استخدام الرمز وتأثيره في تحقيق النجاح

كتب المؤلِّف "روبرت جرين" (Robert Greene): "إنَّ الشعور بعدم وجود سلطة على الناس والأحداث أمر لا يطاق بالنسبة إلينا عموماً، وعندما نشعر بالعجز نشعر بالبؤس، ولا أحد يريد سلطة أقل؛ بل الكل يريد المزيد".



تُظهِر الأبحاث أنَّ الشعور بالعجز أو فقدان السيطرة يقلِّل من مشاعر السعادة والسلامة، فمن خلال التأثير في العالم حولنا، نكسب إحساساً بالسيطرة، فجميعنا يرغب في ترك بصمة في العالم.

غالباً ما نقلِّل من شأن الرموز في السعي نحو بلوغ ذلك التأثير؛ فالرمز هو أي شيء له معنى، ويستطيع أن يثير في أذهاننا تصورات خارج نطاق المعنى الحرفي للرمز، وبهذه الطريقة تكون الرموز فاعلة.

الحروف والكلمات هي رموز بالتأكيد، وكذلك الملابس التي ترتديها، والسيارة التي تقودها، والوظيفة التي لديك، بريق عينيك، والابتسامة على وجهك، وصوت ضحكتك، وما تقوله وكيف تقوله ولمن تقوله؛ كلها رموز، وينطبق الأمر نفسه على الشركات، فكل ما تفعله يمثِّل مجموعة من الرموز، ولا نستطيع دائماً تحديد طريقة تفسير الآخرين لهذه الرموز، لكن ما نستطيع التحكم به هو الرموز التي نستخدمها وكيف نستخدمها.

شاهد بالفيديو: 7 قواعد ذهبية تمهد طريق النجاح

سنوضح فيما يأتي طريقة الاستفادة من قوة الرموز من خلال مثال عن أحد أعظم رجال التاريخ:

الرجل ذو قبعة الفرو:

أرسل الكونجرس الأمريكي "بنجامين فرانكلين" (Benjamin Franklin) في عام 1776 إلى فرنسا (France) بصفته مفوضاً خاصاً، ومهمته عقد تحالف مع القوة الأوروبية وتأمين الأسلحة والتمويل لحرب الاستقلال الأمريكية التي كانت قائمة.

عَرِف "فرانكلين" أنَّ الموقف حسَّاس ومحفوف بالمخاطر، وقد اعتمدت دولته التي تأسست حديثاً عليه، فمن دون دعم الفرنسيين كان ما حدث في الولايات المتحدة (United States) مجرد ثورة مؤقتة.

لحسن الحظ، كان "فرانكلين" ضليعاً في الرموز، وعَلِم أنَّ كسب اهتمام النخبة الفرنسية وثقتهم يتطلب تقديم الصورة المناسبة؛ فلم تكن سمعته بصفته صاحب مطبعة وسياسياً وعالِماً كافية؛ بل وُجِب عليه تجسيد الروح الفرنسية وأسلوب حياتها، محاولة منه لاستمالة نرجسيتهم ذائعة الصيت، لكن ما هي الرموز التي استخدمها "فرانكلين" للتعبير عن الرسالة المناسبة للفرنسيين؟

أفضل مثال لما استخدمه هو قبعة الفرو الناعم، فقد أحضر معه قبعة الفرو تلك قبل سنوات عدة خلال رحلته إلى كندا (Canada)، وعَلِم أنَّها الحيلة المثالية لمهمته الخارجية الجديدة، وارتدى "فرانكلين" القبعة في كل مكان ذهب إليه في باريس (Paris).

كتب كاتب سيرته الذاتية "والتر إيزاكسون" (Walter Isaacson): "كانت قبعة الفرو بمنزلة رمز النقاء وروح العالم الجديد، تماماً كما أصبحت نظارته التي وضعها دائماً رمزاً للحكمة، ولقد ساعده ذلك على تأدية الدور الذي تخيلته له باريس، وهو دور الفيلسوف النبيل وحكيم المناطق النائية".

لقد حقَّق التوازن المثالي بين المفكر العميق والمؤثِّر الغريب، وهو بالضبط ما طُلِب في ذلك الوقت، وترك "فرانكلين" انطباعاً كبيراً؛ فقد بدأت السيدات في ارتداء شعر مستعار يشبه قبعته، وقد عَرِف "فرانكلين" تماماً ما فعل، وتعمد استخدام تلك الرموز.

كتب "إيزاكسون": "لقد صنع شخصيته الخاصة بعناية، وعرضها في الأماكن العامة، وصقلها للأجيال القادمة"، ويقول "روبرت جرين": "اهتم بتبنِّي مظهر الثقافة السائدة وأخلاقها وسلوكها أينما ذهب، حتى يستطيع شق طريقه بصورة أفضل".

لقد نجحت مهمة "فرانكلين"؛ وأحبه الفرنسيون، وحصل على الدعم المالي، وكوَّن تحالفاً عسكرياً هاماً، ولقد كان الفضل الكبير في نجاح الولايات المتحدة في حرب الاستقلال وإنشاء الدولة يعود إلى استخدام "فرانكلين" البارع للرموز.

إقرأ أيضاً: كيف تؤثر في الآخرين بفاعلية؟

استخدام الرموز الخاصة بك:

تُظهِر قبعة الفرو الخاصة بـ "فرانكلين" أنَّ بعض الأمور يستطيع أن يكون لها تأثيرات كبيرة في العالم حولنا، وفي رحلتنا نحو التأثير، وتُعدُّ الاستفادة من الرموز إحدى أقوى الأدوات التي نستطيع استخدامها.

فكِّر في رموزك الخاصة: ما هي أهم رموزك؟ وما هي الرموز التي تعبِّر عن الرسالة الخاطئة؟ وما الذي لا تعبِّر أنت عنه الآن؟ وما هي الرموز التي تستطيع استخدامها لإيصال رسالتك؟

لا نستطيع التحكم في طريقة تفسير الآخرين لرموزنا، لكن ما نستطيع فعله هو أن نكون أكثر دقةً بشأن الرموز التي نستخدمها وطريقة استخدامها.

تتمثل نقطة البداية البسيطة في التفكير باستخدام الرمز الجوهري، وهو الكلمات، فيقول الكاتب "ستيفن كينج" (Stephen King): "الكلمة ليست سوى تمثيل للمعنى، وحتَّى في أفضل الحالات، فإنَّ الكتابة لا توصل المعنى الكامل، ومع ذلك تستطيع أن تجعل الأمور أسوأ باختيار الكلمات الخاطئة، بدلاً من قول ما أردته".




مقالات مرتبطة