استراتيجيات لإعادة تأطير القلق للتغلب على متلازمة المحتال

قد تشعر بأنَّك تخدع الآخرين عندما تفعل أموراً لم تعهدها من قبل؛ لذا عليك في هذه الحالة النظر إلى قلقك من منظور آخر؛ حيث يحاول الكثيرون بالفطرة التخلص كلياً من شعور القلق بمجرد أن ينتابهم باستخدام تقنيات الاسترخاء، مثل تمرينات التنفس العميق لتهدئة الأعصاب وإعادة التركيز، ومع ذلك، عندما يشتد قلقنا، يكون من الصعب إعادة أعصابنا إلى الحالة "الطبيعية"، هذا إن لم تكن تلك محاولة عقيمة.



لا تظن أنَّه لن يكون في مقدورك تحويل القلق إلى حماسة، فاتِّباع تقنية "إعادة تأطير القلق" يجعلك تُقرُّ بتصعيد الحالة النفسية التي تختبرها وتُعيد تأطير الإحساس بدلاً من كبته، وأبسط أشكالها أن تقول لنفسك: "أنا لست قلقاً؛ بل متحمِّس فقط".

أظهرت الدراسات أنَّ أسلوب إعادة التقييم هذا هو وسيلة أكثر فاعلية للتحكُّم بالقلق مقارنة مع استراتيجيات الكبت التي تعطي نتائج عكسية؛ لهذا السبب، عندما يبدأ الشعور بالقلق بالتسلل إليك، فمن المفيد تحويل هذا الشعور إلى حماسة وتوظيفه كأداة للتغلب على الشعور بأنَّك شخص مخادع أو ما يُسمى "متلازمة المحتال".

إليك هذه الاستراتيجيات لإعادة تأطير القلق:

1. عدم "الحفاظ على الهدوء والمضي قُدماً":

في استبيان عبر الإنترنت أجرته أليسون وود بروكس (Alison Wood Brooks)، الدكتورة والأستاذة في إدارة الأعمال، ونشرته مجلة جورنال أف إكسبيرمينتال سايكولوجي (Journal of Experimental Psychology)، أفاد 85% من المشاركين أنَّهم جربوا طريقة الاسترخاء أو الهدوء على أنَّها النصيحة الأولى لمَن يعاني القلق.

ظهر شعار "حافظ على الهدوء وامضِ قُدماً" أول مرة كجزء من حملة السلامة العامة في الحرب العالمية الثانية، ثم في عام 2000 أُعيد العمل عبر طباعته على القمصان والملصقات وغير ذلك، مما أدى إلى أن تلح فطرتنا علينا الاسترخاء عند مواجهة القلق؛ لكنَّ القلق نتيجة لاستثارة الجهاز العصبي، وليس من السهل التحول فجأة من حالة الاهتياج إلى حالة الهدوء.

تتمثل الخطوة الأولى، قبل أن تبدأ في إعادة تأطير القلق وعدِّه حماسة، في تقبُّل حالة القلق التي تمر فيها ومحاربة تلك الغريزة الباحثة عن الاسترخاء، ويمكن قول الشيء نفسه عن متلازمة المحتال أيضاً، فلدينا ميل إلى محاربتها لتجنُّب المواقف التي نشعر فيها بعدم الكفاءة، في حين يجب أن تكون الخطوة الأولى التي نتخذها هي الاعتراف في أنَّه لا ضير في اعتقادنا أنَّنا نخدع الآخرين في أهليتنا.

انظر إلى الأمر بهذه الطريقة: إن شعرت أنَّك تحتال على الآخرين بصدق أهليتك، فمن المحتمل أن يكون السبب في ذلك تخطيك منطقة راحتك، في الحقيقة، أظهرت الدراسات أنَّ الخروج من منطقة الراحة تلك، ليس مفيداً في عملية التعلُّم فحسب؛ إنَّما هو أمر ضروري أيضاً؛ لذا بدلاً من النظر إلى متلازمة المحتال على أنَّها شيء سلبي، وأنَّ ما تقوم به ليس ضمن نطاق تخصصك، أو أنَّ الآخرين سوف يكتشفون حقيقتك، أعِد تأطير هذا الشعور على أنَّه شعور إيجابي وفرصة للتعلُّم.

إقرأ أيضاً: 6 خطوات مهمة تساعدك على المُضي قُدماً في الحياة

2. إعارة الاهتمام لما تشعر به:

في حين أنَّ القلق والحماسة ينبعان من حالتين عاطفيتين مختلفتين كلياً، تتطابق الأحاسيس الجسدية لكل منهما إلى حد ما، وقد يؤدي القلق من سوء الأداء إلى خوف سابق لأوانه وتوتر وزيادة في معدل ضربات القلب، وهذه جميعها أيضاً علامات على الشعور بالحماسة.

يُعدُّ الانتقال من حالة القلق إلى حالة الهدوء أمراً صعباً؛ وذلك لأنَّه يتطلَّب تحوُّلاً جسدياً ومعرفياً، وعندما يتعلق الأمر بالقلق والحماسة، تتطابق الأحاسيس الجسدية إلى حد ما، مما يعني أنَّ عليك خفض وتيرة العمل نظراً لحاجتك إلى التركيز على تحوِّل حالتك الذهنية فقط.

3. مخاطبة الذات بإيجابية لها دور فعال:

إذا أردت تحويل القلق إلى حماسة وتحويل متلازمة المحتال إلى سلاح فعال بيدك، فهذا أسهل مما تعتقد، وعند الشعور بالقلق، غالباً ما نقع تحت رحمة اجترار الأفكار السلبية، كأن تقول: "أشعر بالقلق" أو "أشعر أنَّني محتال" تساعد مخاطبة النفس على محاربة المشاعر التي تعتمل داخلك من خلال قول عبارات مثل: "أشعر بالحماسة" إما ضمنياً أو بصوت مسموع.

قد تبدو مخاطبة النفس أمراً مبتذلاً؛ لكن تشير الأبحاث إلى أنَّ مخاطبة النفس بإيجابية يمكن أن تساعد على تحسين مهاراتك في التأقلم مع المواقف العصيبة وتقليل الاكتئاب، وحتى تحسين صحتك العامة وسلامتك؛ لذا فهو بالتأكيد يستحق كل هذا الجهد.

وإذا شعرت أنَّ الانتقال مباشرة من عبارة "أشعر بالقلق" إلى "أشعر بالحماسة" قفزة كبيرة جداً، فجرِّب شيئاً على غرار: "أتطلع إلى الشعور بالحماسة"، وعندما يبدأ جسدك بالانتقال من حالة القلق إلى حالة أكثر إيجابية، تزداد حماستك، وسوف تستطيع قول تلك العبارات وتصديقها بسهولة أكبر مع مرور الوقت.

إقرأ أيضاً: 15 طريقة لممارسة التحدث الإيجابي إلى الذات من أجل تحقيق النجاح

إعادة تأطير متلازمة المحتال من عقبة إلى فرصة:

لست الشخص الوحيد في العالم الذي يشعر أحياناً بأنَّه محتال، فهذا شيء يعانيه بعضنا في مراحل مختلفة من مسيراتهم المهنية، وفي الواقع، تشير الدراسات إلى أنَّ متلازمة المحتال هي الأكثر شيوعاً بين المتفوقين؛ مما يعني أنَّ اختبارك لذلك الإحساس دليل على أنَّك بارع فيما تفعل.

متلازمة المحتال هي علامة على أنَّك تفعل شيئاً صحيحاً؛ حيث تُبعِد نفسك تماماً عن منطقة راحتك وتحيط نفسك بأشخاص تراهم أذكياء وأصحاب إنجازات، فمَن أفضل مِن هؤلاء لكي نتعلم منهم؟

بدلاً من التركيز على الطرائق التي تخفف من حدة مشاعرك، استثمر الفرصة وتعلَّم المزيد عن الأشخاص من حولك وتعلَّم منهم، ولا تظن أنَّ هذا التغيير سوف يحدث بين عشية وضحاها؛ حيث إنَّه مثل الذهاب إلى النادي الرياضي أو تغيير عاداتك الغذائية، يستحق الجهد المبذول، ومع الوقت والممارسة، يمكنك البدء بتعليم نفسك كيفية النظر إلى هذه المشاعر على أنَّها علامة على وجود الفرص، والشعور في الحماسة تجاهها بدلاً من القلق، بدلاً من النظر إليها على أنَّها عقبات يجب التغلب عليها، ومَن يعلم، فربما تجد الاهتياجات المرافقة لمتلازمة المحتال أمراً حسناً.

المصدر




مقالات مرتبطة