء الأكثر أهميةً عند شرح هذا التغيير للموظفين ليس مجرد قوله؛ بل الاستماع لأجوبتهم، لذلك فاطلب تعليقات وأفكار الجميع حول التغيير، وستتمكن من خلال الملاحظات من تحديد أفضل أساليب دمج المواهب في فريقك، وستتمكن حتى من تحديد المهارات التي يرغب الموظفون بدوام كامل في إضافتها إلى فريقهم، وهذا يحقق المنفعة المتبادلة.

شاهد بالفيديو: 6 نصائح لإدارة فرق العمل بشكل فعال

التنسيق مع الإدارة:

لا يتوقف التنسيق عند الموظفين بدوام كامل فقط؛ فمن المحتمل أنَّ إدارتك لا ترى تماماً قيمة المواهب المرنة أيضاً، وعند سؤال القادة عن قيمة منصات البحث عن المواهب المرنة، قال 60% من الرؤساء التنفيذيين إنَّها "مُهمَّةٌ جداً" وتشكل ميزةً تنافسية مستقبلية، بينما وافق أقل من 40% من أفراد الإدارات العليا على ذلك، لذلك نجد أنَّ هناك تبايناً واضحاً في الآراء حول قيمة الموهبة المرنة في العديد من المؤسسات، ربما حتى داخل مؤسستك.

على غرار الموظفين، قد تشعر الإدارة كما لو أنَّ المواهب المرنة تشكل تهديداً لدورها أو عملياتها، فلا تخجل من هذه المشكلة أو تحاول تجاهلها؛ بل تقبَّل الصراع واستخدِمه كفرصة لجعل الإدارة جزءاً من عملية التكامل، وتعامَل مع مخاوفهم، وتأكَّد من معالجتها جميعها في عملية التكامل، حتى يشعر القادة براحة أكبر عند السماح للعمال المرنين بالانضمام إلى فرقهم.

إقرأ أيضاً: 5 أفكار للشركات لاستقطاب المواهب

إعادة التفكير في الثقافة:

تُعَدُّ العلاقات والثقافة مهمَّةً بالنسبة إلى المواهب المرنة مثلما هي مهمَّةٌ بالنسبة إلى الموظفين بدوام كامل، ولا تُعَدُّ ثقافة الاجتماع حول برادات المياه لتبادل الأحاديث مستساغةً لدى القوى العاملة المختلطة، ناهيك عما يحدث في يومنا هذا، فمِن خلال القدرة على تعيين موظفين من أي بلدٍ في العالم، يمكِن أن يعمل كلٌّ من الموظفين العاملين بدوام كامل والمواهب المرنة من مناطق زمنية متعددة، أو حتى بلدان مختلفة، بعيداً عن بعضهم بعضاً.

لبناء التواصل بين الموظفين بدوام كامل والموظفين المرنين، ادعُ العاملين المرنين إلى اجتماعات الفريق والاجتماعات التي يحضرها كل أفراد الشركة بلا استثناء، واجعلهم يشعرون بأنَّهم جزء من الفريق وامنحهم صوتاً في عملية صنع القرار، حيث يمكِن أن يساعد القيام بذلك العمال المرنين على الشعور بمزيد من الاندماج مع منح الموظفين بدوام كامل الفرصة للتعرف إلى أعضاء الفريق الجدد في بيئة داعمة، ولا يَقِلُّ تقدير الإنجازات المهمة التي يحرزها العمال المرنون أهميَّةً عن تقدير الإنجازات التي يحرزها نظراؤهم من الموظفين العاملين بدوام كامل، حيث تستطيع دعوة غداء أو هدية بناء الثقة بين القائد والموظف بشكل أكبر مما تعتقد.

قيمة المواهب المرنة للمنظمات لا حد لها؛ ومع ذلك، فإنَّ الطريق إلى دمج هؤلاء العمال قد يبدو شبه مستحيل عند اتِّباع نموذج المواهب التقليدي. لحسن الحظ، هناك العديد من الاستراتيجيات التي يمكِنك استخدامها للتغلب على هذا بسهولة من خلال التواصل مع الموظفين، وتنفيذ ملاحظاتهم، والترحيب بالموهبة المرنة في الفريق.

المصدر




مقالات مرتبطة