أهمية تموضع المُنتج

مع اقتراب موسم الأعياد، تتزايد بيئة الاستهلاك، وهو وقت حرج لأي شركة تجارية أو عميل، فالناس سوف يشترون والشركات سوف تبيع، لكن ما الذي سيميز منتجك أو خدمتك؟ ما سيميزك هو تموضع المنتج.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدون "إيفان تارفر" (Evan Tarver)، يُحدِّثنا فيه عن أهمية اختيار الطريقة المناسبة التي تبيع بها منتجاً ما، وطريقة تفاعلك مع العميل هي التي ستؤدي إلى القيام بعملية بيع ناجحة.

أنا لم أفهم ما يعنيه تموضع المنتج، اعتقدتُ أنَّه يعني الموقع الملموس؛ إذ كان خبراء الأعمال والمستشارون يتحدثون باستمرار عن "تموضع المنتجات"، لكن نظراً لأنَّني لم أكن أعرف ماذا يعنون بذلك، فلم أره أمراً هاماً، إلى أن صار لديَّ منتج ووجب عليَّ أن أحدد موقعه.

إنَّ تموضع المنتج - وفقاً لأولئك الذين يعرفون أكثر مني - هو العملية التي يستخدمها المسوقون لتحديد أفضل طريقة لنقل سمات المنتج إلى العملاء المستهدفين؛ وذلك استناداً إلى حاجة العميل، والضغط التنافسي، وقنوات التواصل المتاحة، والرسائل الرئيسة المصاغة بإتقان.

إذا أردنا الاستفاضة أكثر في الموضوع نقول إنَّ تموضع المنتج يعني التواصل، إنَّها عملية توضيح المشكلات المعيَّنة التي سيقوم منتجك بحلِّها للعميل، والتي تجعله يفهم فوائد شراء المنتج، وهي القدرة على نقل حقيقة أنَّ منتجك له قيمة كافية للعملاء؛ إذ إنَّهم سيحصلون على أكثر مما سيدفعون مقابله.

يُعَدُّ هذا الإجراء أيضاً تموضعاً أمام المنافسين، وهو يشبه الوظيفة التي يؤديها المدافع في كرة القدم؛ إذ تحتاج إلى إيصال القيمة إيصالاً جيداً بما يكفي ويحجب قيمة المنتجات أو الخدمات الأخرى.

بمعنى، كيف يمكنك وضع منتجك في ذهن العميل على سبيل المثال، بحيث يكون له قيمة مدركة أكثر من المنتجات أو الخدمات الأخرى الموجودة في السوق؟ أو ما الذي يجعل منتجك أفضل حل للمشكلات، أكثر من أي شيء آخر موجود في السوق؟

الرغبة في التميز:

إنَّ تموضع المنتج هو قدرتك على إطلاع العميل على سبب استحقاق منتجك أو خدمتك للأموال التي سينفقها، فقد يكون منتجك مقنعاً تماماً بالنسبة إليك، لكن إذا لم يكن مقنعاً بالنسبة إلى عميلك، فقد لا تستفيد من منتجك على الإطلاق.

إنَّ أكبر فخ يقع فيه رواد الأعمال ومندوبو المبيعات هو أنَّهم أصبحوا مفتونين بمنتجاتهم الخاصة، نعم، أنا أعرف أنَّ الشغف وراء منتج ما هو جزء كبير من سبب كون مندوب المبيعات مندوباً جيداً، لكن عندما يحجب هذا الشغف القدرة على شرح لماذا هذا المنتج جيد، ستظهر مشكلة، والأمر أشبه بانبهار الناس بروعة منتجاتهم أو خدماتهم، وتوقُّع أن يفهم العميل بنفسه سبب كونه منتجاً رائعاً للغاية.

قد يفشل تموضع المنتجات عندما يصبح مندوبو المبيعات ورجال الأعمال متحمسين للغاية بشأن الميزات الإضافية، فمن السهل التواصل مع العميل بشأن سرعة إجراء عملية البيع والميزات الإضافية، لكن إذا لم يحل أيٌّ من هذه الأشياء المشكلة التي يشعر بها العميل، فأنت لا تفيد ولا تستفيد؛ إذ إنَّ الميزات الإضافية هي أمرٌ رائع، لكن إذا لم يحل المنتج حاجة حقيقية بسعر معقول، فلا فائدة منه على الإطلاق.

عندما بدأنا ببيع منتجنا الإعلاني الأول، على سبيل المثال، لقد علمت أنَّ القطاع الذي كنا نبيع المنتج له، كان يحتاج إليه، ولاحظت ذلك عندما نظرت إلى طريقتهم الحالية في الإعلان، ورأيت أنَّ عملاءنا المستهدفين كانوا متأخرين بـ 5 سنوات على الأقل عن العصر التكنولوجي - إن لم يكن أكثر - وقلت في نفسي: المسألة لا تحتاج إلى تفكير، فسوف يرى العملاء هذه الطريقة الإعلانية الجديدة ويسارعون إلى الاستثمار فيها.

لقد كان ذلك صحيحاً بطريقة ما؛ وذلك لأنَّ الإعلانات التي كنا نعرضها كانت أفضل من أي شيء يستخدمه عملاؤنا المستهدفون، وكانت - مجازاً - تروِّج لنفسها بنفسها.

شاهد بالفيديو: 5 مهارات مهمة بالتسويق الرقمي

الناس مهتمون بالمنتج ولكن:

في البداية بدا الناس مهتمين بالمنتج، لكن عندما وصلوا إلى النقطة التي اضطروا فيها إلى دفع دفعة مقدَّمة، كانوا يختفون في ظروفٍ غامضة، ولا يجيبون على المكالمات أو على رسائل البريد الإلكتروني، فلاحظنا وجود فجوة كبيرة بين المنفعة التي يقدمها المنتج والمال الذي يدفعونه مقابله، ولم يكن منتجنا في وضع جيد بما يكفي لربط الجانبين.

أساساً، لقد وقعنا فريسة الرغبة في التميز، فقد عملنا مع هذا المنتج الإعلاني لسنوات، وعرفنا قوَّته، ومع ذلك، فقد انغمسنا في الميزات لدرجة أنَّنا نسينا الجزء الأكثر أهمية، وهو حل مشكلات عملائنا المستهدفين.

ولقد كانت لعنة من المعرفة، فنحن أسهبنا في الحديث عن قدرتنا على استهداف الزبائن، والمرات التي يرى فيها الزبائن الإعلانات ويتوجهون بعد ذلك إلى صفحة المُعلِن، وننسى توضيح كيف يمكن لهذه الإمكانات والوجهات أن تساعد عملاءنا؛ فلذلك عند إجراء مكالمات من أجل المبيعات، كنا نلاحظ اهتمام العميل؛ بل وحماسته في بعض الأحيان، لكن عندما نرسل بطاقة الأسعار أو نرفقها باقتراحٍ ما، كنا نتلقَّى رداً مهذباً يقول: "لم يعجبني العرض، شكراً".

إنَّ هذا الأمر كاد أن يمنعنا من المضي قدماً مع الشركة، لكن بفضل الاطلاع أكثر على الموضوع، عرفنا أنَّ هذا مجرد شيء آخر كان علينا تجاوزه، وكان علينا إيجاد طريقة لوضع منتجنا موضعاً صحيحاً يجد موطئ قدمٍ له في المجال الذي نعمل فيه.

إقرأ أيضاً: سياسات التسعير: كيف يتم تسعير المنتجات؟

المنتج عبارة عن قطعة في أحجية السوق:

أنا أحب التفكير في التشبيهات والاستعارات، وسرعان ما بدأت أدرك أنَّ منتجنا كان مجرد قطعة من اللغز الأكبر، كنا نعلم أنَّ منتجنا سيفيد سوقنا المتخصصة، لكن كان علينا إيجاد طريقة لإيضاح أنَّ منتجنا سيكون مفيداً في السوق، وكان من الصعب الاعتراف، لكن بينما كان لدينا كثيرٌ من المعلومات عن الإعلانات الرقمية، فلم يكن لدينا ما يكفي من المعلومات عن القطاع الذي كنا نبيعها له.

إذا كنت لا تعرف كثيراً عن القطاع الذي تبيع له، فكيف ستتعامل مع مشكلاته؟ لقد وقعنا في الرغبة في التميز ونسينا القيمة الأساسية؛ لذا عدنا إلى العمل، والذي من سخرية القدر كان نفس العمل الذي كنا نقوم به طوال الوقت؛ الابتسامة والتواصل.

باستثناء هذه المرة، بدلاً من البيع فقط، كنا نصغي إليهم، فسألنا عن الأهداف والرغبات، واستفسرنا عن الاستراتيجيات الحالية، ثم سألناهم، ما هو التحدي التسويقي الأكبر لديكم؟ كنا نعلم أنَّنا نمتلك حلاً لإجابتهم، مهما كانت تلك الإجابة، لكن كان علينا التحدث بلغتهم.

عرض المنتجات:

لقد تحدَّثنا كثيراً، وكنا نعرض منتجنا في نهاية كل مكالمة، ولكنَّنا لم نتمكن من بيعه أبداً، لكن كنا نتحسَّن في عرضنا في كل مرة، وكنا نقترب من البيع، والآن السؤال هو: لماذا كنا نتحسن عند كل مرة نعرض المنتجات لدينا؟ السبب هو لأنَّنا بدأنا نفهم كيفية وضع منتجنا - في ذهن العميل - بشكل يجعله يفهم كيفية الاستفادة من هذا المنتج.

بدأنا نتحدث بلغتهم، ولم نغير من منتجنا أبداً، ولكنَّ الطريقة التي كنا نوصل بها نتائج المنتج كانت تتغير باستمرار، ثم توصلنا إلى شيء؛ ففي قطاع العملاء، يوجد كثيرٌ من التنظيم، لدرجة أنَّ معظم جهود التسويق تُنفَق في التسويق للموزعين ولتجار الجملة، بدلاً من المستهلك النهائي؛ وهذا أمرٌ سيئ إذا كان لديك فكرة عن الموضوع، وكان عملاؤنا المستهدفون يعرفون ذلك، لكن نظراً لأنَّ هذا القطاع لم يتغير منذ ثلاثينيات القرن الماضي، فقد استسلموا لعبارة: "هذه هي الحال".

لكن لم يكن الأمر كذلك، فقد بدأنا نرى أنَّ النقطة التي سبَّبَت المشكلات هي أنَّ المستهلك النهائي قد نُسِيَ في زحمة الترتيبات القانونية، وكانت تتمثل استراتيجية الصناعة في إعطاء منتجاتهم إلى الموزعين، ثم الاعتماد على هؤلاء الموزعين لتسويق وبيع منتجاتهم في مواقع البيع بالتجزئة، لكن للأسف، أصبح العديد من هؤلاء الموزعين شركات لوجستية أُعطِيَت حجماً أكبر من حجمها، وكان عملاؤنا المستهدفون يضيعون في بيئة استهلاكية صاخبة.

ماذا لو تمكَّنَّا من استخدام منتجنا لإنشاء سيناريو محدد بحيث نقوم بالتسويق مباشرةً إلى المستهلك في المواقع الجغرافية الرئيسة، وعندها يزداد الطلب ونُنشئ بيئة "ضغط الطلب"؛ إذ إنَّ طرح منتج العلامة التجارية من خلال نظام التوزيع المطلوب، سيكون أفضل بكثير من بيئة يُطرَح فيها المُنتَج بناءً على التوقعات.

لقد نجحنا إلى حدٍّ ما بالطبع، فيوجد حاجة دائمة إلى التجديد المستمر، فاحتياجات المستهلك في تغير مستمر، ولكنَّنا بدأنا برؤية النتائج، فقد فهم عملاؤنا أخيراً كيف يمكن لمنتجنا أن يساعدهم في أعمالهم.

إقرأ أيضاً: دورة حياة المنتَج: تحكم بمنتجك لكي تعزّز نجاحك

الكلام المقنع يفيد في بيع المنتج:

خلاصة القول هي: إنَّ الأمر كله يتعلق برواية القصص، فأنت تبيع شيئاً ما دائماً، حتى ولو كان هذا الشيء هو نفسك، وفي بعض الأحيان لا يتجاوب الناس مع قصتك؛ إذ إنَّ الأشياء التي تقولها لطيفة بالتأكيد، ولكنَّها لا تشكل قصة مقنعة لمَن يستمع لها.

فلن يشتري العميل شيئاً ما إلا عندما يشعر أنَّه مضطرٌ إلى القيام بذلك، ويمكن أن ينشأ هذا الشعور من الضرورة أو الرغبة الاندفاعية أو التجاوب العميق، لكن يجب أن يكون الشعور موجوداً لإجراء عملية البيع.

على سبيل المثال، يمكن لقطعة معدنية مثلثية الشكل أن تفعل كثيراً من الأشياء المفيدة؛ فيمكن أن توضَع على الباب، أو تُستخدَم بوصفها أداة لتقطيع الخشب، فمَن هو الأكثر حاجة إلى فوائد هذه القطعة المعدنية؟ أو مَن يريدها أو يحتاج إليها بشدة لدرجة أنَّه سيشعر بأنَّه مضطرٌ إلى شرائها؟ هذه قصتك، وهذا هو عميلك.

المصدر




مقالات مرتبطة