9 سلوكيات سامة تعيق الناس الجيدين

عندما تقضي عقداً من الزمن في العمل مع الآلاف من الأشخاص من جميع أنحاء العالم، لا يسعك سوى ملاحظة ما هي الأمور التي تنجح، والتي لا تنجح على الأمد الطويل، وثمة شيء واحد تعلمته؛ ليست الخصائص الجوهرية أو الظروف هي التي تحدد ما إذا كنت سعيداً وناجحاً أو لا؛ بل إنَّه سلوكك.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب مارك كرنوف (Mark Chernoff)، ويُحدِّثنا فيه عن 9 سلوكات سامة تعوق الناس الجيدين.

ماذا أعني بـ "السلوك"؟ كيف تتفاعل تحت الضغط، والوفاء بالتزاماتك، والتواصل والتفاعل مع أحبائك، وموقفك تجاه الرؤساء والزملاء والموظفين والعملاء، استعدادك للقيام بعمل ما بطريقة صحيحة، وما إذا كنت مركزاً ومنضبطاً أو مشتت الذهن، وغيرها الكثير.

أعترف أنَّني عرفت بعض الأشخاص الذين يعانون خللاً كبيراً، والذين عملوا جيداً على أنفسهم لفترة قصيرة، لكن عاجلاً أم آجلاً، عادةً عندما يزداد الضغط عليهم، ولا تسير الأمور على ما يرام، يُظهرون سلوكات مدمرة للذات، وللأسف، غالباً ما يدمرون الآخرين معهم، إذا كنت تريد أن تزدهر في الحياة، فقد ترغب في إلقاء نظرة فاحصة وجادة على نفسك ومعرفة ما إذا كان أيٌّ من هذه السلوكات تشملك.

اتخاذ خطوات صغيرة ومتسقة لتصحيح هذه السلوكات إذا لزم الأمر:

1. الاعتقاد والإصرار على أنَّ الحياة صعبة للغاية وغير عادلة:

الحقيقة هي أنَّه من السهل اكتساب عادات إيجابية كما هو الحال في اكتساب عادات سلبية، إنَّها مجرد مسألة كيف تقضي وقتك؛ يمكنك أن تقضي وقتك في القيام بأشياء تقرِّبك من أهدافك، أو يمكنك أن تقضي وقتك في البحث عن الراحة الفورية.

مثلاً يشتكي الناس: "من الصعب جداً ممارسة الرياضة كلَّ يوم"، لكنَّ ممارسة الرياضة والحركة هي ظروف طبيعية مبهجة تجعلنا نشعر بشعور رائع، الأمر ليس صعباً، المشكلة هي اعتياد الناس على عدم ممارسة الرياضة، فإذا كنت تمر بالموقف نفسه، غيِّر عاداتك، اعلم أنَّك في المكان الذي أنت فيه بسبب الاختيارات التي اتخذتها في الماضي، وأنَّ مستقبلك يعتمد على الخيارات التي تتخذها اليوم؛ لذا يمكنك اختيار الجلوس، أو اختيار الجري، ويمكنك اختيار مشاهدة مسلسل، أو يمكنك اختيار قراءة فصل آخر في كتاب رائع، ويمكنك انتهاز الفرص، أو يمكنك اختيار النوم، لا يوجد شيء صعب أو معقد حيال ذلك، بخلاف الطريقة التي تفكر بها.

2. المماطلة في كلِّ شيء:

الافتقار إلى الثقة والانضباط، إضافة إلى التوقعات غير الواقعية للوصول إلى النجاح السريع يغذي المماطلة على الأمد الطويل؛ إذ تشير دراسات عديدة إلى أنَّ الأشخاص الذين يماطلون هم أولئك الذين يعوقون أنفسهم بأنفسهم؛ فبدلاً من المخاطرة بالفشل، يفضِّلون اختلاق الظروف التي تجعل النجاح مستحيلاً والانشغال بها، وهو رد فعل يؤدي بالطبع إلى حلقة مفرغة، وأفضل شيء يمكنك القيام به لنفسك هو كسر هذه الحلقة؛ والتوقف عن قول: "أتمنى"، والبدء في قول: "سأفعل"، ثم افعل شيئاً حيال ذلك.

إذا كان لديك شيء تريد فعله، لكن ليس لديك وقت، فمن المحتمل ألا يحدث أبداً؛ فالمعرفة لا تكفي؛ بل يجب عليك التنفيذ، والرغبة لا تكفي؛ بل يجب أن تقوم بالعمل، وإذا كان كلُّ ما يمكنك فعله الآن هو القليل، فافعله، فتلك الخطوات الصغيرة سوف تضيف فائدة إلى حياتك؛ فالقيمة التي تنشأ بمرور الوقت، بزيادات صغيرة، لن تزول أبداً.

3. إلقاء اللوم على الآخرين:

قال عالم النفس سيغموند فرويد (Sigmund Freud) ذات مرة: "معظم الناس لا يريدون الحرية حقاً؛ لأنَّ الحرية تأتي مع مسؤولية، ومعظم الناس يخافون من المسؤولية"، لا تكن مثل هؤلاء، عندما تلوم الآخرين على ما تمر به، فإنَّك تنكر مسؤوليتك، وأنت تتنازل عن السلطة الكاملة على هذا الجزء من حياتك، في الواقع، ثمن السعادة والنجاح هو المسؤولية، ولا أحد آخر مسؤول عنك، فأنت تتحكم بشكل كامل بكيفية اختيارك للتعامل مع الوضع الحالي لحياتك.

ربما تكون قد تعلمت أنَّك يجب أن تلقي اللوم على والديك ومعلميك والمنتورز ونظام التعليم العام والحكومة وما إلى ذلك، ولا تلوم نفسك أبداً، لكن إنَّه خطؤك دائماً؛ لأنَّك إذا كنت تريد التغيير وإذا كنت ترغب في النمو والمُضي قُدماً في حياتك، فإنَّ الشخص الوحيد الذي يمكنه تحقيق ذلك هو أنت.

شاهد بالفديو: 7 عادات سيئة تنفر الآخرين منك

4. مقارنة نفسك بالآخرين:

يعتقد الأشخاص غير السعداء أنَّ الحظ السعيد لشخص آخر ينتقص من حظوظهم، كما أنَّهم يعتقدون أنَّه لا يوجد خير يكفي الجميع، هذا يؤدي إلى الحسد والاستياء؛ لذا لا تدع الحسد أو الغيرة تستنزف طاقتك؛ فالحسد هو فن احتساب نِعَم شخص آخر بدلاً من نعمك، لا يوجد شيء جذاب أو مثير للإعجاب في هذا السلوك؛ لذا توقف عن مقارنة رحلتك برحلة أيِّ شخص آخر، فرحلتك هي رحلتك وليست منافسة؛ أنت في منافسة مع شخص واحد فقط هو أنت، أنت تتنافس لتكون أفضل ما يمكنك أن تكونه، وإذا كنت تريد قياس تقدُّمك، فقارن نفسك بما كنت عليه بالأمس.

5. رفض الثقة بالناس:

لن أجادل في أهمية الفطنة في التمييز بين الناس؛ لكنَّ الأشخاص الأكثر سعادة ونجاحاً يثقون ثقة معقولة في أقرانهم من البشر، كما أنَّهم يؤمنون بالخير في الآخرين، وهذا يساعدهم على تعزيز الشعور بالانتماء للمجتمع وبطموحاتهم، من ناحية أخرى؛ فالأشخاص غير السعداء يشككون في كلِّ شخص يقابلونه ويفترضون أنَّهم لا يستطيعون الوثوق بالغرباء، وهذا السلوك يحدُّ من كلِّ تواصل خارج دائرة معارفهم الداخلية ويحبط كلَّ الفرص للقاء أشخاص جدد قادرين على مساعدتهم على النمو؛ لذا ضع في حسبانك أنَّ الثقة هي الأساس لتعزيز النمو والألفة، فعندما تختار أن ترى الأفضل في الآخرين، ينتهي بك الأمر إلى إيجاد الأفضل في نفسك.

إقرأ أيضاً: بناء الثقة مع الآخرين

6. كره الناس لأيِّ سبب كان:

كما قال الزعيم الأمريكي الناشط في الدفاع عن حقوق السود مارتن لوثر كينج جونيور (Martin Luther King Jr): "لا يمكن للظلام أن يطرد الظلام؛ النور فقط يمكنه فعل ذلك، ولا يمكن للكراهية طرد الكراهية، الحب فقط يمكنه فعل ذلك"، عندما تكون لدينا مشاعر الكراهية، فإنَّها في النهاية تستهلك كلَّ طاقتنا، وكلُّ شيء وكلُّ شخص تكرهه يستحوذ على مساحة دائمة في رأسك وقلبك؛ لذلك إذا كنت تريد طرد شيء ما أو شخص ما من عقلك، فلا تكره، بدلاً من ذلك، سامح، وانسَ وامضَ قدماً، وتذكَّر أنَّ ردَّ الأذى بالأذى لا يساعدك على المضي قدماً؛ فلن تتقدم أبداً على أيِّ شخص ما دمت تحاول الانتقام منه، وأحياناً لا نغفر للناس لأنَّهم يستحقون ذلك؛ فنحن نغفر لهم لأنَّهم يحتاجون إلى المسامحة، ونحن نحتاج إليها، ولأنَّنا لا نستطيع المضي قدماً دونها؛ لذا المسامحة هي إعادة اكتشاف السلام الداخلي والهدف الذي اعتقدت في البداية أنَّ شخصاً ما سلبه عندما أساء معاملتك.

7. ترك الشكوك تغذي السلبية والاستسلام:

العقل أداة رائعة؛ لكنَّه أيضاً محرك سلبي يحاول ملء وعيك بالشك، ويرفض أيَّ شيء لا تشعر بالارتياح تجاهه؛ لذا لا تدعه يسيطر عليك، وثق بنفسك في الأوقات الصعبة وآمن بقدرتك على النجاح وأنَّ علاقاتك تستحق الجهد المبذول، يخطئ الناس في طريقهم إلى العظمة، ويمكن أن يكون الناس حمقى وأذكياء وأنانيين وكريمين ومتوترين وسعداء في الوقت نفسه، لكن قلة قليلة من الناس تؤذي الآخرين عن قصد.

لذا آمن أنَّ لديك طرائق عديدة مؤدية إلى الصواب، ثق في حدسك، خاصة عندما يتعين عليك الاختيار بين طريقين جيدين فالحياة ليست واضحة، وآمن أنَّ الحياة ستفاجئك مراراً وتكراراً، وآمن أنَّ الرحلة هي الوجهة، وآمن أنَّ الأمر يستحق كلَّ هذا الوقت، كما قال الكاتب رولد دال (Roald Dahl): "بصرف النظر عن أيِّ شيء، شاهد العالم حولك بأعين متلألئة لأنَّ أعظم الأسرار دائماً ما تكون مخبأة في الأماكن غير المحتملة، فأولئك الذين لا يؤمنون بالمعجزات، لن يجدوها أبداً".

شاهد بالفديو: السر في الحصول على أي شيء تريده في الحياة - "Jen Cohen"

8. توقُّع أنَّ كلَّ شيء يجب أن يسير دائماً كما هو مخطط له:

غالباً ما تكون الحياة غير متوقعة، لن تكون بالضرورة بعض اللحظات الرائعة في حياتك هي الأشياء التي تفعلها؛ ربما تكون أشياء لا يد لك فيها، وهذا لا يعني أنَّك لا تستطيع اتخاذ إجراء للتأثير في نتائج حياتك؛ بل عليك أن تتحرك، وسوف تفعل ذلك، لكن لا تنس أنَّه في أيِّ يوم يمكن أن تغير حياتك بأكملها في لحظة للأفضل أو للأسوأ وقد تصاب بالأذى دون سابق إنذار، إنَّها فكرة مخيفة؛ لكنَّها جزء من دورة الحياة، قد تعاني وقد ينتهي بك الأمر في المكان المناسب في الوقت المناسب.

إقرأ أيضاً: التخطيط السليم: كيف تبني خطة حياتك؟

9. قلة الصبر:

الصبر لا يتعلق بالانتظار، إنَّه القدرة على الحفاظ على موقف جيد في أثناء العمل الجاد من أجل ما تؤمن به، كما أنَّ الرغبة في الاستمرار في التركيز، واتخاذ خطوة صغيرة واحدة تلو الأخرى بثقة، وكلُّ خطوة إلى الأمام مهما كانت صغيرة هي تقدُّم، سواء كنت تعمل على تحسين صحتك أم تعلُّم مهارة جديدة أم بدء مشروع تجاري، فلا يمكنك أن تتوقع إشباعاً فورياً.

بدلاً من ذلك، يجب أن تكرِّس نفسك للطقوس اليومية الصغيرة التي تنقلك من مكانك إلى حيث تريد أن تكون، في بعض الأحيان قد يكون من الصعب رؤية تقدُّمك على الأمد القريب، وأحياناً يكون الأمر محبطاً عندما لا تظهر النتائج التي تسعى إليها بالسرعة التي كنت تأملها، لكن ما دمت تتقدم يوماً بعد يوم، فاصبر، ربما تتحرك ببطء؛ لكنَّك مع ذلك تتقدَّم.




مقالات مرتبطة