أهمية الدافع في بلوغ الأهداف

إنَّ مُعظَم الأشياء الثمينة والمُجدية في الحياة صعبة التحقيق، فمن الصعب مثلاً إنشاءُ مشروع تجاري ناجح، أو اكتساب عادات جديدة، أو الإقلاع عن التدخين، وفيما يأتي بعض الإحصاءات المخيفة التي تؤكِّد هذا:

  • تفشل 90% من جميع الشركات الناشئة.
  • تفشل 96% من إجمالي المشاريع التجارية الصغيرة في غضون 10 سنوات.
  • يفشل 94% من المدخِّنين الذين يحاولون الإقلاع عن التدخين.
  • يتخلى 92% من الأشخاص عن قراراتهم التي اتخذوها للسنة الجديدة.


ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب "داريوس فوروكس" (Darius Foroux)، يُحدِّثنا فيه عن الدافع، وأهمية السعي والاستمرار لتحقيق الأهداف وبلوغ النجاح. 

إذاً، من المُرجَّح أن تفشل إن حاولتَ فعل أشياء مماثلة ولا حرجَ في ذلك؛ لكنَّني لا أريد الحديثَ عن هذا الأمر؛ بل أرغبُ في الحديث عن السبب الذي يكمن وراء فشل معظمنا؛ إذ نتخاذل ونتوقف عن السعي وراء أحلامنا قبل اكتساب الدافع؛ فمن الصعب للغاية المُواصَلة والإكمال حتى النهاية حين نبدأ أمراً جديداً وغالباً ما نتوقف عنه في وقتٍ مبكرٍ جداً حين نواجه العقبات.

لقد قيل كثيراً من الكلام عن تجاوز العوائق والتغلُّب عليها وعدم الاستسلام وتوقُّع الأسوأ؛ لكنَّنا نتراجع عن السعي وراء أحلامنا على أي حال حين يجدُّ الجد أو تحتدم الأمور، فلن تساعدك الاقتباسات التحفيزية خلال الأوقات الصعبة؛ لذا أنصحك بأن تبدأ النظرَ إلى الإحصاءات بصورة أكثر تعمُّقاً بدلاً من الاتكال على الإيمان الأعمى أو الوعود السخيفة والتافهة.

يرغب أحد أصدقائي في إنشاء عمل تجاري خاص به؛ لذا فقد كنَّا نتحدث مؤخَّراً عن مُعدَّلات الفشل في هذا المجال، وأخبرتُه بأنَّ 96% من إجمالي المشاريع التجارية تفشل في غضون 10 سنوات، وقد شحبَ وجهُه نتيجة الخوف من كلامي هذا قائلاً: "إنَّه لأمرٌ مُخيفٌ للغاية ويجعلك تُعيد النظر في أسلوبك فعلياً"، ولا بدَّ أنَّه محقٌّ في ذلك؛ فليس من السهل إطلاقاً إنشاءُ مشروعٍ تجاري مثلاً أو الحصول على الوظيفة التي تحلم بها أو فقدان الوزن أو إيجاد شريك الحياة المناسب أو أيِّ أمرٍ آخر مُجدٍ ويستحقُّ العناء؛ لكنَّ الأرقام التي نجدُها في الإحصاءات قد تكون مخيفةً للغاية في الوقت نفسِه لدرجة أنَّنا لا نُقدِم على البدء بأيِّ أمرٍ مما سبق.

شاهد بالفيديو: 10 قواعد في الحياة للمحافظة على الدافع

الإرادة والإصرار أقوى من كلِّ العقبات:

عند النظر نظرة دقيقة إلى مُعدَّلات الفشل، نجدُ أنَّ 33% من المشاريع التجارية تفشل خلال العامَين الأوَّلَين من إنشائها وفقاً لِـ "إدارة الأعمال الصغيرة الأمريكية" (Small Business Administration)؛ ومن ثَمَّ يمكننا أن نتعلَّم ممَّا سبق أنَّنا عندما نصمد في وجه العقبات ونستمر بالمحافظة على نجاح مشاريعنا خلال أول سنتَين من إنشائها، فإنَّنا بالفعل نحقق إنجازاتٍ أفضل من ثلث مجموع الشركات أو الأشخاص، وهو ما ينطبق على معظم الأشياء في حياتنا، فمُعظَم الأشخاص يضعفون ويتوقفون عن المحاولة قبل تحقيقهم لنوعٍ مُعيَّن من النجاح.

على سبيل المثال، تُظهِر الأبحاث أنَّ بناء عادةٍ جديدة أو تشكيلها في حياة الإنسان يتطلب 66 يوماً وسطياً؛ لكنَّ مُعظَم الناس لا يمنحون أنفسَهم الوقت الكافي لبناء عاداتٍ جديدة، وتجدُهم ينعتون أنفسهم بالسيئين حين يفشلون في أمرٍ ما؛ لكنَّ الحقيقة عكسُ ذلك تماماً؛ فكلُّ ما عليهم فعلُه هو الاستمرار بالسعي والمُثابرة، وبوسعنا القول إنَّه هناك أمرٌ هامٌّ واحد فقط عند البدء بأمرٍ جديد في حياتنا؛ وهو الإرادة أو الإصرار، وهو ما يدعمُه العلم ويؤكده أيضاً؛ إذ يمكن التنبُّؤ بالأفعال من خلال النوايا وفقاً للنظرية المعرفية للسلوك المُخطَّط التي ابتكرَها العالم النفسي "أيساك أجزن" (Icek Ajzen).

الأبحاثُ مُقنعةٌ جداً ومتينة الحُجَج فيما يخصُّ هذا الأمر؛ فقد وجدَت البروفيسورة "باربرا أورسر" (Barbara Orser) وزملاؤها في دراسةٍ أجرَوها علاقةً تربط بين رغبة ربِّ العمل واستعداده للتطوُّر - وهو ما يُعدُّ مؤشِّراً للإرادة أو النية لديه - ونموِّ الشركة على مدى أربع سنوات.

إذاً، فالأمر ليس سيئاً بمُجمَله؛ والخبر السارُّ عن هذا البحث هو أنَّك تتحكم بنواياك، كما أنَّك تتحكم بأفعالك ومجهودك؛ لذا فإنَّ مصيرَ أعمالك التجارية ومهنتك وصحتك وحياتك كاملةً متعلِّق بك ومعتمدٌ عليك بطريقةٍ ما، وليس رهناً بالظروف المحيطة والإحصاءات؛ فكلُّ ما تحتاجُ إليه للنجاح هو الإرادة القوية والنية لتحقيق ذلك، إضافة إلى أمرٍ آخر بالغ الأهمية وهو الدافع.

إقرأ أيضاً: 6 طرق لتجاوز عقبات الحياة والتغلب عليها

سحرُ الدافع:

لا بدَّ أنَّك تعلم أنَّ طريق النجاح والصعود إلى القمة دائماً ما يكون أصعب بكثير من طريق الفشل والتدهور؛ فمن الصعب والمُجهِد للغاية المشي صعوداً مقارنةً بالنزول أو الانحدار حسب قوانين الفيزياء؛ لذا علينا تطبيق هذا التشبيه على حياتنا وأعمالنا التجارية؛ انظر إلى البدء بأي مشروعٍ كبير في الحياة كما يأتي:

فالأمر أشبه بدفع كرةٍ حجرية صعوداً إلى أعلى جبلٍ ما؛ إذ يكون الطريق نحو الأعلى شاقاً وأكثر صعوبةً بالطبع؛ لكنَّك حين تدفعُها طوال الطريق وصولاً إلى القمة، يُصبح كلُّ ما عليك فعلُه هو إعطاؤها دفعةً خفيفة لتنحدر نزولاً وحدها؛ وهو ما يُسمَّى بالدافع.

لقد وجدتُ شيئاً مثيراً للاهتمام في دراسةٍ أجراها الباحث "رولاند لوبريسور" (Rolland LeBrasseur)، وزملاؤه والتي تفحَّصَت العلاقة بين التطوُّر والدافع؛ إذ أظهرَت أنَّ الشركات الناشئة التي كان لديها مستوى عالٍ من النشاط خلال عامها الأول، شهدَت نمواً وتطوُّراً أكبر في عامها الثاني، وهو ما أتحدث عنه تماماً؛ فكلَّما قدَّمتَ واجتهدتَ أكثر، زاد التزامُك وإخلاصك تجاه عملك؛ وكلَّما أظهرتَ نواياك الحسنة وقويتَ إرادتك الآن، عادت عليك بالخير الوفير والربح الكبير لاحقاً.

يصحُّ هذا القانون فقط عندما تسخِّر طاقتَك وتعمل في سبيل بلوغ النجاح أو دفع الكرة الحجرية صعوداً نحو أعلى الجبل، كما في الصورة أعلاه، ويجب عليك هُنا ألا تصعد بسرعة؛ إنَّما عليك الحرصُ على التقدُّم بثباتٍ واستمرار؛ لأنَّ مُعظَم الناس يتوقفون عن السعي والمحاولة قبل وصولهم للنجاح أو بلوغهم قمة الجبل.

إقرأ أيضاً: 6 طرائق بسيطة لإيجاد الدافع في حياتك اليومية

ما ينبغي فعلُه عند بلوغ النجاح:

لا يجدُر بك الفرحُ كثيراً، فلديك جبلٌ آخر ونجاحٌ آخر بانتظارك كي تحققه.

ومن ثَمَّ، لديك تحدٍّ ونجاحٌ آخر بعدَ ذلك، لتجدَ نفسك تواجه التحديات، وتسعى صعوداً ونزولاً مرةً تلو الأخرى.




مقالات مرتبطة