أثر عبارات التحفيز الإيجابية في تحسين التركيز

اعتدتُ أن أقلق بشأن أمورٍ كثيرة منذ نعومة أظفاري، وكان معظمها يتعلق بالمال والصحة والمستقبل، فما هو أكثر موضوع تقلق بشأنه؟ إيَّاك أن تخبرني بأنَّك لا تقلق أبداً ولا تهاب شيئاً؛ فهذا يعني أنَّك إنسان آلي (روبوت).



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدوِّن والكاتب داريوس فوروكس (Darius Foroux)، ويُحدِّثنا فيه عن تجربته في إيجاد عبارات التحفيز الإيجابية الخاصة به.

يقلق الناس جميعهم بشأن أمور لن تحصل أبداً، وهذه طبيعة الخوف، فكما يقول الفيلسوف ميشيل دي مونتين (Michel de Montaigne): "كانت حياتي مليئة بتكهنات مشؤومة رهيبة لم يحدث معظمها".

يُفترض أن يجنبنا الخوف المتاعب، لكن هذا لم يعد صحيحاً في العالم الحديث الذي أصبح يحتل فيه الخوف والقلق والتوتر تفكيرنا إلى درجة أنَّنا لا نستطيع التركيز على أهدافنا، وبحسب تجربتي الشخصية فإنَّ عيش حياة كاملة لا يتعلق بالموارد أو الفرص؛ وإنَّما بإدراكك لما تريد ولكيفية الحصول عليه، لهذا السبب عليك أن تحافظ على تركيزك وتدرك أنَّ تحقيق الأهداف لا يتم إلا بالعمل، وعليه أودُّ أن أشارك عادة قديمة استمرت وأثبتت فاعليتها على مر الزمان.

شاهد بالفيديو: 9 طرق لممارسة التحدث الإيجابي إلى الذات من أجل تحقيق النجاح

تأثير عبارات التحفيز الإيجابية في حياتك:

لا أعدُّ نفسي شخصاً روحانياً، وعلى الرَّغم من إيماني بالصدف والحظ فإنِّي لا أصدق وجود طاقة روحانية غير مرئية، كما أنِّي أميل إلى التشكيك وأؤمن بما يفيد؛ ولهذا السبب لا أعارض الإيمان بأهمية الطاقة الروحانية لأنَّها تساعد ملايين الناس، وفي الحقيقية أنا أدرس الدين والحضارات والمعتقدات المختلفة، ومن ضمن الأشياء التي تعلمتها هي فائدة عبارات التحفيز الإيجابية؛ إذ يعرف معظم الناس عبارات التحفيز الإيجابية، إلَّا أنَّ قلة قليلة منهم يستخدمونها بفاعلية.

يمكن تعريف عبارات التحفيز الإيجابية كما يأتي: "عبارات التحفيز الإيجابية عبارة عن تعبير مقدس أو صوت روحاني أو مقطع لفظي أو كلمة أو صوت أو مجموعة كلمات يؤمن الممارسون بقواها النفسية والروحية".

ظهرت عبارات التحفيز الإيجابية منذ قرون في معظم الديانات والفلسفات، واستخدمها الناس في أنحاء العالم جميعه للتغلب على الخوف وتحسين قدرة التركيز، وهي فعالة جداً بصرف النظر عمَّن اخترعها أولاً.

يُعدُّ الملاكم فلويد مايويذر (Floyd Mayweather) مثالي المفضل من بين أولئك الذين يستخدمون عبارات التحفيز الإيجابية؛ فعلى الرَّغم من أنَّه شخصية جدلية لها محبينها وكارهينها، إلا أنَّه يُعدُّ أعظم ملاكم على الإطلاق؛ فلديه رقم قياسي؛ إذ حقَّق 50 فوزاً، ولم يخسر نزالاً أبداً ولم يقترب من الخسارة طوال مسيرته، وعلى الرَّغم من أنَّ موهبته تُعدُّ سرَّ نجاحه، إلَّا أنَّه يتمتع أيضاً بأخلاقيات عمل مدهشة، فهو يتمرن منذ أن كان طفلاً.

إنِّي أتابعه منذ سنوات، ليس بسبب أمواله أو سياراته؛ وإنَّما لأراقب تدريباته وأتعلم شيئاً يمكنني تطبيقه في حياتي؛ لأنَّ شخصاً بهذا النجاح يُفترض أن يقوم بالأمور بطريقة صحيحة.

لقد لاحظت قبل سنوات أنَّ مايويذر يكرر عبارة "العمل الجاد والتفاني" في أثناء تدريباته، وأحياناً كان يغير في ترتيب الكلمات، بدا الأمر بوصفه أسلوباً تشجيعياً في البداية أو أشبه بشعار مبتذل؛ لكنَّني ما إن علمت أنَّها عبارة التحفيز الإيجابية الخاصة بالملاكم حتى بدأت باستخدام واحدة من أجلي، وهي: "لنبدأ العمل".

درَّبت نفسي على قولها كلَّ صباح فور استيقاظي، ولاحظت أنَّها تنشطني وتمدني بالطاقة، لقد جربت عبارات أخرى أكثر قابلية للتكرار، إلَّا أنَّها لم تناسبني، فأنا أفضِّل العبارات القصيرة والقوية، وقد تعلمت أن أكررها عند استيقاظي وعندما أشرع بالعمل وقبل أن أبدأ تمريني الرياضي، وبدا أنَّها تساعدني على تغيير حالتي العقلية إلى وضعية التنفيذ الفعلي، خاصة عندما أشعر بالخوف والعجز فإنَّها تُحدث تغييراً في الوضع.

إنِّي أؤمن بالمقولة المبتذلة: "الطريق الوحيد للخروج يكمن في العبور"، وإذا أردتَ العبور فأنت بحاجة إلى خطوات فعلية.

إقرأ أيضاً: أقوال وعبارات تحفيزية لتطوير النفس والذات

في الختام:

هذه إحدى أكثر الطرائق فاعلية في التنمية الشخصية؛ لذلك أنا أنصح الجميع باستخدامها، وكلُّ ما يلزم هو اختيار شعار يساعدك على زيادة تركيزك وتغيير حالتك العقلية، وقد يحتج بعض المتشائمين بأنَّ قول بضعة كلمات لن يحلَّ مشكلات حقيقية، وأردُّ على هؤلاء بقولي: ما الذي سيساعد على حلِّ المشكلات؟ أن تستسلم وتغرق في بؤسك؟ أن تكون مشلول التفكير؟ ألا تفعل شيئاً حيال المشكلة؟ أن تشعر بالمرارة حيال الحياة؟

نعلم جميعاً أنَّ الحياة أقصر من أن نمضيها بالقلق حيال أشياء لن تحدث أبداً، وفي حال طرأت مشكلة لا تقف مكتوف اليدين؛ بل افعل شيئاً حيالها.




مقالات مرتبطة