أين تذهب الغيوم بعد أن تختفي من الجو؟

الغيوم هي إحدى العوامل الرئيسة الضرورية للطقس والمناخ على الأرض، ووفقاً لوكالة ناسا، السحابة عبارةٌ عن كتلةٍ من قطرات الماء أو بلورات الجليد المعلَّقة أو العائمة في الغلاف الجوي كما نراها في السماء، تتشكل عندما يتكاثف الماء في السماء مشكلاً إياها، فدعونا فيما يأتي نكتشف العديد من الجوانب الأخرى للغيوم بالتفصيل؛ فتوجد خمس طبقاتٍ من الغلاف الجوي تحيط بالأرض وتتدرج من التربوسفير أولاً ثم الستراتوسفير والميزوسفير ومن ثم الثيرموسفير والإكزوسفير.



أدنى طبقة من الغلاف الجوي للأرض هي طبقة التربوسفير، ويقع نحو 75-80% من الغلاف الجوي فيها، والتي توجد فيها أيضاً معظم أنواع الغيوم، وتحدث كل الأحوال الجوية تقريباً داخلها، وتنقسم هذه الطبقة إلى ثلاث طبقاتٍ، وتُصنَّف الغيوم فيها إلى ثلاث مجموعاتٍ رئيسةٍ وهي: الستراتوس والريدوس والوركامولاس.

ما هو نوع الغيوم التي تنتشر في كل طبقة من الغلاف الجوي؟

  • في المستوى المنخفض "الستراتو أو النيمبو" على ارتفاع أقل من 2000م، نرى الغيوم الركامية والغيوم الركامية الطبقية والغيوم الطبقية الداكنة والمزن الركامي والغيوم المزنية الطبقية، وقد تصل هذه الغيوم إلى ارتفاعاتٍ أعلى من ذلك، كما تبقى درجات الحرارة في هذه الطبقة منخفضة وتساعد على تكوين قطرات المطر والبرد والثلج.
  • المستوى المتوسط أو "مستوى آلتو" يقع على ارتفاع بين 2000م و7000م، ويمكن فيه رؤية الغيوم الركامية المتوسطة وغيوم الآلتوستراتوس، وتمتد الغيوم الطبقية الداكنة من مستوى الستراتو إلى المستويات العليا من مستوى آلتو؛ إذ تعمل درجات الحرارة المنخفضة على تكثيف بخار الماء وتحويله إلى قطرات المطر.
  • المستوى العالي أو مستوى الكيرو "السمحاق" يقع على ارتفاع بين 7000م و12000م، ويشاهَد في هذا المستوى غيوم السمحاق الركامي والسمحاق الطبقي.

عموماً قد تصل السحب الركامية من مستوى الستراتو إلى المستويات العليا من مستوى الكيرو.

هل تختفي الغيوم؟

الغيوم لا تختفي، ولكنَّها تتحول فحسب إلى بخار ماءٍ غير مرئيٍ من خلال آلياتٍ مختلفةٍ، فعادةً ما يتم تحويل قطرات الماء الدقيقة إلى شكلٍ آخر من أشكال الماء.

أين تذهب الغيوم بعد أن تختفي؟

تتبخر الغيوم في بعض الأحيان كما ذكرنا آنفاً لتصبح بخاراً غير مرئيٍ، وفيما يأتي أربع آلياتٍ تختفي الغيوم بواسطتها:

1. زيادة درجة الحرارة:

عندما ترتفع درجة حرارة الغيوم يحدث التبخر، ومن ثم يكون للهواء قدرةٌ أعلى على تبخير الماء السائل وتقليل محتوى الرطوبة في الغيوم، ويمكن تدفئة الغيوم من خلال انبعاثات الموجات الطويلة من سطح الأرض والإشعاع الشمسي، ففي أثناء النهار يزيد التسخين من قدرة الهواء على تبخير الماء السائل، ومن ثم تبدو الغيوم وكأنَّها اختفت.

شاهد بالفيديو: أنواع التلوث البيئي وطرق علاجه

2. اختلاط الغيوم مع الهواء الجاف:

عندما تختلط الغيوم بالهواء الجاف، تنخفض الرطوبة النسبية التراكمية وتتبخر قطرات السحب، وبعد هذا الاختلاط تبدو الغيوم ضعيفةً مع حوافٍ غير محددةٍ جيداً بدلاً من أن يكون لها مظهرٌ محددٌ بوضوحٍ، وهذا يجعل مظهر السماء صافياً، وتسمى هذه العملية بالسحب، وخلالها يدمج الهواء الجاف نفسه في الغيوم ويحثُّ على تبخرها لتختفي عندها.

3. انغماس الهواء داخل الغيوم:

عندما ينغمس الهواء في الغيوم يصبح دافئاً، وهذا يسبب تبخر الغيوم وتآكلها، ويمكن أن يحدث ذلك عندما تحرَّض آليات الانغماس الديناميكي أو تزيد فوق الغيوم، وتتضمن هذه الآليات حركة الهواء البارد (CAA) وتفرُّق الرياح منخفضة المستوى وتدفق المنحدر، وهذا يجعل الغيوم تختفي أيضاً.

4. التأفُّق:

في هذه العملية تتحرك قطرات السحب مع سرعة الرياح تقريباً على ارتفاع الغيوم؛ إذ تحمل الرياح الغيوم في الاتجاه الذي تهب فيه، ويستمر هذا حتى تخرج الغيوم خارج المنطقة وتختفي من السماء.

إقرأ أيضاً: ظاهرة الاحتباس الحراري تعريفها، أسبابها، وطرق الحد منها

هل تختفي الغيوم عند هطول الأمطار؟

تظهر الغيوم عادةً بيضاء للعين المجردة؛ وذلك لأنَّ قطرات الماء الصغيرة بداخلها تكون متراصةً بإحكامٍ وتعكس معظم ضوء الشمس الذي يضربها؛ لذلك ترى أعيننا أنَّها بيضاءٌ نتيجة اختلاط جميع الأطوال الموجية لأشعة الشمس معاً.

عندما يوشك هطول المطر، نرى الغيوم داكنةً؛ وذلك لأنَّ بخار الماء يتجمع في قطرات المطر، الأمر الذي يخلِّف مساحةً أكبر بين هذه القطرات؛ ونتيجةً لذلك يكون نطاق انعكاس الضوء أقل، وهذا هو سبب ظهور غيوم المطر باللون الأسود أو الرمادي.

عندما يسقط المطر، تصبح الغيوم أقل كثافةً وينكسر ضوء الشمس الساقط على قطرات الماء الكبيرة، ومن ثمَّ ينقسم الضوء الأبيض إلى الألوان المكوِّنة له، فيشكل قوس قزحٍ المكوَّن من اللون الأحمر مع البرتقالي والأصفر والأخضر والأزرق والنيلي والبنفسجي.

بعد أن تمطر، إن كان الهواء دافئاً فقد تتحول القطرات الضبابية في الغيوم المتناثرة مرةً أخرى إلى بخارٍ، وبمجرد سقوط معظم قطرات المطر من الغيوم تقل كثافة القطرات المتبقية، وتعمل الشمس هنا على تسخين ما تبقى منها وتحويلها إلى بخار ماءٍ غير مرئيٍ مرةً أخرى، وهذا هو بالضبط سبب تبخر الغيوم في النهار بشكلٍ أسرع منه في الليل.

أين تذهب الغيوم في الليل؟

عندما لا يكون هناك ضوء شمسٍ، تبقى الغيوم محتبسةً للحرارة في الليل، وتعكس الغيوم المنخفضة السميكة حرارة الشمس انعكاساً أساسياً، وهذا يسبب برودة سطح الأرض وانخفاض حرارته، ولهذا السبب تكون الليالي الصافية أكثر برودةً، أما الغيوم الموجودة في أعالي الغلاف الجوي فلها تأثيرٌ مناقض، فهي تميل لتدفئة الأرض أكثر من تبريدها.

أين تذهب الغيوم حين تكون السماء صافية؟

قد لا توجد الغيوم عندما تكون السماء زرقاء صافيةً والجو حاراً ومشمساً؛ وذلك نتيجة حالة الضغط الجوي، ولا توجد أيَّة آلياتٍ لتشكل السُّحب في ظل هذا النوع من ظروف الضغط.

في هذه الحالة، تبقى المنطقة تحت تأثير الضغط المرتفع أو الإعصار المضاد، ونتيجةً لذلك يغرق الهواء ويهبط ببطءٍ بدلاً من أن يرتفع ويبرد، وعندما يغرق الهواء في الجزء السفلي من الغلاف الجوي، يزداد الضغط ويصبح مضغوطاً ودافئاً ولا يحدث أي تكاثفٍ.

بالمثل، في الليالي الصافية عندما لا توجد غيومٌ في السماء لاحتجاز الحرارة، يمكن للحرارة أن تفلت من الغلاف الجوي للأرض، ومن ثمَّ تصبح الليالي أكثر برودةً من الليالي الملبَّدة بالغيوم.

هل الضباب عبارة عن غيوم؟

التكوين الشبيه بالضباب الأبيض الذي نراه في السماء هو عبارةٌ عن غيومٍ تتكون من بلورات الجليد وقطرات الماء التي تتكاثف وتطفو في السماء؛ إذ يسمى الضباب بالغيوم المنخفضة أو غيوم الأرض، وهذا هو الهواء الجوي المرئي المكون من بلورات الجليد الصغيرة أو قطرات الماء المتكونة بالقرب من سطح الأرض. يختلف الضباب والغيوم عن بعضهما بعضاً بناءً على مكان نشأتهما:

1. الارتفاع:

الفرق الأساسي بين الغيوم والضباب هو الارتفاع؛ إذ تتشكل الغيوم على ارتفاعاتٍ مختلفةٍ، وعلى بعد أميالٍ فوق سطح الأرض، فيمكن أن توجد على ارتفاع 12م فوق سطح الأرض أو بارتفاع 12 ميلاً فوق سطح البحر، بينما يتشكل الضباب فقط على مستوى الأرض، وإذا نشأ فوق المستوى فإنَّه يُعَدُّ غيوماً، فلا ترى ضباباً على علوٍّ أكثر من 50 قدماً فوق سطح الأرض، فإن وُجد على ارتفاعٍ فوق 50 قدماً يُعَدُّ غيماً.

الغيوم الممطرة

2. الأهمية:

الغيوم لها أهميةٌ أكبر في الغلاف الجوي؛ وذلك نظراً لأنَّها مسؤولةٌ بشكلٍ أساسيٍ عن هطول الأمطار وموازنة دورة المياه في الطبيعة، ولكنَّ الضباب ليست له أيَّة أهميةٍ ولا يضيف أيَّة ظاهرةٍ في الغلاف الجوي.

3. الرؤية:

تظهر الغيوم على مدار العام؛ فيمكن للمرء رؤيتها في السماء بصرف النظر عن الفصول أو الظروف الجوية، لكن يُرى الضباب فقط في فصل الشتاء عندما يتكاثف البخار على مستوى الأرض.

4. الكثافة:

تُعَدُّ الكثافة أيضاً عاملاً هاماً يفصل الغيوم عن الضباب؛ إذ تكون الغيوم أكثر كثافةً من الضباب، لكن في بعض الأحيان يمكن للضباب أن يصبح كثيفاً أيضاً، وعموماً تبلغ كثافة الغيوم 0.5 جم/م3 بينما تبلغ كثافة الضباب 0.5 – 0.05 جم/م3.

إقرأ أيضاً: المطر الحمضي: تعريفه، وأضراره، وفوائده

5. هطول الأمطار:

تشكل الغيوم جزءاً كبيراً من دورة المياه، فهي تُرسِّب الماء في الغلاف الجوي على شكل مطرٍ، ولكنَّ الضباب ليس له أي دورٍ في دورة المياه ولا يساهم في هطول الأمطار.

هل يمكن لمس الغيوم؟

يمكننا رؤية الغيوم لكن هل يمكننا لمسها؟ إن لمسنا الغيوم فلن نشعر بأي شيءٍ سوى بالبلل والرطوبة قليلاً وستمر أيدينا عبرها مباشرةً؛ إذ تبدو الغيوم زغبةً، لكن لسوء الحظ من المستحيل أن تكون كما نشاهد في برامج الكرتون وكأنَّها كرات قطنٍ أو غزل بناتٍ.

إنَّها في الواقع مكونةٌ من تريليوناتٍ من قطرات الماء الجزيئية المجهرية، وعادةً ما يكون حجمها نحو 20 ميكروناً أو نحو 0.02 ملم، وللتقريب أكثر، يمكننا القول إنَّ حجم قطرة المطر يتراوح بين 1 مم و5 مم؛ لذلك القطرات المكوِّنة للغيوم هي على الأقل أصغر بـ 100 مرةٍ من قطرة المطر.

أبسط مثالٍ عن لمسنا للغيوم هو لمسنا للضباب والتحرك ضمنه دون الإحساس بشيءٍ، فهو في العموم غيومٌ لكن قليلة الارتفاع، وإن كنت تحلم في لمس الغيوم، فما عليك سوى بالقفز المظلي أو الصعود بمنطاد الهواء الساخن.

في الختام:

لقد أجبنا في مقالنا السابق عن بعض التساؤلات المتعلقة بالغيوم، من نوع الغيوم التي تنتشر في طبقات الغلاف الجوي، وما إن كانت الغيوم تختفي، وأين تذهب بعد أن تختفي، وهل تتلاشى بعد هطول المطر، وأين تذهب في الليل، إضافة إلى أنَّنا تحدثنا عن الضباب وتبيَّنا الفرق بينه وبين الغيوم، وما إن كنا نستطيع لمسها أم لا.




مقالات مرتبطة