أهمية الفضول والجرأة في حياتنا

الأسئلة المغلوطة الوحيدة هي تلك التي لا نطرحها، ويمكن لمعظمنا أن يتذكر شعور الخوف الذي واجهناه في المدرسة عندما كان علينا رفع أيدينا لطرح سؤال؛ لأنَّنا نخشى حكم الآخرين، ونشعر بالخجل من إخبار أيِّ شخص عن شي لم نفهمه، أو أنَّنا ببساطة بحاجة إلى المساعدة لفهمه فهماً أفضل، وهذا التخوُّف من أن نبدو أغبياء متأصل فينا بعمق ويجعلنا نتوقف عن طرح الأسئلة.



قد نبدو أغبياء للحظة، لكن إذا بقينا صامتين، فسنكون أغبياء إلى الأبد، فماذا نفعل إذا لم نجد أحداً يجيب عن أسئلتنا؟

علينا أن نفهم أسئلتنا بأنفسنا:

الخطوة الأولى للقيام بذلك هي أن تكون فضولياً.

على سبيل المثال، أُرسل المسبار إلى المريخ في عام 2011، والذي قام باستكشاف الكوكب الأحمر لأكثر من ست سنوات، وكان اسمه كيريوسيتي (Curiosity)؛ أي "فضول"؛ وهو الاسم الذي اقترحته الطفلة كلارا ما (Clara Ma)، البالغة من العمر اثني عشر عاماً إلى وكالة ناسا (NASA) لإطلاقه عليه؛ إذ أوضحت كلارا بأنَّ الفضول هو حاجتنا إلى طرح الأسئلة والتساؤل ممَّا يساعدنا على تخطي الحدود، وتوسيع العالم الذي نعرفه.

لكن من أجل القيام بالاكتشافات، فإنَّ الفضول وحده لا يكفي؛ فعندما نسأل أنفسنا سؤالاً نحتاج إلى الجرأة للبحث عن الإجابة، فهل يوجد ماء على كوكب المريخ؟ هذا سؤال هام ويمثل الفضول، لكنَّ إنفاق 3.1 مليار دولار لإرسال روبوت بحجم السيارة في رحلة لمسافة 560 مليون كيلومتر عبر الفضاء الخارجي ليدخل في فوهة غيل (Gale) التي نعتقد أنَّها كانت بحيرة قديمة منذ 4 مليارات سنة، فهذه هي الجرأة.

شاهد: 5 أفعال جريئة عليك القيام بها الآن

لا تتوقف الجرأة عند التجارب العلمية:

تنطبق الجرأة أيضاً على الأسئلة التي لدينا عن أنفسنا، مثل: ماذا أريد أن أعمل؟ وما هو النشاط الذي أرغب في استكشافه؟ وما الذي يجلب لي الفرح؟ وإلى جانب الأسئلة والفضول الذي تولده، نحتاج إلى الجرأة في المحاولة لمعرفة إجاباتنا الخاصة.

إليك مثال رائع على جرأة الممثلة إنجريد بيرغمان (Ingrid Bergman)، واحدة من أشهر نجوم السينما في القرن العشرين، والتي فازت بجائزة أوسكار (Oscar) ثلاث مرات؛ ففي العشرينيات من عمرها وبعد عشرات الأدوار التي أدتها في الأفلام السويدية والألمانية، قبلت أن تؤدي دوراً في أحد أفلام هوليوود (Hollywood) وبالكاد كانت تتحدث اللغة الإنجليزية، ولا تعرف ما الذي كان ينتظرها في أمريكا، ولكنَّها قررت عبور المحيط الأطلسي تاركة وراءها زوجها وابنتها.

حقَّق الفيلم نجاحاً هائلاً، وأثبتت على الفور أنَّها نجمة صاعدة، وبعد عشر سنوات، وعدة أفلام، فازت بأول جائزة أوسكار لأفضل ممثلة، وحظيت بشهرة دولية، لكنَّها بدأت تشعر بأنَّ هوليوود أصبحت سجناً بالنسبة إليها، وعندما كانت تستكشف نمطاً سينمائياً جديداً مع المخرج روبرتو روسيليني (Roberto Rossellini)، وقعت في حبه، وتسببت علاقتها في فضيحة كبيرة في الولايات المتحدة (United States)، ممَّا أجبرها على المغادرة إلى إيطاليا، وواصلت التمثيل في أنحاء أوروبا جميعها، وأدَّت في الأفلام الإيطالية والمسارح الفرنسية، واكتشفت مزيداً عن فنها وعن نفسها.

إقرأ أيضاً: الأشخاص الفضوليين: صفاتهم وطريقة التعامل معهم

بعد سبع سنوات من رحيلها، عادت إلى هوليوود في فيلم أناستازيا (Anastasia)؛ ففازت بسبب موهبتها الهائلة بجائزة أوسكار ثانية، وفي أحد أفلامها الأخيرة: "جريمة قتل في قطار الشرق السريع" (Murder on The Orient Express) عُرض على بيرغمان دور البطولة الذي كان من الممكن أن يؤدي إلى حصولها على أوسكار؛ ولكنَّها رفضت بعناد وبدلاً منه أرادت أن تؤدي دوراً صغيراً وجدته أكثر إثارة، وكانت مدته 5 دقائق وأظهر أداءها مجموعة واسعة من المشاعر ولفت الانتباه إليها، وفازت بجائزة الأوسكار الثالثة بصفتها أفضل ممثلة مساعدة، وكان هذا القرار بمنزلة شهادة مثالية عن كيفية عيشها لحياتها بفضول دائم للبحث عن فرص جديدة، والجرأة الشديدة للبحث عنها.

إقرأ أيضاً: 4 نصائح لتصبح أكثر جرأة وتغتنم المزيد من الفرص

في الختام:

كيف نجمع بين الفضول والجرأة في حياتنا اليومية؟ إحدى الطرائق هي ملاحظة ما هو غير مألوف في المألوف، فخلال طريقنا إلى المكتب، فلنستمع للموسيقى، ونلقي نظرة حولنا، فماذا نرى؟ وكيف يبدو شكل الناس؟ وماذا يفعلون؟ وما المثير للاهتمام هنا؟ فلندع الفضول يقودنا إلى أسس جديدة والجرأة لتجربتها.

المصدر




مقالات مرتبطة