أهم نصيحة ستحتاجها على الإطلاق لتطوير الإنتاجية

كان إرنست همنغواي يستيقظ كلَّ صباحٍ ويبدأ الكتابة مباشرةً، ووصفَ روتينه اليوميَّ بقوله: "عندما أعمل على كتابٍ أو قصةٍ، أكتب كلَّ صباحٍ في أبكرِ وقتٍ ممكنٍ، ومع بداية الشروق. إذ لا يوجدُ أحدٌ يُزعجك، ويكون الجوُّ بارداً عندما تأتي إلى عملك، لكنَّه يصبح دافئاً في أثناء الكتابة".



يشير الروتين الذي يتَّبعه همنغواي -إلى جانبِ المئاتِ من المؤلِّفين والفنانين والعلماء أصحابِ الإنتاجِ الغزيرِ، والآخرين المذكورين في كتاب "Daily Rituals: How Artists Work"، وهو كتابٌ صوتيٌّ للكاتب ماسون كوري "Mason Currey"- إلى الاستراتيجية الأكثر إنتاجيَّةً لإنجازِ الأشياءِ وإحرازِ تقدُّمٍ يوميٍّ في المجالات التي تهِّمك.

دعونا نتحدَّث عن نصيحة الإنتاجية الوحيدة التي ستحتاجها على الإطلاق، وسببِ نجاحها، وما يمنعنا من استخدامها باستمرار.

إنتاجيَّةٌ مبسَّطة:

لا حاجةَ إلى الإطالة في الحديث عن هذا الأمر، إذ أنَّ هذهِ النصيحةَ بشأنِ الإنتاجيةِ واضحةٌ ومباشرة: افعل أهمَّ شيءٍ أولاً كلَّ يوم. ورغم أنَّ الأمرَ يبدو بسيطاً، إلَّا أنَّه لا أحد يفعل ذلك.

ومثل همنغواي الذي أنتج عدداً ضخماً من الأعمال عالية الجودة خلال حياته المهنية، يمكنك تحقيق تقدُّمٍ مدهشٍ كلَّ يومٍ إذا قُمت ببساطةٍ بالأشياء الهامَّة أولاً.

لماذا تُعدّ هذه الطريقة فعَّالة؟

غالباً ما نفترض أنَّ الإنتاجيةَ تعني إنجازَ مزيدٍ من المهام كلَّ يوم. وهذا مفهومٌ خاطئٌ؛ لأنَّ الإنتاجية هي إنجاز المهام الهامَّة باستمرار. وبغضِّ النظر عن الأشياء الأخرى التي تعمل عليها، هناك بعض الأشياء الهامَّةِ حقاً.

يتعلَّق كونُك منتجٌ بالحفاظ على سرعةٍ ثابتةٍ ومتوسطةٍ في بعض الأمور، وليس السرعة القصوى في كلِّ شيء.

ولهذا السبب، تكون هذه الاستراتيجية فعَّالة. إذا قمتَ بالإجراءِ الأهمِّ أولاً كلَّ يومٍ، فستتمكن دائماً من إنجاز شيءٍ هام. لا نعرف كيف يبدو الأمر بالنسبة إليك، لكنَّ هذا يشكِّل معضلة بالنسبة إلى الكثير من الناس؛ فتجدهم يقضون ساعاتٍ في اجتياز المهام التي تحتلُّ المراكزَ الرابعة والخامسة والسادسة على جدول الأهميَّة، ولا يتمكنون من القيام بالشيء الأهمِّ أولاً.

وكما سترى أدناه، ليس هناك سببٌ محدَّدٌ يُحتِّم عليك تطبيق هذه الاستراتيجية في الصباح، ولكنَّ بدء يومك بالعمل الأكثر أهميَّةً يوفِّر بعض الفوائد الإضافية من أجل أوقاتٍ أُخرى:

  1. تكون قوَّة الإرادةِ مرتفعةً في الأوقات المبكِّرة من اليوم. وهذا يعني أنَّك ستكون قادراً على توفير أفضل طاقتك وجهدك من أجل عملك الأكثرِ أهميةً.
  2. كلَّما مرَّ وقتٌ أكثر من اليوم، ازداد احتمال أن تتسلَّل المهام غير المتوقعة إلى جدول أعمالك، وقلَّت احتمالية أن تقضي وقتك كما خطَّطت له. لذا يساعد إعطاء الأولويَّة للأشياء الهامَّة كلَّ يومٍ على تجنُّب ذلك.
  3. يبدو أنَّ العقل البشريَّ يكره المشاريع غير المكتملة؛ ذلك لأنَّها تخلق توتراً لا حلَّ له وضغوطاً داخلية. فعندما نبدأ شيئاً ما، نريد الانتهاءَ منهُ. لذا ابدأ المهام الهامَّة في أقرب وقتٍ ممكن (مجرَّد سببٍ آخر يجعل البدء بالعملِ أكثرَ أهميَّة من النجاح فيه).
إقرأ أيضاً: جدولة الأعمال بفاعلية: خطّط لأفضل استثمار لوقتك

لماذا لا نفعل ما نريد؟

يقضي معظم الناس أغلبَ وقتِهم في العمل على أجندة شخصٍ آخر، بخلاف أجندتهم.

نعتقد أنَّ هذا ناتجٌ جزئياً عن كيفية نشأتنا من قبل المجتمع؛ ففي المدرسة، نُكلَّف بالمهام ويتمّ إخبارنا بموعد إجراء اختباراتنا. وفي العمل، تُعيَّن مواعيد عملنا من قبل رؤسائنا؛ وأمَّا في المنزل، فلدينا مهامٌ أو أعمالٌ نؤديها لرعاية أطفالنا وشركائنا.

بعد بضعة عقودٍ من هذا، قد يُصبِح من السهل جداً قضاءُ يومِنا في التفاعل مع المحفِّزات التي تحيط بنا فحسب، ونتعلَّم اتخاذ إجراءٍ كردِّ فعلٍ على توقعاتِ أو أوامرَ أو احتياجاتِ شخص آخر.

لذلك، بطبيعة الحال، عندما يحين وقت بدء يومنا، لا يبدو من الغريب أن نفتح صندوق البريد الإلكتروني الوارد لدينا، ونتفحَّص هاتفنا، ونبحث عن أحدث الأوامر التي يجب علينا أن ننفذها.

هذا خطأ، فعلى الرغم من أنَّ المهام الموكلة إلينا من قبل الآخرين قد تكون عاجلة، لكن ما هو عاجلٌ نادراً ما يكون هامَّاً. إنَّ المهام الهامَّة في حياتنا هي تلك التي تحرِّك آمالنا وأحلامنا وإبداعاتنا وأعمالنا إلى الأمام.

هل يعني ذلك أنَّنا يجب أن نتجاهل مسؤولياتنا كأهلٍ أو موظَّفين؟ كلَّا، لكنَّنا نحتاج جميعاً إلى وقتٍ ومكانٍ في أيامنا لاتِّباع جداول أعمالنا الخاصة، وليس جداول أعمالٍ يفرضها علينا أشخاصٌ آخرون.

إقرأ أيضاً: تقنية "ألين" (Allen) لمعالجة المدخلات، التحكم في سير عملك على نحو فعال

لست شخصاً صباحياً:

هل كلمة الصباح تدفعك إلى البكاء؟ هل تظنُّ أن لا شيء أسوأ من أشعة الشمس الذهبية المتدفقة بهدوءٍ على وسادتك؟ إذاً، لا تقلق.

إذا دققت في العاداتِ اليومية لمئات المؤلِّفين والفنانين والموسيقيين المذكورة في كتاب (Daily Rituals) الصوتي، تلاحظُ وجودَ توجه هامّ: هو "اللا اتجاه".

لا توجد طريقةٌ واحدةٌ للنجاح، إذ أنَّ هناكَ عدداً كبيراً ممَّن يفضِّلون العمل ليلاً، وينتجون عملاً رائعاً كما يفعلُ أولئك الذين يعملون باكراً. ولكن بغضِّ النظر عن نمط روتينهم الخاص، اعتنقَ كلُّ فنانٍ منتجٍ فكرة حماية وقته الثمين كلَّ يومٍ، وهو الوقت الذي يمكنهم فيه العمل على جدول أعمالهم الخاص.

إنَّ عبارة "افعل أهمَّ شيءٍ أولاً كلَّ يوم" هي مجرد طريقةٍ بسيطةٍ لقول: "امنح نفسك وقتاً ومساحةً للعمل على ما هو هامٌّ لك يومياً".

 

المصدر




مقالات مرتبطة