8 معتقدات سامَّة يحسبها معظم الناس عادية

عندما كنت في أواخر سن المراهقة وأوائل العشرينيات من عمري، كانت نظرتي إلى الحياة محدودة؛ إذ توقعت أن تسير الحياة بطريقة معيَّنة، لقد فكَّرت في إخفاقاتي حتى غابت عني نجاحاتي، وتخلَّيت عن أحلامي لأشعر بالراحة، وتمسَّكت بمخاوفي، وحجبت عن نفسي الحب والسعادة برفضي أن أكون صادقاً تجاه مشاعري، ومع أنَّني فعلت كل هذا، جلست متسائلاً لماذا كانت الحياة بائسة جداً؟



ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن الكاتب "مارك كِرنوف" (MARC CHERNOFF)، ويُخبرنا فيه عن بعض المعتقدات السامَّة التي يظنُّها معظم الناس عادية

من الواضح أنَّني كنت تائهاً جداً، وكانت معتقداتي السامَّة والسلوكات التي تلتها قد نالت منِّي وهزمتني، لكن بعد بحثٍ مكثَّفٍ عن الذات، وكثيرٍ من القراءة والممارسة اليومية الدؤوبة، تعلَّمت أن أفعل الأشياء بأسلوب مختلف، واستعدتُ قيمتي وثقتي بنفسي وبقدراتي؛ وأقول لك هذا لأنَّني أعرف أنَّك تعاني صراعاتٍ داخلية مماثلة، فكلنا نمرُّ بهذا، وفي بعض الأحيان، تنتهي بنا الأفكار والعادات التي نشعر معها بالراحة إلى قتلنا من الداخل.

كوني كوتش حياة مخضرماً، قضى الجزء الأكبر من عقد من الزمن في تقديم الكوتشينغ لآلاف الأشخاص عبر الإنترنت أو وجهاً لوجه، أُدرك الآن أنَّ معظم المعتقدات السامَّة التي عانيت بسببها في وقت سابق من حياتي هي شائعة جداً؛ وقد لمست حرفياً نفس هذه المعتقدات السامَّة في حياة العملاء الجدد مراراً وتكراراً.

فيما يأتي 8 من أكثر المعتقدات شيوعاً التي يجب أن تكون على درايةٍ بها:

1. الحاضر دليل على المستقبل:

عندما لا تسير الأمور على ما يرام، نفترض ونستنتج تلقائياً أنَّ المستقبل يحمل معه مزيداً من الأمور السيئة نفسها، ولسببٍ غريب لا يحدث هذا كثيراً عندما تسير الأمور جيداً؛ فالضحك، والابتسامة، والشعور الغامض الدافئ، كلها لحظات عابرة، ونحن نعرف ذلك؛ إذ نعيش الأيام الجميلة دون الاستغراق فيها، وندعها ترحل بسلام، ولكن عندما نمرُّ بحالةٍ من الاكتئاب، أو الخوف، أو نكافح من أجل شيء ما فمن السهل تراكم مزيد من الألم بافتراض أنَّ الغد سيكون تماماً مثل اليوم.

هذه نبوءة تحقِّق ذاتها، فإذا لم تتجاوز ما حدث، وما قيل، وما شعرت به، سوف تنظر إلى مستقبلك من خلال نفس المنظور، ولن تجد ما هو قادر على إعادة الصفاء إلى تفكيرك الضبابي؛ لذا ستستمر في تبرير وتعزيز التصور الذي لم يكن من المفترض أن يكون موجوداً من البداية.

2. فوات الأوان على إجراء تغيير:

الحياة لا تسير في خط مستقيم، ولا يوجد طريق واحد صحيح لك أو لأي شخص آخر، أو جدول زمني محدَّد لمحطات حياتك، لكن في بعض الأحيان، يكون الضغط الناتج عن الأقران والأسرة والعمل والمجتمع كافٍ لجعلنا محطمين من الداخل؛ فإذا لم تكن لدينا الوظيفة المناسبة، والعلاقة، ونمط الحياة، وما إلى ذلك في عمر أو إطار زمني معيَّن، فإنَّنا نفترض أنَّنا مُحطَّمون بطريقةٍ ما.

لكنَّ هذا ليس صحيحاً؛ إذ لديك الفرصة للتغيير دائماً عندما تحتاج إليها، والفرصة للتراجع، واكتشاف ما يلهمك في مراحل مختلفة من حياتك؛ إذ إنَّه من المفترض أن تكون الحياة عبارة عن سلسلة من المنعطفات، والتي تجعلها تبدو وكأنَّها عبارة عن فوضى، ولكنَّها فوضى جميلة؛ لذا مهما كان الموقف الذي أنت فيه الآن، اعلم أنَّك تستطيع التغيير إذا أردت ذلك، فالأمر متروك لك، وعليك فقط أن تغيِّر نفسك وتختار شيئاً جديداً.

شاهد بالفيديو: 10 أفكارٍ مدهشة تساعدك على تطوير الذات

3. كونك شخصاً ضعيفاً أو يحتاج إلى الدعم هو أمرٌ خطير:

نخشى جميعاً أن نكون كثيري الشكوى والكلام، أو شديدي الحساسية، أو أن نجعل الآخرين يعرفون ما يعنون بالنسبة إلينا، لكن هذه ليست حالةً صحية، فالحب ضعف، والسعادة ضعف، والمغامرة في أن تكون ضعيفاً وتحتاج إلى الدعم هي الثمن للانفتاح على الجمال والفرص، وأن تكون ضعيفاً لا يتعلَّق بإظهار الأجزاء الساحرة واللامعة منك؛ بل يتعلق بالكشف عن الأجزاء المحرجة البسيطة التي تفضِّل إخفاءها عن العالم، كما يتعلَّق بمواجهة العالم بقلب صادق ومنفتح، والقول: "هذا أنا، اقبلني كما أنا، أو اتركني".

مع ذلك من الصعب الاعتراف بضعفك بهذه الطريقة؛ لأنَّ المجازفة كبيرة، لكن تذكَّر؛ عدم الاكتراث هو رهان آمن، ونظراً لأنَّ الحب والسعادة يولدان من استعدادنا للتعبير عن خشيتنا من فقدان شيء عزيز على قلوبنا، فإنَّ إخفاء ضعفنا، يعني تلقائياً إخفاء كل ما نريده ونرغب فيه.

4. كونك وحيداً هي مشكلة كبيرة:

هذا خطأ، فإذا كنت لا تحب نفسك عندما تكون مع شخص آخر، تلك هي المشكلة الحقيقية، وقد حان الوقت لتغيير هذه الحقيقة، لكن يجب عليك اختيار علاقاتك بحكمة، فلا تدع الوحدة تدفعك للتعامل أو البقاء مع أشخاص تعرف أنَّك لا تنتمي إليهم، وأن تعيش علاقة حب عندما تكون مستعداً، وليس عندما تكون وحيداً.

احرص على اكتشاف الحب الحقيقي، ونوع العلاقة الحميمة النادرة التي تحفِّزك لتكون شخصاً أفضل، وليست أي علاقة عابرة، ولكنَّك ربما تقول: "لا أريد أن أكون وحدي"؛ لذا غيِّر رأيك عن ذلك، كن وحيداً، وتناول طعامك وحيداً، واخرج وحيداً، ونم وحيداً.

من خلال فعل هذه الأمور وحدك سوف تتعلَّم الكثير عن نفسك، وسوف تنمو، وتكتشف ما يُلهمك، وتحقِّق أحلامك، ومعتقداتك الخاصة، وعندما تقابل الشخص المناسب الذي يجعلك صادقاً مع نفسك، ستكون واثقاً منه؛ لأنَّك ستكون واثقاً من نفسك.

الخلاصة: لا تستعجل الحب، وانتظر حتى تجده حقاً، فالعلاقة الرائعة تستحق الانتظار.

5. قبول الآخرين لك أمر مستحسن:

قد تسأل نفسك في بعض الأحيان "من أنا لأعتقد أنَّني أستطيع القيام بذلك؟"، في حين أنَّك يجب أن تقول: "من أنا لأعتقد أنَّني لا أستطيع؟" تجاهل شكوكك، ولا داعي لأن توافق أو تلائم رأي الآخرين، تميَّز، وفكِّر في الأمر، إذا قضيت حياتك كلها في التركيز على آراء الآخرين فيك، هل ستنسى من كنت حقاً؟ ماذا لو تحوَّل الوجه الذي أظهرته للعالم إلى قناع ولا شيء تحته؟

هذا ما يحدث عندما تقضي كل وقتك تحاول أن تكون ذلك الشخص الذي يريده الآخرون؛ لذا لا تقلِّل من قدر نفسك، ولا تفقد احترامك لذاتك لكي يقبلك الآخرون، فقيامك بذلك لا يغيِّر شيئاً ولا يقدِّم أي فائدة، ولا توجد أي فائدة من التواضع حتى لا يشعر الآخرون بعدم الأمان من حولك، فقد خُلقت لتتألق، وتُظهر براعتك، وكلما تألَّقت أكثر فأكثر، فأنت لا شعورياً تلهم من حولك، وتحفِّزهم على التألُّق؛ وعندما تتحرَّر من خوفك من التميُّز، فإنَّ ثقتك بنفسك تحرر تلقائياً الآخرين من مخاوفهم أيضاً.

6. يوجد مستوى مثالي ثابت يناسبني:

نسعى نحن البشر غالباً إلى تحقيق المثالية الافتراضية والثابتة، ونفعل ذلك عندما نبحث عن المنزل المثالي، والوظيفة، والصديق، والحبيب، وما إلى ذلك؛ فالمشكلة هي أنَّ المثالية لا توجد في حالة ثابتة؛ لأنَّ الحياة رحلة مستمرة، تتطوَّر وتتغيَّر باستمرار، وما هو موجود هنا اليوم ليس هو نفسه تماماً غداً، فذلك المنزل المثالي أو الوظيفة أو الصديق أو الحبيب لن يكون مثالياً في المستقبل.

لكن مع قليل من الصبر والعقل المنفتح، ومع مرور الوقت، يتطور هذا المنزل غير المثالي إلى منزل مريح، وتتطور هذه الوظيفة غير المثالية إلى مهنة مجزية، وهذا الصديق غير المثالي وغير الكافي يصبح صديقاً ودوداً يمكنك أن تتكئ عليه، وهذا الحبيب غير المثالي يصبح شريك العمر، فإنَّها مجرد مسألة التخلي عن البحث عن المثالية.

7. أخذ كل شيء على محمل شخصي:

يصبح الناس سامِّين لأنفسهم وللآخرين عندما يظنُّون أنَّ كل شيء يحدث في العالم هو اعتداء مباشر عليهم، أو بطريقة ما كل شيء يدور حولهم، لكنَّ الحقيقة هي أنَّ ما يقوله الآخرون ويفعلونه لك يتعلَّق بهم أكثر ممَّا يتعلَّق بك، فردود أفعال الناس تجاهك تتعلق بوجهات نظرهم ومشكلاتهم وتجاربهم الحياتية؛ وسواء كان الناس يظنون أنَّك رائع، أم يظنون أنَّك عادي، فهذا يتعلَّق بهم أكثر.

أنا لا أقول إنَّنا يجب أن نكون نرجسيين ونتجاهل جميع التغذيات الراجعة؛ بل أقول إنَّ قدراً كبيراً من الأذى وخيبة الأمل والحزن في حياتنا يأتي من أخذ الأمور على محمل شخصي؛ وفي معظم الحالات، من الأفضل أن تستغني عن آراء الآخرين الجيدة أو السيئة عنك، وأن تتعامل مع حدسك وحكمتك بصفتها دليلاً لك.

8. لا يجب أن تكون حزيناً أبداً:

الرغبة في السعادة المستمرة تجعلنا بائسين فقط؛ إذ لا يوجد شيء ثابت في الحياة، ولا توجد سعادة مطلقة ولا حزن مطلق، لا يوجد سوى التغييرات في مزاجنا التي تتأرجح بين هذين النقيضين؛ ففي أي لحظة، نقارن ما نشعر به بما شعرنا به في وقت آخر، ونقارن مستوى واحد من القناعة بمستوى آخر، وبهذه الطريقة، فإنَّ أولئك الذين شعروا بالحزن الشديد هم أفضل من يشعر بمشاعر السعادة المتزايدة بعد أن نتعافى عاطفياً.

إقرأ أيضاً: 7 طرائق عملية لتغيّر تفكيرك وحياتك

علينا أن نعرف البؤس لنستطيع تحديد شعور السعادة، ومع ذلك فإنَّ الحل هو أن تعيش حياتك بالكامل كل يوم بيومه، وأن تختبر كل تقلبات الحياة وإيجابياتها وسلبياتها، وجميع الحالات المزاجية الموجودة بينهما، ولا تركِّز على السعادة فقط؛ بل ركِّز على أن تحيا حياةً متوازنة ومتكاملة، فالسعادة جزء من هذه المعادلة، وكذلك الحزن والصعوبة والإحباط والفشل، والتغلب على هذه النقاط الأخيرة يدعم نموك الشخصي أكثر بكثير من السعادة المستمرة.

إقرأ أيضاً: 8 معتقدات خاطئة تسبب لك المشاكل في الحياة

في الختام:

إذا كنت تعتنق أيَّاً من هذه المعتقدات السامَّة، فتذكَّر أنَّك لست وحدك، فلدينا جميعاً أفكار وميول غير سليمة مدفونة في أعماقنا ولديها القدرة على التسلُّل إلينا في بعض الأحيان، وكما ذُكر أعلاه، فإنَّ الحل هو الوعي، واكتشاف هذه المعتقدات وتلافيها قبل أن تتسلَّل إلى حياتك اليومية.




مقالات مرتبطة