أثر الإيمان في النجاح

أعتقد أنَّ الإيمان هامٌّ جداً عندما يتعلَّق الأمر بتحقيق أحلامك؛ إذ يفشل معظم الناس في تحقيق أحلامهم لمجرد أنَّهم يفتقرون إلى الإيمان الكافي، ومع ذلك أعتقد أيضاً أنَّ الإيمان بحدِّ ذاته غير كافٍ، وغالباً ما يكون في غير محله.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدوِّن "ستيفن أيتشيسون" (Steven Aitchison)، ويحدِّثنا فيه عن أثر الإيمان في النجاح.

لقد قمت بكوتشينغ تدريبي منذ فترة من الزمن، وقابلت فيه عديداً من الأشخاص الذين افترضوا أنَّ الإيمان وحده كافٍ لتحقيق النجاح لهم، وأنَّهم إذا تمتَّعوا بالإيمان الكافي بأنفسهم وبأهدافهم، فإنَّهم سينجحون دائماً.

لكنَّني أعتقد أنَّ هذا الافتراض خاطئ، فالإيمان هو مجرد عنصر استراتيجي واحد لتحقيق النجاح، وإذا كنت تحاول الوصول إلى أهداف مختلفة، وآمنت حقاً، لكنَّك لم تصل إلى ما تريده على الرَّغم من الوقت الذي استثمرته والتفاني، فإليك بعض الأفكار عن كيفية إصلاح هذا الأمر:

1. الاعتراف بالواقع:

قد تعتقد أنَّك إذا كنت تؤمن بشيء بما فيه الكفاية، فسيحدث، أليس كذلك؟ هذا ما قيل لنا كثيراً، لكنَّه مجرد كلام مُنمَّق؛ إذ يوجد كثير من الأهداف التي لا يمكن تحقيقها سواء أعجبك ذلك أم لا، على الأقل في سياقات معينة، فثمة حدود للواقع، حتى لو كانت أوسع بكثير ممَّا يعتقده الناس في كثير من الأحيان، فمن الضروري أن تضع هذا الأمر في الحسبان.

إنَّني أعرف أشخاصاً كان لديهم فكرة عمل، لكن لم يكن السوق جاهزاً لها، وأشارت جميع البيانات إلى ذلك بوضوح، ومع ذلك تجاهلوا البيانات، وكان لديهم إيمان مطلق بأنَّ فكرتهم ستنجح، لقد ظنُّوا أنَّهم إذا آمنوا بنجاحها، فستنجح حقاً.

لكن ما حدث هو أنَّ فكرة عملهم قد فشلت، على الرَّغم من أنَّهم حاولوا إنجاحها كثيراً، إلا أنَّها فشلت فشلاً ذريعاً، لأنَّهم رفضوا الاعتراف بالتغذيات الراجعة البسيطة التي أشارت إليها جميع النتائج، والتي هي أنَّ السوق لم يكن جاهزاً لفكرة العمل هذه.

إذاً بدلاً من تلافي الخسائر والتقدم نحو فكرة عمل جديدة، تمسَّكوا بفكرتهم الأولى بعناد، على أمل أنَّهم إذا آمنوا بها حقاً، فستنجح في النهاية، لكن هذا لم يحدث أبداً، واضطروا إلى الاستسلام عندما أفلسوا، وبحلول ذلك الوقت، لم يتبقَّ لديهم أيَّة موارد لتنفيذ فكرة عمل جديدة.

فالفكرة هنا ليست أنَّه لا يمكن أن يكون لديك عمل ناجح، بل هي أنَّ خطة العمل المعيَّنة التي تفكِّر بها في سوق معيَّن من الممكن أن تفشل.

أنا أعتقد أنَّه من الجيد أن تؤمِن أنَّك يمكنك تحقيق النجاح بطريقة أو بأخرى، لكن لا تؤمن إيماناً مطلقاً بمسار واحد محدَّد للنجاح، لأنَّه قد لا يكون المسار الصحيح، فتفاءل عندما تحدِّد وجهتك، لكن كن واقعياً عندما تختار المسار.

شاهد بالفيديو: 7 قواعد ذهبية تمهد طريق النجاح

2. تعزيز قوتك:

إنَّني أُؤمن بأنَّ أي شخص يمكنه تحقيق أشياء عظيمة، لكنَّني لا أعتقد أنَّ أي شخص يمكنه تحقيق أي شيء، فإذا تمكَّن شخص ما من أن يصبح محامياً ناجحاً، فهذا لا يعني أنَّه يمكنك أن تصبح محامياً ناجحاً أيضاً، حتى لو كان لديك نفس الفرص، فهذا لا يعني أنَّه لديك نفس القوة الطبيعية، وفي تجربتي تؤدي نقاط القوة الطبيعية دوراً حاسماً، وغالباً ما يُقلَّل من شأنها في تحقيق النجاح.

فربما ذلك المحامي الجيد هو بطبيعة الحال صاحب طريقةٍ مجردةٍ مميَّزةٍ في التفكير، وهذه قدرة أساسية لكي تكون محامياً جيداً، وقد لا تكون أنت كذلك.

بالتأكيد، مع كثير من الممارسة والمثابرة، وإذا عقدت العزم حقاً، يمكنك تطوير تفكيرك المجرد كثيراً، لكنَّك لن تصل إلى نفس مستوى نجاح ذلك الشخص الآخر في نفس الفترة الزمنية؛ لأنَّهم لديهم قدرة طبيعية في ذلك الأمر، وأنت لست كذلك، ولا بأس بذلك لأنَّك تملك قدرة طبيعية في أشياء أخرى، ربما تكون بطبعك مبدعاً جداً وستكون كاتباً ممتازاً، في حين أنَّ الأشخاص الآخرين قد لا يكونون كذلك.

لذا، انسَ الفكرة التي تقول إنَّ ما يمكن أن يقوم به أي شخص آخر، يمكنك القيام به أيضاً؛ لأنَّها مجرد فكرة خاطئة، فهي تتجاهل أهمية نقاط القوة الطبيعية، فكل شخص صاحب إنجازات عالية هو شخص نجح في المجالات التي قام فيها بكثير من العمل لكنَّه كان يملك استعداداً لها أيضاً.

إقرأ أيضاً: كيف تطور قوتك الذهنية وتحافظ عليها؟

3. الاهتمام بالعلاقات:

يوجد عنصر أكثر أهمية للوصول إلى أحلامك، وهو العلاقات وقدرتك على بنائها والحفاظ عليها والاستفادة منها، وذلك لأنَّ معظم الأهداف التي تريد تحقيقها في الحياة، سيؤدي الآخرون دوراً رئيساً فيها، وتضمن لك العلاقات الجيدة امتلاك فرضية أساسية لخططك لكي تؤتي بنتائج مُثمرة.

إنَّ امتلاك هدف مثل التمتُّع بصحة جيدة هو شيء يعتمد عليك، لكن ماذا عن أهداف مثل امتلاك عمل تجاري ناجح؟ إذ يحتاج العمل الناجح إلى عملاء مُخلصين، ولا يتطلَّب العملاء المخلصون منتجاً أو خدمة جيدة فحسب، بل أيضاً أن يثقوا بك وبعملك، والثقة هي أحد مكونات العلاقات الجيدة، وماذا عن إيجاد الحب والرفيق، والتي هي من أقوى احتياجاتنا بوصفنا بشراً؟ تعتمد تلبية هذه الاحتياجات بالكامل تقريباً على قدرتك على بناء العلاقات، والأمثلة لا تنتهي.

لذلك من الهامِّ معرفة كيفية التحدث إلى الأشخاص من مختلف الأنواع، وإظهار المصداقية في التفاعلات الاجتماعية، وبناء علاقات عميقة دائمة مع الآخرين، فلا يقتصر الأمر على أنَّ وجود مثل هذه العلاقات مفيد في حدِّ ذاته، لكنَّه يتيح لك عدة فرص أخرى أيضاً، سواء في حياتك الشخصية أم المهنية.

فكنت أتمنى لو كان النجاح مُتعلِّق بالإيمان، لكن لسوء الحظ هذه وجهة نظر سهلة ولا أساس لها؛ إذ إنَّ الأمور أكثر تعقيداً من ذلك بقليل.

إقرأ أيضاً: 8 نصائح للتوقف عن الاهتمام أكثر من اللازم

في الختام:

لكي تصل إلى أحلامك وتعيش الحياة التي تريدها، من الهامِّ أن يكون لديك إيمان، لكن أيضاً أن تعرف بماذا ومتى يجب أن تؤمِن، من أجل معرفة نقاط قوتك والاستفادة منها، ولاكتساب مهارات جيدة في التعامل مع الأشخاص والتواصل مع الأشخاص الرائعين.

مع أنَّ هذه ليست معادلة كاملة للنجاح، لكنَّني أحسب أنَّها توضِّح الخلاصة لجميع المكونات المركزية، وهذه بداية جيدة جداً.

المصدر




مقالات مرتبطة