أخطاء القادة في إدارة فرق العمل الهجينة

من الواضح أنَّ العالم قد قطع شوطاً كبيراً في العمل عن بُعد؛ ولكن بعد أخذ جرعات اللقاح الموصى بها، وضغط الشركات لعودة الموظفين إلى العمل المكتبي، فمن المؤكد أن يتناقص عدد العاملين عن بُعد، وسنلاحظ ميل الأغلبية لانتهاج سياسة العمل الهجين.



في حين قد تبدو إدارة الفِرق الهجينة أسهل من إدارة موظفين بدوام كامل عن بُعد، إلا أنَّ الأمر ليس كذلك؛ في الواقع، يعرب القادة عن ثقتهم بإدارة الموظفين العاملين عن بُعد أكثر من موظفي النظام الهجين.

في دراسة جديدة من موقع التدريب "ليديرشيب آي كيو" (Leadership IQ) بعنوان "الفجوة في المهارات القيادية" (The Leadership Skills Gap)، طُلب من أكثر من 3000 قائد تقييم كفاءتهم القيادية في "إدارة الفِرق الهجينة"؛ فأعرب 28% فقط منهم عن امتلاكهم مهارات متقدمة؛ أي يمكنهم أداء المهارة بنجاح واستمرار، أو خبرة عظيمة؛ أي يملكون خبرة واضحة في هذا الخصوص.

في المقابل، بلغت نسبة الذين قالوا إنَّهم يمتلكون مهارات متقدِّمة في إدارة الفِرق العاملة عن بُعد أو يمتلكون خبرةً واضحة في هذا المجال 33 بالمئة؛ إذاً لماذا تُعَدُّ إدارة فريق "هجين" أصعب من إدارة فريق يعمل أعضاؤه عن بُعد؟

السبب الأهم هو التغير المستمر لأسلوب القيادة يوماً بعد يوم وتغيُّره بتغيُّر الموظفين؛ فقبل الجائحة كانت مهارة القادة في إدارة الفِرق على أرض الواقع تفوق مهارتهم في إدارة الفِرق العاملة عن بُعد. ويرجع ذلك إلى تراكم الخبرة والإيمان بفاعلية إدارة الموظفين إدارة شخصية؛ إذ استخفوا بفكرة عمل الموظفين وأداء المهام بملابس النوم من المنزل.

ولكن غيَّرت جائحة كورونا نظام عمل القادة والموظفين جذرياً على حدٍّ سواء. ولمس القادة فاعلية وإنتاجية الموظفين العاملين عن بُعد؛ أي من المنزل. وخلال ذلك، اكتسب القادة خبرة واسعة في ضبط أداء الأشخاص العاملين عن بُعد، دون أي تواصل إلا عن طريق مؤتمرات الفيديو. مع أنَّ الأمر استغرق بعض الوقت، لكنَّه أثمر في اكتساب القادة لمهارتٍ قيادية للفِرق البعيدة.

تظهر خطورة الموقف عندما يعاود الموظفون العمل المكتبي؛ إذ يمكن أن تُهمل استراتيجيات "العمل عن بُعد"، وتسود "استراتيجيات العمل المكتبي" التام في التعامل مع نمط العمل الهجين؛ لهذا يجب الانتباه إلى عدم الوقوع في الخطأين الآتيين:

إقرأ أيضاً: 4 نصائح لتعزيز التواصل ضمن الفرق الهجينة والعاملة عن بعد

1. تغليب مصلحة أرباب العمل على احتياجات الموظفين:

مع إعادة الشركات موظفيها مؤخراً إلى العمل من المكتب، رأينا عديداً من المديرين والشركات يجبرون الموظفين على العمل في أيامٍ يبدو طلبٌ كهذا فيها غريباً أو جائراً. فقد أظهرت دراسة عالمية بعنوان "إرهاق الموظف في عام 2021" (Employee Burnout In 2021) على سبيل المثال، رغبة الموظفين في العمل من المنزل أول وآخر يوم من أيام العمل. كما أوضحت أنَّ يومي الثلاثاء والأربعاء هي الأيام الأقل رغبة للعمل عن بُعد حتى الآن.

ومع ذلك، لم يكترث العديد من المديرين لأمر الاستطلاعات أو الدراسات، وفرضوا على الموظفين العمل من المنزل في منتصف الأسبوع أو في أيامٍ أخرى لا يرغبون فيها بذلك، دون مراعاة لاحتياجات الموظف.

بالنظر إلى اختيارات الموظفين لأفضل أوقات العمل الحضوري أو الافتراضي، سيبرز استفسار عن السبب الذي يدفع الشركات إلى إرغام الموظفين على العمل عن بُعد في أيامٍ لا يرغبون فيها بذلك؟ لأنَّ مثل هذه القرارات غالباً ما تُتَّخذ إما تعسفياً، أو تبعاً لأولويات احتياجات المديرين.

في المقابل تدحض جميع المعطيات المتوافرة فكرة أنَّه من الأفضل أن تمنح الشركات الموظف يوماً للعمل عن بُعد في منتصف الأسبوع، وأنَّ ذلك يَصُبُّ في مصلحة الموظف.

شاهد بالفديو: 7 نصائح لإدارة فِرَق العمل عن بعد بنجاح

2. تنفيذ نفس نوع العمل "عن بُعد" و"حضورياً":

كلَّفت شركات عدة الموظفين بالعودة إلى المكتب تحت شعار تحسين التعاون والعمل الجماعي؛ فقد توقعت زيادة الإنتاجية للموظفين عندما يتقابلون. ومع ذلك، فستُبقي الشركات قاعات المؤتمرات مغلقة لعدم وجود تباعد اجتماعي فيها، ويجب على الناس ارتداء الكمامات.

بالتأكيد، نحن نؤيِّد جميعاً التمسُّك بالتباعد الاجتماعي وارتداء الكمامة الواقية، ولكنَّ فكرة الشركة متناقضة مع فعلها؛ فكيف يمكن إعادة الموظفين إلى المكتب تحت شعار تعزيز التعاون ولا يُسمح لهم باستعمال قاعات المؤتمرات أو رؤية تعابير وجه بعضهم بعضاً؟

والنتيجة الحتمية لذلك هي عدم استفادة الموظف؛ إذ يأتي الموظفون إلى المكتب لأداء عمل كان يمكن أداؤه بسهولة في المنزل. يمكن لأرباب العمل الاستعانة بسببٍ وجيهٍ آخر وهو تحسين العلاقات وجهاً لوجه على أرض الواقع في سبيل تعزيز التعاون على الرغم من البعد. عدا ذلك سيظن الموظفون أنَّ أداء العمل ذاته في المكتب الذي يمكن أداؤه بسهولة من المنزل سببه الوحيد هو عدم ثقة رب العمل بإنتاجيتهم في مكانٍ آخر.

من الرائع العمل بنظام هجين، ولكنَّ إدارته ليست أسهل من إدارة الفِرق البعيدة. فلا يعني حضور الموظفين للعمل من المكتب بضعة أيام في الأسبوع أنَّه يمكن العودة إلى أسلوب القيادة القديم. وإذا فعلنا ذلك، فإنَّ كل الخبرة الإدارية التي اكتسبناها خلال وباء كورونا ستذهب أدراج الرياح.

المصدر




مقالات مرتبطة