أثر تحمل المسؤولية على تحقيق الأهداف

عندما بدأت في عملي، كنت أُعاني من مشكلة التسويف، فقد أقنعتُ نفسي أنَّه لا بأس بالاستيقاظ في وقت غير مبكِّر والبدء بالعمل في وقت متأخِّر بعض الشيء، لكن لم يستغرق الأمر وقتاً طويلاً حتى أدركتُ أنَّه لن يكون الوضع كما اعتقدت، وذلك لأنَّني لم أكن أُنجِز شيئاً، لذلك حاولت أن أستيقظ مبكِّراً وأبدأ مباشرةً في العمل، ثمَّ بعد أشهر عدَّة عدتُ كما كنت سابقاً.



لقد استمر هذا النمط لبضعة أشهر أُخرى حتى ذكر أحد أصدقائي أنَّه يعاني من نفس المشكلة واقترح أن نتساعد على تحمُّل المسؤولية.

لقد كانت الخطة سهلة، وهي أن نتكلَّم يومياً على تطبيق "سكايب" (Skype) في الساعة 6 صباحاً، ونخطِّط ليومنا، ثمَّ نُنجز بعض الأعمال الهامَّة مباشرةً بعد أن ننتهي من مكالمتنا، حتى قبل أن نأكل، أو قبل أن نسمح لأيَّة مشتِّتات تعترض طريقنا، وكانت هذه الطريقة رائعة فعلاً، فجأةً، أصبحتُ مسؤولاً أمام شخص، وإذا لم أتواجد في الوقت المحدَّد الذي يجب أن نجري مكالمتنا فيه، سيكون من الواضح أنَّني استغرقت في النوم.

يوجد بحث الآن يثبت أنَّ تحمل المسؤولية يؤثر تأثيراً عميقاً في تحقيق الأهداف الهامَّة بالنسبة إليك، ويخبرنا البحث بأنَّ تحمُّل بعضاً من المسؤولية يمكن أن يصنع فرقاً بين النجاح والفشل في عاداتك وأهدافك الصعبة.

شاهد بالفيديو: 20 مثالاً على الأهداف الشخصية الذكية لتحسين حياتك

المسؤولية ضرورية لتحديد أهداف ذكية والالتزام بها:

إذا حاولت في يومٍ ما تكوين عادة جديدة مع صديق أو مع مجموعة ما، فلا بدَّ من أنَّك تعلم أنَّ وجود شخص ما يتحمَّل معك مسؤولية شيء معيَّن، سيرفع فرصك في النجاح كثيراً، السؤال هو، لماذا يعدُّ هذا الأمر مفيداً؟

توجد دراسة نفسية اكتشفت الإجابة عن هذا السؤال؛ إذ شرع ثلاثة باحثين في تعلُّم كيفية جعل الأشخاص الذين يجرون الاستبيانات صادقين في إجاباتهم، فعندما يطلب الباحثون من الناس الإجابة عن أسئلة حساسة مثل:

  1. كم مرةً تمارس الرياضة عادةً؟
  2. هل أنت مدخن؟

غالباً ما يكذب الناس في إجاباتهم، حتى ولو كانوا يعرفون أنَّ إجاباتهم ستبقى مجهولة.

وذلك لأنَّ الرغبة في أن يُنظر إليك على أنَّك مقبول اجتماعياً قوية جداً لدرجة أنَّك عرضة للكذب في الأسئلة الحساسة حتى ولو كانت إجابتك ستبقى مجهولة، هذا الأمر صحيح حتى ولو كان يعني تعزيز عادة سيئة تعوق تقدمك في تحقيق أهداف هامة.

لكن ماذا لو كانت إجاباتهم غير مجهولة؟ هذا ما قام البحث باختباره، وقد فعلوا ذلك من خلال ما يسمَّى بتجربة "بوغس بايبلاين" (bogus pipeline)، في هذه التجربة يُربط الأشخاص باختبار كشف كذب مزيَّف لإجبارهم على الإجابة عن الأسئلة بصدق، وكان أحد الأسئلة التي طُرحت هو،: "كم مرةً تمارس الرياضة عادةً؟".

أعطى معظم المشاركين إجابة موحدة، وقالوا إنَّهم يمارسون الرياضة بنسبة "عادية" كل أسبوع، لكن أجاب بعضهم بأنَّهم يمارسون الرياضة بنسبة أقل من المعتاد، قد تعتقد أنَّ هذا الأمر عشوائي، لكنَّه لم يكن كذلك.

فالأشخاص الذين أجابوا بصدق هم الذين اعتقدوا أنَّهم سيُكشفون إذا كذبوا في إجاباتهم بواسطة اختبار كشف الكذب المزيف.

إقرأ أيضاً: 9 نصائح لتحمل المسؤولية عن أفعالك وعيش حياة أكثر سعادة

الحفاظ على الأهداف على المسار الصحيح:

جميع الناس يكذبون بين حين وآخر ليشعروا بشعور أفضل، لكن يخبرنا البحث أنَّه إذا كنت تعتقد أنَّ الأمور التي تكذب بها ستُكشف، فمن المُرجَّح أن تبقى صادقاً.

كيف يمكنك استخدام هذا الأمر للحفاظ على أهدافك على المسار الصحيح؟ يمكنك اتباع نفس الطريقة التي اتبعتها لإبقاء نفسي ملتزماً بمكالمة الاستيقاظ الساعة 6 صباحاً من كل يوم.

فقد كنت أعلم أنَّني إذا لم أستيقظ في الوقت المحدد، لن يكون من الممكن أن أقدم أي عذر، وكان سيكشفني الشخص الذي يعتمد عليَّ في الاستيقاظ، فهو لم يكن يعتمد عليَّ في هذا الأمر فقط، بل في نجاحه أيضاً، وكان الكذب سيؤذيني ويؤذيه.

نظراً لأنَّني علمتُ أنَّ الكذب سيُكشف، ولم يكن لدي طريقة منطقية لتبرير سبب عدم اتخاذي لإجراء تجاه هدفي، فكنت أُجبر نفسي يومياً على الاستيقاظ، لأنَّني لم أرغب في أن يعرف أحد أنَّني قد فشلت في تحقيق هدفي، ولم أرغب في خذلان صديقي الذي كان يعتمد عليَّ.

لذلك، لو لم يكن لدي هذا القدر من المسؤولية لإبقائي محفَّزاً، لكان من الأسهل أن أستغرق في النوم، وأؤجل كل شيء إلى الغد يوماً بعد يوم.

إقرأ أيضاً: كيف تحدد الأهداف بفاعلية وتستمر في التطور؟

في الختام:

إذا كان لديك هدف أو عادة جديدة تحاول اكتسابها، يمكنك أن تُبقي نفسك على المسار الصحيح من خلال وضع تدابير لتحمل المسؤولية:

  1. البحث عن شخص يمكنك الاعتماد عليه ويمكنه الاعتماد عليك، والذي سيعرف ما إذا كنت تقول الحقيقة أم لا؛ إذ يمكن أن يكون شخصاً من العمل أو صديق له نفس هدفك.
  2. إخبار أصدقائك وعائلتك عن هدفك؛ إذ إنَّ مشاركة خططك مع الآخرين يزيد من شعورك بالمسؤولية لإكمال الهدف، وسيذكِّرك الحصول على الدعم المنتظم بالعمل الذي يتعيَّن عليك القيام به للانتهاء منه في الوقت المحدد.
  3. التركيز على الأهداف التي تحفزك داخلياً؛ وذلك لأنَّ أسهل العادات التي يمكن تكوينها هي تلك التي لا يهمُّك ما إذا كان يعرفها أي شخص آخر أم لا.

إذا اعتقدت أنَّ الكذب سوف يُكشف، فسوف تقول الحقيقة في أغلب الأحيان، وهذه هي بالضبط المسؤولية التي تحتاج إليها للالتزام بأهدافك الأكثر صعوبة.

المصدر




مقالات مرتبطة