أهميَّة الانتباه إلى لغة الجسد

أنت تملك قوة خارقة سريَّة، فإذا كنت مثلي، لا بدَّ أنَّك ذهبت إلى المدرسة وأجريت مقابلات عمل وعانيت في علاقاتك، بسبب الكلام "المناسب" الذي يجب عليك قوله، وربما فكرت فيما تريد إخباره لمدير التوظيف أو في الحكايات التي تريد مشاركتها مع الأشخاص الذين تتعرف إليهم.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدونة فانيسا فان إدواردز (Vanessa Van Edwards)، وتُحدِّثنا فيه عن لغة الجسد.

أنت تركز على ما ستقوله في أغلب الأحيان، ولكنَّني أريد منك التركيز على الطريقة التي تقول بها الأمور بدلاً من التركيز على الأمور نفسها، بصفتنا بشراً ما لا يقل عن 60% من تواصلنا هو تواصل غير لفظي، وهذا يعني أنَّ معظم تواصلنا مع الأشخاص من حولنا يظهر من خلال لغة الجسد، وتعبيرات الوجه، ونبرة الصوت؛ ومع ذلك فإنَّنا في أغلب الأحيان نركِّز على الكلام الذي سنقوله وليس على الطريقة التي نريد أن نقوله بها.

عندما اكتشفت قوة التواصل غير اللفظي، كان الأمر أشبه باكتشاف أنَّني أملك قوة خارقة سريَّة، فلم أكن أدرك أنَّ كثيراً من رسائلي أو إيماءاتي البسيطة غير اللفظية كانت تقوض وجودي ومصداقيتي، ولقد تعلُّمت أيضاً أنَّه يمكنني استخدام يدي وصوتي ووضعية وقوفي في الكلام الذي أقوله.

إنَّني أدير مختبراً لأبحاث السلوك البشري وأجري جميع أنواع التجارب على الأشخاص ولغة الجسد والشخصية؛ لذلك أريد أن أشارك نصائحي عن لغة الجسد لأجعلك أذكى وأقوى وأكثر جاذبيَّة.

5 نصائح عن لغة الجسد لتكون أذكى وأقوى وأكثر جاذبية:

1. أصغ جيداً:

إذا سألت أحدهم: "هل تسمع ما أسمعه؟" غالباً سيميل رأسه إلى جانب واحد، ويركز كي يسمع جيداً؛ وذلك لأنَّ إمالة الرأس هي أفضل طريقة "للسماع"؛ إذ بهذه الطريقة نعرض آذاننا للبيئة المحيطة بنا حتى نتمكن من السماع جيداً.

هذا يعني أنَّ "إمالة الرأس" هي العلامة المعروفة التي تشير أنَّك تصغي، ونحن بصفتنا بشراً نحبُّ أن يُصغى إلينا؛ فهذا الأمر يشعرنا بالاهتمام وأنَّنا مرغوبون؛ وخاصة بالنسبة إلى الشخص الذي يصغي إلينا، وهذا الأمر يجعل المصغي يبدو أكثر تقديراً لنا واهتماماً بنا وأكثر جاذبيَّة.

عندما تصغي إلى شخص ما، يمكنك إظهار الاحترام غير اللفظي له من خلال إمالة رأسك قليلاً عندما يبدأ بالتكلم معك، ويعدُّ هذا الأمر جيداً لا سيما عندما تشعر بالترابط مع الشخص الآخر وتريد أن تظهر له هذا، بالإضافة إلى إخباره أنَّك مهتم حقاً بما يقوله.

شاهد بالفيديو: التواصل الجيد مع الآخرين من خلال لغة الجسد

2. انتبه إلى الانطباع الأول:

لا يسعنا إلا أن نحكم على الناس، ولسوء الحظ يحدث هذا عادةً في أثناء الانطباع الأول، في كتابي الذي يحمل عنوان "اجذب انتباههم" (Captivate)، أتحدث عن أحد أقوى حيل السلوك البشري لدينا، وهو قوة انطباعنا الأول.

كيف نترك انطباعاً أولاً رائعاً حقاً؟ أفضل الانطباعات الأولى تمرُّ بثلاثة مستويات؛ فإذا اجتزت هذه المستويات الثلاثة بانطباعك الأول، فسيصبح بالنسبة إلى الشخص الآخر أفضل، فالشخص الغريب يصبح أقرب، والشخص القريب يصبح صديقاً.

  • المستوى الأول: أأنت صديق أم عدوٌّ؟
  • المستوى الثاني: أأنت فائز أم خاسر؟
  • المستوى الثالث: هل أنت حليف؟

نظر بعض الباحثين في جامعة كولومبيا البريطانية (University of British Columbia) إلى الرياضيين الفائزين والخاسرين، ووجدوا أنَّ هناك تعبيرات عامة عن الفخر والهزيمة، بمعنى آخر جسمنا هو الذي يجعلنا نبدو كفائزين أو خاسرين؛ نظراً لأنَّ انطباعنا الأول يظهر في الثواني القليلة الأولى، فإنَّ معظمه يعتمد على التواصل غير اللفظي عندما تبدو كفائز، ويريد الناس أن يكونوا أصدقاء معك، فهم يرونك كفائز ويريدونك أن تكون حليفهم.

خلاصة القول: قف وقفةً تشبه وقفةَ الفائز وسيصبح انطباعُك الأول رائعاً.

إذاً كيف يقف الفائزون؟ إنَّهم يشغلون مساحة، ويستخدمون أيديهم، ويرجعون أكتافهم إلى الخلف، ويطالبون بمساحتهم بوضعية رحبة، إليك إشارات لغة الجسد الثلاثة للشخص الفائز:

  1. إبقاء مسافة كبيرة بين أسفل أذنيك وأعلى كتفيك؛ إذ تظهر هذه الوضعية أنَّك لا تميل عنقك أو تشد كتفيك بقلق، ومن ثمَّ تظهر الثقة.
  2. إبقاء ذراعيك مرتخيتان؛ إذ تكون هناك مسافة بين ذراعيك وجذعك؛ فتساعدك هذه الوضعية على استخدام إيماءات اليد وشغل الحيز ببساطة.
  3. محاولة عدم تعقد ذراعيك أمام صدرك أبداً.

3. انتبه إلى المواقف التي تلمس فيها نفسك:

هل تساءلت يوماً عما يعنيه أن تلمس امرأة عنقها أو مجوهراتها خلال موعد غرامي؟ أو الرجل عندما يفرك مؤخرة عنقه؟ إنَّ اللمس الذاتي هو إشارة غير لفظية مثيرة للاهتمام ويمكن أن تعني:

تهدئة الذات:

عندما نشعر بعدم الراحة، تُظهر لغة جسدنا ذلك؛ فتهدئة الذات هي سلوك نقوم به لتهدئة أعصابنا الداخلية.

تنبع هذه الممارسة من طفولتنا؛ فعندما كنَّا أطفالاً كان والدينا يربتان على رأسنا أو ظهرنا أو يقدمان إيماءة أخرى لتهدئتنا، أمَّا بصفتنا بالغين أصبحنا نحن من يهدئ أنفسنا.

فيما يأتي الأنواع الأكثر شيوعاً لإيماءات الراحة:

  • فرك ظهر أذرعنا.
  • فرك اليدين.
  • طقطقة المفاصل.
  • عضُّ اللسان أو الشفتين.

بينما يمكن لإيماءات التهدئة الذاتية أن تهدئ الأعصاب، استخدمها باعتدال؛ إذ غالباً ما تؤدي التهدئة الذاتية إلى تقويض قوتنا، مما يقلل من مستويات الثقة لدينا ويمكن أن يسبب لنا قدر أكبر من التوتر.

4. مِل نحوي:

نحن لا نفكر كثيراً في الميلان، لكنَّه في الواقع إشارة غير لفظية قويَّة جداً، ويمكن استخدامه لعدة أغراض، ومن ذلك التركيز والاتفاق والشراكة؛ لذا في عرضك التقديمي أو اجتماعك التالي، مِل نحو جمهورك أو فريقك عندما تنوه على أهم نقطة لديك.

ستزيد هذه الإشارة غير اللفظيَّة الإصغاء باهتمام والاندماج؛ وكذلك استخدام الميلان المتعمد في أثناء المحادثات يعزز الصداقات والتشجيع والاتفاق.

5. انتبه إلى قدميك:

تخيَّل أنَّك ذهبت إلى مناسبة أو حفلة ما، لا تعرف بها أحد على الإطلاق؛ إذ ستفكر ما إذا كان يجب عليك الاقتراب من مجموعة ما أو الانتظار حتى يقترب منك شخص ما، وفي هذه الحالة استخدم قوة لغة الجسد.

نحن نحرِّك أجسادنا نحو الأمور التي نحبها سواء كانت أشخاصاً أم أفكاراً أم أشياء، وهكذا تظهر أقدامنا ​​في كثير من الأحيان نوايانا، إذا كنت تنتظر أن يقترب منك أحد، وجِّه قدمك نحو الأمام؛ إذ توضِّح هذه الوضعية أنَّك جاهز لإجراء محادثة، أمَّا إذا كنت ترغب في الانضمام إلى مجموعة من الأشخاص الذين يجرون محادثة بالفعل، فتحقق من أقدامهم إذا كانت أقدام شخص أو عدة أشخاص موجهة إلى خارج الدائرة التي يقفون بها، فهذا يعني إمَّا أنَّهم سيغادرون المحادثة الجماعية - مما يتيح لك مساحة للاقتراب - أو أنَّهم منفتحون لانضمام الآخرين.

أهم شيء هو إدراك أنَّ رسائلك غير اللفظية تتمتع بقوة كبيرة، فلا تضيع فرصة الاستفادة منها، اختر واحدة من هذه الإشارات للعمل عليها كل أسبوع على مدى الأسابيع الخمسة المقبلة وانظر كيف ستتغير تفاعلاتك مع الناس.

الخلاصة:

60% من التواصل الذي نقوم به هو تواصل غير لفظي، لكنَّنا نادراً ما نفكر في التواصل على أنَّه يمكن أن يتم بطريقة أخرى غير الكلام، لكي تكون شخصاً لديه مهارات تواصل رائعة، تحكم بجسدك عندما تتحدث وتصغي إلى الآخرين.

المصدر




مقالات مرتبطة