إذا فقدت كلَّ شي؛ فهل ستنظر إلى الماضي أم ستتطلع إلى المستقبل؟

ذهبت إلى صالة الألعاب الرياضية بالفندق ذات صباح في أثناء سفري وعندما انتهيت من جهاز المشي عدت إلى المصعد للتوجه إلى غرفتي لكنَّني واجهت مشكلة واحدة فقط وهي أنَّني نسيت رقم غرفتي مرة أخرى؛ وذلك لأنَّني أقضي أكثر من 100 ليلة في العام في الفنادق ولم أتعلم بَعد تذكر المكان الذي أعيش فيه وأحمل أحياناً ظرف تسجيل الوصول الصغير في جيبي وأحياناً ألتقط صورة للباب.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب كريس جيلبو (Chris Guillebeau)، ويُحدِّثنا فيه عن تجربته مع الخسارة والتطلع إلى الأمام.

لكن مرة واحدة على الأقل كلَّ اثني عشر مرة أبدأ بالسير نحو غرفتي قبل أن أدرك أنَّه ليس لدي أيَّة فكرة عن مكانها، وهذه المرة حاولت أن أتتبع الخطوات التي أخرجتني من الغرفة إلى الصالة الرياضية فهل كانت الغرفة رقم 1406؟ واعتقدت أنَّها كانت غرفتي؛ لذا عدت إلى الطابق 14 وكان كلُّ شيء مألوفاً، ووصلت إلى الغرفة التي بدت وكأنَّها الغرفة الصحيحة وكان الباب مفتوحاً بعض الشيء وافترضت أنَّني نسيت خطأً أن أغلقه بالكامل عندما غادرت.

عندما دخلت كنت متأكداً من أنَّها الغرفة الصحيحة، ثم استدرت إلى الحمام ورأيت أنَّه قد نُظِف واعتقدت أنَّ ذلك كان سريعاً؛ فلقد ذهبت إلى صالة الألعاب الرياضية فقط لمدة أقل من ساعة، ولكن بعد ذلك لاحظت شيئاً آخر أنَّه لم يكن هنالك شيء من حقيبة الحمام الخاصة بي إلى المكتب مع جهاز الكمبيوتر المحمول ومستلزمات الكتابة إلى ملابسي في الخزانة اختفت أشيائي جميعها، وفي البداية شعرت بالارتباك أكثر من الخوف، فإذا كنت قد تعرضت للسرقة فلماذا كان كلُّ شيء نظيف جداً؟ فهل سرق أحد أغراضي ثم رتب السرير؟

كنت أعلم أنَّني في الغرفة الخاطئة، ولكن نظراً لأنَّها تبدو تماماً مثل غرفتي؛ كان الارتباك شديداً فقد كان لها الإطلالة نفسها؛ إذ تطل على دوار مليء بأسراب من السيارات والدراجات النارية في حركة المرور في ساعة الذروة، والتصميم نفسه الذي يضم سريراً مريحاً ومكتباً في زاوية فريدة كما لو كنت قد تركته قبل ساعة؛ ومن ثَمَّ عدت إلى الردهة وذهبت إلى الطابق 13؛ ولكنَّ الغرفة 1306 كانت مقفلة ولا تستجيب لبطاقة المفتاح الخاصة بي، وعندما سمعت أصواتاً في الداخل رجعت بسرعة إلى المصعد.

بعد أن استنفدت البدائل جميعها عدت بخجل إلى مكتب الاستقبال وقلت للموظفة: "هل يمكنك إخباري عن رقم غرفتي؟" فقامت برؤية بطاقتي وأكدت ما كان يجب أن أعرفه طوال الوقت: "أنت في الغرفة 1806" وبعدها عدت إلى الطابق العلوي ووجدت الغرفة المناسبة وكلُّ أشيائي كانت هناك وكانت بالضبط الغرفة نفسها التي دخلت إليها، إلا أنَّه لم يُلمَس أيُّ شيء وتنفست الصعداء؛ ولكنَّني شعرت أيضاً بحزن غريب.

شاهد بالفديو: 7 طرق تساعدك على التكيّف مع متغيّرات الحياة

فق

"ماذا لو فقدت كلَّ شيء؟ ماذا سأفعل بعد ذلك؟"

ظللت أفكر بهذا السيناريو فلم يكن جزء النجاة هو ما يقلقني؛ إذ يمكنني البقاء على قيد الحياة إذا فقدت أغراضي حتى في بلد أجنبي، وفي النهاية يمكنني الحصول على جواز سفر جديد وهاتف جديد والمزيد من النقود فما كنت مهتماً به أكثر كان أعمق من ذلك بكثير؛ إذ شعرت أنَّ تلك الغرفة الفارغة كانت نذير شؤم كما لو لم تكن أشياء قد ضاعت فحسب؛ بل كان شيئاً أكبر من ذلك بكثير.

ماذا لو لم يكن مجرد جهاز كمبيوتر اختفى؛ بل حياة وفجأة كان عليَّ أن أبدأ من جديد؟ في مثل هذه الحالة أدركت أنَّني سأواجه خياراً أساسياً: هل أسعى إلى إعادة بناء ما فقدته أو هل أستفيد من فرصة التغيير وبناء شيء جديد تماماً؟

إقرأ أيضاً: 5 خطوات لبدء الحياة من جديد وتحقيق التغيير المنشود

كنت سعيداً بالعثور على أشيائي؛ ولكنَّني تمنيت لو قضيت وقتاً أطول في الغرفة الفارغة فمن الصعب التفكير فيما فقدته أو ما تخسره، ولكن ربما يمكن أن يساعدك على العيش عيشاً أفضل أيضاً، وبقيت طوال اليوم أفكر في تلك الغرفة وذهبت إلى فندق جديد مثلما أفعل غالباً عندما أكون في المدينة نفسها لأكثر من يومين، ولكن حتى عندما مكثت في المكان الجديد لم أستطع التوقف عن تذكر الغرفة الفارغة فهل يجب أن ننظر إلى الماضي أو نتطلع  إلى المستقبل؟ لم أقرر قط أيهما أفضل؛ ولكنِّني علمت أنَّه عليَّ المُضي قُدماً.




مقالات مرتبطة