9 مخاوف ستندم على عدم مواجهتها

لقد تطوَّعت اليوم في حدث خيري للتبرع بالدم، وكانت إحدى النساء اللواتي قَدِمْنَ للتبرع خائفةً إلى درجة البكاء عندما طلبتها إلى غرفة التبرع، وحين رأيتها خائفة جداً، قلت لها: "لا عليكِ، هدِّئي من روعك، لستِ مجبرةً على التبرع إن لم ترغبي بذلك، فنظرت إليَّ من كرسيها بابتسامة طفيفة خلف دموعها، وأجابت: "أعلم؛ لكنَّني أرغب في ذلك حقاً، يجب ألا يمنعني الخوف من فعل الصواب".



ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن الكاتب مارك كرنوف (Marc Chernoff)، ويُخبرنا فيه عن 9 مخاوف سنندم على عدم مواجهتها

يا له من درس هام، حملتني كلماتها على التفكير بكل مخاوفي الصغيرة التي تعوق تقدُّمي، وأظنُّ أنَّك تعاني الأمر ذاته؛ لذا فلنتعرَّف معاً إلى تسعة مخاوف نستطيع البدء بمواجهتها اليوم، كي نتفادى الندم والألم حيالها لاحقاً:

1. الخوف من التميُّز:

خوفنا الأكبر ليس ألا نكون على قدر كافٍ من التميز؛ بل هو قدرتنا اللامحدودة على التميز، فعادةً ما نخشى براعتنا أكثر من عيوبنا، وأحياناً تجد نفسك تسأل: "كيف لي أن أفعل ذلك؟"، بينما في الحقيقة يجب أن تسأل "كيف لي أن أعجز عن ذلك؟"؛ لذا تجاهَل شكوكك، ولا تخشَ الخروج عن المألوف وكن مميزاً.

لا تقلِّل من شأن نفسك، ولا تحاول حفظ ماء وجهك، خوفاً من المخاطرة في سبيل ما ترغب فيه، فلن تنفع أحداً بذلك، ولا جدوى من التقليل من شأن نفسك، ظنَّاً أنَّك بذلك لن تحبط الآخرين عند مقارنة أنفسهم بك، ومن المقدَّر لك أن يسطع نجمك بطريقة ما، ووحدك قادر عليها، وأن تشارك العالم ما تمتلك من براعة لا مثيل لها في داخلك؛ وبذلك يصبح من البديهي على من حولك أن يقتدوا بك ويفعلوا المثل، وعندما تتحرر من خوفك من التميُّز، فأنت بذلك تشجِّع الآخرين على التحرر من مخاوفهم أيضاً.

2. الخوف من أنَّك لست جاهزاً:

ما من وقت مثاليٍّ لتبدأ السعي وراء أحلامك وأهدافك، ولن تشعر يوماً أنَّك بكامل جهوزيتك، فمهما بلغت، يبقى التعلُّم واكتساب الخبرة رحلة لا تنتهي، فأنت تنضج كل يوم أكثر، وما عليك إلا أن تؤمن بنفسك بما تمتلك الآن، والإيمان يعني ألا تهاب المجهول، وأن تتعلم الاعتماد على شعورك، كما تعتمد على حواسك في اكتشاف ما حولك، وأن تدع حدسك يرشدك إلى الطريق الصحيح.

تخيل ما أنت قادر على فعله إن اخترت اليوم أن تؤمن بنفسك وخبرتك، وبأنَّك قطعت شوطاً طويلاً كفاية لتكون جديراً بفرصة جديدة، وإن اخترت اليوم أن تؤمن بقوتك وحكمتك، وحُسن نيَّتك، وبالحب الذي يحيطك كفايةً لتتخذ خطوة إلى الأمام، وإن اخترت أن تؤمن في نهاية هذا اليوم أنَّك فعلت ما بوسعك، تخيل ما أنت قادرٌ على فعله، تخيل ما أنت قادر على فعله إن اخترت أن تجدد إيمانك هذا في صباح الغد.

شاهد بالفيديو: 6 نصائح بسيطة تساعدك على التخلص من مخاوفك

3. الخوف من مشقَّات الحياة:

الحياة مقيتة أحياناً، وقاسية أحياناً إلى درجة أن تفقد رغبتك في النهوض من فراشك، والقيام بأي شيء، ومُرهقة أحياناً إلى درجة ألا تقوى على القيام بشيء سوى الالتفاف حول نفسك والبكاء؛ لكنَّ الحياة جميلة في أحيان أخرى؛ جميلة كفاية إلى درجة لا تكف فيها عن الابتسام.

أحياناً ما عليك إلا أن تبقى إيجابياً وتشق طريقك قُدماً على الرَّغم من الصعاب؛ لأنَّ الحياة والأوقات الطيبة تستحق ذلك، والأهم أنَّك أيضاً تستحق ذلك.

تذكَّر أنَّ الخوف أسوأ ما في الحياة، وهو عدوُّك الحقيقي؛ لذا انهض وانطلق إلى الحياة بكلِّ مشقَّاتها، وتحلَّ بالشجاعة لطرد الخوف من قلبك، فلا تحاول تفادي عقبات الطريق؛ بل امض لمواجهتها والتغلُّب عليها، وإن كان الأمر مؤلماً في البداية، اعلم أنَّك عند أول اختبار تختار فيه الشجاعة بدلاً من الخوف، لن يجد الخوف طريقاً للعودة إلى قلبك.

4. الخوف من الفشل:

صراعات الحياة الصعبة من شأنها أن تجعلك شخصاً قوياً لا ضعيفاً؛ فالمعاناة من الخسارة هي أكثر ما يمدُّك بالقوة، تتعلم كثيراً من دروس الحياة الأساسية دون أن تسعى إلى ذلك بإرادتك، وأحياناً تودي بك الخيارات الخاطئة إلى الأماكن الصحيحة، وفي كل مرة تخطئ، تقترب أكثر من هدفك، واختيار التسمُّر مكانك خوفاً من ارتكاب الأخطاء هو الخطأ الوحيد القادر على إيذائك؛ فالفشل ليس بأن تتعثَّر وتقع؛ بل بأن تختار الاستسلام وأنت ما زلت قادراً على النهوض والاستمرار؛ لذا عليك أن تعلم أنَّك تحتاج إلى إثبات جدارتك لنفسك وحسب؛ إذ إنَّ الشكوك التي تساورك هي منافسك الأشرس، ولا يمكنك الفشل، يمكن فقط أن تتعلم ما تحتاج إليه للنهوض وأخذ الخطوة التالية.

5. الخوف من فقدان السيطرة:

أكره أن أخبرك بذلك؛ لكنَّك عاجز عن السيطرة على جميع مجريات حياتك مهما اتخذت تدابير احتياطية؛ إذ تتمحور الحياة حول إيجاد التوازن بين ما يمكن، وما لا يمكن السيطرة عليه؛ لذا عليك أن تحقق التوازن بين الصعوبات والتخلي عن الأمور التي لا تستطيع السيطرة عليها، والحياة ليست مدينة لك بأي شيء، فقد أعطتك مسبقاً كلَّ ما تحتاج إليه، والحرية لا تعني تجاوز العقبات التي تتخلل طريقك؛ بل الوعي بأنَّها جزءٌ لا يتجزَّأ من الطريق.

ما يتسبب أحياناً في معاناتك وقلقك، هو التمسك وتعليق آمالك على أشياء تحدث خارج إرادتك؛ لذا تخلَّ عنها، وعن المعاناة والبؤس اللذَين تحملهما معك، واعلم أنَّك لن تخسر شيئاً لم يكن يوماً تحت سيطرتك، وراقب السلام الذي ستجده في تحرير نفسك، والكف عن محاولة تسيير كلِّ شيءٍ كما ترغب فيه، دع أمور الحياة تتخذ مجراها الطبيعي دون القلق والهوس بالسيطرة.

6. الخوف من أحداث وقعت في الماضي أو قد تحدث مستقبلاً:

ينفق بعض الناس سنين حياتهم عالقين في الماضي، أو خائفين من المستقبل، ويتحسَّرون على ما حدث، وعلى ما كان بإمكانهم فعله، أو ما يمكن أن يحدث، لكن لا تكن واحداً من هؤلاء، فإن قضيت حياتك في الأسف على أحداث الماضي أو القلق من أحداث المستقبل، فلن تجد وقتاً لتعيش أحداث الحاضر وتكون ممتناً لها؛ لذا انطلق إلى الحياة، ولا تدع الماضي والمستقبل يسلبونك حاضرك.

تتصرف وكأنَّك في منافسة مع العالم أجمع؛ لكنَّك في الحقيقة تنافس نفسك فقط، والتعلُّق بأوجاعك يجعلك حبيس أفكارك؛ لذا حرِّر نفسك وكفَّ عن التمسك بها، فإن تحلَّيت بالشجاعة لإغلاق أبواب الماضي، ستكافئك الحياة بفتح أبوابٍ جديدة؛ لذا حافظ على إيمانك، وركِّز طاقتك في كل خطوة تخطيها إلى الأمام، ولن يجعل ذلك أحلامك وأهدافك أموراً سهلة التحقيق، لكن حتماً سيجعلها قابلة للتحقيق.

7. الخوف من فقدان الجمال مع التقدم بالعمر:

يفقد مظهرك الخارجي أهميته تدريجياً مع تقدمك في السن، بينما تصبح شخصيتك محطَّ الاهتمام، وفي النهاية ستعي أنَّ الجمال يكاد لا يتعلق بأيَّة مظاهر خارجية؛ إنَّما بما أنت عليه من صفات وبمساهمتك في رضى الآخرين عن أنفسهم، والأهم رضاك أنت عن ذاتك.

لذا لا يهم كم ترى مظهرك عادياً أو غير مرغوب، إن كان الخير في داخلك يرتسم في ملامحك، فإنَّك جميل حكماً، أعمالك وطريقة تفكيرك هي ما يجعلك جميلاً؛ لذا لا تحاول أن تكون شخصاً آخر؛ فقد تنظر في المرآة وتجد عيوباً كثيرة، لكن هنالك أحد آخر يرى فيك شخصاً يحبه، ليس لأنَّه لا يرى عيوباً فيك؛ بل لأنَّه يرى ما في داخلك من طيبة ما يجعل عيوبك تتضاءل أمامها، ومن يهتم لأمرك سيحب ما فيك من عيوب وميزات، أحياناً قبل أن تقدر أنت على ذلك.

8. الخوف ممَّا تجهل:

ما من شيء خُلق في الحياة كي تهابه؛ إنَّما عليك فهمه وحسب، وآن الأوان لتحاول الفهم أكثر كي تتغلب على خوفك أكثر؛ إذ تكمن الخطوة الأولى نحو تقبُّل الواقع في توسيع الإدراك، والتقبُّل وحده يستطيع مساعدتك على التخلص من خوفك مما تجهل.

العاجزون منا على تحمُّل ما تحمله الحيرة من ضغوطات، غالباً ما ينتقدون ويهاجمون الآخرين؛ إذ إنَّنا ندافع عن صحة ظروفنا، بانتقاد أصحاب الظروف المختلفة؛ لذا فقد تسمح لمشاعر الشك بأن تأتي وتذهب من تلقاء نفسك أو أن تحولها إلى انتقاداتٍ توجهها إلى الآخرين، الأمر يعتمد على إدراك أنَّ قلَّة المعرفة ليست إشارة لخطب ما يصيبك أو يصيب الآخرين؛ إنَّما إشارة إلى أنَّ جميعنا بشر في نهاية المطاف، وما من أحد استطاع اكتشاف كل مجهول؛ إذ تدور في أذهاننا جميعاً دوامات من الحيرة والسعادة والفخر والإرهاق.

الأشياء الجميلة عصيَّة عن الفهم في البداية؛ إذ مقدَّر لنا أن ندرسها بعناية، ما يؤدي إلى تقاربنا من بعض عوضاً عن تفرقتنا.

إقرأ أيضاً: كيف تواجه مخاوفك اللامنطقية وتبقى قوياً رغم جميع الظروف؟

9. الخوف من التغيُّر:

نحن غالباً ما نقاوم التغيُّر حين نكون بأمسِّ الحاجة إليه، ومع ذلك إن بقي كل شيء على حاله ستصبح كل أيامنا رمادية، وتفقد معناها وقيمتها، ومعظمنا يرتاح لفكرة البقاء على حاله على الرَّغم من أنَّ العالم حولنا يتغير تغييراً دائماً ومستمراً.

إنَّ وعينا لأهمية التغيُّر يؤدي دوراً ضرورياً في مقدار سعادتنا ونجاحنا في الحياة؛ إذ فقط عندما نتغيَّر، نستطيع أن ننمو ونبدأ برؤية الحياة من منظور جديد لم ندركه سابقاً، وفي نهاية المطاف لك حرية الخيار، فقد تدع الماضي يحدد هويتك و يعوق تقدمك أو أن تتعلم منه وتنمو وتمضي قدماً.

إقرأ أيضاً: 9 علامات تدلُّ على أنَّ الوقت قد حان لتغيير عقليَّتك

في الختام:

لديك القدرة على التغيُّر كما تتغير الفصول، وفي أوجه كثيرة لقد فعلت ذلك مسبقاً؛ لذا لا تنسَ سواء أكان الحال الآن جيداً أم لا، فإنَّه سيتغير لا محالة؛ لذا حاول تقبُّل ذلك، واعلم أنَّ التغيُّر دوماً ما يحدث لسبب ما، فلن يكون دوماً سهلاً أو واضحاً في البداية؛ لكنَّك في النهاية ستعي أنَّه أمر يستحق العناء.




مقالات مرتبطة