آلام العنق الناتجة عن العمل في المكتب وتقنيات علاجها

يعاني معظمنا آلام العنق بعد يوم طويل وشاق في العمل؛ إذ عُدَّت أكثر مشكلة جسدية منتشرة بين العاملين في المكاتب؛ فالجلوس في المكتب لثماني ساعات أو أحياناً أكثر أمام شاشة الحاسوب يخلِّف شعوراً هائلاً بالألم.



لا تسمح لنا حياتنا اليومية بالتغاضي عن روتين العمل ناهيك عن أنَّ خيار الاستقالة والبحث عن عملٍ آخر لا يتطلب كثيراً من الجلوس ليس خياراً مطروحاً نظراً للمسؤوليَّات التي تقع على عاتق معظمنا من مستلزمات المعيشة.

يبحث المقال هذا في مختلف الأسباب التي تؤدي إلى آلام العنق المزعجة، كما يسلط الضوء على بعض النصائح للتغلب على هذه المشكلة.

ضرورة ترتيب تجهيزات المكتب وتعديله:

هذه الخطوة بديهية لأنَّك تقضي معظم يومك في المكتب، ممَّا يجعل من أسلوب تنظيمه عاملاً حاسماً في آلامك الجسدية التي قد تؤثِّر في سير حياتك.

يجب الاهتمام ببعض الجوانب خاصة عند تجهيز مكان العمل ومنها:

1. الكرسي:

يجب ضبط الكرسي بالنسبة إلى جسدك والمكتب وشاشة الحاسوب لأنَّك تقضي معظم يومك جالساً عليها؛ ومن ثَمَّ من الهام أن تضبط ارتفاع الكرسي؛ إذ تضع قدميك على الأرض باستقامة، وبهذه الطريقة تحظى بأفضل وضعية للعمود الفقري من جهة وتحمي أكتافك من الانحناء من جهة أخرى.

اضبط الكرسي لتكون حافتها تحت ركبتيك مباشرةً، كما يجب أن يشكِّل أسفل ظهرك زاوية 90 درجة مع الوركين، ويستند تماماً إلى الكرسي، وبالنتيجة ستلمس تحسُّناً في إنتاجيتك بالعمل وصحتك عند حصولك على كرسي مناسب.

2. الشاشة:

يؤدي الاستهتار بتأمين مكان مناسب للشاشة إلى آلام في العنق، فلنفرض أنَّك تشاهد فلماً، ثم أملت رأسك جانبياً لبعض الوقت، فعندها سينتشر الألم في جانب من رقبتك.

بشكل مماثل عندما تكون شاشة الحاسوب منخفضة جداً بالنسبة إلى مجال رؤيتك، فتضطر إلى خفض رأسك طوال وقت العمل، وبالنتيجة تبدأ الآلام؛ لذا يجب أن يكون الإطار العلوي للشاشة في مستوى النظر نفسه، وهذا من شأنه أن يخفف التشنج والإجهاد في عنقك كون الرؤية مضبوطة عند مستوى العينين.

في حال أنَّ الشاشة لا تتيح خيارات التعديل كثيراً، فيمكنك عندها استخدام بعض الكتب لتضبطها في الارتفاع المناسب؛ إذ إنَّ تعديل وضعية الشاشة أمر هام وبسيط وفي متناول يد الجميع.

3. لوحة المفاتيح والفأرة:

ترتبط آلام العنق عند العاملين في المكاتب ارتباطاً أساسياً بارتفاع الفأرة ولوحة المفاتيح وبعدهما؛ فعندما تكون لوحة المفاتيح مرتفعة جداً على مكتبك، فإنَّ جسدك تلقائياً سيعوِّض فارق الارتفاع من خلال رفع الكتفين، مما يسبب بدوره تشنجات في العنق وآلاماً أيضاً على الأمد الطويل.

تتحقق الوضعية المثالية عندما يكون الساعدان موازيين للأرضية والمعصمان مستقيمان من دون انحناء، كما يمكنك استخدم فأرة ولوحة مفاتيح منفصلتين عند استخدام الحاسب المحمول.

بوسع بعض التغييرات في تجهيزات المكتب أن تُحدِث فرقاً كبيراً في مشكلة العنق المتيبِّس.

نستنتج أنَّ إحداث تغييرات بسيطة في مكان العمل قادر على إحداث تغيرات جذرية في الطريقة التي يستجيب فيها الجسم لقضاء ساعات طويلة في المكتب.

4. أنت تجهد نفسك كثيراً:

نعاني جميعاً الإجهاد والتوتر بطريقة أو بأخرى خاصة مع تزايد صعوبات الحياة، والتي منها:

  • دفع الفواتير شهرياً.
  • مرض الأطفال.
  • الذهاب يومياً إلى العمل في ذروة الازدحام المروري.
  • ضغط العمل والمدير لتسليم التقارير.

لا شك أنَّ رقبتك وأكتافك تخضعان للإجهاد إذا كنت تتعرض للضغوطات المذكورة آنفاً، إلا أنَّك قادر على التعامل مع الأمر وتنفيس التوتر بعيداً عن جلسات ممارسة اليوغا باهظة الثمن؛ وإنَّما عن طريق تقنيات تنفيس للتوتر بسيطة وقابلة للتطبيق في أيِّ مكان وليكن مكتبك.

إقرأ أيضاً: آلام الرقبة: 9 طرق بسيطة وفعالة للعناية بالعمود الفقري العنقي

5. الاسترخاء:

تقوم أول تقنية بسيطة على مبدأ شد العضلات واسترخائها؛ وذلك من خلال البدء من أسفل جسدك؛ أي أصابع قدميك ثم ترتفع حتى عضلة عنقك مروراً بكافة العضلات من الأسفل إلى الأعلى واحدة تلو الأخرى.

بعد ممارسة التمرين لأيام عدة ستكون قادراً على تحديد مناطق الشد في جسدك وتمرينها تمريناً منفصلاً.

شاهد بالفيديو: 10 أمور مذهلة تحدث للجسم عند الاسترخاء

6. الهروب الذهني:

يصنف الهروب الذهني ضمن الطرائق المتبعة في تنفيس التوتر (تخفيف الضغط النفسي)، ونعني بها الذهاب فعلياً أو مجازياً للمكان السعيد (يُقصد بالمكان السعيد ذكرى أو موقف أو نشاط أو مكان يبعث فيك السعادة والطمأنينة والهدوء)، ثم المكوث فيه لفترة واستشعار الروائح والأصوات والشعور الذي يبعثه فيك.

7. التنفُّس:

إنَّه ليس مجرد التنفس الاعتيادي اليومي؛ بل التنفس بعمق؛ ففي كل مرة تشعر بالإحباط وفقدان السيطرة على حياتك توقف ثم خذ نفساً عميقاً وبطيئاً لثلاث مرات على التوالي، وهذه الطريقة كفيلة ببث الهدوء في داخلك وتغيير مشاعرك.

إقرأ أيضاً: 15 تقنية للتنفس تساعدك لتكون حاضراً ذهنياً

8. قلَّة الحركة والتمدد:

يمكن تشبيه جسم الإنسان بالآلة التي تحتاج إلى الحركة والنشاط باستمرار، والسيارة التي لا تتحرك مثلاً تتعرض للتلف تدريجياً؛ إذ بينت الدراسات أنَّ الطريقة المثلى للحفاظ على صحة العمود الفقري، تكمن في تغيير وضعية الجسم في المكتب باستمرار؛ وذلك من خلال الوقوف حيناً والمشي حول المكتب حيناً آخر أو أيِّ نشاط يبعدك عن الجلوس على كرسي المكتب لثماني ساعات متواصلة.

يمكنك ضبط المنبه كل ساعة مثلاً لمتابعة الحركة في أثناء وجودك في المكتب، ثم أضف بعد فترة تمرينات تمدُّد في كل مرة تنهض عن الكرسي؛ لأنَّها أثبتت فاعليتها في تحسين صحة العنق.

إنَّ الأمر بسيط وأنت بغنى عن جلسات اليوغا الطويلة لممارسة تمرينات تمدُّد العنق، ويمكنك محاولة القيام بهذه التمرينات الآن:

  1. تدوير الكتف للأمام والخلف لمرات عدة.
  2. تحريك عنقك لعدة مرات مع المحافظة على وضعية استقامة ظهرك.
  3. تدوير رأسك حول كتفيك بدوائر كاملة لليمين ثم إلى اليسار.

إنَّ قيامك بحركات التمدد البسيطة هذه سيعود بالفائدة على عضلات رقبتك.

في الختام:

باختصار، يعود الألم المزعج في عنقك إلى أسباب عدة، نوقشت بعض الأدوات والتقنيات والحلول في المقال، والآن يأتي دورك في الالتزام بتطبيقها في حياتك اليومية بأقرب وقت ممكن حتى تلمس نتائج مُرضية؛ لأنَّ الألم لن يختفي من تلقاء نفسه.




مقالات مرتبطة