8 خطوات يجب أن تقوم بها قبل أن تفكر بتقديم طلب الاستقالة

إنَّ اتخاذ قرار الاستقالة ليس أمراً هيناً؛ فلا يستطيع المرء أن يضمن حصوله على فرصة عمل جديدة في وقت قريب، وتتعدد أسباب استقالة الموظفين وعلى رأسها تدنِّي الأجور، والافتقار إلى الإبداع والتقدم، وساعات العمل الطويلة، ووجود مدير لا يُطاق، وغيرها من الأسباب التي تعدُّ مشروعة ومسوغة لطلب الاستقالة، لكن يجب أن تدرك من ناحية أخرى أنَّ الحصول على وظيفة أو مهنة لا يتم بين ليلة وضحاها، ناهيك عن وجود ملايين الأفراد العاطلين عن العمل والمستعدين لتأدية وظيفتك بكل سرور.



يفيد "مكتب إحصاءات العمل التابع لوزارة العمل في الولايات المتحدة الأمريكية" (U.S. Department of Labor Bureau of Labor Statistics) بأنَّ ما يزيد عن مليوني فرد يستقيلون من وظائفهم كل شهر؛ أي ثمة عدد هائل من الأفراد الذين يفضلون الاستقالة من عملهم دون أن تكون لديهم فكرة واضحة عن مستقبلهم المهني، بدل أن يواصلوا العمل ويحاولوا تحسين وضعهم في المؤسسة.

بيَّن أحد استطلاعات مؤسسة "غالوب" (Gallup poll) أنَّ تدني الأجور لا يعد السبب الرئيس لاستقالات الموظفين؛ بل إنَّ معظم هذه الاستقالات تحدث بسبب بيئة العمل غير المريحة التي يفرضها المدير على العاملين، ويكمن العائق الرئيس في سبيل تحقيق حياة مهنية ناجحة في وجود مدير أو مشرف يجعل من بيئة العمل مكاناً لا يحتمله الموظفون.

لا شك أنَّك تملك في جعبتك أسباباً تبرر عزمك على طلب الاستقالة، لكن عليك أن تضع في حسبانك الفواتير التي يجب أن تسددها، والمستقبل الذي ينتظرك ويتطلب منك أن تكون مستعداً؛ لذا يستحسن أن تكون شخصاً إيجابياً، وتعيد النظر بحياتك المهنية في مثل هذه الأوقات، وتضع في حسبانك أنَّ الاستقالة من الوظيفة ليست الحل الأمثل في بعض الحالات، فأنت تزاول العمل الذي لطالما حلمت به، ولكنَّك تحتاج إلى تحقيق بعض التطور في حياتك المهنية.

8 خطوات يجب أن تقوم بها قبل أن تفكر بتقديم الاستقالة:

1. وضع قائمة بالجوانب الإيجابية في وظيفتك الحالية:

يستحيل أن تكون وظيفتك بهذا السوء، وعلى الأرجح أنَّك عملت بجد لتحصل عليها؛ إذ يمكنك أن تحافظ على إيجابيتك من خلال البحث في الجوانب المُرضية في وظيفتك الحالية، مثل مكتب العمل، أو البرنامج الزمني للعمل، أو مرونة العمل في المؤسسة، أو إجراء التدريبات المنتظمة ونشاطات بناء الفريق، أو ربما زميلك الودود في المكتب، أو الطعام الشهي في مطعم الشركة، وغيرها من النواحي الحسنة؛ لذا عليك أن تراجع القائمة من حين لآخر لكي تذكِّر نفسك بالنواحي الحسنة في وظيفتك وتستعيد بهجتك.

2. إعادة تقييم المهارات:

يتهيأ للفرد خلال مرحلة التقدم للوظيفة أنَّها مثالية بالنسبة إليه، ولكنَّه ما يلبث أن ينفر منها، ويشعر أنَّه في المكان الخطأ حالما يبدأ بمزاولتها؛ إذ يجدر بالمرء في مثل هذه الحالة أن يعاود النظر في مهاراته الشخصية والمهنية على حدٍّ سواء؛ وذلك لأنَّ تحقيق النجاح المهني يتطلب العمل في وظيفة تتيح له استثمار مهاراته.

من غير المنطقي مثلاً أن يعمل شخص يفتقر إلى مهارات التواصل ضمن فريق المبيعات، فيجب أن تعمل على تنمية مهاراتك وإمكاناتك، كما يمكنك أن تطلب من الإدارة نقلك إلى قسم آخر يتيح لك إمكانية استثمار مهاراتك بالشكل الأمثل.

شاهد بالفيديو: 5 نصائح قبل تقديم الاستقالة

3. تحديد الأهداف:

إياك أن تغفل عن أهدافك أو تنسى أنَّ أعمالك في الوقت الحاضر تمهد لتحقيق الأهداف الكبيرة التي تصبو إليها في المستقبل؛ إذ تعد نزعة التوجه نحو الهدف هامة جداً لإحراز النجاح، وبناءً عليه يجب أن تحدد الأهداف التي تعتزم تحقيقها في غضون 5 أو 10 سنوات من الآن، بالاعتماد على مهاراتك الشخصية والمهنية ومسارك الوظيفي، وتحرص على تهيئة نفسك وتنمية مهاراتك بحيث تكون قادراً على اتخاذ التدابير اللازمة لتحقيق هذه الأهداف، كما يمكنك أن تدون هذه الأهداف عند الضرورة، وتحرص على اختيار أهداف منطقية وقابلة للتحقيق على أرض الواقع.

4. القيام بخطوات صغيرة تدريجية:

يعجز بعض الموظفين عن إدراك التقدم المُحرَز بسبب افتقارهم إلى الصبر ورغبتهم بحدوث تغييرات جذرية فورية، غافلين عن حقيقة أنَّ بعض التغييرات المهنية تستغرق وقتاً طويلاً إلى حد ما، فقد تحول المسائل الشخصية دون حصولك على الترقية التي تتوق إليها، أو قد تعترضك بعض المشكلات الخارجة عن نطاق سيطرتك في مجال العمل بحد ذاته، ولا بأس بأن تأخذ الأمور بروية وبخطوات صغيرة تدريجية تعمل عليها باستمرار وبلا انقطاع.

5. تتبُّع التقدم المُحرَز:

يجب أن تضع استراتيجيات تضمن لك تحقيق الأهداف الموضوعة، وأن تحرص على تقييم التقدم المُحرَز؛ وذلك لأنَّ إدراك الإنسان للتقدم الذي يحققه يساعده على تجديد دافعه، فقد ينفعك في هذه الحالة أن تُعِدَّ جدولاً زمنياً بالتطورات الفعلية التي تحرزها في حياتك المهنية.

يساعدك رصد التقدم على الحفاظ على حماستك؛ إذ يتميز الشخص الناجح بإدراكه لوضعه الحالي ومقدار التقدم الذي أحرزه، والتدابير المتبقية التي ينبغي أن يعمل عليها ليحقق هدفه النهائي؛ لذا عليك أن تكون إنساناً مرناً، وتتقبل ضرورة إجراء بعض التعديلات في نهج عملك لتتكيف مع التغييرات والمستجدات.

6. استشارة منتور:

لا بد من وجود شخص تثق برأيه وتعجب بأفكاره ضمن مجال عملك، فأنت تحتاج إلى منتور يساعدك في هذه المرحلة، وهذا لا يعني بالضرورة أن تلجأ إلى منتور متخصص، وتدفع المال لقاء مساعدته لك في إيجاد طرائق تحقيق التقدم الوظيفي؛ بل يمكنك الاستعانة بزميلك في العمل أو صديقك الذي تقدِّره وتثق بحكمته، وقدرته على إعادتك إلى المسار المهني الصحيح.

يجب أن تتحدث لهذا الشخص وتستعلم منه عن صراعاته ونجاحاته، وتشرح مشكلتك بكل شفافية حتى يتسنى له أن يساعدك، فلا بد أن تشعر ببعض الراحة والتحسن عندما تفضي بمجريات حياتك المهنية لشخص آخر، كما يمكنك الاستفادة من الإلهام الذي يمنحك إياه هذا الشخص.

إقرأ أيضاً: من هو المنتور؟ وما أهميته بالنسبة إليك؟

7. التحقق من الدوافع الحقيقية:

يجب أن تحدد السبب الحقيقي وراء رغبتك بالاستقالة من العمل قبل أن تتخذ قرارك النهائي، فقد تكون رغبتك بالاستقالة نتيجة نفورك من زميلك في المكتب، أو بُعد المؤسسة عن مكان سكنك، أو خلافك مع المدير، أو عدم رضاك عن قواعد اللباس في المؤسسة؛ إذ تكمن أهمية هذه الخطوة في التأكد من أنَّ دوافعك منطقية وجدِّية، وليست طائشة.

إقرأ أيضاً: الدوافع: المحركات الخفية وراء كل أفعالنا

8. التعامل مع الوظيفة على أنَّها مغامرة:

يجب أن تحاول الاستمتاع بكل لحظة في أثناء سعيك إلى بناء حياة مهنية ناجحة، عن طريق التعامل مع كل مرحلة على أنَّها مغامرة ممتعة، لها محاسنها ومساوئها، ولكنَّها تستحق العناء.

في الختام:

ينبغي أن تبذل ما بوسعك لتنجح في وظيفتك الحالية، بدل أن تستسلم بسرعة، وتتذكر أنَّك عملت بجد لتحصل عليها، وأنَّ الاستقالة تعني الاستسلام؛ إذ يمكن لتحقيق التوازن بين الحياة المهنية والشخصية أن يخفف عنك ضغوطات العمل، وفي النهاية يجب أن تعاود النظر في الأسباب الأساسية التي دفعتك إلى مزاولة وظيفتك الحالية، سواء كانت إعالة العائلة، أم بناء مستقبل مشرق، أم تحقيق الرضى الذاتي.